يوميات في اليوميات
خاص ألف
2011-03-30
لم أتمكن من الخروج من الحالة السائدة التي تسيطر علينا جميعاً بفعل الأحداث الأخيرة التي ألمت بجسد الوطن والمواطن. أحببت أن أحدثكم عن الربيع وزهوره, عن أطفال التوليب, عن العيرون الذي باح بكل خضرته وزهره الأبيض, عن الصخور الفاتحة مسامها لكل أخضر, وعن بساط أخضر مزركش بالأصفر والأبيض والوردي وبكل ما لا أعرف من أسماء الزهور.
أن تبقى مشدوداً إلى شاشات التلفزة بحثاً عن خبر يهدئ ذعر روحك, ويبرّد حرائق ضميرك, ذاك يعني أن كل ما فيك تحول إلى صافرة إنذار مستمرة الزعيق, وأن موسيقا وقع الحياة التي أدمنت فيها الطمأنينة والأمان قد تخلخل إيقاعها بفعل عازفين ينشزون عن النوتة المحددة.
لكني سأحاول أن أضفر مشاهداتي لأقدم باقة صباحية من هذا وذاك:
في حلب, يوم الجمعة الماضي ( 25 آذار ), تجولت صباحاً في شوارعها, التقطت صوراً جميلة في الحديقة العامة حيث شبان افترشوا العشب وبدؤوا تناول إفطارهم, بينما مجموعة أخرى منهم تمارس تدريبات رياضية أقرب للبهلوانية. في ساحة سعد الله الجابري شبه الخالية, جلست على أحد مقاعدها.. الصباح رائق وشمسه فتحت كل نوافذها . بعد ذلك خرجت من حلب بصحبة أصدقاء. في الطريق تأتيني رسالة من صديق تقول: أنت في حلب أم خرجت؟ بعدها بقليل تتصل بي ابنتي من أبو ظبي ولهفة توشي صوتها: ماما أين أنت؟ هل خرجت من حلب؟ قلت: منذ قليل خرجت ما الأمر؟ قالت: (ماما عم تسألي شو في والدنيا قايمة قاعدة ع الفضائيات)؟!! بدأتُ وأصدقائي حملة اتصالات واسعة للوقوف على حقيقة ما يجري في حلب المدينة التي تركناها هادئة جميلة.
لم تسفر اتصالاتنا عن أي شيء سيء مخيف أو مقلق. وبدافع الفضول دخلنا معرة النعمان ووصلنا جبل الأربعين وبعض القرى الصغيرة, كل شيء يسير بانسيابية وهدوء, والناس يمارسون حياتهم المعتادة.. إلا بعض الدراجات النارية والسيارات الشاحنة التي حمل راكبوها الأعلام السورية وصور رئيس البلاد وراحوا يجوبون الشوارع مرددين هتافات مؤيدة.
على طول الطريق إلى دمشق لم نلمح أي مظهر غير اعتيادي بل إن كثيراً من السوريين البسطاء افترشوا عشب الأرض تحت الأشجار وبدؤوا حفلات الشواء في ذلك اليوم المشمس الجميل.
**************
إشاعات كثيرة تداولها الناس حول أولئك المتظاهرين أمام وزارة الداخلية, الذين اعتقلوا ومنهم المفكر طيب تيزيني, لكن في آخر ما سمعت عن ظروف اعتقاله أنه تعرض بداية لسوء معاملة من قبل العناصر الذين لا يعرفوا هويته ومكانته, لكن السادة الضباط أكرموا وفادته وتحاوروا معه, أي أن طيب تيزيني لم يكن محتجزاً كسجين, بل كمحاور يريدون الوقوف على أفكاره لحل ما يطالب به ورفاقه, وحسب ما سمعت فقد قدم للسلطات الأمنية مقترحات وأفكار.
على هامش ذلك, ألا يستطيع عناصر الأمن السوري أن يكونوا أكثر أخلاقية وأن يمارسوا حتى الاعتقال دون عنف طالما أن الآخرين تحت سيطرتهم وبين أيديهم.. يعني لماذا الدفش والشحط واللبط؟!
*************
مئات من الآلاف السورية خرجت في مسيرات ضخمة وفاء للوطن, كان المشهد رائعاً وجميلاً يحبس الأنفاس وكل تلك الحناجر تهتف بشعارات واحدة. منذ الصباح وإلى ما بعد الثانية بعد الظهر استمرت مسيرة دمشق. أعتقد أن ذلك الوقت كان كافياً للتعبير ولإيصال الرسالة المبتغاة وإسكات كل من يشكك في عمق انتماء الشارع السوري لسورية الوطن والوحدة الوطنية والإجماع على شخص رئيس البلاد, إذاً لم كل هذه المظاهر اللاحضارية التي تغزو الشوارع وبشكل استفزازي؟ لماذا كل هذه السيارات التي تفتح أبواقها وعداد سرعتها؟ لماذا هذه السيارات التي يخرج من جوفها شباب وشابات يحملون الأعلام والصور ويجوبون الشوارع؟ ألا تخشى السلطات الأمنية من مندسين بين هؤلاء؟ لماذا يترك الحبل على الغارب لمثل هؤلاء وبما يشوه المنظر الحضاري الذي نقلته الشاشات لساحة السبع بحرات؟
*********
يمكنني أن أذكر أشياء أخرى من اليوميات, لكني أعتقد أن اللبيب من الإشارة يفهم.
صباحكم خير.. وصباحكم وطن أجمل.
سوزان ابراهيم
[email protected]
خاص ألف
08-أيار-2021
17-آب-2011 | |
10-آب-2011 | |
03-آب-2011 | |
27-تموز-2011 | |
20-تموز-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |