مليارديرات زمن وذاكرة
خاص ألف
2010-12-29
على أبواب عام تلفظ ساعته بقايا رمل الوقت, يبدو سؤال السعادة مشروعاً, فكيف ومتى نستطيع أن نكون سعداء؟ ثمة قول يوناني مأثور: (لا تقل عن إنسان ما إنه سعيد, ما دام على قيد الحياة!) فمتى إذاً يكون الإنسان سعيداً؟ هل من سعادة خارج الزمن والحياة!؟
حسب (زينون) هناك استحالة لوجود الزمن: فمنه ماض, وهو ليس موجوداً, ومنه مستقبل, وهو ليس موجوداً أيضاً, فالمتركب منهما غير موجود! فالحاضر منقضٍ ولو كان شيء من الزمان حاضراً لكان هو (الآن) والآن ليس جزءً من الزمان, إذ لا (بُعد) له, وللزمان بعد, وهكذا فإن (الآن) ليس موجوداً! فأين نبحث عن السعادة إذاً؟!
أما فلسفة الزن فتؤكد على "النور الداخلي" الذي سيبدأ بالانسراب ببطء لكن بشكل أكيد، حين نبدأ الحياة في الحاضر، حين نبدأ بالتحرر من آلاف التوترات وحالات القلق الناجمة عن هوسنا في حيازة المزيد! علينا أن نلجأ إلى الحاضر, ونبقى فيه حيث نتسلح ( بكل طاقات الانتباه الطبيعي، الكلِّي التركيز على لحظية البرهة الحاضرة؛ ببساطة، دون أن ننتظر شيئاً؛ دون أن نستحضر الماضي؛ دون أن نسمح لخيالنا بالفرار إلى مشاريع مستقبلية).
في تعليق ل(رادها بورنييه) على نص صيني يقول:
" ما فائدة النظر نحو الخارج؟ كل ما تراه موضوعات! استدِرْ! انظرْ نحو الداخل.
" وهل سأرى عندئذٍ الذات بدلاً من الموضوع؟
" لو كان الأمر كذلك لعُدْتَ إلى رؤية الموضوع. والموضوع موضوع أياً كان اتجاه نظركم.
" بهذا، أفلا أستطيع أن أرى نفسي؟
" وكيف ترى ما ليس موجوداً!
" وماذا سأرى إذن؟
" لعلك سترى غياب نفسك. ذلك هو ما يُرى. ولقد دُعِيَ "الفراغ".
" الفراغ" هو عينه النيرفانا. لكنه ليس الخواء. إنه الملأ، ذلك الملأ الذي هو محبة، غبطة، السلام الذي يتجاوز الفطنة. المعرفة المطلقة ليست إلا المحبة المطلقة."
ومما قاله المتصوفة: أتحسب أنك جرم صغير, وفيك انطوى العالم الأكبر! إذاً حين نبحث عن السعادة يجب ألا نبتعد كثيراً, فلا نخرج من أنفسنا, لأن السعادة الحقيقية تكمن ههنا في أعماقنا. إن معرفتنا التامة بأنفسنا ستسمح لنا "بمشاركة لا حدود لها في الروائع الخفيَّة للمغامرة الكبرى" وهذا يتطلب تخطِّي الأنا. علينا أن " ننعتق من جاذبية الذاكرات المتراكمة". فنحن مليارديرات زمن وذاكرة, فما بالك ونحن نكرس كل حياتنا للتبرع بالدم للماضي لإبقائه على قيد الحياة! هل نحن الآن إلا أبناء الماضي؟
هل سأل أحدنا نفسه مرة: ما هي الحياة؟ هل تعني الحياة أن نأكل ونشرب وننام, ونتمتع بملذات الحب, ونواجه المرض والشيخوخة ثم الموت؟! هل تعني الركض المستمر من أجل حشد الممتلكات والسلطة والنفوذ والشهرة.....أم أن الحياة تعني فهم النفس وسبر أسرار الطبيعة بالدراسة والبحث العلمي والفلسفي أو الديني؟!
يبدو أن السعادة الحقة تتجلى في نفي الأنا التي تتحكم بكل وجودنا وتحيلنا إلى مخلوقات أنانية
لا تعرف عن الحياة سوى الحيازة والتملك, وهذا ما يخلق نزعتنا نحو العنف والغضب.... ليس العنف إلا سبيلاً لتأكيد الأنا..
ليس الإرهاب إلا تأكيداً للأنا...
ليس التطرف.. التعصب.. الانغلاق.. نفي الآخر.. مصادرة الحرية.. إلا تأكيداً للأنا...
مع تفتح عام جديد لنحاول أن نتخذ سبيلاً آخر للسعادة... لنجرب.. فقد تكون هذه نقطة تحول كبرى للعيش دون قلق أو خوف.
سوزان ابراهيم
[email protected]
خاص ألف
08-أيار-2021
17-آب-2011 | |
10-آب-2011 | |
03-آب-2011 | |
27-تموز-2011 | |
20-تموز-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |