الهروب إلى جنة ضائعة
خاص ألف
2010-09-08
الدنيا تزحفُ نَحْوَ ميلادِ فجرٍ، والهواءُ في غزةَ لم يتخلصِ من صَهَدِ شمسِ النهارِ بعد، وجلدي ينضحُ عرقاً يغزوني بروائحَ تفسخُ ما قبلَ نفاذِ العافيةِ .. فجأةً لاحَتْ تباشيرُ شتاءٍ مع روائحَ امرأةٍ، تأتيني من طرفِ الدنيا .. لِذْتُ بها:
- كيف وقتُكِ يا امرأة ؟ .. أني أحترقُ !!
ربما رشقتني قبلة ماتت كالعادةِ في الطريقِ .. ضحكت:
- وقتي يشهدُ الغروبَ، والريحُ تجلدني بزمهرير يقشرني ينزعُ عني وجهي !!
تمطّى بيننا صمتٌ لحوحٌ .. قطعته:
- هل هو موتُ المنافي يا امرأة !!
- كفاني ما عشتهُ من موتٍ .. لنبحثَ عن طقسٍ جديدٍ
- وكيف نخرجُ من عباءةِ الوقتِ الى طقسٍ جديدٍ ؟
- بالجنون ..
وتواطأنا, قذفنا من عمرينا ثلاثةَ عقودٍ، فرجعتُ حصاناً عفياً،وعادت هي ظبيةً تضجُ بالرغباتِ، جلدها مرايا مطبوعٌ عليها وجهي، ووجهُ رجلٍ يحدقُ فيَّ مخصيّ النظرات ..
- من هذا ؟!
- لا عليكَ هذه بقاياه .. انطلق بي ندخلُ السباقَ ..
طرتُ بها إلى وقتٍ محايدٍ وهبطنا في مرجِ الشهواتِ، وتعرينا في عُبِ شجرةِ التوتِ .. لَهَثَتْ على صدري:
- خذني ..
وعبرت بها لجة الوقتِ .. مررنا بشابٍ عبوسٍ يحصي علينا اللهاثَ .. فراحت
ترقصُ من حولي بدلالِ أميرةٍ .. هَتَفَتْ :
- فَتِّش عنكَ على مرايا جلدي
يا إلهي لم يعدِ لوجهِ الرجلِ من أثرٍ، انطبعَ مكانَهُ صورةُ امرأةٍ عَلُقَتْ على شفتيها ابتسامةٌ ذاهلةٌ .. ارتجَّتِ الدنيا بي ومادت ،فرشقتني الأميرةُ الراقصةُ بين عيني سهمَ وجدٍ .. سألت :
- من هذه؟
- من علمتني كيف تكون المرأةُ هي ينبوعَ الحياةِ
- وأين هي الآن ؟
- تسكنُ في برزخِ الصمتِ المحايدِ بعد أن ضاعَ منها وعاءُ الذاكرةِ ..
- وأنتَ
- أعيشُ على بقايا ذاكرة ...
- هل أكون ذاكرتك كما كانت هي ؟!
- ولكني لن أكون كما كان هو ...
- لن تكون هو،ولن تضيعَ مني في خمائلِ النساءِ
ومارسنا طقسَ تبادلِ الأدوارِ هرباً من شواءِ صيفِ غزةَ حيثُ أنا وزمهريرُ الشتاءِ حيث ُهي هناك .. وصرنا كلما صحونا ندخل غفوةَ الهروبِ، نبحثُ عنا في جنةٍ ضائعة ..
×××××××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف
08-أيار-2021
14-نيسان-2018 | |
30-تموز-2015 | |
13-تشرين الأول-2012 | |
16-أيلول-2012 | |
18-نيسان-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |