الحب في شِباك النفاق
خاص ألف
2011-02-02
في فيلم غربي, طبعاً, يظهر أب أعزب مع ابنه المضطرب, والذي لا يتجاوز العاشرة من عمره. فيما بعد سنعلم أن الطفل واقع في حب زميلة له في المدرسة, ولا يدري كيف يعبر لها عن ذلك, تتوالى الأحداث ليظهر الأب وابنه كرجلين صديقين يناقشان الأمر بكثير من الجدية, ويساعد الأب طفله للوصول إلى طريقة يبوح بها بحبه للفتاة.
سيصل الأمر إلى أن يطارد الأب برفقة ابنه عائلة الفتاة إلى المطار لأنها ستسافر مع أسرتها إلى مدينة أخرى. يشجع الأب طفله للحاق بحب قلبه عند بوابة الطائرة, وفي النهاية ينجح وتطبع الطفلة قبلة على خده, فيصاب بفرح كبير, يودعها ويعود إلى حضن أبيه وذراعيه الممدودتين في الهواء.
دعيت قبل أيام قليلة للمشاركة في برنامج تلفزيوني يلقي الضوء على مسألة هامة ( الشباب والحب ) اجتمع عدد من طلاب المدارس غالبيتهم على ما يبدو من نهاية المرحلة الإعدادية والثانوية وعدد قليل من طلاب السنة الأولى في الجامعة.
أدهشني أن يخلط الشباب بين تجليات الحب, فغالبيتهم تحدثوا عن حبهم لله, والأب والأم والوطن, والأنكى أن الجميع تقريباً تحدث عن الحب بطهرانية شديدة كما يفرضها المجتمع وقوانينه وموروثاته العتيقة, وصورة ذلك الطفل وأبيه في الفيلم لا تفارق مخيلتي!!!
الحب يجب أن ينتهي بالزواج, وألا يلمس الشاب الفتاة لأنه مهذب وإلا سيغدو هذا الحب غير بريء وسيء وسلبي!!!
فتاة واحدة فقط من ذلك المجموع تحدثت بصدق وجرأة عن تجربة خاضتها, لتخرج منها أكثر وعياً بمعنى الحب وأكثر قوة....
الفتيات لم يجرأن على التحدث بحرية, وإحداهن قالت أنها رغم العلاقة الجيدة مع أبيها لكنها لا تجرؤ على الحديث معه في مثل هذا الأمر...
خلاصة القول إن الجميع تقريباً يحمل مفاهيم وقواعد خاطئة عن الحب, بفعل التربية التي يتلقونها عنه في البيت أولاً ثم في بقية مسارات الحياة, ولا يفوتني أن يكون كثير منهم ربما كاذب أو مدعٍّ, لأنه خائف وأن الناس سيعتبرونه مهذباً إن تحدث بطهرانية عن الحب, وهكذا سنعود إلى المربع الأول أي العادات والتقاليد والموروثات.
لطالما كانت علاقتي بوالدي رائعة, وأعتقد أن أي امرأة أو صبية تتعامل مع الحياة بثقة وجرأة لابد أن تكون قد استندت على علاقة متميزة مع والدها أولاً, ثم مع بقية أفراد أسرتها, كان والدي رفيقاً يصغي لكل ما أحدثه به دون خوف أو توجس من عقاب, حتى الحب.. كنت قادرة أن أصارحه بمشاعري نحو شاب ما, وفي سنتي الجامعية الثالثة بحت له بتعلقي بشاب, وأنني سألتقيه في كافيتريا ما, طبعاً وافق وحمّلني مسؤولية النتائج مع كثير من النصح والقواعد الأخلاقية المعمول بها في المجتمع, حين خرجت من لقائي, لمحت والدي في سيارته يدور حول المكان عن بعد, لقد أعطاني حرية القول والتصرف, لكنه لم يتخل عن دور الأب التقليدي في الحماية. طبعاً والدي من ذلك الجيل الذي يبلغ اليوم حوالي السبعين من العمر!!
في عمر المراهقة ومع بداية تكوّن عالم المراهق بتحوله نحو عالم الذكورة, أو تحول المراهقة نحو عالم الأنوثة, لابد من وجود بيئة واعية متفهمة تؤكد أن الحب إحساس رائع في الحياة وأنه ليس وقوعاً في الخطيئة, وأن الله لن يحرق العاشقين في نار جهنم وبئس المصير, لأن الله كله حب ومحبة وخير وجمال.
هذا الجيل من الشباب يعيش اليوم تقنيات وتغييرات القرن الحادي والعشرين, لكنه للأسف يتبنى معتقدات وقناعات وموروثات الجاهلية عن الحب بصورة خاصة؟
ثمة تناقض صارخ بين حياته الداخلية العميقة, وبين حياته الخارجية الظاهرية, طبعاً لطالما عاشت أجيال الشباب مثل هذا التناقض, لكنه اليوم يبدو أكثر سخرية, لهذا سنرى الشاب القادر على التحدث عبر غرف التشاتينغ مع الفتيات, يبحث عندما ينوي الزواج عن فتاة بريئة طاهرة ( ما باس تما غير أمّا ) !!!!!!!
نحن- باختصار- ما زلنا مجتمعاً مزدوجاً منافقاً... فكم من القرون نحتاج لنكون أحياء صادقين لا مستحاثات جدودنا التي تتحرك بأجسادنا!؟
سوزان ابراهيم – [email protected]
08-أيار-2021
17-آب-2011 | |
10-آب-2011 | |
03-آب-2011 | |
27-تموز-2011 | |
20-تموز-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |