العلمانية ، خطاب في الهيمنة / إحسان داغي ـ ترجمة :
خاص ألف
2010-07-30
نحن نسأل أفراد الشعب : هل إن العلمانية في خطر ؟.
لقد صورت بعض الجهات : أنصار العلمانية " الذين تظاهروا في أنقرة و إسطنبول على نحو خاطئ ، و كألهم يعكسون حقائق الصراع المؤسساتي بين " التأسلم و العلمالنية ". و الواقع أنهم جزء و غلاف للصراع الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي ، و هذا أمر مشروع في جو ديمقراطي يسود بين مختلف المحاور الاجتماعية.
و لفترة طويلة ، استعملت العلمانية كأداة خطابية بين " النخبة الجمهورية " ، و ذلك لاستبعاد المحيط المحافظ من منافع المركز الاقتصادي و السياسي. إن المركز الكمالي / العلماني لم يكن يريد تقاسم السلطة و المنافع مع غيره ، و إن الإبقاء عليهم يبدو أصعب داخل إطار عملياتي يتبنى الديمقراطية السياسية. و لذلك إنه من خلال جهوده لسد الطريق على توسيع قوى المحيط ( قوى الأطراف ) ، قد شكل المركز الكمالي / العلماني تحالفا مع القضاء و الجيش. و لنلاحظ أن هذين المركزين للقوى هما من بين أعتى المناوئين لانضمام تركيا لمسيرة الانتساب إلى الاتحاد الأوروبي. و لنخمن لماذا ؟. إن عملية الدخول في أوروبا الموحدة تحرر المحيط من سيطرة المركز الذي تتألف جماعاته من كماليين / علمانيين.
و لنلاحظ مجددا ، إن المتظاهرين في أنقرة و إسطنبول و هم " أنصار العلمنة " كانوا يحتجون في نفس الوقت ضد الاتحاد الأوروبي.
هذه المظاهرات لن تقودنا بالضرورة للسقوط في فخ محسوس مضمونه الخطر الذي يهدد العلمانية. و عوضا عن ذلك يجب أن ننقب في نظام ذهن و صفات هذه الحشود من الناحيتين الاجتماع – اقتصادية. و في الواقع بحوزتنا معطيات مادية سوف تساعدنا على التشخيص : هل هناك خطر داهم يهدد العلمانية في تركيا.
في شهر تشرين الثاني السابق ( 2006 ) نشر مركز الدراسات في إسطنبول TESEV ( 1 ) تقريرا عنوانه " الدين و المجتمع و السياسة في تركيا التي تعصف بها المتغيرات ". و كان التقرير ، الذي وضعه أكاديميان يتمتعان بالأهلية في هذا المضمار ، و هما الأستاذ علي كارغولو و بنياظ طبرق ، اعتمد على استفتاء شمل الأطياف التركية كلها.
وجه الباحثان بالاستفتاء سؤالا مباشرا : هل العلمانية مهددة بالمخاطر في تركيا ؟. 22 بالمائة من الإجابات قالت نعم ، 73 بالمائة قالت لا ، كانت تلك الحقيقة الإمبريقية حاسمة. لقد وافق خمس المجتمع على الرأي الذي يقترحه الجيش و حزب الشعب الجمهوري ( CHP ) ( 2 ) و الذي مفاده أن تركيا تواجه خطرا إسلاميا يهدد النظام العلماني ، و نحن لن نوافق على أن تكون ديمقراطيتنا مهددة بالهيمنة العسكرية فقط وفق رغبات 20 بالمائة من سكان تركيا.
و هناك نقاط أخرى في استفتاء TESEV تتعلق بمواصفات هذا الخمس من المجتمع التركي و الذي يشعر أنه تحت أخطار الإسلاميين ، و ذلك بتحليل الإجابات وفق معايير مختلفة. إن 11.5 بالمائة من السكان الذين لهم دخل يتراوح بين 450 – 1000 ليرة تركية ، يعتقدون أن العلمانية مهددة بالمخاطر. و لكن هذا الرقم يرتفع إلى 35.5 بالمائة بين أفراد يربحون أكثر من 1000 ليرة تركية في الشهر ، و هو ضعف المعدل الوطني تقريبا.
و بتحليل المعطيات بالاحتكام للملكية الخاصة : 17 بالمائة من أصحاب الأملاك الصغيرة ، و 22 بالمائة من أصحاب الأملاك المتوسطة يعتقدون أن العلمانية مهددة. و بالنسبة لأصحاب الأملاك الكبيرة ، يرتفع الإحساس بالخطر الذي يحاصر العلمانية إلى 35 بالمائة.
و بالنسبة للمستويات الثقافية إن 11 بالمائة تقريبا من الأميين أو ضعيفي الثقافة ، و 17.5 بالمائة من حملة الشهادة الابتدائية و 29 بالمائة من حملة الشهادة الثانوية يشيرون إلى العلمانية كموضوع مهدد بالمخاطر. و إن الإحساس بالخطر يرتفع إلى 43.6 بالمائة بين الحاصلين على تعليم جامعي ( و هو ضعف المعدل العام في تركيا ).
إن تلك الأرقام تشير إلى أن المسألة لا تتعلق بالعلمانية و لكن بالقلق المتصاعد بين أفراد الطبقات العليا من حراك و فاعلية المحيط المحافظ / الأناضولي. و لتقرير TESEV تفاصيل أخرى تتعلق بالهوية العنصرية : إن 34 بالمائة من العلويين مقابل 22 بالمائة للمعدل التركي ، يعتقدون أن العلمانية في خطر.
لقد رحبت بعض الجهات " العلمانية " بالمظاهرات الأخيرة ، بنفس الحيوية التي رحبت بصعود المرأة التركية و التي تشعر بالخطر من " التأسلم ". و كما ورد في التقرير تعتبر 20 بالمائة من نساء تركيا أن العلمانية مهددة ، و هذا أدنى من المعدل العام. و يمكن أن تكون عبارة " نساء تركيا تكافح ضد الأصولية " عنوانا مهما في وسائط الإعلام الدولية ، و لكن هذا لا يعكس الحقيقة.
و يتوجب على الحكومة التركية و أفراد المجتمع أن يبذلوا ما بوسعهم لتصعيد هذه المخاوف الحقيقية لدى العلمانيين ، و التي تشير إلى أن الجمهورية في خطر محدق. و لكن على العلمانيين أن يستوعبوا أنهم بمقدار عدم رغبتهم بالخضوع لتعليمات من الإسلاميين عن نهجهم في الحياة ، عليهم بالمثل أن لا يملوا أسلوب حياتهم على الآخرين . و سوف نواصل المعاناة من هذه المشاكل إلى أن يتعلم الكماليون أسلوب التصرف مع المكونات العرقية و الدينية و الإيديولوجية في نطاق الممارسة الديمقراطية.
المصدر :
Secularism : A Hegemony Discourse. By : Ihsan Dagi. In : Turkey Between Democracy And Militarism. Orion Press. Ankara. 2008 . p.p. 85 – 87 .
هوامش :
1 – هي المؤسسة التركية للدراسات الاقتصادية و الاجتماعية Turkish Economic and Social Studies Foundation. و مقرها إسطنبول.
2 – حزب الشعب الجمهوري : و هو صوت خط أتاتورك الكمالي.
إحسان داغي : أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الشرق الأوسط للتكنولوجيا في تركيا. له عدد من المؤلفات عن الإسلام السياسي و الديمقراطية في تركيا. يعمل الآن أيضا عضوا في هيئة تحرير مجلة " رؤى تركية " و التي تغطي موضوعات السياسة المحلية و الدولية لتركيا.
الترجمة : تموز 2010
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |