مَعارِجُ المُخَرْبَشات وَقَلَقُ المُسْتَهِلّ
2008-01-21
مقاربة ثقافية للنقوش العربية القديمة
لا ندري بدءا مدى مطابقة محتوى النقوش في الحيز المكاني للواقع.. ولا نعلم إن كان المضمون مدونته أم العالم الموازي له، يتشكل وفق مشتهى النّقّاش.. فإذا كان النص النقوشي عالم صاحبه الضيق ومَبَثَّ شعوره.. فهل يصل إلى المتلقي بُعدا معرفيا يُعوَّل عليه في فهم بيئته المكانية؟ وهل تَمَلّك صاحبُ النقش أو مجموعة النقوش في جغرافيتها اللامة لها الإحاطة بما حوله؟.. كلما اقتربنا من أكوام النقوش في رجومها.. ندرك حجم الهوّة التواقة للردم بين ما نعرف ويعرف أصحاب تلك النقوش. إنّ النقش عالم صاحبه الوجداني والمعرفي المُسطّح.. لا يعنيه من الفراغ الممتد حوله إلا شفار ما يُشكل مصيره..
لا تشي النصوص النقوشية بالمجمل بمتخفٍ.. عدا ما يتلو صيغ الدعاء من رغبات ودعوات تواكلية بتصيّر الحال.. أو ما يجاور النص من رموز ورسومات نقاربها مع النص تأويلا .
والسؤال: هل نترجم النقوش، كما فعل علماء الاستشراق، الذي شغلوا بالنصوص السامية؟ أم نتفهمها؟ مستثمرين قرابتنا الجغرافية والتاريخية واللغوية والأنثربولوجية وربما الإثنية مع أصحابها؟.. فنقارب بين المدلولات والعلل.. ونستثمر الموروث في ترميم النصوص وبعثها على نحو سردي تراتبي!
نُقرُّ أنّ عالَم النقش محدود، وذاتي، ولكن له في أعماقنا، أفراداً ومجتمعاتٍ، ما يمكن العثور عليه؛ فسلسلة النسب، وجمهرة التضرعات.. وبقايا المفردات تتموضع واقعا مُتقبَّلاً، نتظاهر حوله قبولاً أو نكراناً، ونعيه متكأً ثقافياً أولياً يؤازر المشترك التراثي. وهو ما يمنحنا فرصة رسم مسارات الأنشطة والمعارف والمفردات المحفورة في النصوص النقوشية من لحظات تَخَلُّقِها في عالم أصحابها إلى لحظة المتلقي، الذي ينبري لبناء هيكل المقاربة الإثنو- أركيولوجية والاشتقاقية، دون إعفائه من البرهنة والاستدلال، مع منحه فسحة التهويم والتأويل والتخمين لجسر الهوة التي يفرضها صمم النقوش وقصرها.
تتجلى حدود التواصل في مجتمعات البادية عند العرب قبل الإسلام ، الطبيعية والاجتماعية، من خلال عدد من المواقف الاتصالية التي تطرحها النقوش، ومنها: حد الانتماء القبلي، وعلاقة العمل، والتواصل الديني، والموقف الاحترازي تجاه من يخرب النقش. ويبلغ التواصل حد الارتقاء في قراءة وكتابة الأسفار، وفي التعاطي مع إشكالية انعكاس ذلك على الخصائص الحضارية لمجتمع العرب أرباب هذه النقوش.
وتفتقر النقوش إلى حيوية النص، التي تمنح مفتاح الولوج إلى عالم أصحابها الداخلي، وهذا مدعاة الباحث إلى تصيُّد الشذرات وتناثر المعلومات في مجموعات النقوش ومدوناتها والتوليف بينها على نسق سردي يضفي إلى أفقٍ معرفيٍ يؤسس لحقيقة درس تلك المجتمعات.
وينبغي أن ينبري المرء في استقرائه للنقوش، من وجهة الأنثـروبولوجيا اللغوية، في فهم دلالات الأسماء والأفعال الواردة فيها، وارتباطها بمجتمع العرب القدماء، والاتساق الداخلي فيما بينها، وبينها وبين المجتمع من حولها، والالتفات إليها بوصفها ظاهرة اجتماعية، وتدارك الأنماط السلوكية فيها. والبحث في مسألة إلغاء التعارض فيما بين صاحب النقش بدلالات سلسلة النسب وبين مجتمعه.
فهل نستطيع بناء معقولية سردية تاريخية عن مجتمع العرب الشماليين؛ اللحيانيين والثموديين والصفويين، من خلال ما خلَّفوه إرثا مفككا ومبعثرا، مليئا بالثغرات؟ وهل ثمَّة محرَّمات في مقاربة المصادر التاريخية والدينية مع فحوى تلك النقوش لتفهم ذلك الواقع؟.. ونحن نعرف، سلفاً، مدى الانفلات الذي يتحصل جراء تلك المقاربة!
وتصوغ جغرافية العرب قبل الإسلام في البادية عاملاً فصلاً في إذكاء حالات إنسانية تماهت في جوهر الصراع مع البيئة الطبيعية والبيئة الديموغرافية المحيطة، الذي تورده النقوش وروداً لحوحاً. فلقد انبثت النقوش العربية الشمالية فوق أصقاع تباينت طبوغرافيتها؛ فكان من بينها النجود والنهاد، ومنها أراضي الحرّات الحمّاد، ومنها ما تشكل في السهول والأودية الضحلة. وقد تميزت هذه المواقع بتذبذب معدلات سقوط الأمطار، وقلتها، وبمناخ جاف شبه صحرواي، أثر على الغطاء النباتي، الذي جاء رعوياً، قصير العمر.
إننا نحتاج في قراءة النصوص النقوشية مثل سواها من الموروثات الكتابية إلى فهمين: بيئة النص وطبيعته من جهة، وهويته الزمنية والمكانية من جهة أخرى. وتعوزنا في تحليلها إلى أدوات غير انتقائية أو احتشادية، تنتصر للفكرة التي تقفز إلى ذهن المنبري لها.
إن أغلب ما قام بة الباحثون في علم النقوش حتى يومنا هذا نظرات أولية، تقوم على الرصد والتوثيق والنقحرة والترجمة ودراسة المفردات معجميا، ونادرا ما قفزت تلك الدراسات فوق هذا نحو التحليل المعمق والتأويل الذي يصل إلى الحقيقة أو يحوم حولها أو حتى يُنَظِّر لها.
ولقد جاءت مدونات النقوش منذ البدايات في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وحتى هذه الساعة راصدة موثقة مترجمة مع تعريجات حييه على التناول المعجمي المفكك للمفردات.
ولسنا نقلل من شأن ما قام ويقوم به الباحثون في هذا الحقل؛ ولكنها مراوحة المكان، فما هي إلا قراءات وقراءات موافقة أو معدلة أو نافية، فالجهود المبذولة تهوم في دائرة مغلقة، طوباوي أن تفكر خارج إطارها، في فتات قد يسهم في التنظير لعلم جديد يفتح آفاقا أرحب في دراسة المجتمعات العربية الشمالية من خلال نصوصهم، فالشعر الجاهلي، مثلا، ظل أسير المعنى المسطح والقاموسي للمفردات، إلى أن تجرأ مبدعون على الترميز والتأويل وإعادة الطرح في قراءات جديدة لكل ما كتب بدءا من مصادر التراث الأولية. إن ما لدينا من نقوش يفوق كثيرا ما لدينا من الشعر الجاهلي، ولكن النصوص النقوشية قصيرة ونمطية، ويبخل النقش كثيرا بالمعلومات، وأخال أن تناول النقوش في صورتها الأولية مقبول وضروري لمنحه شرعية التحليل مع مدونة النقوش بصورة شمولية وفق بناء تكاملي وعلى نحو سردي.
ونمضي في التساؤل: هل في النقوش العربية الشمالية وحدات كبرى دالة على الخطاب؟ سواء في النقش منفرداً، أو في مجموعات النقوش! وإن لم ينسحب هذا على النصوص، فهل في الرموز والرسومات المصاحبة ما يحوم حول ذلك، مُشكِّلّةً دلالات أولية تضيء المسلك نحو ذلك الخطاب؟
لقد انسابت كثير من القبائل العربية وفق حركية دائمة التدفق والتجدد، بيد أنها هنا في حالة تجدد غير محمود، وفق منطوق التسطيح الأفقي للأشياء، إذ ذهب ذلك بالمجتمع العربي القديم إلى حركة فيزيائية حتمية، لم تلتفت إلى مسألة الارتقاء الحركي الرأسي المتزامن مع الامتداد الأفقي، فلم يخرج المجتمع قرونا من جدلية الاستقواء، والاستقواء المضاد والثأر، والثأر المضاد.
وينبغي لنا تفهم بقاء ذلك المجتمع رهين القلق في الفضاء المكاني الممتد المفتوح، المتحرك وفق متطلبات الظروف البيئية، حيث السعي إلى توفير مصدر الرزق الكامن في مستلزمات التكوين الكوني الأساسية من ماء وكلأ، والمشوب دائما بهاجس الهلاك الكامن في مغامرة البحث الدائم، أو الخطر البشري الداهم من الآخر، الذي يسكنه نفس الهاجس وتتحكم به ذات الحاجة.
نجزم أن النقوش العربية الشمالية تحمل دلالات شكلية ظاهرة، تشكل قوام النقش، تقوم على ما اتفقت عليه جمهرة الباحثين في علم النقوش، ولكن المشكلة في توقف الباحثين عند هذا المدى، دون تجشم عناء البحث في مدلولات المضامين وفلسفتها، بما يمنحها حيوية المقاربة مع المجتمع العربي في حواضره وبواديه، ونظم جملة المقومات المجتمعية بالمعاينة الحثيثة للنصوص، ومقابلتها فكريا واجتماعيا مع مقابِلاتها من المجتمعات العربية وقتئذ.
وفي إطار النسق الزمني لا نجزم أن نقوش العرب القدماء قد وثقت الزمن على نحوه الخطي، فلا بدّ من رصد تحركاته، واستكشاف كيفية وآلية تطويع أصحاب النقوش له.
يعتبر الزمن عنصرا أساسيا في وحدة النقش، وإن غاب في كثير منها، غير أنه لا يقع، تارة، في صلب الحدث، بل يوثق زمانه فحسب. وفي مقابل هذا نجد أن نسيج الزمن، في غير موضع، أساس البناء الرئيس في وحدات النقش.
تحفل النقوش العربية الشمالية التي تعرض للزمن بخصوصية زمن صاحب النقش؛ مثل: "سنة مر بهذا الوادي" أو "سنة رعى الإبل"، أو بخصوصية الزمن البيئي أو المحلي، مثل: سنة حرب عويذ مع آل جشم"، وفي مرات أقل ذكر الزمن في سياقه التاريخي، ومثاله: “ لجل بن غنث، وهرب من الروم، فيا اللات السلامة، سنه 3”، أو “ ...سنة قدوم الفرس إلى بصرى”. وينبغي على الدارس الالتفات لهذه المقاربات الزمنية محركاً وقتياً للحدث في بيئاته المختلفة، وإن كان الزمن الذي يضعه صاحب النقش في نصه محررا إلى حد معقول من عنصر اللحظة بعض المرات، فهو علامة فارقة لا أكثر، لا تسعف الباحث في تحديد الزمن التاريخي للنقش، ولعله معلومة تتجه في مدلولها نحو اللفظة ولا تتعداها إلى سواها، مثل: "سنة قيظ في هذا الوادي"، فأي خيط تاريخي نبتغي؟ فهذه الجملة في نظر الباحث تدخل في سياق تعداد فصول السنة، وفي رسم البيئة التضاريسية للمكان الذي حل به صاحب النقش صيفاً.
لا توثق النقوش العربية الشمالية لزمن قادم في سياق ذكر الوقت أو التاريخ أو الحدث، ولكنها تلمسه في سياق اللعنات أو الرحمات التي تعقب التضرع للآلهة، فتحل المضارعة المستقبلية مكان الفعل الماضي، "فيا اللات الموت لمن يخرب هذا النقش".
وتدخل مدة الحدث التي يوثق النقش حيز البيئة الزمنية أيضا، " ورعى الضأن سبع سنين لمغير"، فعلاوة على كون الجملة خطاب زمني، فإنها تعالج قضايا اجتماعية واقتصادية وحياتية، ينبغي التصدي لها في سياقي الخبر والتحليل.
إنّ السنة والعام في النقوش مبتدأ ومنتهى، يتعاطاها العربي بإيقاع زمني تراتبي: “لسعد... . وحزن على صاعد عاما بعد عام”، و “ لعنزة بن جاد.. وعاد من وقت إلى آخر عدة أعوام” و “لأوس بن قصية هذا المسكن عاما بعد عام”، و“ ... وكان عليلا سنة بعد سنة، فيا رضا الراحة من السقم”.
وكأنما يطوي العربي، صاحب النقش، الزمن سريعاً ليؤكد على أهمية الحدث دون سواه، فالحزن على صاعد، وملكية أوس للمسكن، والعلة، وتكرار المعاودة هي مركز الحدث استعلاء على الفضاء الزمني.
إنّ طبيعة النقوش العربية الشمالية القصيرة والمقتضبة تختزل جزءا من زمن الحدث، “ ... وجلس سنة القتال مع اليهود” و “...سنة مرور الأنباط بهذا الوادي”، فإي سنة تلك التي حدث فيها قتال اليهود؟ أو تلك التي مر بها الأنباط بالوادي؟.. لم يمارس صاحب النقش الحذف زهدا في المعلومة، ولكنه لا يروي تاريخا ولا يرمي بثه أحدا سواه ومحيطه الاجتماعي الذي يعي الحدث وعيا تاما. هذه السَقَطات مَعيب النقوش، فالزمن غير المصرح به أو المعتم يذهب بالباحث إلى التخمين والاستنتاج أو التخطي، وهو أمر دفع بعض المعنيين بدرس النقوش أن يحلف برأس أبيه، تجنياً، بأن ما يعنيه النقاش هو هذا الحدث أو ذاك، فيغدو الزمن ما أراد، لا ما أراده صاحب النقش في قرونه التي خلت تلك!
إن الزمن في النقوش العربية الشمالية زمن خاص، هويته الشخص أو القبيلة أو المضارب، وعلينا تعاطيه وفق هذا المنحى، فهو في غالب الأمر مبهم، فنحن نستشعر الزمن الوارد في النقش من خلال تلك المسندات المجهولة أو المهمشة في تضاعيف التاريخ.
وفي منحى أنسنة النصوص والبيئة تعكس عشرات الآلاف من النصوص التي تحتضن البادية العلاقة بين الإنسان والمكان, وبين الإنسان والإنسان، تلك هي المسألة التي تسردها الحجارة والنقوش, فقصة الخلق تلك, والأرض التي تماهت دماً في شرايين فارسها العربي, وقد كانت شغله الشاغل، ومعشوقته التي طرزها قلائد شعر له, وقدّمها أنثاه الجميلة فصارت ندىً لأرض الحماد, ونبراساً للحَرّات وحِسمى, وهي العصية الجسورة بخيلها وفوارسها، والسهم الذي شقّ عباب الغيم, لحظة لامست جفنيه ريح الصّبا، فصارت حجارتها ونقوشها مستودع سرّها وسيرتها, وضمير أمتها.
وعلى امتداد مساحات هذه البوادي، نتصفح إرثها الحضاري الواسع, ونستشعر عصورها المتعاقبة, باستقراء حثيث لجغرافيتها ومجموع العلائق المتشابكة, من رعي, وتجارة, وزراعة, ووجدان فياض, وشموخٍ بقدسية ذراتها, وهي ترنو إلى الآفاق والحقب البعيدة كأنها تسعى لفك رموز الخلق والتكوين أو كأنما بدت نادمة على رفض الأمانة وخجلى من النظر إلا للبعيد البعيد.
إن نقوش البادية، بكل مفرداتها المكتنزة بذاكرة البرد والخوف، والسكن والطمأنينة، والضعف والاستقواء، وبذاكرة الفرح والحزن، ظلت رغم القرون خالدة بسنا ابتهالاتها ووجد أحاديثها الغابرة، حاضرة فينا نسترق السمع من كل الدهور الغابرة.. تعلو أنشودة ما ضاعت قوافيها، فانطلق الخيال في بيدائها أنغاماً وحدواً ونجوى قيس العذارى.
لم تكن البوادي العربية مفقودة في سفر التاريخ، بل مخبأة في تضاعيف الروح، ألمَّ بها العشاق، دالوا بها مجرى الدم في العروق، ورنوا إلى مجدها، فكانت بواكير أشعارهم وأثافي حروفهم. وها هي أسفار أهلها تفترش الأرض، تنشد أهزوجة التاريخ خالدة، وسامية في سماء البوادي، عذبة في رقراقها، ثملة تسكب راحها في الروح، بادية العرب لا شتات حمى ولا نبو سيوف، بل خيل جامحة في الصدور، طاب فيها اللقاء وطابت المنازل.
وهكذا فقد كشفت النقوش العربية الشمالية, تاريخاً طويلاً لحركة دائبة في المنطقة, ووشت بالكثير الكثير من أسرارها لاستكناه مكوناتها الثرة والطافحة بمجد العصور الممتدة إلى ما قبل القرن الثاني قبل الميلاد, مما يحتاج إلى بحث مستفيض، ووقوفٍ طويل لإحصاء ومحاكمة هذا الكم الهائل من النقوش والنصوص والأثر، وبما تختزله حجارتها من عوالم ظلت صفحة مطوية آلاف السنين لأجيالها الحاضرة, ولتلك التي لم تأت بعد, بتناغم مذهل لاتجاهاتها، مشكّلة فيما بعد أعظم أسطورة بنتها تلك الأكف السمراء والأجساد النحيلة، والكثير من الجوع والعطش.
إن الباحث عندما يدخل إلى مناطق الحمّاد والحرّات يضل مسكوناً بهاجس الاستكشاف وروح الفضول, والحقيقة بهذا الجانب هي البادية كحاضنٍ ورؤى باستكشاف ذاته، دون تآمر مسبق بين حميمية تلك الرجوم المترامية على المسافات، وقد ظنها الباحث قليلاً، ولكنها علامات طريق يجد فيها ضالته، وهي المحروسة بالشمس والمسيجة بكل تلك المفازات، فحين تقع عيناه على نص فوقها، لم يقرأه أحدٌ بعد كاتبة إلا هو, تولد ذروة انتشاء الكشف للتواصل الوجداني بين الحاضر والغائب: وبين الباحث والحجر.
تستفزنا الأمكنة، وينثال عبق الماضي بكل رموزه ومتونه، مسكوناً بألمعية تعيد الروح بالمرسلات، فكلما أعملت فيها معول البحث أتقدت في الحنايا لهفة استكناهها وفك رموزها، فَتَصّعَدُ النفس رفعة وتشرفا، حاضرة في الزمان، تسكن الصدور نوراً، تتدارك ظلمة الأحقاب، وطلسم أسرار المفاوز. ويخال لي أن مسألة البحث في المدلولات، التي تشير إليها حركية الأفعال، في عشرات الآلاف من نقوش البادية الأردنية، وفهم السلوك الثقافي والاجتماعي الكامن في معانيها، وبلوغ المدرك، في اتساع أفق مجتمع البادية، قبول هذا السلوك، هو جوهر استنطاق مكنونات النقوش، وتلمس التوافق النصي المسكون في لغة النقش؛ من حيث تكاملية الحالة الاجتماعية والثقافية، وهو بذل المستطاع في نقحرة رمزية النقوش، واستقرائها، وفتح نافذة لرؤية عالم كاتبيها على وجه قريب.
08-أيار-2021
08-كانون الثاني-2015 | |
20-شباط-2008 | |
21-كانون الثاني-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |