جرائم التأويل والتفسير
خاص ألف
2011-03-23
منذ أزمان بعيدة ونحن ننسج معنى على معنى, ونرفع لبنة أخرى فوق المعنى الجديد بمعنى آخر وهكذا إلى ما لانهاية... كل جملة قيلت على لسان رجل دين – لا يعرف أحد إن كان حقيقة أم وهماً- بدأت تتوالد معانيها وتأويلاتها وتفاسيرها لتنطلق من إطار نسج المعنى إلى إطار الفعل وتنظيم خطوط سير حياتنا.
سأسوق لكم حكاية لا علاقة مباشرة لها بالمقدمة:
ثمة مهندسة معمارية فرنسية تدرّس في إحدى جامعاتنا الخاصة, ولديها 40 طالباً. طلبت المعلمة من طلابها رسم تصميمٍ معماري لبرج يقام في أرقى حي في دمشق – المالكي مثلاً- وتعلمون ما سعر المتر المربع من البناء فيه, طبعاً ستكون مساحة الشقة في ذلك البرج لا تتجاوز 50 متراً مربعاً وذلك لأنه سيكون لحل مشكلة السكن, وقالت المعلمة لطلابها بأنها تفترض أن تكون مكافأة كل منهم شقة في هذا البرج.
بعد فترة من الوقت عاد هؤلاء بالمخططات اللازمة, فماذا لاحظت المعمارية الفرنسية؟!
لقد صمم جميع الطلاب المخططات بعقلية واحدة, فغرفة النوم واسعة كما يحبها السوريون عادةً!! وسألت المعلمة: ولكن أين المكتبة؟ أين المكان المخصص للكومبيوتر؟
وثمة حكاية أخرى: المعلمة نفسها مع الطلاب أنفسهم ولكن الطلب هذه المرة أن يصمموا مخططات مفترضة في تاهيتي التي شهدت ذلك الزلزال المدمر, الأبنية يجب أن تكون إسعافية وتكفي لإيواء عائلة تعداد أفرادها كمعدل وسطي في تلك البلد هو 7 أشخاص, ولأن الزلزال دمر كل شيء فيتوجب على الطلاب الاستفادة من ركام المواد المدمرة أخشاب.. صفيح.. حديد... إلخ... ماذا فعل الطلاب؟
جاءت مخططاتهم مذهلة... لقد صمموا بيتاً بمساحة 200 م2 ... ولا يراعي أياً من ظروف الوضع الخاص لسكان المنطقة المنكوبة؟!
ما الذي يجعل أحلامنا موحدة؟ أليس البيت المريح حلماً بالنسبة لنا؟ لماذا تتوحد أحلامنا وتختلف عقائدنا وطوائفنا ومذاهبنا؟؟
أعتقد أن التأويل أو التفسير الذي مارسه ما يسمّون بالفقهاء أو رجال الدين ساهم في تفرقتنا وتوزيعنا على مجموعات ليست مختلفة, فالاختلاف تنوع محمود, بل مجموعات متناقضة متضادة ومتناحرة في كثير من الأحيان.
لم يكتف أولئك بالتفسير والتأويل بل مارسوا حقاً حصرياً بتوزيع القداسات على من يشاؤون وكانت أسماؤهم على رأس القائمة بالطبع.
منذ أزمان ونحن نوزع صكوك القداسة على كل من هبّ ودبّ ونصنع الطواطم والأصنام, وديننا الذي حارب الأصنام المجسدة على الأرض كهبل واللات والعزى, زرعها رجالاته في عقولنا وقال إن عبادة الأوثان كفر وإلحاد ... بالله عليكم كم من الأوثان بنينا, وكم من الوقت نقضي في عبادتها والترويج لها ولمقدساتها المزعومة!!
أقترح إنشاء محكمة عليا لمحاسبة المؤولين والمفسرين وصانعي العقائد ومصممي الأوثان وإصدار أحكام مبرمة بحقهم, لأنهم عاثوا فساداً ليس في الأرض وحدها, بل في عقولنا وأرواحنا, ولم يقتصر جهدهم على الدنيا بل لحقوا بنا حتى الآخرة التي لم أسمع أحداً عاد منها يوماً أو أن أحداً هناك أرسل تلغراف أو رسالة بريدية أو حتى sms أو إيميل ..... ألا يفترض بعالم الآخرة أن يكون أرقى وأكثر تقدماً مما لدينا؟!
ما العقاب الذي يستحقه هؤلاء برأيكم؟!
سوزان ابراهيم
[email protected]
خاص ألف
08-أيار-2021
17-آب-2011 | |
10-آب-2011 | |
03-آب-2011 | |
27-تموز-2011 | |
20-تموز-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |