عز ف على الوتر الثامن – 2 -
خاص ألف
2011-01-14
1 - بعض هذيان
قالت:
- اليوم أعطيت عقلي أجازة وقطعت الوقت في بذل أعمال تحتاج إلى مجهود عضلي بحت..
حيرني أمرها وهي المؤرقة بما يتصارع في عقلها من أفكار.. قلت مراوغا على حذر:
- يعني عقلك الآن يقضي فترة نقاهة,وجسدك يقوم بأفعاله آليا بحياد..
- نعم عقلي في إجازة وقد تطول.
قلت استفزها:
- حتى نهاية اليوم؟ أم نهاية الأسبوع؟ أم نهاية الشهر؟ أم نهاية العام؟ أم نهاية القرن؟ أم نهاية التاريخ؟؟
- لا اعرف وهذا ما يقلقني
- لا بد ان تحددي حتى نجد حلا..
- وما جدوى الحل
وتركتني لأعمالها وأخذ, تنفض سجادة الصالة وتعيدها.. تغسل الأواني في المطبخ.. تخرج المقاعد والطاولات وتنزف عرقا.. تلهث.. تزفر.. تغضب.. رأيتها في نهاية اليوم طفلة مشاغبة, وفي نهاية الأسبوع صبية نزقة, وفي نهاية الشهر مراهقة غضوب, وفي نهاية العام حملا وديعا, وفي نهاية القرن ذئب مفترس..
فجأة توقفت عن العمل.. جلست في شرفتها.. تحتسي قهوتها وتبتسم.. لم تلبث أن اشتعلت صراخا.. قلت:
- ما بك!
- لا تحاصر عقلي دعه وشأنه.. انه الآن في الطريق الى نهاية التاريخ.. انظر هناك!!
ورأيت أميرة تسكن برج الحمل على قوس قزح.. وتحتسي قهوتها وتضحك حتى القهقة.. فنهضت من فوري انفض الستائر وأعيد تنظيف المطبخ.. و.. وأفقت على صوت امرأة تطمئن عليَّ عبر التليفون:
- أما زلت تهذي يا فتى.
2 - فصل ما قبل الذهول
نهضت اليوم من نومي نشيطا عفيا.. أخذت حمامي وتعطرت بكِ, وانطلقت على عجل أتسوق حاجات العيد.. في السوق داهمني شعور بأنك تبحثين عن ظلي, فتوجست خيفة, وواصلت سيري وقد صوبت عينيَّ إلى الأرض, فاصطدمت برجال ونساء وسط الزحام, ونلت من التقريع والتوبيخ الكثير.. لكن امرأة ضربتني على كتفي فانخلع كتفي وهاجت:
-افتح عينيك يا أعمى
ووجدتني أرد مذعورا:
- عذرا رضاب..
قبضت على معصمي.. وفحت في وجهي:
- وكيف عرفت اسمي؟!!
ونادت على الشرطي:
- خذ هذا حقق معه كيف ومتى عرف اسمي
قلتُ.. وكذبت.. اقسم أني كذبت:
- أنها تشبه صديقتي رضاب!!
هتف الشرطي كمن عثر على صيد:
- وتعترف أنك تصادق النساء في رمضان
فرشوته بتفاحة كبيرة وناضجة, وحمراء مثل خد عروس.. تشممها فسَكر وانقض علي التفاحة قضما ونهشا.. فشهقت وهتفت في سري:
- ربما سمحوا للشرطة بالإفطار في رمضان!!
لكن صوتكِ وشوشني :
- الحذر.. الحذر اهرب بجلدك من سوق يفطر فيه الشرطي في رمضان!!
وتسللت خفيفا يتبعني الرعب كظلي..
***
يتحدث الناس في غزة, عن امرأة من برج السلحفاة, تمشي ببطء قاتل, وتنمو في كل الاتجاهات, وتهدر مثل طوفان من لحم.. تمضغ تفاحة على هيئة شرطي.. وأن جميع رجال برج الحمل يجوبون المدينة وعيونهم منكسة نحو الأرض.. ويشاع أن ذلك من علامات فصل ما قبل الذهول!!
3 - موسم التفاح
وأطلت من كأس زنبقة الصباح, امرأة التفاح.. ارتوت من رحيق الندى, وخضبت بالشروق أنامل قزح, ونقشت قلبها وشما على خد قمر, حتى إذا كان الضحى امتطت قوس قزح وانطلقت تعلم قمرا ضحك لها, الرقص على وقع قدميها على الماء, ليرى كيف يسير الماء من بين ساقيها جدولا يحفر مجراه, وكيف تتحول الريح الى جوقة غناء في باحة فرح!!
في الظهيرة زحفت على أديم الوقت دودت تقتات التوجس, تترنم على حذر:
- آه يا وجع القلب من غدر القدر..
صارت الشمس تحت عين الله, فاختفت دودة الحذر عند غياب الظل.. وتعرت امرأة التفاح تحت عين الله دون خجل أو حذر, ودخلت الاختبار سوسنة تغتسل بشهوات الحياة.. ورأت كيف يعتصم القنفذ بشوكة من أشواك عوسج الوقت.. وسمعت دودة الحذر مع صهد الشمس تمتم
- قدره أن يلوذ بالشوك من الشوك..
لكن امرأة التفاح سارت الى النضج معبأة بالشغف المعتق, قبل الغروب.. قبل ان تنام الشمس في حضن الليل.. وفي الليل غابت نجوم المرأة.. تلفعت بشرنقتها ودخلت فصل التحول والصيام..
حمل طائر الليل الشرنقة وبعثرها مع الريح قبل أن يطل وجه القمر.. سقطت الشرنقة على شوك العوسج..
ما زالت امرأة التفاح لا تعرف من حقنها بوخز الألم, شوك القنفذ أم شوك العوسج.. لكن ما يهدئ روعها أن رائحة التفاح لا تتأخر عن موسمها
***
حدث ذلك عندما كنت اسقي زنبقتي مع بزوغ الفجر كما كل يوم, لكن زنبقتي اليوم ظلت على عطش
4 - تفاحة آدم
أكثر ما اكره رؤية التفاح مرصوصا في دكان الفكهاني.. يخيَّل لي أن سبايا معرضات للبيع في سوق النخاسة.. واليوم أشحت عن التفاح المعروض, واحد همست لي:
- اشترني وحررني.
- ان اشتريتك أهديكِ, أو آكلك وكلاهما ألم!!
وأشحت بعيدا, تسربلني البلبلة بين الرغبة والعزوف, لكن التفاحة غادرت رفيقاتها وطارت واختبأت في صدري.. شهق البائع مذهولا, وقبض على معصمي, وقال:
- إن أخبرتني كيف سرقت التفاحة أطلق سراحك!!
همست التفاحة محذرة:
- التهمني ولا تخبره.
- لا استطيع.
اخذ الرجل يراودني على الاعتراف, وكانت هي ترقص في صدري, بينما أنا أتوزع بين الجريمة والخطيئة..
قالت:
- إن اعترفت سأقتلك
أشفق علي البائع وقرأ في عيني مذلتي..؟ لكنك فجأة خرجت من صدري, ووقفت بيني وبينه امرأة طازجة للغواية, فوقع الرجل مغشيا عليه وعندما أفاق وهبني كل التفاح الذي لديه, فوجدتني اصعد إلى ما بعد السماء السابعة تحيط بي نساء من تفاح يرقصن بوله الراغبات حتى هدهن التعب.. فخرجتِ مني وجدعتِ انفي ثم هبطنا سويا الى الأرض, لا يعرف الواحد مَن منا وطأ الأرض قبل الآخر, وما زلنا نعيش معضلة من منا الواحد ومن ظله..
وعندما هتفت من وجعي بكِ هتفت بي:
- انظر هناك ..
كان البائع.. يترنح تحث ثقل امرأة تفاحة ترقص فوق رأسه..
08-أيار-2021
14-نيسان-2018 | |
30-تموز-2015 | |
13-تشرين الأول-2012 | |
16-أيلول-2012 | |
18-نيسان-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |