ابني القس قصة : كارولاين كيبنيس / ترجمة :
خاص ألف
2010-04-24
خاص ألف
جلس جيمي على سريره و ألقى كرة بيسبول صغيرة على السقف. في كل مرة حينما تضرب الكرة يرمش بعينه كأن هذا يحصل لأول مرة. كان يسمعهم جميعا في الأسفل ، همساتهم ، و رنات أكوابهم ، و ابن خاله إيتون المتفاخر يتكلم عن عروسه الثرثارة و الغبية. من حوالي عشرة دقائق أخبر جيمي عائلته أنه قرر أن يتحول إلى قسيس. انتظر الوقت المناسب حتى انتهت العروس من وصف تفاصيل السلوك الغريب " لرجلهم المكسيكي ". بما أن إيتون اقترن بإنسانة عنصرية مثل هذه الفتاة من الطبيعي أن لا يهتم أحد بقراره.
قال لهم : " لدي خبر سأعلن عنه ".
لو أن الفتاة من جانب جيمي سيهتم كل الموجودين و يرتبكون و يودعون شوكات الطعام في أكوابهم. و لكن لا توجد فتاة معه. فتح الجميع عيونهم. و صفقت عروس إيتون عدة مرات بيدين مضمومتين ، و رفعت حاجبيها و انتصبت بجلستها. تثاءب الخال والت ، إنه والد إيتون و هو ليس شديد الإعجاب بجيمي و لا بأخباره ، مهما كانت. و مالت أم جيمي على طبقها و نظرت نحو ابنها ، ابنها الوسيم. ذات يوم سوف يكتسب فتاة مثل إيتون. لم تقلق . و تطور كل شيء ببطء. هذا هو جيمي. و شكرا للرب ، عيد الشكر لا يأتي غير مرة واحدة في السنة. مرة واحدة كل عام يذهب عازفو الأبواق الصاخبة في بارك أفينيو إلى بيت عائلة جيمي الكائن في هوب ستريت في بروفيدينس. كان لديهم بيت مدهش – لأم جيمي ذائقة راقية بالأنتيكات. و لكن بحضور شقيقها و عائلته ، يبدو كل شيء مغلفا بالصدأ على نحو مباغت. و في ذلك الصباح ، التقط الخال والت إحدى السكاكين و قال : " هذه لن تذبح ديك حبش ، يا إثيل. بحق الحجيم ، هذه السكاكين لا تقطع حتى قالب الزبدة ". لم يسمع أحد ملاحظته باستثناء جيمي. و كان من حقه بعد ذلك أن يسكب لنفسه أونصة من الفودكا. و كانوا جميعا جالسين في غرفة المعيشة حينما أعلن جيمي عن أخباره.
قال : " قررت أن أتحول إلى قس ".
توقع جيمي تبدل شيء ما في حياته بينما هو ينطق بتلك الكلمات من فمه. و توقع أن تصيح أمه من الفرح : إنه لشرف لها أن تلد ابنا للرب. و توقع أن يقول الخال والت شيئا مهما ، و أن يرفع يده بكأسه ليشرب نخبا. و توقع عناقا و نوعا من الإحساس بالنضج أو شيئا من ذلك بحيث تبدو أقواله بمثابة إنجاز له وزن. إنه دخول مباشر في مجال الدين. و أحيانا ، حينما يفكر كيف توقع أن تكون الصورة بعد إخبار عائلته ، كان الأمر يشبه تصور شريط لمونتاج ، و كل شخص يبذل ما بوسعه ليقترب منه – ذلك حينما وضع الأطباق في غسالة الصحون ، و حينما وقف في الباحة الخلفية ليستنشق الهواء – و تخيل أنهم يلاحقونه ليطلبوا منه النصيحة. و توقع أن يبدو العالم بصورة أخرى ، بنفس الصورة التي كان عليها و هو بعمر الرابعة عشرة و اضطر لوضع نظارات بحيث أصبح بوسعه فجأة رؤية اشياء مختلفة. و توقع قليلا أن يكون هناك بطريقة غامضة ، و أن يستعيد الأوجاع التي هدأت ، و أن يشعر أنه يتقدم بالعمر. و توقع أيضا أن يمنحه أفراد العائلة نظرات أعمق ، و أن ينتظروا تصرفاته ، فهم يعلمون الآن كيف هي حاله بالمقارنة مع السابق. سيقولون هذا هو ابن الخال جيمي ، إنه قس .. أو شيء من هذا النوع.
كان أول من أقر أنه شخص صعب المراس. لقد تفوق في كلية بروفيدينس بالأنتروبولوجيا ، و هذا شيء أثار عائلته في العطلة ، شيء أغلق أفواههم. ما هي الأنتروبولوجيا ؟. ماذا ، هل كان جيمي يدرس المشاعر الوطنية لأبناء أفريقيا؟. لقد كان يؤدي ثلاثة أعمال خلال السنتين المنصرفتين ، و ليس بينها ما يلفت الانتباه. و لكن الآن هو مساعد مدير في مستودع لبيع الكتب في ثايير ستريت ، و يبعد عن جامعة براون حوالي عدة بنايات فقط. هي نفس الجامعة التي لم تقبله. من عيدي شكر سابقين ، سأله الخال والت ، بشكل مباشر : " هل ترتدي البذة ؟ ياله من سوء حظ. أن تذهب إلى الجامعة و ترتدي البذة و تضع بطاقة التعريف ".
في اللحظة الراهنة ها هو يجلس في سريره يأكل شوكولا مارس. إنه نفس الشخص لاعب الكرة الغريب الذي كان قبل الإعلان عن قراره. يرمي البيسبول. و يختفي . إنه أخيرا ابن الخالة العجيب الذي لم يصطحب معه فتاة أحلامه إلى البيت في أوقات العطلة. ابن الخالة العجيب الذي يعمل في مستودع الكتب ، و يساعد طلاب جامعة براون على اختيار بطاقات عيد الميلاد قبل إرسالها إلى ذويهم. سمع نقرة على الباب. فقال : " نعم "
" عزيزي جيمي ، نرغب أن تنضم إلينا في الأسفل ".
" يجب أن تعلمي يا أمي أنني لست شاذا "
" لا أرغب أن أتكلم عن ذلك. و لكن أود لو تهبط معي إلى الأسفل ".
لم تعلق. أكل قطعة كبيرة من شوكولا مارس و تقريبا كاد أن يختنق بها. الذاكرة تداهمه الآن. أمه على خط التماس في ملعب الكرة و هو بالصف الثالث. لم تعلم أن بمقدوره رؤيتها و هو في الملعب. ضرب الكرة بالاتجاه الغلط و هي قاطعت ذراعيها على صدرها ، و قامت بأداء دستة من الحركات الممتعضة. ثم بعد المباراة ، دخل في السيارة فقالت : " آسفة لأنني لم أحضر االمباراة . أخبرني. ماذا فاتني أيها الولد الكبير ".
بذل ما بوسعه ليشعر حيالها بالحب. و أعجب بشخصيتها. و لذلك لو أنها رغبت بمعرفة لماذا يريد أن يكون قسا ، سوف تكون بحاجة لتتذكر كل الأوقات التي شاهدها فيها بينما هي لا تعلم أنه ينظر إليها. طبعا ، هذا ليس من التصرفات العادية. لم يكن مستعدا لإخبارها أنه سيكون قسا لأنه يرى أشياء لا يجب أن يراها. و هو لم يقصد أن يراها عمدا ، و قد شاهد الخال والت خلسة و هو يجلد ابن الخال إيتون في تلك المرة التي رحلوا فيها إلى نيويورك مع الصف الثالث. جيمي ليس شاذا. و لكن الجميع افترضوا ذلك لأنه قرر أن يتحول إلى قس. و لكن أيضا لم يكن مستقيما و عاديا. عاشر أربع فتيات و أعجب بما يفعل و لكن كان ذلك برأيه غير ضروري. كان يفضل العزلة ، و هذا من طبيعة حياة الرهبان. و لكن لم يكن مستعدا لإخبار أفراد العائلة بهذه الأنباء.
سعلت الوالدة ، و كان عليه أن يرد. لم يكن من العدل أن يبقى وحده كقس. نهض ، و لكن لم يرغب بفتح الباب ليسمح لها بالدخول. قال : " أنا غير جائع. فقدت الشهية للطعام بسبب الجو ".
فتحت الباب. و أصبحت في وسط الغرفة. فخبأ شوكولا مارس تحت مؤخرته.
سقطت كرة البيسبول و راقبتها و هي تتدحرج على الأرض الخشبية و حتى الخزانة. يا إلهي ، كان بيتهم جميلا. و الخال والت على خطأ. إنه ليس محتارا ، و لكنه مسحور بما يرى. و كانت أمه ، أم في عيد الشكر ، تحمل علامات من الأمل و آثارا تدل على الجهد الشاق االذي بذلته. كان مرق الفطر على كوع ثوبها ، و أسنانها حمراء بالنبيذ ، و الشعر الذي كان مرتبا قبل وصول الأقارب قد انسدل على كتفيها ، إنها منهارة و غير مرتاحة ، و وجهها يسقط بين قدميها. لو أنه طبيب قد يفيدها بعملية تجميل للوجه بلا نفقات إضافية. و لكنه ليس طبيبا. نظر إليها. كان يفكر بما أنها مجبرة على الدخول إلى هذه الغرفة ، لا بد أن لديها ما تقوله.
قالت له : " جيمي يا حبيبي. حينما كنت بعمرك رغبت أن أكون راقصة".
انتصب بجلسته ، و هو متأكد أن الشوكولا تذوب و تسيل على سرواله. و تسبب له ذلك بذكريات ابن الخال المريرة و غضبه منها و كانت الشوكولا تميع أكثر. قال : " أنت لست مثلي. و طريقتك بالتربية أن أفكر بحرية و حينما أفعل ذلك يجب أن لا تتدخلي ".
" تعال و تناول الطعام فقط. سنكون متفهمين. إيتون يثير غضبك دائما. و هذه هي طريقته دائما ".
" إيتون ولد أخرق ".
" نعم أيها القس ".
لم يفتح جيمي الموضوع مجددا. كان ابن خاله إيتون أول المتكلمين بعد أن أعلن عن النبأ. و قال له بسخرية : " ماذا قررت أيها الشاذ ؟". ضحك الجميع و تحول النبأ مباشرة إلى قرار معاكس لا يحترم مقدار الصدق و المشاعر الدينية الطيبة التي وراءه ، لقد تعاملوا معه كما لو أنه إحتمال بنوايا مكشوفة الغاية منها التستر على الانحراف. و رغب جيمي لو يخنق إيتون.
قبض جيمي على ملاءات السرير و قال : " أود لو أقتل إيتون. هذا الصغير القذر . و هذا فقط لأنني قس و و لدي قدرة على تمييز الطيب من الخبيث ".
تنهدت ، تنهيدة تمثيلية ، و كأنه شخص معتوه. لم يكن يشعر بالمحبة لأمه في حضور إيتون. انتقلت إلى طريقة أخرى في التعامل معه ، و قالت له : " آه يا جيمي ، خفف عن نفسك. إيتون مضحك. و أنت نصف الوقت لا تعلم متى يثير الآخرون حنقك عمدا. لا أحد يعتقد أنك شاذ ". و وضعت يديها على وجهه ، يداها ، إنهما رطبتان و نافرتان و تلطخهما عجينة االبطاطا الحلوة. لو أنها حاملة أطباق في مطعم سوف تود لو تلحس يديها حتى النهاية. أضافت تقول : " لا أعلم كيف نتخطى هذا الموضوع بحضور الآخرين. فقط تعال و تناول الطعام. و لن نفتح أفواهنا". استلقى على ظهره. فقالت : " عزيزي أعلم أنك لست شاذا ".
أغلق عينيه و قال : " كما أخبرتك . لا أشعر بالجوع ".
كانت يتطرق أحدهم إلى البيسبول. ثم صمت الجميع في الأسفل. و استطاع رسم صورهم بذهنه واحدا وراء الآخر. ماذا يفعلون. كيف يتسنى لهم الإصغاء و التعارف مع عيد الشكر هذا بينما جيمي الغريب يعلن نواياه بالتحول إلى سلك الرهبان. كان ابن الخال إيتون يدخن سيجارة و يربت على جديلة شعر خطيبته الأشقر. كان إيتون و عروسه يعيشان في بيت من غرفتي نوم في ويست فيلاج ، فيما يبدو أنه شبيه بوجود مصطنع ، وراء ستائر جدية و سميكة و مع هرة تدعى نيكيرز. ذكرا عدة أماكن يتمنون الرحيل إليها في عطلة : كان لدى إيتون مشروع صغير لدراسة كل بيوض " بينيديكت في مانهاتن ". كانا من النوع الذي له هوايات. كانا زوجا يدفع جيمي لكراهية العلاقات الزوجية. ما هو الضرر الذي لحق بالحب من جراء أناس مثل إيتون و الشقراء . لقد حطماه. لقد حولاه إلى موضوع تافه له علاقة ببطاقات الإئتمان و صناعة الخيوط و البيض المكسور ، أصبح يشبه علاقات بالإيجار ، نفس الذوق بالستائر و الانسجام مع شخص تحبه لأنه قادر على ادخار نفس المبلغ من النقود. كانت أول فتاة قبلها جيمي هي سوزان وينوكور ، و قد انتحرت بعد أسبوع واحد في الجامعة ، و قفزت في حفرة. كم يعجب جيمي حب من هذا النوع. كانت الفتاة التي يحبها ميتة. و هو يحبها لهذا السبب ، لأنها قدمت له استحالة البحث عنها و اصطحابها من أجل بيضة " بينديكت ". حب لا ينتهي فوق ملاءات نظيفة لكل يوم من أيام الأسبوع.
سألت الوالدة : " هل لديك ما تقوله يا عزيزي ؟ هلا تكلمت معي ؟".
" أماه ".
" ليس أنت من يتصدى لوالت "
"" و هل فعلت ؟".
" إنه شقيقي ".
" و هو خالي ".
عقصت شعرها. و قالت : " هذا لا يهم. هل تسمع صوتك و أنت تقول هذا خالي. هذا خالي ؟. و ما قيمة ذلك. ما قيمة أن تكون الخال ؟ بمقدورك أن تدافع عني و لكنك تجلس هنا و تشعر بالأسف على نفسك ".
" نعم ".
لم يكن جيمي من هذا العالم و كأنه لا ينتمي له. لم يخامره الشك حينما عرضت زوجة إيتون أمامه خاتمها ، و سألته هل يرغب بتحسسه. كان الزواج يحول عقد القران إلى مسألة مهمة. هذه مشكلة عامة. لقد مارسا الجنس و فجأة أصبحا أول زوجين يتناكحان. حصلا على بيت و تحولت الملاءات إلى موضوع مفضل للمحادثة. لم يكن يهتم بالملاءات. و ربما لهذا السبب رغب لو يكون قسا.
انحنت أمه ، و نظرت له ، و حاولت أن ترى ماذا في الأعماق. و قالت : " هل أنت هنا ؟ بماذا تشرد يا جيمي ، بماذا ؟".
و حاول أن يقلدها ، أن يفحصها باهتمام و فضول. و لم يفلح. و الآن بما أنها هنا و الجميع ينتظر عودتها الإنفرادية ، و جيمي الغريب في غرفته في الأعلى ، كان العالم يبدو مختلفا. و عندما تنهدت ، خطر له ديك الحبش و النبيذ ، نعم كم هو جائع. تنفس و تحركت تفاحة آدم . و شعر كأن رأسه تافه ، لأنه وضع أمه بهذا الموقف. كانت مضيفة ، و إلهة ، و شقيقة لأخ متكبر ، و أرملة. و هي تعلم أنه يدرك أنها جرحت كبرياءه بانحيازها إلى العائلة. كم هو شيء فظيع أن تستسلم لأمك. لماذا لم يتمكن من مقاومة ذلك؟.
قالت له : " حسنا. لتكن قسا. أنت ابني القس. عيد شكر سعيد"". و استدارت بعنف. يا الله كم هي جيدة في التظاهر بأنها ليست ثملة. فك ذراعيه و بسطهما. كان جسمه يميل لأداء حركات من هذا النوع ، الانبساط في لحظات عشوائية ، كما لو أنه مربوط بخيطان عرائس الظل ، كانت الخيطان بيد خفية ، بيد قوة لا نستطيع أن نعرف ماهيتها. و سمع سعال إيتون بسبب الدخان و فكر بسره : بمقدوري أن أقتله ، و هذا سينهي الموضوع. و شعر بالرق للفكرة و أدرك أن أمه لا تزال في مكانها ، جامدة الآن ، تستند على الجدار ، على جدرانه الخشبية.
استدارت نحوه و قالت : " لا تدع أغلفة الحلوى حولك. إنها تجذب البعوض". و ضربت الباب وراءها. الآن عاد صوت عيد الشكر يعلو و بحث عن أوراق غلاف الشوكولا. كانت يداه مغطاتين بالشوكولا. و مثل عاشق ، مص كل أصبع حتى النظافة ، و شعر باللعاب الدافئ يغمر أصابعه. و لكن لم يهبط إلى الأسفل.
و سمع صوت المساء يتواصل. و سمع صوت عروس إيتون و التي لم يتبق من اسمها شيء في ذاكرته. كانت تتحدث عن ميزات شراء حب القهوة و طحنها باليد. و سمع صوت أمه يعلو و ينخفض حينما تكلم إيتون عن فيلم قديم كانت تحبه ، فيلم حاولت أن تنصح جيمي لمشاهدته عدة مرات و لكنه كان يرفض دائما.
و اقترحت الخالة سالي شرب القهوة ، ثم سمع من جديد عروس إيتون تبين ميزة حب طحن القهوة و كان ذلك مثيرا لأعصابه و انتبه أن هذا ليس جوا للرهبان. إنه لن يصحب إلى البيت فتاة تهتم بالقهوة. القهوة للشرب فقط. و هذا يكفي. كانت العروس مثل الخال والت ، إنه محترف في البحث عن المشاكل. ليس لديك أية حبات قهوة ،لا شيء منها أبدا؟.
سألته : " هل أنا أقاطعك ؟".
نظر جيمي إلى الأعلى. هنا تجد إيتون. هز جيمي كتفيه. " ليس بالكثير ".
إيتون. الياقة مرفوعة ، كأس الفودكا و الثلج فيها بيده ، و أصبعه يغوص في خاتم الزواج. إيتون في غرفة نوم جيمي. مثل أعياد الشكر و هم بمرحلة الصبا. إيتون يميل نحو دائرة إيتون. الجدار قرب الخزانة. و مع أن إيتون يأتي إلى هنا لمرة في العام يبدو من السخف أن يحتفظ بدائرته الخاصة. كان إيتون على هذا المنوال. كان يشغل الأمكنة بعدائية مثل هرة تترك رائحتها كعلامة تدل على عالمها.
قال له : " إذا إلى عالم الرهبان ، ابن خالي قس ".
" سوف تتهمني بالانحراف مجددا ؟".
شرب إيتون ما تبقى من الفودكا. و بهذا المنوال ، كان يبدو عجوزا ، و كان في النهاية من المحتمل أن تتصوره في النفايات. ربما كل مكوناته سوف تنهار و عليه أن يغادر ويست فيلاج. بهذا المنوال ، بوجهه المنتفخ و المحمر ، من الممكن أن نتوقع له قدرا سيئا. قال : " كنت أمزح معك. يا جيمي. أنا دائما أتغالظ معك".
" لا يوجد دائما. أنا أراك مرة في السنة فقط".
جلس جيمي بالطريقة الهندية ، و وضع يديه تحت مؤخرته كما لو أنه يهم بتقييدهما. و تحرك إيتون نحو السرير. جلس هناك ، على طرفه البعيد ، و قد غمس إبهاميه في الكوب. كان باب غرفة النوم مفتوحا. و لاحظ جيمي ذلك ، كما لو أنه شيء له معنى. سأل إيتون : " ماذا لا تحب أن تفعل ؟. ". و ركز عينيه على كرة البيسبول. بمقدور جيمي أن يشم الفودكا و افتعل سعلة مقتضبة. ليس من التهذيب أن يبدو عويصا حيال ذلك. فسأله : " ماذا تعني ؟".
نظر له إيتون. كان بروفيله حادا و على وشك أن يلتهب بين ثياب جيمي في الخزانة. و تصورها جامدة هناك ، هذا إيتون و حضوره غير المرحب به.
كرجال صغار ، تراجعا نحو غرفة المعيشة لمشاهدة الأفلام ، و كل واحد منهما بشكل مستقل يغتصب ضحكة خاصة به. لم يتكاتفا. كانا مرتاحين بهذه المسافة الفاصلة. كمراهقين ، كانا يلعبان لو أنك في روما ، و هذا يعني حينما يكونان مع عائلة إيتون ، في نيويورك ، كان جيمي يتبع إيتون إلى بار حيث تجد أطفالا مثل إيتون – أطفالا يتكلمون بسرعة و يشربون مثل البالغين - كانوا يدخنون الحشيش و يتصرفون مثل الغزاة. و حينما يكونان هنا ، في بيت أهل جديمي ، يراقبان الأفلام بصمت مطبق. كانا رجلين عجوزين معا.
" هل أنت على ما يرام ؟ تبدو مريضا ".
كل ما فكر به جيمي هو قطعة شوكولا مارس أخرى. كانت في جارور مقعده الأعلى. كم يرغب بالشوكولا. كان الثملون يحرضون شهيته على ما يبدو.
" لقد عزمت على الزواج "
" أعلم. إنها رائعة . و لديها إلمام مناسب بالقهوة. اخترت زوجة جيدة. الآن ستسمح لي بإحضار بعض الخبز لك ".
شعر جيمي بالرعب من إيتون ، و هذا شعور طارئ. مجددا شعر أن باب غرفة النوم مفتوح. و انتبه أن فك جيمي متوتر.
" هل تذكر العام الذي صعدنا فيه إلى الشرفة ؟".
هذا صحيح . مرت سنة ، هي سنتهما الأولى في الجامعة ، حينما قرب بينهما شيء ما و تسلقا إلى الشرفة و ناقشا دروسهما ، موضوعاتهما ، و نفورهما من نبيذ أم جيمي. شرح إيتون الأنتروبولوجيا ، و جلسا هناك حتى جمدت أيديهما ، مثل صبيين في لوحة من نهايات القرن الـ 19 . نسي جيمي يوم الشرفة و لم يتذكره إلا الآن.
" أتذكر الشرفة ".
" هيا بنا . دعنا نذهب هناك مرة أخرى ".
كان جيمي يعرف السكارى من عمله الطوعي في الكنيسة. كان يعلم أنه يجب عدم الجدال معهم. أقر أن الغرفة تبرم ، و أن الأغنية في المذياع حزينة ، و أنهما أعز صديقين ، بهذا الإقرار أضاف معنى إلى عالمهما ، فالناس هنا ، حتى الطائشين الذين لا يحملون شهادة قيادة سيارة و لا يملكون بيتا بحاجة إلى الناس ليعلموا أنهم على صواب. للتأكيدات فعل السحر على الناس. حصل جيمي على موجة معاكسة بسبب نيته الانتساب إلى سلك رجال الدين. سوف يرتدي الثوب قريبا. قرقر صديقه و رفع كأسه. " هيا لنذهب إلى الشرفة ".
سمع جيمي صوت عروس إيتون مجددا. هي تتحدث الآن عن الشوكولا.
" دعنا نذهب إلى الشرفة و لكن قبل ذلك اسمح لي بالذهاب إلى التواليت ".
هنا ، انطلق إيتون في موجة راعدة من الضحك. جسده الذكوري القوي تكوم فوق سرير جيمي. و قلق جيمي من إمكانية أن يتقيأ إيتون و قبض على ذراعه ليجره.
" لا تلمسني ".
" أنا لا ألمسك. أنا أساعدك ".
" أود لو نذهب إلى الشرفة ".
" دعني أذهب أولا إلى غرفة الراحة ثم نذهب إلى الشرفة ".
" لا أحد يدعوها غرفة راحة في البيت. يا لغرفة الراحة ".
و احمر وجه جيمي و قال : " سنذهب إلى الشرفة بعد أن أعود".
" وعد؟".
" وعد".
توسعت حدقتا عين إيتون و احتلتا كل المساحة البيضاء. كانا مبلولين و حزينين. حدقتا إيتون الحليبيتين هما سبب كراهية جيمي للعطل. هنا تماما ، هذا الرجل القوي ، ابن الخال الشجاع ، ابن الخال الذي تأتي إليه البنات في أيام العطلة ، هو الطرف الأضعف حاليا. لم يرغب جيمي بنظام الكون المشوش بهذه الطريقة.
" اجلس يا إيتون. قف يا إيتون ".
قبض إيتون على يدي جيمي و قال : " آسف ".
" لا تأسف. يا ابن الخال. السبب هو العطلة. ما نقوم به من عمل ".
" إنه ليس طبيعة عملك ".
للمرة الثالثة ، قال جيمي : " دعني أذهب لغرفة الاستراحة ".
" هذا بيتك في النهاية ".
ندم جيمي على كلمته بمجرد أن نطقها . و قال له : " ماذا ؟ ". كان من سوء الحظ أن يشجعه.
" غرف الاستراحة في البارات . قل الحمامات يا جيمي . اذهب و احصل على تنفيسة ".
ضغط جيمي على كتف إيتون و قال : " حسنا يا ابن الخال ".
في الحمام سمع صوت عروس إيتون أيضا. كان مرتفعا. لم تكن مثل والدة إيتون أو والدة جيمي أو سواها من البنات. كانت مهتمة بالنساء جدا ، هكذا فكر جيمي. كانت تركيبة نسوية بحيث أنها لا تبدو امرأة على الإطلاق. و بمجرد أن أراح نفسه أصغى لجدال عروس إيتون حول وشاح تنسجه. هذا اهتمام آخر.
كان يفضل صديقات جيمي القديمات بأصواتهن و لحظات صمتهن و عطاسهن و شرب القهوة المستمر ، و تمنى لو أنهن في هذه الحفلة بالأسفل. شيء غريب أن تفكر به هكذا ، و لكن عروس إيتون حسنت من مشاعر جيمي عن ذاته لأنها تافهة بالمقارنة مع قراره بالإنضمام إلى عالم رجال الدين.
إنها لا تستحق أن يسجل ملاحظات حولها. ليس من العجيب أن إيتون كان يتعتعه السكر. كان يضع نفسه في صف واحد مع الخياط ، و مطحنة القهوة ، و هاوي الملاءات و الستائر.
واصلت عائلة إيتون الاحتفال بعيد الشكر مع الشراب و كانوا مهتاجين و يتواصلون مع الآخرين بحكايات عن البار ، و يدخنون بقوة، و يربتون على مؤخرات صديقات هذا العام من الخلف إذا ما غادرت أي منهن الغرفة. لم يكن الالتزام في جدول أعمال هذا الشاب ، هكذا فكر جيمي بعد أن تبول. ثم فتح صنبور الماء. إيتون ليس شاذا على ما أظن.
تقريبا سقط جيمي على الأرض. و ترك الماء ينهمر ، و جلس على مقعد التواليت.
و بوسعه أن يتذكر أشياء الآن ، عدة نظرات متكررة. طبعا إيتون شاذ. و انظر إلى الطريقة التي جاء بها اليوم و هو سكران حتى السرير. كان يود لو أنهما وحيدين. ربما استاء من تصرفه السابق و لكن أليست هذه هي الحال التي تكره أن ترى بها غيرك حينما تكون مع نفسك بالسر؟. تخيل جيمي أنه مثل شيرلوك هولمز. طبعا تركته كل صديقاته لأنهن واقعيات و ماديات ، كن حقيقيات ، و هذه لا تهتم بغير الملاءات و ربما لا تتطلب منه بادرة جنسية.
كان إيتون شاذا. قال جيمي ذلك بصوت مرتفع. هذا عن وجه حق. أغلق الصنبور و فكر بالأسئلة التي وردت بذهنه. ماذا أنت لا تفعل ؟. كأن جيمي يهرب من شيء . لا شك أن إيتون يهرب من شيء. آها ، مسح يديه بالمنشفة و حاول أن لا يصفق. لمسه إيتون من قبل. و من المؤكد أنه طلب من جيمي أن لا يلمسه. عوضا عن حياة من التنكر ، إيتون رجل شاذ و مسكين و منضبط و قد وجد أخيرا الفتاة الغبية التي لا تهتم بزوج شاذ لأن ملاءات السرير نظيفة و رائعة.
نظر جيمي في المرآة و شاهد أنه سيكون محللا نفسيا ناجحا. كان جيدا في التعامل مع الناس. و هرب من الحمام و هبط على السلالم ، و نسي كل شيء عن ابن الخال إيتون في الطابق العلوي. كان ابن الخال إيتون يفكر بالذهاب إلى الشرفة ، ابن الخال الشاذ إيتون يسأل ماذا أنت لا تفعله ، هذا هو ابن الخال إيتون و بنانه في الكأس.
قال لهم : " حسنا جميعا. لدي ما أخبركم به ؟".
رفعت والدة جيمي ساقيها فوق الطاولة و وضعت قدما على أخرى. كانت قدماها المتناسقتان في جراب طويل ، و أصابعها متقاربة. كانت ثملة. هذه ليلة طويلة. نظرت عروس إيتون إلى جيمي كأنها تتمنى لو أنه مريض في يوم زفافها حتى لا يظهر بالصورة. و كانت الغرفة مملوءة برائحة القهوة.
" هيا إذا ، أخبرنا بما لديك أيها القس ".
كانت كلمات أمه بطيئة مثال إيتون.
" قررت أن لا أكون قسا. سوف أدرس التحليل النفسي ".
صفق الجميع و تبادلوا الأنخااب و استند الخال على كرسي بالجوار ، و ألقى بالهرة العجوز على الأرض. و جلس جيمي ثم طلب من عروس إيتون أن تمرر له اليام. اضطرت لذلك. و سأله الآخرون بعض الأسئلة ، و كانوا ثملين و لديهم توقعات. رد جيمي على الأسئلة ، و فسر رغبته الملحة ليكون محللا نفسيا. و كيف أحب على الدوام مد يد العون للناس و كان يعلم أنه يريد ذلك و لكن الليلة ، و العائلة حوله ، خطر له كيف يساعد الناس دون التضحية بالعائلة. الأنتروبولوجيا ، تمهيد جيد لهذا العمل ، و هكذا تحولت حياته مباشرة إلى نظام جاهز ، و المهن السخيفة العشوائية تتلاشى بعيدا. النظام. كم أحبت العائلة هذا. و رغبوا بسماع المزيد عن برنامج الماجستير و البرامج العيادية و شعر بالرغبة بالطعام و كانت شهيته مفتوحة. هنا يوجد مكان لما هو أكثر من شوكولا مارس. و مرت عدة دقائق قبل أن تتكلم عروس إيتون. كانت تنظر إلى جيمي لبعض الوقت ، و حين تكلمت و رفع عينيه إليها ، استغرب كيف أطبقت عينيها عليه. و كاد أن يختنق بالبطاطا التي يأكلها. " هل إيتون على ما يرام ؟".
" نعم. و هو بحاجة لقيلولة فقط ".
" في سريرك كما أظن ؟". و طعنته بنظراتها ، أين هي الفتاة التي تفضل حب القهوة و البلوزات ؟.
" نعم. هو في الأعلى. و قد استغرق بالنوم ".
امتلأت الغرفة بصمت سريع المفعول ، مثل سائل تنظيف يغسل الزيوت. و انتقل الصمت في أرجاء الغرفة لفترة قصيرة. و هزت عروس إيتون رأسها و صبت شيئا في القهوة ، قهوتها الغالية ، و رمش جيمي و نكس بصره. وضعت أمه يدها على ساقه ، عصرتها و ربتت عليها ، بتأكيد. ابتسم فردت بعصرة أخرى فقط. و لم تستطع أن تصرف نظرها عن أخيها والت ، في بيتها في بروفيدنس ، ابنها المحلل النفسي يسلي الجميع.
همس لها يقول : " ألست سعيدة لأنني قررت أن لا أكون قسا ؟". سحبت يدها و رفعت كوب القهوة ، و تحدث والت و سأل عن رائحة الشموع.. ردت عليه. و شرحت له عن الكرز الممزوج بالفانيلا و شمع العسل. و لم يكن جيمي يعلم هل تجاهلت سؤاله أو لم تسمعه. كانت صعبة أحيانا و لذلك التزم بالصمت. ربما ، لن يكون محلللا نفسيا جيدا في خاتمة المطاف.
و شعر بالرغبة ليأوي إلى الفراش و تذكر إيتون هناك ، إيتون المستلقي ، المضغوط ، المشغول. ربما لا يوجد أحد هنا يجيد شيئا ، الأبوة ، الزواج ، الاحتفال ، اختيار الشريك. حتى أن طريقة و أسلوب والت قد انهزما ، لقد جاء إلى بروفدينس بالقطار و ليس بالطائرة ، حقيقة تحاشت الوالدة أن تشير إليها ، و كأنها تتمنى لوالت أن يكون ملكا ، أن يكون كما تريد. كانوا جميعا نموذجا للفشل بطريقة ما. و لكن الخال والت كان هكذا. الشموع ، أشياء تلفت الانتباه ، و هنا تساءل جيمي : هل يمكن أن تبحث عن مستقبلك بضوء شمعة أم في ظل العمل بالتجارة ؟ سرا ، سوف يفكر بهذا الاحتمال.
2005
كارولاين كيبنيس : كاتبة أمريكية . حائزة على إجازة جامعية من جامعة براون. تعيش حاليا في هوليوود. لها عدد من القصص المنشورة. حائزة على جائزة مركز دراسات همنغواي للقصة عام 2004 . و قامت بإصدار كتابللأطفال بعنوان ) راوي القصة الكلاسيكي : ستيفن كراين ( .
المصدر :
My Son, the Priest .Story by : Caroline Kepnes. Barcelona Review. Issue 47 . March – April 2005 .
الترجمة حصريا بإذن من المؤلفة وفق رسالة بتاريخ 17 – 4 - 2010. لها كل الشكر و الامتنان.
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |