وفاء شيب الدين شاعرة أبعدها الموت عن كتابة الشعر
خاص ألف
2010-08-13
وفاء شيب الدين شاعرة أبعدها الموت عن كتابة الشعر فتحولت كلماتها إلى نجوم متناثرة
تنفجر نصوص الشاعرة وفاء شيب الدين ( توفيت 1997 ) بالصور الكثة السريعة التي لا تأنس على منحى بازغ أو خاتمة حقيقية ظاهرة , كتابتها ( نصوص متفرقة في موقع ألف الالكتروني ) محاولة متشعبة لقبض الصورة أبعادا إيحائية تتطلب أحيانا العبث على اللغة و تشتيتها بطريقة أخرى تقترب من جمالية ( المفردة ) المرتجعة المستعادة كإثبات على المعنى و ليس كمنبه له أو تقّلده ما لا يحتمل , لهذا تنفجر الكلمات و تتدحرج لتمنح مدى أوسع للمعنى في أن يتكشف و يستظهر عارياً و يستكمل جماليته أو فكره ( لكثرة الحب سَوًّاني الريح غبار طلع وانتشرتُ ) و ربما ليس مرغوباً من المعنى أن يكون مراما لنص طقسه صور في صور , و خواءه مفردات و مفردات , بل على المعنى أن يتشعب و ينتفخ بالإحالات و التأويلات و تصبح اللغة هنا مجرد شاهد برهان مراقب أو منّظم الإشارات الذي يغويه الأصوات و الدال و المدلول , و ربما مأمورية اللغة تكمن في ترتيب الخاتمة و تصفيتها و استكمال مهام المدلولات الحسية الغامضة , و تمريرها دون التدخل في سياقاتها و مسارها الشعري :
الشِّعر إذاً..
هو أنتَ
محاولة لإحضاركَ بشمس
وبضع غيمات وصمت .
على الرغم من تقلبات وتبدلات نصوص شيب الدين في كيفية تمرير الصورة والأفكار إلا أن دائماً ما يجده القارئ من متعة شعرية على أطراف و طيات تلك الصور , راكضاً بين تضاريسها و صحراءها كي يجد ضالته في تلك المشاهدة الصادقة و يصبح جزءا منها , مشاركاً في صنع غرابتها و غنائيتها المتألمة و المتأملة (قلبي دائماً على النّوافذ في الغرفة
الباص القاعة الحمّام لا أحد يدري متى يقفز، ويختفي..) شعرية وفاء أينما سرنا فيها أو توقفنا برهة للرجوع أو الخوض من جديد في قرائتها الصارمة الواعية التي تشبه أجراس الخطيئة (يداكَ تذكرني بأن أصابعي صغيرة ) فأنها تجعلك تصالح نفسك و ذاتك و تبرم صداقات مع الأشياء المحيطة بك و تعيد علاقاتك مع الحياة و الموت و تنظر إليهما من جديد نظرة الإنسان و هو يودع الحياة و يستقبل الموت في مشهد تراجيدي يشبه الوقوع في العدم .
وفاء شيب الدين قبل أن تكمل مسيرتها الشعرية المتميزة خطفها الموت من الشعر ومن أهلها وعائلتها و بقيت كلماتها نجوم تتناثر دون أن يلمها احد , نجوم راكضة في ظلام لا يتوقف عن الألم .
مقاطع من أشعارها :
نصوص متناثرة
1
لحضوركِ... أصوات الصّبح
تذري في الهواء ثلجكِ
ويستريح...
هذا الطفل الهمجيّ فوق ركبتيكِ
يلهو بآخر الحليب
يستعدّ لاستقبال الرّماديّ
في أوّل الكون
2
لغيابكِ... حريق اللّوز
حالة الأحمر في الجمر تباغته الرّيح...
ويختفي
لكِ أن تعيدي ثقب السماء
ثمّة قمر آخر
يكرّر ضوءه في الانتهاء
مذ قالوا: ماتت النّار
وكانت روحكِ تشتعل...
البنّيّ يعلم أنّ المطر آخر الفصول
وأنّ أوّل الطيران...عِشرة الشجر
تدخلين في الجدار
ويحنّ في الزوايا...
3
لنزقكِ... الذئاب والأخضر في صوتكِ
أصابع الفضاء
تفكّ أزرار السّخونة عن الأصفر
يكاد اللّيلك يموت اختناقاً
واتساعاً...
بلّلي
بلّلي سنين الميلاد وما قبلها
ذاك الأبيض يستعيد عشتار فيكِ
4
لموتكِ...
لموتكِ رقصة الأزرق
اغتسال قدميكِ في المحيط
حرّكي الماء...وابتعدي
5
هل حاولتم يوماً التقاط نيسان عن بعد؟
أو بضع مقولات وثنية لجدار عتيق؟
أو المشي فوق خشخشة أيلول؟
وقفة يتيمة بين زحمة الذكريات؟
وأعواد الحطب الملتهبة في موقد كانوني؟
إذاً...
تجمعوا فيّ كاخضرار توق البلح
للعشب تحت أقدامكم طبيعة الغجر
ارقصوا حتى زوربا
أوليس الفطر ما تنثره الليالي الماطرة من قُبَل؟!!!
5/12/1995
6
أعجوبة الصنوبر
أنه لا يملّ الخضرة
عالياً في شروده
يقبض الحسرة، يطارد صباحاتنا أي ارقصي
يلحّ على أعناقنا الانحناء لفوق
يحني همجية أيدينا
ويعفينا من البرد الجاهز في معاطفنا
نحشره في مواقدنا
بينما يحشرنا في شفافية ناره
ويحرقنا...!!
26/9/1996
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف
08-أيار-2021
16-كانون الثاني-2021 | |
09-كانون الثاني-2021 | |
27-أيار-2020 | |
02-أيار-2020 | |
30-تشرين الثاني-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |