يسرفون في عشق الحبيبات
خاص ألف
2010-11-06
كلما التقيت بصديقاتي مهما اختلفت أعمارهن,أشكالهن أو أوضاعهن يتكلمن عن الخيانة,خيانة الرجل للمرأة، وخصوصاً الخيانة الزوجية. كل واحدة منهن تلقي اللوم على زوجها، شريك حياتها، حب عمرها، سند عائلتها. الرجل الذي قاتل الأهل و الأقارب والعالم ليحصل عليها، لأنه لا يقدر أن يعيش بدونها، لتكون حبيبته إلى الأبد، ولتكون هي حصراً دون كل النساء أم أولاده الذين سيحبهم أكثر من نفسه، والذين سيفخر بهم حتى لو كانوا ممن يحملون دواليب الهواء طوال حياتهم.
تبكي المرأة من حرقة الألم، وتكاد تموت حزناً و حسرة على حبيبها الذي صار يصب كل ما يملك في أحضان امرأة أخرى. هذا الرجل ناضل ليؤمن بيتاً دافئاً يجمعه بحبيبته لا ليتشاركا الجسد فقط، إنما الأحلام، الأماني، الهموم، الأحزان، الأفراح، النجاحات، الانكسارات الأفكار، المشاريع مهما كبرت أو صغرت، ليتشاركا كل ذلك. ولم أذكر المال,لأن الزوج الحبيب ليس بالضرورة يكون صاحب أموال. فجأة يتغير سلوك الزوج، وفجأة هنا ليس لها علاقة بالزمن أو فترة الزواج إطلاقاَ، وهذا التغير مهما كان بسيطاً و تافهاً، ومهما حاول الزوج إخفاءه تكتشفه الزوجة لأنها أدرى بتفاصيل زوجها الكبيرة و الصغيرة و سلوكياته الدقيقة مهما حاول التمويه أو التزوير.
وتظل الزوجة تقنع نفسها بعكس ما تلمس و تحس حتى تبدأ الإشارات الخارجية بالدخول إلى عالمها الواقعي، يراه أصدقاء أو جيران لهما مع امرأة في مطعم بعيد نوعاً ما، ويضبطه آخرون في سيارته في وضع مريب، أو ممسكاً بيد امرأة في مكان معزول، هذا جزء يسير مما قد يصل الزوجة حفاظاَ على مشاعرها و كرامتها.إضافة إلى ذلك الهاتف الذي تزيد عدد رناته ليكون المتصل إما رقماً خاطئاً، أو أحدأً يستفسرع ن معلومة سريعة، وهذا طبعاً يكون لتأكيد الموعد أو إلغائه أو تأجيله. أما الآن، والشكر الكبير للتقنيات الحديثة، الموبايل، الإنترنت..الإيميلات و الماسنجر، صارت العشيقة تأخذ راحتها، تتكلم بكل حرية، تبعث رسائل الحب و العشق متى شاءت وأنى كانت لتلهب عواطف الحبيب دون حرج، وكثيراً ما تدخله إليها عبر كامرتها الى أي مكان هي فيه. يتلقى هذا الزوج العاشق من حبيبته الجديدة كل ذلك بحب و فرح و وله. تتغير حياته، يصبح طيراً بألف جناح. وتسأل الزوجة وهي الحبيبة الأولى: لماذا صار هناك أخرى أو أخريات؟ وكيف دخلت تلك المرأة؟ لماذا؟ أين و متى؟ وتظل تلوم نفسها لأنها ربما قد قصّرت في حبه و واجباتها نحوه. كثير من الزوجات طلبن الطلاق، و كثير من العائلات تفككت و تشرد الأولاد. وفي بعض الحالات يتوب بعض الأزواج العاشقين و يرجعون إلى الطريق المستقيم، طبعاً إذا اعتبرنا ما حصل اعوجاجاً، يعودون لممارسة حياتهم ولكن بعد أن تكون العلاقة قد فقدت أهم عنصر في تأسيس هذه الشراكة الجميلة ـالثقةـ لتصبح حياتهما عرضة للسقوط و الانهيار في أي لحظة.
دائماَ تسأل الزوجة: كيف دخلت تلك المرأة؟ إنها تدخل من أي ثقب في باب أو نافذة، لا يهم. والرجل كما ثبت من تجارب كثيرة، لا يطرق باب امرأة إذا لم تترك له منفذاً ما، أو تعطه مؤشرأ ايجابياً، والنساء خبيرات في رمي شباكهن أمام الرجل أو حوله،ضحكة ملفتة تخصه بها في جلسة، نظرة له بطرف عينها. لمسة ليد الفريسة، تخطط لها بخبث لتظهركما لو أنها غير متعمدة، حديث تخصه أكثر من غيره طوال سهرة ما، أما إذا كانت من المدخنات فقد تكون طريقة نفثها للدخان إحدى الطعم، كل هذه الأشياء هي دعوة كريمة و مفتوحة للرجل لتقول له : أنا جاهزة. والرجل وحسب ما يقال و يشاع عنه جاهز لتلقي مثل هذه الإشارات ليثبت كينونته الذكورية وأنه مازال مرغوباً ومعشوقاً ليس فقط من قبل زوجته بل من نساء أخريات.أحياناً يكون الرجل هو الذي رمى شباكه أولاً، ولكن يبقى الأمر في يد المرأة، إما ان تستجيب له فيحصل فعل الخيانة، أو تتجاهله و تسد الباب بوجهه.
يواعد الرجل هذه المرأة الجديدة، ويصبح عالمه أكثر جمالاً و اخضراراً ورومانسية، وتصبح العشيقة نبع الحياة الذي ينهل منه و لا يستطيع العيش بدونه. أؤكد مرة أخرى أننا نتحدث هنا عن خيانة الرجل لزوجته. حين يذهب الرجل لملاقاة عشيقته يكون مهيئاً مسبقاً لأنه يعلم تماماً متى سيلتقي بها و أين. يكون بكامل عدته، بكامل نظافته و استعداده العاطفي و الجنسي و قد يكون الفكري أيضاً. و هي بدورها مهيأة أكثر منه بعشرات المرات. الرجل لا يرى العشيقة إلا في حالة واحدة ـالجاهزيةـ لتتلقاه بكل ثقله العاطفي والجنسي وحتى الفكري أو الثقافي إذا كان العاشقان من ذاك النوع.
يلقي الرجل كل ما لديه في حضن العشيقة من حب وتذمر وشكوى من حياته وربما من زوجته و أولاده ,همومه و مشاكله على اختلافها. وهي تستوعب كل ذلك، فهي الإناء المزخرف الذي يلقي به ما يشاء دون إذن و إشارات أو مقدمات، لأن هذا الإناء في كامل الاستعداد و الجاهزية وقت اللقاء.
الرجل لا يرى الحبيبة في المطبخ و هي تحفر الكوسا و تقطع البصل، و لا يراها كيف تنظف أسنانها، أو كيف تعامل زوجها و أولادها إذا كانت متزوجة مثلاً. لايرى حزمة بقدونس أو بصل أو جرجير في حضنها لتحضير صحن سلطة. و لا يرى أصابعها تعصر الممسحة أو تمسك بالمكنسة. لا يرى شعرها منكوشاً في الصباح، و لا بثياب البيت المتسخة. هو لا يسمع صراخها ملعلعاً لتلبية حاجة ملحّة لها.
إنه لا يعرف كم عدد عمليات التجميل التي أجرتها من شد وحقن بوتكس، وما هي كمية المواد المالئة التي حشت بها ثدييها العامرين، ولا كمية الدهون التي دخلت مؤخرتها، أو التي شفطت من فخذيها، هو جاهل تماماً عن كل هذا لأنه غير مرئي، وغير معروف, لأن العشيقة تكون جاهزة.
هناك ثلاث حالات : الأولى تكون فيها المرأة قد اعتادت الأمر وأصبح العشق عندها إما مرضاً،أو شيئاً عادياً كتغيير ملابسها كل فترة. الثانية لكسب ما يمكن كسبه من ذلك الرجل من مال أو هدايا، نرى المرأة تمثل عليه أساليب الحب وتمنحه كل ما يطلب ليجزل العطاء. والثالثة وهذه هي الأخطر، تلك التي تقنع الرجل بأنها ضحية الأهل والمجتمع الذين زوجوها رغماً عنها، وتقنع العاشق بأساليبها اللعوب أنها لم تعرف الحب والجنس الحقيقي ومعنى الحياة إلا على يديه و في حضنه الحنون. ينتخي العاشق و ينتشل الحبيبة من براثن المجتمع و الزوج المهمل الذي لم يعرف قيمتها و قيمة جسدها، وهي التي يتمناها رجال العالم، فيعمل كل جهده ليرفع من شأنها بكل ما يملك من قوى جنسية ومادية وعاطفية، تصير آلهة أو ملكة ينصبها على عرشه، وتصل حالة العشق عنده إلى أوجها حيث يتهيأ له أنه لا يتخيل أن يكمل حياته دونها. وكل هذا طبعاً ينقص من حق الزوجة في زوجها، فنراه يبخس زوجته حقوقها العاطفية والجنسية و المادية ليرضي عشيقته و جسدها.
العشيقة إن كانت متزوجة أو غير متزوجة، جميلة أو غير جميلة، كبيرة أو صغيرة السن، هي بالنسبة لعشيقها ملكة لأنها تلبي له ما يريد، إنها جاهزة، مستعدة لفعل اللقاء، اللقاء الذي يتضمن أشياء محدودة بعينها ليس إلا. فتظل صورتها متوطنة في ذاكرة الرجل العاشق أجمل وأمتع من أي صورة أخرى، ولأنها بكل العناق و الدلال تدله على حلول لمشاكله حتى لو كانت سخيفة وتافهة تراه ممتنناً و شاكراً، فيسكب في حضنها كل ما تريد و كل ما يقدر عليه ولا ينسى زوجته وأولاده بل ينسى العالم.
السؤال الذي يُطرح دائماً: لماذا يبقي الرجل على زوجته و لا يتركها حين يكون في حالة عشق كبيرة كما يتهيأ له أو كما يحصل؟
الجواب الجاهز دائماً عند الرجل: أنا لا أريد أن أخرب بيتي، أنا باقٍ على زوجتي و أولادي، إنهم أغلى ما في حياتي. وأنا أفعل مثلما يفعل كل الرجال.
ربما يكون جزء من الإجابة صحيحاً، و لكن إذا ترك الزوج بيته، إذا طلق زوجته وصار حراً من قيود البيت و الزواج تصبح حالة عشقه للحبيبة حلالاً، و شيئاً سهلاً و متوفراً له متى شاء، وهو لا يريد هذه الحالة شبه المكشوفة، هو يريد حالة الحب الأخرى، الممنوعة المخفية، المستحيلة، لأنها أجمل وأحلى و أمتع بكثير .
08-أيار-2021
24-نيسان-2021 | |
13-آذار-2021 | |
19-كانون الأول-2020 | |
07-تشرين الثاني-2020 | |
12-أيلول-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |