الانتظار / قصة : عاموس عوز ـ ترجمة و تقديم :
خاص ألف
2010-04-16
خاص ألف
1 – الانتظار
Waiting – عن صحيفة النيويوركير 2008
كانت قرية تل إيلان محاصرة بالبساتين و الحدائق. فكروم العنب تنمو على منحدرات الهضاب الشرقية ، و بيوتها ذات سقوف القرميد تختنق تحت أوراق سميكة من أشجار اللوز التي عفا عليها الزمن. و لذلك كان عدد كبير من السكان يواصل العمل بالزراعة بمعونة من بعض المهاجرين ، الذين يقطنون في أكواخ متواضعة. غير أن بعضهم كان يرهن أرضه و يتجه للعمل بالصناعة غير الثقيلة أو إدارة فنادق صغيرة توفر المبيت و طعام الإفطار ، أو الإشراف على صالات للفن التشكيلي ، و حوانيت الثياب و الأزياء الجديدة . و بالمقابل ذهب من تبقى للعمل في مكان آخر. و في ساحة المدينة تجد مطعمين متواضعين و حانة محلية لبيع النبيذ و متجرا متخصصا ببيع الأسماك الإستوائية. و كذلك افتتح واحد من القرويين ورشة تصنع الأثاث وفق طراز تراثي . و في أيام العطل كانت تل إيلان تغرق بطوفان من السياح و صيادي الصفقات. و في ظهيرة أيام الجمعة يغلق الجميع أبوابهم ، و يعتصم السكان خلف ستائر مسدلة و محكمة الإغلاق.
و كان بيني أفني ، رئيس بلدية تل إيلان ، رجلا ممشوق القوام ، بكتفين مقوسين و بميول لارتداء الثياب العادية و البلوزات الواسعة ، الأمر الذي من شأنه أن يلقي عليه مظهرا مهيبا. كان يسير بخطوات واسعة بهمة تتحدى العوائق ، كأنه يصارع موجة من الرياح. و كان وجهه بشوشا ، و له جبين مرتفع ، و فم صغير ، و عينان بنيتان فضوليتان ، كأنهما تقولان دائما نعم ، أنا معجب بك ، و نعم ، أود لو أسمع بالمزيد عنك. و كانت له قدرات على الرفض دون أن يشعر المرفوض أنه غير مقبول.
في الـساعة 1 بعد الظهر من يوم الجمعة و خلال شهر شباط ، جلس بيني أفني وحيدا في مكتبه يرد على الرسائل التي وردت من بعض المواطنين. كانت المكاتب تغلق باكرا في أيام الجمعة ، و لكن بيني أفني عمد أن يستمر لوقت متأخر من نهاية الأسبوع ، ليرد شخصيا على كل رسالة على حدة. و بعد أن اقترب من إكمال واجبه ، عزم على العودة إلى البيت و تناول الغداء و الاغتسال ثم الرقاد بقيلولة تستمر حتى الظلام. في أمسيات يوم الجمعة ، كان بيني أفني و زوجته و ابنته نافا ينشدن في داليا مع جوقة للهواة و في بيت أفراهام ليفني ، عند نهاية زقاق بيت هاشيفا. و بينما كان يرد على آخر رزمة من الرسائل ، سمع قرعات مترددة على الباب. كان المكتب بأثاث قليل ، فهو عبارة عن مكان مؤقت ريثما تنتهي عمليات ترميم المبنى الرسمي ، و إن محتوياته لا تزيد على مقعد و كرسيين و خزانة.
قال بيني أفني : " تفضل بالدخول " و رفع عينيه من فوق الأوراق.
دخل إلى الغرفة شاب عربي يدعى عادل ، و هو طالب سابق يعمل الآن بصفة حدائقي في حي راشيل فرانكو ، عند تخوم القرية ، المجاورة لمقبرة من أشجار الصنوبريات.
ابتسم بيني أفني و قال : " اجلس "..
و لكن عادل عوضا عن أن يجلس تلكأ ، بقامته الصغيرة و الرفيعة و بنظارتيه ، و دار بخنوع حول مقعد بيني أفني ، ثم خفض من رأسه باحترام ، و اعتذر منه بقوله : " هل أتسبب لك بالإزعاج ؟ أعلم أن المكتب مغلق ؟".
" لا بأس . هلم بالجلوس ".
تردد عادل ثم جلس على طرف الكرسي ، و قامته المنتصبة تؤكد أنه لن يلمس مسند الكرسي بظهره ، و قال : " الأمر كما يلي : شاهدتني زوجتك أسير بهذا الاتجاه و أخبرتني لو أمرر لك هذه. في الواقع هي رسالة ".
مد بيني أفني يده و استلم الورقة المطوية من عادل. و قال : " أين التقيت بها بالضبط ؟".
" قرب حديقة النصب التذكاري ".
" و بأي اتجاه كانت تذهب ؟".
" لم تكن تتحرك. كانت تجلس على مقعد هناك ".
و نهض عادل على قدميه ، توقف لحظة ، ثم سأل إن كان بوسعه أن يؤدي أية خدمة أخرى.
ابتسم له بيني أفني و هز منكبيه و قال : " هذا كل شيء ".
فقال عادل : " شكرا جزيلا " ، و غادر.
فتح بيني أفني الرسالة ، المكتوبة على رقعة ورق مصدرها صفحة ممزقة من دفتر تضعه نافا في المطبخ. و بخط يدها المتقارب بحروفه ، شاهد الكلمات التالية : " لا تقلق من أجلي ".
ارتبك بهذه الكلمات. كان يتناول الغداء دائما مع نافا في الظهيرة ، و كان من المفروض أن تنصرف من المدرسة التي تدرس فيها و تنتظر وصوله إلى البيت لتناول الطعام. بعد سبع عشرة عاما من الزواج ، لا زال كل من نافا و بيني أفني يتبادلان الحب ، و لكن العلاقة اليومية كانت تخضع لقانون الاحترام المتبادل الممزوج بنفاذ صبر مكبوت. لم تكن تفضل واجباته البيروقراطية ، و لم تحب الطريقة التي يتبعه بها عمله إلى البيت و لا سلوكه المترتب على ذلك طوال الوقت و بلا مجاملات.
و من طرفه ، كان يشعر بالإرهاق من تفانيها و حماستها لفن النحت. و الذي كانت تنجزه في فرن يشتعل في باحة حديقتهما الخلفية. كان يمتعض من رائحة الغضار التي تنتشر في ثيابها . اتصل بيني أفني برقم منزله و سمح للهاتف أن يرن ثماني أو تسع مرات قبل أن يقر لنفسه أن نافا غير موجودة. و خطر له كم هو غريب أن تغادر قبل أن يعود إلى البيت ، و الغريب أن ترسل هذه الملاحظة المقتضبة مع عادل دون أن تكلف نفسها عناء إخباره إلى أين ذهبت و لا حتى متى تعود. لقد ألقت الرسالة الحيرة في قلبه ، و انتبه أيضا أن حامل الرسالة يدعو للشك. و لكن في النهاية ليس هناك مدعاة للقلق : كان هو و نافا يتركان الرسائل القصيرة غالبا تحت إناء الزهور في غرفة المعيشة.
انتهى بيني أفني من كتابة آخر رسالتين : إحداهما لأدا دفاش ، حول ترميم مكتب البريد ، و الأخرى لمحاسب البلدية ، حول خطة تقاعد أحد الموظفين. و أودع الرسائل فوق الرف ، و تأكد من إغلاق النوافذ و الأباجورات ، و ارتدى معطفه الشاموا ، و أحكم إغلاق المزلاجين ، ثم انصرف. و قرر أن يسير عبر حديقة النصب التذكاري ، من قرب المقعد الصغير حيث من المفترض أن نافا تجلس هناك ، ليعودا إلى البيت معا. و لكن ، و بعد عدة خطوات ، عاد إلى المكتب ، لأنه اعتقد أنه نسي إغلاق الحاسوب ، أو إطفاء الأنوار في الحمام ؟. و لكن الحاسوب كان لا يعمل و الحمام يسبح في ظلام دامس ، و هكذا عاد بيني أفني لإرتاج المزلاجين مجددا و غادر ليبحث عن زوجته.
لم تكن نافا فوق المقعد في حديقة النصب التذكاري. لم تكن في أي مكان . و لكن عادل ، الطالب الشاب و الضعيف ، كان هناك ، يجلس بمفرده ، و في حضنه كتاب مفتوح و مقلوب. و كان ينظر إلى الشارع بينما عصفور يغرد بين أغصان شجرة فوقه. وضع بيني أفني يده على كتف عادل و سأله بلطف ، كما لو أنه يخشى أن يؤذيه : " ألم تكن نافا هنا ؟". رد عادل أنها كانت هنا من فترة ، و لكن ليس في الوقت الحالي.
قال بيني أفني : " أرى أنها رحلت . و لكن خطر لي ربما تعلم إلى أين ذهبت ؟".
قال عادل : " كلا . اعذرني. آسف جدا " .
و أضاف بيني أفني : " حسنا. هذه ليست خطيئتك ".
و تابع إلى البيت عبر دار للعبادة و مضى من خلال شارع شعب إسرائيل ، بخطوات مائلة ، و كانت قامته تترنح قليلا ، و كأنه يكافح ضد قوة خفية. كل الأشخاص الذين التقى بهم في طريقه ألقوا عليه التحية مع ابتسامة ، كان بيني أفني رئيس بلدية معروفة. و قد رد بتحية مماثلة و هو يسأل : " كيف الحال ؟". أو " هل من جديد ؟". و أحيانا يعلن لهم أن الشق الذي هدم الرصيف قيد المعالجة. قريبا ، سوف يصل الجميع إلى بيوتهم لتناول الطعام ثم الإغفاء بقيلولة ، و ستقفر شوارع القرية عن بكرة أبيها.
كان الباب الأمامي مغلقا ، و المذياع في المطبخ يعمل بصوت منخفض. كان أحدهم يناقش تطور نظام الانتفاع من شبكة الطرق الحديدية ، و الميزات الواضحة للقطارات بالمقارنة مع السيارات. نظر بيني أفني بيأس باتجاه النقطة المعتادة – تحت إناء الزهور في غرفة المعيشة ، كان يتوقع رسالة من نافا. و على طاولة المطبخ كان طعامه بانتظاره ، طبق مغطى بطبق معاكس للاحتفاظ بحرارة الطعام : دجاج ، و مسحوق البطاطا ، و الجزر المسلوق ، و الفاصولياء. و حول الطبق سكين ثم شوكة ، و تحت الشوكة فوطة مطوية. وضع بيني أفني غداءه في الميكرويف لدقيقتين ، لأنه على الرغم من الغطاء ، كان الطعام باردا تقريبا. و بينما هو ينتظر ، فتح الثلاجة و أخرج زجاجة جعة ، ثم صبها في كوب. و ما أن أصبح الغداء جاهزا ، عكف على الطعام بشهية دون أن ينفق اهتماما لما يأكل ، و كان يصغي للمذياع ، الذي يعزف الآن موسيقا خفيفة تقاطعها الإعلاناتبلا نهاية. و خلال نشرة إعلانات ، اعتقد أنه سمع صوت خطوات نافا تتقدم من الممر الأمامي ؟. ألقى نظرة من نافذة المطبخ ، و كانت الباحة فارغة و كل ما كان بمقدوره أن يراه ، بين النفايات و الحديد ، عبارة عن عربة قديمة لها دولابان لحق بهما الصدأ.
و بعد الغداء ، وضع الأطباق في المغسلة و أغلق المذياع. فساد صمت مطبق. و لم يكن يسمع غير دقات ساعة الجدار. فقد كانت ابنتاه التوأم ، يوفال و إنبال ، في رحلة ميدانية إلى منطقة الجليل الأعلى.
انتقل إلى الصالة و تابع ليحصل على حمام سريع فلاحظ أن الباب الذي يفضي إلى غرفة ابنتيه موصد. قلب النظر في الغرفة المعتمة. كانت رائحة صابون خفيفة و كواء ملابس تعبق في الجو. أغلق الباب بهدوء و واصل إلى غرفة الحمام. تخلص من قميصه و سرواله ، ثم و هو بثيابه الداخلية ، بدل فجاة رأيه و اقترب من الهاتف. لم يكن قلقا . و مع ذلك استمر يتساءل في سره ، أين عسى نافا ذهبت ، و لماذا لم تنتظر حتى بعد الغداء كما هي العادة ؟.
اتصل بجيلا ستاينر و سأل هل نافا هناك.
قالت جيلا " " كلا . لماذا ؟. هل ذكرت أنها قادمة ؟".
قال بيني أفني : " هذا هو الموضوع . لم تذكر إلى أين رحلت ".
قالت جيلا : " المخازن العامة تغلق في الثانية . ربما توقفت هناك لتحصل على شيء ما ".
قال بيني أفني : " شكرا يا جيلا. لا بأس. أنا متأكد أنها ستعود حالا. أنا لست قلقا ".
لم يتمكن إلا أن يتحرى عن رقم هاتف المخزن العام. رن الجرس لفترة طويلة. و أخيرا ، رد العجوز ليبيرسون بصوت أنفي و نبرة ناعمة : " نعم ، شولومو ليبيرسون يتكلم من المخزن . كيف أخدمك ؟".
سأل بيني أفني عن نافا. أجاب العجوز ليبيرسون بحزن : " كلا يا رفيق أفني . أنا آسف. زوجتك ليست هنا اليوم. لم تشرفنا بقدومها. و لا أعتقد أن هذا سيحصل ، لأننا بتمام الساعة الرابعة عشرة سوف نغلق و نغادر إلى بيوتنا لنحضر أنفسنا لاستقبال يوم السبت ".
سار بيني أفني نحو الحمام ، و انتهى من خلع ثيابه ، و انتظر الماء الحار ليقف تحته و يحصل على دوش طويل. و اعتقد أنه سمع صوت صرير الباب ، و بينما هو يجفف نفسه ، صاح : " نافا ؟ هل هذا أنت ؟". و لكن لم يسمع جوابا. ارتدى ثيابا داخلية نظيفة و سروالا خاكيا و غادر الحمام ، و بدأ يبحث في المطبخ ، ثم عاد أدراجه إلى غرفة المعيشة و تفحص زوج الكراسي التي تواجه التلفزيون ، ثم انتقل إلى غرفة النوم و غادرها نحو الشرفة الملحقة التي اعتادت نافا على استعمالها " كصالة لأداء أعمالها الفنية ". من عادتها أن تحبس نفسها في الشرفة لساعات طويلة و هي تنحت أشكالا من الغضار ، مخلوقات فانتازية و نماذج مصارعين بأحجام صغيرة لهم وجوه مربعة و أحيانا أنوف مكسورة. كان الفرن في الخلف مغطى بملاءة. فتقدم بيني من الملاءة و أشعل الضوء و توقف هناك لحظة ، و هو يرمش بعينيه ، و لكن كل ما كان بوسعه أن يراه هو النماذج التجريدية التي فقدت أشكالها و الفرن البارد ، و حوله ظل قاتم ، كان بدوره يغطي الرفوف التي تراكم عليها الغبار.
سأل بيني أفني نفسه : هل يجب أن يكتفي بالرقاد و نسيان موضوع انتظار نافا. ثم عاد إلى المطبخ ليودع الأطباق في غسالة الصحون. و نظر في الماكينة بحثا عن أي علامة تدل عن الطعام الذي تناولت منه قبل أن تغادر ، بل ربما لم تأكل على الإطلاق ؟ و لكن غسالة الصحون كانت تقريبا ممتلئة ، و لم يكن هناك أية فرصة ليحزر أي طبق تناولت منه في وقت سابق من هذا اليوم و أي طبق كان هنا من قبل.
و كان إناء من الدجاج المطبوخ فوق الموقد. و لكن دون علامة تدل هل أكلت منه نافا و تركت ما تبقى . جلس بيني أفني بجوار الهاتف و اتصل بباتيا روبين. رن الهاتف عشر مرات ، ثم خمس عشرة مرة. لم يرد أحد. و قال بيني لنفسه لا تكن سخيفا !. و غادر إلى غرفة النوم ليرتاح. و عند قوائم السرير شاهد مشاية نافا : كانت صغيرة و تالفة قليلا من مكان كعب القدم ، و كانت ملونة كما لو أنها دمية بشكل زوج من القوارب. استلقى من غير حراك ، و عيناه مثبتتان بالسقف. كان من السهل استفزاز نافا ، و على مر السنين أيقن أن أي محاولة للضغط عليها كلاميا لا تؤدي إلا لتدهور الأحوال. و لذلك عمد إلى التمرن على ضبط أعصابه و تمرير الوقت ليتكفل بتفكيك غضبها. كان من الممكن أن تتجاوز العقدة و لكنها لا تنسى. و ذات مرة اقتربت منه أعز صديقاتها و هي الدكتورة جيلا ستاينر ، و اقترحت عليه أن يجهز صالة البلدية لمعرض يضم منحوتات نافا. و قطع بيني أفني على نفسه وعدا قسريا لدراسة الموضوع. و في النهاية ، قرر أن المسألة محرجة جدا : كانت منحوتات نافا ، في النهاية ، لا تزيد على كونها عمل ربة منزل هاوية ، و إن معرضها يناسب صالات المدارس الابتدائية ، و هذا يجنبها المزاودة و المديح الزائف. لم ترد نافا ، و لكن لعدة أمسيات كانت تستمر في غرفة النوم بكي الثياب حتى الثالثة أو الرابعة صباحا ، و كانت تكوي أيضا المناشف و السجادات الصغيرة.
و بعد عشرين دقيقة ، نهض بيني أفني فجأة ، و ذهب إلى القبو ، و أشعل النور ، و أثار بذلك سربا من الحشرات الساكنة. بحث في سلسلة من الصناديق و حافظات الثياب ، و تلمس المثقب الكهربائي ، و نقر على برميل النبيذ ، فرد بصدى أجوف. ثم أطفأ النور ، و عاد إلى المطبخ في الأعلى ، و هناك تردد لمقدار لحظات ، و ارتدى سترته الشاموا فوق البلوزة الواسعة ، و غادر المنزل دون أن يقفل الباب. و تقدم بخطواته إلى الأمام بمسافات غير مستقيمة ، كما لو أنه يقاتل الرياح العاصفة ، و هكذا بدأ رحلة البحث عن زوجته.
في فترة ما بعد الظهيرة من يوم الجمعة ، كانت طرقات القرية خاوية. كان الجميع يستريحون تمهيدا لسهرات المساء. كان اليوم رماديا و رطبا ، مع غيوم منخفضة ، تضغط فوق السقوف ، و تحتها طبقة رقيقة من الضباب يسبح في الفضاء.
أطبق صمت عميق على البيوت من جميع اأرافها. و رياح منتصف شباط حملت معها أجزاء من صحف قديمة ، فتبعها بيني و حملها إلى علبة النفايات. و قرب حديقة الجندي المقاتل تبعه كلب مونغريل كبير ، و هو يقضم أسنانه. نهر بيني أفني الكلب ، الذي تحول إلى حيوان شرس على وشك أن ينقض عليه. قبض بيني أفني على حجرة و رماها في الهواء. تحفز الكلب ، و وضع ذيله بين ساقيه ، و لم يتوقف عن متابعة بيني أفني من مسافة ملحوظة. و تابع كلاهما مسيرته ، و بينهما حوالي فاصل من عشر أمتار ، ثم انعطفا يسارا نحو شارع المؤسسين.
و هنا أيضا ، كانت كل النوافذ مغلقة لقيلولة الظهيرة. و كانت بمعظمها مدهونة بلون رمادي قديم ، و بعضها بدعامات خشبية مكسورة أو مفقودة.
على مدى سنوات كانت الحدائق الأمامية المشذبة جيدا في تل إيلان قد وصل إليها الإهمال. و رأى بيني أفني ، هنا و هناك ، روث الطيور ، و بعض الزرائب التي أصبحت عبارة عن دكاكين ، و هيكل شاحنة قديمة يغوص حتى منتصفه في أعشاب برية غزيرة ، قرب كوخ مهجور من الزنك أو لعله بيت كلب حراسة فارغ. كانت لديه نخلتان قديمتان في حديقة منزله الأمامية ، و لكن من أربع سنوات أصرت نافا على قرار بالإزالة لأن صوت الأوراق حين تلمس نافذة غرفة النوم تحرمها من الرقاد ليلا ، و هذا كان يملؤها بالأسف و الندم. و كان الياسمين و الأسباراجوس ينموان في بعض الباحات ، و في غيرها هناك أعشاب تحت النخيل ، التي تميل مع الرياح. تابع بيني أفني بخطوات متناوبة ، و تحركت ذراعاه برتم يائس عندما مر في شارع شعب إسرائيل. و توقف في حديقة النصب التذكاري قرب المقعد الصغير لدقيقة من الوقت. حسب أقوال عادل كانت نافا تجلس هنا لحظة قدمت له الرسالة القصيرة التي ورد فيها " لا تقلق من أجلي ". و ما أن هبط السكون على بيني أفني قرب هذا المقعد ، حتى توقف كلب المونغريل ، على بعد عشر أمتار. و لم يكن يهمهم أو يقضم أسنانه و لكنه الآن يمحض بيني بنظرات عميقة و متحفظة باستفسار. كانت نافا تحمل جنينا عندما كانا طالبين على مقعد الدراسة في تل أبيب قبل الزواج – كانت هي في مدرسة المعلمات و هو في مدرسة التجارة. و سريعا ، قررا على الإجهاض. و لكن قبل ساعتين من الموعد ، بتمام الساعة 10 صباحا ، في العيادة الخاصة في شارع راينز ، بدلت نافا رأيها و طلبت إلغاء الموعد. و وضعت رأسها على صدره و شرعت بالبكاء. دعاها لتتماسك. في نهاية الأمر ، لم يكن أمامها أي خيار ، بالنظر لهذه الحالة ، كانت العملية لا تزيد عن كونها أشبه باقتلاع ضرس العقل. انتظر في المقهى المقابل على طرف الشارع الآخر و قرأ صحف اليوم السابق ، بما في ذلك صفحة الرياضة. و في غضون أقل من ساعتين ظهرت نافا أمامه شاحبة. و أسرعا إلى سيارة عامة للعودة إلى غرفتهما ، حيث يوجد ست أو سبع طلاب بانتظار بيني ، كانوا متجمعين من أجل اجتماع اللجنة المبرمج سابقا. رقدت نافا في السرير المنصوب في زاوية الغرفة ، و اختفت تحت الملاءة. و لكن المناقشات ، و الصياح و النكات و دخان السجائر تسللت عبر الأغطية. كانت تحت تأثير الإرهاق و الدوار. و اضطرت للاستناد على الجدار لتصل إلى الحمام ، و كان رأسها يبرم و الألم يعود مع تلاشي المخدر ، و في المكان المخصص لاحظت أن أحدهم تقيأ على الأرض و على مقعد المرحاض . لم تتمكن من السيطرة على قواها : فتقيأت بدورها أيضا. اختبأت هناك لفترة طويلة ، و هي تبكي ، رأسها مدفون بين ذراعيها ، حتى انفرط عقد الجماعة الصاخبة . و هنا وجدها بيني ترتجف. قبض على كتفها ، و قادها بلطف إلى الفراش.
و بعد ذلك بسنتين تزوجا ، و لكن عانت نافا من مشاكل في الحمل. و استشارا عدة أطباء و حصلا على عدة عقارات مختلفة للعلاج. و بعد خمس سنوات ولد توأم البنات ، يوفال و إنبال. لم تناقش نافا مع بيني حيثيات تلك الأمسية في الغرفة ، و يمكن القول أنهما عقدا اتفاقا صامتا أنه لا يوجد بينهما ما يقال حول ذلك. ثم بدأت نافا بالتعليم في المدارس و نحت النماذج.
و أخيرا ، انتخب بيني أفني رئيسا لبلدية مقاطعة تيل إيلان ، حيث كان محبوبا على نحو مبشر ، بسبب أذنه المصغية و سلوكه المتواضع. و مع ذلك كان يعلم كيف يتغلب على المشاكل و كيف يسيطر ، و كان يتصرف بطريقة لا تجرح كرامة الذين يحاول السيطرة عليهم.
و في زاوية شارع دار العبادة ، توقف لدقيقة و تأكد هل كلب المونغريل يتبعه حتى الآن. كان الكلب يقف قرب أحد بوابات الحديقة ، و ذيله بين قائمتيه ، و فمه مفتوح نصف فتحة ، و كان يبادل بيني النظرات بصبر و استغراب. قال بيني بصوت منخفض " اقترب " ، ضرب الكلب الأرض بقدميه و نصب أذنيه و مد لسانه القرمزي. و بوضوح ، شعر بالاهتمام نحو بيني ، و لكن صمم أن لا يكسر المسافة الفاصلة. لم يكن هناك شخص حي آخر تقع عليه العين في القرية – لا هرة و لا عصفور . بيني أفني فقط و الكلب و الغيوم التي انحدرت حتى مسافة منخفضة و كادت أن تلمس رؤوس أشجار الصنوبر.
و قرب برج خزان المياه المرتفع رأى ملجأ عاما للحماية في وقت الغارات الجوية. حاول بيني أفني أن يفتح الباب الحديدي. كان غير موصد. دخل و بحث عن زر الضوء ، و لكن كهرباء الملجأ كانت مفصولة. و مع ذلك ، هبط إثنتي عشرة درجة. و هبت بوجهه نسمة نتنة و رطبة و هو يتقدم في أعماق المسافة المعتمة ، و كان يتحسس طريقه بين أشياء غامضة غير واضحة المعالم - كومة من المفارش ، و خزانة منتهية العمر. التقط أنفاسه من هواء راكد ، ثم استدار على عقبيه ، و بحث عن طريقه للعودة إلى السلالم. و في نهاية الدرج ، حاول مع زر الكهرباء الميت مجددا ، ثم أغلق الباب الحديدي خلفه و غادر نحو الشارع الفارغ. و هبت نسمات لطيفة ، و أصبح الضباب قاتما ، و محا حدود البيوت الواضحة ، و التي يعود بعضها لمائة عام مضت. فأحجار المباني الصفراء متشققة و متداعية ، و تركت على الجدران دوائر عمياء. و كانت تنمو في الحدائق أشجار عنب رمادية. و قد فصلت البيوت عن بعضها جدران من الصنوبريات . و أحيانا كان يرى كومة من التبن أو أنبوب مياه صدئ تخنقه أشجار اللبلاب السامة و الغزيرة ، و أعشاب البرقوق و شب النهار.
صفر بيني أفني للكلب ، و لكن المونغريل لم يقترب. و أمام دار العبادة – الذي أقيم يوم تأسيس القرية ، في منعطف القرن الماضي ، انتصب كوخ يعرض إعلانات عن دار سينما محلية و معصرة نبيذ و كذلك ملاحظات من البلدية وقع عليها بيني نفسه. تمهل بيني عند أوراقه ، و التي كانت تبدو لسبب ما من غير مردود أو كما لو أنها مزيفة تماما. و خيل له أنه رأى بزاوية عينه قامة منحنية قادمة من نهاية الطريق. و لكن حينما استدار برأسه شاهد شجرة تسبح في الضباب فقط. و كان فوق دار العبادة حامل شمعدان من المعدن ، و كانت الأبواب مزخرفة بأسود منحوتة و بجانبها نجوم دايفيد. تسلق الخمس درجات و حاول أن يفتح الباب. و داخل الصومعة كان الهواء باردا و غباريا و مظلما تقريبا. و فوق الأقواس المغطاة بالستائر ، و بواسطة الضوء الكهربائي الخافت ، قرأ النقوش التالية : " الرب دائما أمامي ". تجول بيني أفني بين المقاعد في الظلام ، ثم صعد على الدرجات نحو صالة الفنون النسوية. شاهد على التكايا مجموعة قديمة من كتب الصلوات الموزعة هنا و هناك. و كانت رائحة العرق القديم مختلطة برائحة الأماكن الأثرية. تحسس أحد المقاعد بيده ، لفترة وجيزة ، و اعتقد أن احدهم نسي وشاحا أو منديلا وراءه.
و ما أن غادر المعبد ، حتى شاهد المونغريل بانتظاره في أسفل السلالم. و في هذه المرة ضرب الأرض بقدمه و قال : " اذهب ! امض ! ". هز الكلب ، الذي يحمل بطاقة تعريف حول رقبته ، رأسه و ضرب الأرض بقدمه كأنه يطلب بنفاد صبر توضيحا. غير أن احدا لم يوضح شيئا. و استدار بيني ليذهب ، بكتفين منحنيين ، و بلوزته الواسعة تظهر للعيان من تحت سترته الشامواه . و كان يتقدم بخطوات سريعة ، و هو محني القامة مثل مقدمة سفينة حين تكسر الأمواج. و هنا تبعه الكلب ، باستمرار ، من مسافة للأمان .
إلى أين ذهبت ؟. ربما قررت أن تزور إحدى صديقاتها و هناك تأخرت؟ ربما تأخرت في المدرسة لسبب طارئ ؟ ربما مرت على المستوصف؟ من عدة أسابيع ، بعد نقاش حاد ، قالت نافا إن الوجه البشوش عبارة عن قناع ، و تحته : سيبيريا. لم يرد ، و لكن اكتفى بابتسامة ، مثلما يفعل غالبا حينما تصب عليه جام غضبها. فانفجرت نافا بهستيريا و بنوبة من الصياح ، و قالت : " أنت لا تابه لما يحصل ! و لا حتى للأطفال !". و تابع ابتسامته و رمى بإحدى يديه فوق كتفها ، و لكنها ألقتها بعيدا ، و خرجت مثل عاصفة ، و ضربت الباب وراءها. و بعد ساعة ، دخل إلى الاستوديو المغلق ليقدم لها كوبا من شاي الأعشاب مع العسل. و فكر أنها استعادت الآن رباطة جأشها. و لكن الأمر لم يكن كذلك. و مع ذلك تقبلت نافا الشاي و قالت : " شكرا. لم يكن هذا ضروريا ".
و حينما كان يتجول في الضباب وحيدا خطر له قد تكون عادت إلى البيت ؟ و فكر بالعودة. و لكن فكرة البيت الفارغ – خصوصا ، فكرة غرفة النوم الفارغة بمشايتها الملونة الموجودة عند قوائم السرير مثل دمية بشكل قوارب ، أضجرته و حرضته على المتابعة. سار على قدميه ، الكتفان مقوسان ، و مر بشارع هاغيفين ثم شارع تاربات ، و وصل إلى مدرسة نافا الإبتدائية.
بالكاد مضى شهر واحد منذ أن فاز على المعارضة في المجلس و منحته وزارة التربية ميزانية من أجل قاعات تدريس إضافية و صالة جمباز كبيرة.
كانت بوابات المدرسة المعدنية مغلقة استعدادا لعطلة السبت. كان كل من المبنى و الباحة محاصرين بسور من المعدن فوقه أسلاك شائكة. دار بيني أفني مرتين حتى وجد منفذا ليمر منه حسب تصوراته. أشار للكلب الذي وقف على الطرف المقابل للشارع ، ثم تمسك بقضبان الحديد ، و رفع نفسه ، و نحى الأسلاك جانبا ، و من جراء ذلك لحق به جرح طفيف ، بعد ذلك قفز إلى الداخل ، فأصاب كاحله بالتواء. و بدأ يعرج و هو يسير في الباحة ، و قفا يده تنزف.
دخل إلى المبنى من الباب الجانبي و شاهد نفسه في ممر طويل ، و منه تفرعت عدة قاعات تدريس. و قد ملأت رائحة العرق مع بقايا الطعام و غبار الطبشور الجو. و على طول الممر شاهد قشور برتقال و جرائد ممزقة . تقدم بيني أفني من خلال باب نصف مفتوح و دخل إلى قاعة أحد الصفوف.
على مقعد المدرسات شاهد ممحاة خاصة بالسبورة و ورقة من كراس صغير. تناولها و تفحص الخط المكتوب عليها ، كان أنوثيا و لكنه ليس خط نافا. أعاد بيني أفني إلى المقعد الورقة التي تلطخت بالدم و نظر إلى السبورة. كانت هناك كلمات بنفس الخط الأنوثي و مفادها " حياة القرية الهادئة مقابل حياة المدينة الصاخبة – من فضلك تابع حتى يوم الأربعاء ". و تحت هذه التعليمات برزت الكلمات التالية " اقرأ في البيت الفقرات الثلاثة التالية بتمعن و جهز نفسك للإجابة على الأسئلة في قفا الورقة ". و على الجدار لوحات معلقة تمثل تيودور هرتزل ، رئيس الدولة ، و رئيس الوزراء ، و كذلك بعض الصور ، على بعضها العبارة التالية " محبو البيئة يحافظون على الحياة البرية و يحمونها ".
كانت المقاعد متراصة ، على الأرجح بسبب تدافع التلاميذ إلى الباب عند قرع الجرس. و في النوافذ رأى نبات زهرة المسكفي حالة إهمال و عطش. و مقابل طاولة المدرسة خارطة كبيرة لإسرائيل ، مع دوائر خضراء كبيرة حول قرية تل إيلان و حول أسفل منطقة مرتفعات ميناشي . ثم سترة يتيمة معلقة على خطاف معدني .
غادر بيني أفني غرفة الصف و تابع ، و هو يعرج على نحو خفيف ، على طول الممرات ، و نقاط الدم تتبعه في مساره. و ما أن وصل إلى الحمام في نهاية الممر ، شعر بضرورة تفقد حمامات النساء. كانت هناك خمسة غرف. تفحص بيني أفني كل باب على حدة ، حتى أنه نظر أيضا نحو علبة التزويد بالمياه الجارية. ثم انعطف في ممر آخر. ثم ممرا آخر ، قبل الوصول إلى صالة المدرسين. وقف أمام الباب ، و تردد لدقيقة ، و تأمل الكلمات المكتوبة " صالة المدرسين – لا يسمح بدخول الطلاب من غير إذن " ، كانت كما لو أنها مكتوبة بحروف نافرة للعميان. و تبادر لذهنه ربما الاجتماع ينعقد الآن ، و لم يرغب بالمقاطعة ، و مع ذلك في نفس الوقت شعر بالرغبة الملحة للدخول. مع ذلك كانت الصالة مهجورة و معتمة ، و النوافذ محكمة الإغلاق و الستائر مسدلة. و صفان من الرفوف على كل طرف من الغرفة. و في المنتصف منضدة طويلة ، يحيط بها تقريبا عشرون كرسيا ، و على المنضدة ، كوبان أحدهما فارغ و الآخر نصف ممتلئ ، ثم عدة كتب و عصا و دفاتر.
ثم شاهد جوارير نافا ، فسحبها ، و وضعها على المنضدة. و في داخلها ، شاهد كومة من الكراريس ، و علبة طبشور ، و بعض مطريات البلعوم ، و علبة نظارات شمسية فارغة. و بعد بعض الانطباعات ، أعاد بيني الجوارير. و في نهاية المنضدة ، لاحظ على ظهر أحد الكراسي ، وشاحا معلقا و كان يبدو مألوفا له ، و هو يشبه ما لدى نافا. و لكن كيف له أن يتأكد في هذا الضوء الخافت؟ . و مع ذلك ، تناوله بيده ، و استعمله لتنظيف يده المجروحة ، ثم لفه و وضعه في جيب سترته.
وقف لفترة من الوقت في أسفل السور ، و انتظر دون أن يعلم ماذا ينتظر ، حتى وقع نظره على الكلب في الطرف الآخر من الشارع على بعد عشر أمتار تقريبا ، و هو يرميه بنظرات عميقة و مستكينة. و خطر له أن يتقرب من هذا الكلب. فنهض ، و باشر بالتقدم ببطء ، دون أن يتخلى عن المسافة الفاصلة. و لحوالي خمس عشرة دقيقة ، استمر بيني أفني يعرج وراء الكلب في شوارع فارغة ، و هو مشغول بتضميد يده بالوشاح الذي لا يعلم هل هو لنافا أم لا. كانت السماء الفضية المنخفضة تغطي قمم الأشجار بسحب متحركة من الضباب الذي يهبط فوق الحدائق و الساحات. و ربما لمست وجهه نقاط من المطر ، و لكنه لم يكن متأكدا ، و بصراحة لم يهتم. و اعتقد أنه رأى عصفورا لأحد الجدران ، و لكن بمجرد أن اقترب انتبه أنه عبارة عن علبة فارغة. و سريعا وصل إلى زقاق رفيع بين جدارين من نباتات متسلقة. من فترة قريبة كان يأمر بإعادة تنسيقها ، و من عدة أيام فقط حضر ليفحصها شخصيا. و وصل من الزقاق إلى شارع المعبد. و كان الكلب يسير أمامه و كأنه يدله على الطريق. كان الضوء الآن خافتا بالمقارنة مع ما سبق. و سأل نفسه ، هل من الأفضل لو يعود إلى البيت ؟. ربما عادت و هي ترتاح الآن ، و تفكر بأسباب غيابه ، و ربما هي قلقة عليه. و لكن صورة البيت الفارغ أرعبته ، فتابع ، و هو يعرج وراء الكلب ، الذي لم يلتفت إلى الخلف ، و رأسه المدبب منكس يشم الطرقات. سريعا ، قبل الظلام ، سوف يهطل مطر غزير و يغسل كل الأشجار المغبرة و سقوف البيوت و الطرقات. و فكر عما يمكن أن يحصل دون أن تخطط له. ثم شرد مع خيط أفكاره. كان من عادة نافا أن تجلس مع ابنتيها على منصة في الخلف ، وأمام شجرة ليمون ، و يتبادل الثلاثة حديثا خافتا. إنه لا يعلم موضوع الحديث ، و أيضا لم يبذل وسعه ليعلم. و الآن هو مهتم بالأمر و لكن ليست لديه أدنى فكرة عنه. و شعر أنه من الضروري أن يتوصل إلى نهاية لهذا اليوم ، و كان جاهزا لاتخاذ عدة قرارات كما هو حاله في العمل ، و أصبح تحت رحمة الشك ، و لم تكن تصورات عما يمكن للعالم أن يتوقع منه. في هذا الوقت توقف الكلب ، و جلس على الرصيف على بعد عشر أمتار ، و حذا بيني حذوه ، فجلس على مقعد في حديقة النصب التذكاري حيث من الواضح أن نافا كانت تجلس قبل ساعتين أو ثلاث ساعات. تحرك حتى منتصف المقعد ، و يده تنزف و هي مربوطة بالوشاح ، و سترته مزرورة للوقاية من المطر الخفيف الذي شرع بالهطول ، و هناك و بهذا الشكل جلس لينتظر عودة زوجته...
الترجمة من العبرية إلى الإنكليزية : جيل صاند أنجيلو Jill Sand D’Angelo و عاموس عوز.
×××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |