أقرّ معلم البشرية الأول أرسطو أن عقل المرأة أقل من عقل الرجل, ورغم كل النتائج العلمية الحديثة, نصر على أن المرأة مازالت " رجلاً ناقصاً " حسب الشيخ أرسطو!
يملك كل رجل يحمل لواء الوصاية على المرأة الحق كل الحق في كيانها أكثر مما تملكه هي من سيادة على هذا الكيان المنتهك بصور وأساليب شتى, الأب والأخ والزوج والابن والعم والخال والجد وقبل هذا كله الدين باعتباره الذكورية الأولى.
يحضرني هنا قول لزوجة فيثاغورث الفيلسوفة ثيانو- رغم تحفظي على بعض آرائها المتعلقة بالمرأة- : لأن تكوني فوق ظهر جوادٍ جامحٍ, خيرٌ لك من أن تكوني امرأة لا تفكر.
تكمن مشكلة المرأة الحقيقية - حسب ما أزعم- في عقلها هي, ذلك الذي صدّق وما زال أنه ناقص ولا يمكنه اللحاق بعقل الرجل, ولم يكن لها أمام الحشد والتحشيد الإعلامي الديني الاجتماعي الاقتصادي والسياسي إلا تصديق ما ارتأوه لها من حجم وكون وعقل.
ما أثار حفيظتي لتناول هذا الأمر اليوم هو ما أقرؤه بين حين وآخر عن ظلم أو عسف يلحق بالمرأة أمام عيون العالم, ويبقى الكون قادراً على استمرار الحياة بكل أشكالها.
في آخر ما قرأت أن ثمة فيلم فيديو على قناة اليوتيوب يصور مشهد جلد فتاة سودانية في مركز شرطة في الخرطوم قبل مدة وجيزة, أثار موجة استنكار من قبل السودانيين على الانترنت, وأجمع معظمهم على أن ما حدث يتجاوز العقوبة القانونية بكثير ويرقى للتعذيب البدني الشديد والإهانة البالغة.
هل تعلمون تحت أي شعار يتم ذلك ومنذ مئات السنين: الشريعة الإسلامية!!
ولأننا في السودان لابد أننا سنتذكر على الفور محاكمة الصحفية السودانية لبنى أحمد الحسين العام الماضي حين ألقت شرطة النظام العام القبض عليها في أحد المطاعم الراقية بالخرطوم وقدمت للمحاكمة بتهمة ارتداء الزى الفاضح, لأن العزيزة لبنى- هداها الله- كانت ترتدي بنطالاً فضفاضا لحظة القبض عليها. ومرة أخرى تنتهك حقوق المرأة باسم الشريعة الإسلامية!
في بلد ضخم كالسودان الذي يعتبر خزاناً حقيقياً لمختلف الأعراق والإثنيات تم تطبيق الشريعة الإسلامية لأول مرة في ظل نظام الديكتاتور السابق جعفر نميري عام 1983 ، ثم جاء انقلاب الجبهة القومية الإسلامية بقيادة (الشيخ) عمر البشير ليتم تحويل السودان إلى بلد إسلامي, ضارباً عرض الحائط بكل ألوان البلد.
في آخر تصريح سمعته عن البشير راعي الإسلام وشريعته, أنه إن تم انفصال الجنوب, فسوف يكون مرتاحاً تماماً إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الجزء الشمالي!! أي سخرية مرّة تتحكم بمقدرات بلد كالسودان أخرج للعالم طيبه الصالح وابن اخته المرشح لبوكر الرواية العربية أمير تاج السر وغيرهم كثر ممن لا نعرف!
أي سخرية تكمن في معادلة: لابأس.. ليضيع الوطن مقابل القدرة على تطبيق الشريعة؟!
في إيران الإسلامية أيضاً ما زالت صورة (سكينة) المتهمة بالزنا تتصدر نشرات الأخبار العالمية, وقيل إنها اعترفت بالذنب, لكن- وعلى حد علمي- لم أسمع عن ذلك الرجل الذي شاركها فراش الزنا, أم أن للرجل في الديار الإسلامية حصانة ضد عقوبة كهذه!؟
في أفغانستان الإسلامية جُدع أنف امرأة وأذناها لأنها هربت من بيت زوجها!!!!
في روايته الرائعة ( عدّاء الطائرة الورقية) قدم خالد حسيني صورة طبق الأصل عن واقع رجم زانية وزانٍ في ساحة ملعب أمام حشود الجمهور وذلك تطبيقاً للشريعة الإسلامية!!
في كل ذلك ما زالت المرأة تجيد وببراعة لعب دور الضحية, والشاة المساقة إلى الذبح كقربان على مذبح الشرائع السماوية!
لن تتحرر المرأة بفعلٍ خارج عن إرادتها هي, عن ذاتها وعن عقلها وإحساسها بوجودها ككينونة مستقلة غير ملحقة أو تابعة لكيان آخر, أي لن تتحرر ما لم تؤمن بأنها ليست ضلعاً قاصراً انتزع من آدم ليصنع منه الله دمية للرجل تؤنس وحدته!
علينا جميعاً نحن من ندّعي التحرر والانفتاح والعصرية والحداثة ونؤمن بالإنسانية كوعاء جامع لكل البشر, أن نحشد جهودنا بشكل أكبر وأعمق لفضح الممارسات التي تنتهك إنسانية المرأة, وألا نقف موقف من يقول: خربت عمرت حادت عن ضهري بسيطة!!
لأن الأمر ليس بسيطاً بالمطلق.
سوزان ابراهيم
[email protected]
خاص ألف