قصةُ فُنجانِ القهوة
خاص ألف
2011-02-11
أجلسُ الآن على مقعدي الخشبي، المأخوذِ من جذعِ شجرةٍ مهجورةٍ مرميةٍ في غابةٍ بعيدة. تضربُني شمسٌ شتويةٌ هاربةٌ من بين غيماتٍ يتوعدنني بمطرٍ لا مفرَّ منه. أراقبُ طفلين يقذفان الكرةَ لبعضِهما البعض، دونَ أن أفكرَ بما قد يحدثُ لهُما بعد أن يبدأ المطرُ بالتساقط.
تسرقُني أفكارٌ عابثةٌ فواحدةٌ تأتي والأخرى تفرُّ منها، إلى أن نفدَ صبري من نفسي وقررتُ الهروبَ من تلك الحديقةِ الأمويةِ إلى شارعٍ خلفي خالٍ من ضرباتِ أقدامِ البشر.
بدأتُ بالمشي وحيداً كما دائماً، أحاولُ عبثاً ألا أتذكرها، لكن لا محالة، فصورتُها مطبقةٌ على دفاترِ ذاكرتي. تابعتُ السيرَ دافعاً قدميّ للأمامِ تباعاً حتى وصلتُ إلى شارعٍ مظلمٍ تنبعثُ منهُ رائحةُ القهوةِ بشدةٍ، مما ينبئُني بمقاهٍ قريبةٍ.
بدأتُ أتحسسُ جيوبي الفارغةَ، فعسى بيديّ أن تلتقطا ثمنَ فنجانٍ ما.
يا للروعة!! لم يخيب القدرُ ظنّي، فها هي قطعةُ النقودِ ملتصقةٌ بيديّ. سأشربُ مع هؤلاءِ الناس الذين ينتظروني دون موعدٍ مسبق.
وصلتُ إلى شارعي المكتظِ بالمقاهي، وجلست على كرسي مرمي بالقربِ من طاولةٍ تحتَ رذاذ المطرِ بعيداً عن الأسقفِ الإسمنتية.
طلبتُ من النادلةِ ما أريد، فلم تتأخر عليّ مما جعلني أشعرُ بنصرٍ مبين، وكأنني فارسٌ فتحَ لتوّهِ آخرَ مدينةٍ كانَ قد حلمَ بالوصولِ إليها.
بدأتُ أرتشفُ من ذلكَ الشرابِ البني الساخنِ بسرعةٍ وكأنّ أحداً ما يلاحقني.
- عليّ أن أتلذذَ بها. قلتُ لنفسي.
- لكني لا أحبُ النصائح. أجبتْ.
أنهيتُ فنجاني بغضونِ ثوانٍ معدودةٍ. هممتُ بالقيامِ ومتابعةِ المسيرِ نحوَ الفراشِ الدافئِ، وإذ بالنادلةِ تصيحُ باحترامٍ مُصطنع:
- يا أستاذ، يا أستاذ، الحسابُ من فضلِكَ.
بدأت أتحسسُ جيبي.....
يا إلهي، لقد ضاعتْ قطعةُ النقود.
08-أيار-2021
26-شباط-2014 | |
27-آب-2013 | |
31-تموز-2013 | |
20-أيار-2013 | |
06-أيار-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |