العصفور الذي سقط في المزبلة
خاص ألف
2011-02-09
ميز د. الطاهر لبيب عالم الاجتماع الليبي المعروف بين أربعة أنماط من المثقفين: المثقف الملحمي, والمثقف البدائلي, والمثقف التراجيدي, والمثقف المقاول وهو مثقف تكنوقراطي خبير وجد نفسه صدفة على حق. حيث إن كل الحجج عن صوابه جاءته فيما بعد. وهو يرمز إلى تحول الفكر من ثقافة المبدأ إلى ثقافة الرهان.
ليست مصادفة أن أتذكر الآن هذا التصنيف لأنواع أو أنماط المثقفين العرب على وجه الخصوص, وسأتذكر بالتأكيد ما قاله أنطونيو غرامشي عن المثقف العضوي المندمج بقضايا الناس والشعب والفاعل فيها على أكثر من صعيد.
ولن أنسى ما كتبته أنا يوماً عن مثقفي الفريز ممن يزحفون ويستعمرون أرض الثقافة والأدب دون جذور تنغرز في ترابها, ومثقفي الهالوك ممن يتسلقون جذوع الأقوياء ويمتصون نسغها بكل وقاحة, ومثقفي السيليكون ممن ينفخون أنواتهم بخليط عجيب من البروتوكولات والعلاقات العامة وهم أشبه بالطبل الفارغ!
لِمَ كل هذا الآن؟!
إنه العصفور الذي قرر أن يخلع قناعه الأخير ويرتمي في فخ السلطة, ليكون يدها الباطشة وعينها الخائبة, ولسانها المشطور, وعقلها المتجمد....
جابر عصفور الذي حسبناه قمة ثقافية عربية, فإذا ما ظهر في الأفق نفسه أديب آخر كصاحب بوكر العربية بهاء طاهر معلناً تخليه عن جائزة الرئيس مبارك لأن هذا الأخير استباح دم المصريين, سيغدو شكل العصفور بائساً منتوف الريش, ملقىً في مزبلة أعوان السلطات التي تقتل وتعتقل وتمنع الصوت إذ لا أحد إلا أحدها!!
الغريب أن جابر عصفور لم يتصرف بهذه الطريقة فجأة, أي أن ذلك التصرف بالارتماء في حضن السلطة المصرية وقبوله بوزارة الثقافة في فترة مفصلية خطيرة من تاريخ مصر, لم يكن إلا خطوة أخرى من التنازل عن شرف الكلمة وضمير المثقف, فقد كان له سوابق في هذا المضمار: كان عصفور العرّاب في صفقة رخيصة حين قررت جائزة بوكر بنسختها العربية منح علوية صبح الجائزة عام 2009 , وحين انكشف الأمر على صفحات الجرائد والمواقع الالكترونية, اضطر للانسحاب تالياً من رئاسة لجنة التحكيم وعُيّن الكويتي طالب الرفاعي بدلاً عنه !
كما اتُهم أيضاً بأنه كان وراء إعطاء جائزة الدولة التقديرية لكاتبة مصرية مجهولة ( زبيدة محمد عطا ) عميدة كلية الآداب في جامعة حلوان مقابل تعيين ابنته معيدة في تلك الجامعة حين كان رئيس المجلس القومي للترجمة.
إذاً تأتي الخطوة الأخيرة للعصفور تتويجاً هاماً لمسيرة الانضواء تحت جناحي أي سلطة توفر له المكاسب والأموال والوجاهة, والسفر.....
هل رأيتم كيف يمكن لعملاق كرتوني أن يتقزم وبأسهل الوسائل؟!
أراهن أن كثيراً من عمالقة الكرتون المصنّعين في أروقة الثقافة العربية والمحلية سيسقطون ويتهشمون ( بل وسيعانون من التشتشة ) تحت مطر أي موقف التزامي جاد تجاه الوطن والمواطن, لا تجاه الوطن كسلطة تمسك بخناق الوطن وتعتلي رقاب مواطنيه.
نعلم أن مقاولي الثقافة كثرٌ ويتناسلون كل يوم, ونعلم أن المثقف العضوي المنسرب في نسيج المجتمع والمتعالق مع قضاياه وآماله يكاد ينقرض, لكن الأول زائل بحكم غربال الزمن, ولن يجد لكل عصافيره المزيفة سوى قاع السقوط, أما الآخر فهو باق بحكم الغربال نفسه في ضمائر الناس وذاكرتهم.
إنها المعركة المستمرة بين ثقافة المبدأ وثقافة الرهان.
سوزان ابراهيم
[email protected]
خاص ألف
08-أيار-2021
17-آب-2011 | |
10-آب-2011 | |
03-آب-2011 | |
27-تموز-2011 | |
20-تموز-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |