توارثت الأديان أسسها وطقوسها, لكن الأسس القديمة لكل الأديان جاءت من الأسطورة ومجتمع ما قبل الميلاد.
ونحن على أعتاب شهر رمضان يمكن القول إن الصيام قديماً كان صوماً للطبيعة الأم, وكان الهدف الرئيسي منه, هو إعادة التوازن للبيئة, ففُرض الصيام الكبير في فصل الربيع, حيث تجدد الطبيعة نفسها.
مُنع الإنسان في هذا الصوم من تناول البيض واللحم وكل المنتجات الحيوانية, أما العرب فقد تشددوا في هذه الأشهر وسموها الأشهر الحرام, فلا حرب ولا صيد ولا اعتداء.
بعد الانقلاب الذي أحرزه الرجل على العصر الأمومي, بدأت شهوته للسيطرة تكبر وتتزايد, مع نشوء الملكية وتطويعه الحصان لشن الحروب والفتوحات, فارتكب المجازر بحق المرأة والطبيعة- وهما من بنية واحدة.. الخصب والرحم الولود-
يهمني هنا عنصر التوازن الذي كان الهدف من الصيام, فهل يحقق صيام هذه الأيام مثل هذا الغرض؟!
لمن يريد السلام والأمان والمستقبل المزدهر, فليعيد التفكير بمسألة الطبيعة والمرأة وما ارتكب بحقهما من ظلم وتعسف ونفي وانتهاك.
تساءلت يوماً لماذا قالت العذراء للناس: إني نذرت للرحمن صوماً ألا أكلم اليوم إنسيا!! هل ربطت العذراء بين الصوم والصمت؟
أكاد أقول إن الغاية النبيلة من الصيام لم تعد متوفرة لا بخصوص الطبيعة وإعادة التوازن لها, ولا بخصوص تعاطف البشر مع بعضهم بعضاً وإعادة التوازن للنفس أولاً وللعلاقات بين البشر تالياً.. وأظنه وصل مرحلة الامتناع عن الطعام والشراب لبعض الوقت فقط!!! لعل موائد الإفطار العامرة والتي قد تغدو مجزرة طعامية حقيقية عند البعض, وتفرُّغَ كثير من الناس للسهر ليلاً والنوم نهاراً قد أفقد الصيام كثيراً من جوانبه الروحانية.
سوزان ابراهيم- خاص ألف