كعب أخيل.. وصكوك الغفران الجديدة
خاص ألف
2011-04-06
تروي الأسطورة أنه كان للمحارب (أخيل) جسداً عصياً على الاختراق بأي سيف, فقد قامت أمه بوضعه في ماء نهر ستايكس السحري عندما كان طفلاً, ما أكسبه مناعة ضد أية أخطار, ولكن عندما وُضع الطفل (أخيل) في المياه السحرية, كانت أمه تمسكه من كعبه حتى لا يجرفه التيار, وبالتالي فإن المياه لم تغطِ ذلك الجزء الصغير من جسده. ظهر (أخيل) عندما كبر محارباً منيعاً على أسلحة الأعداء. وفي حرب طروادة قام أحد الجنود, والذي عمل بناء على تعليمات شخص يعرف نقطة ضعف (أخيل), بتوجيه سهمٍ إلى كعبه- المكان الوحيد الذي يمكن إصابته فيه- فكانت ضربة قاتلة.
لا أدري لماذا تذكرت هذه الحكاية الأسطورية مع متابعتي لكل ما يجري في سورية!
أعتقد أن الطبيعة- أم سورية- قد غطستها وهي طفلة في ماء سحري لكن مكان أصابع الأم على جسد الطفلة ظل نقطة ضعف لم تغمره تلك المياه, أما ذلك الجزء غير القادر على الصمود في وجه ضربات السيوف, فأرى أنه الدين وطوائفه ومذاهبه, فهذا الجزء فينا قابل للاشتعال, أو للجرح في أي لحظة.
في زمن مضى اقتتل أصحاب النبي على كرسي الخلافة- ليس ذلك بعيداً عما تشهده ساحة لبنان مثلاً من اقتتال في سبيل السلطة- وكان على كل الأجيال اللاحقة- وحتى يومنا هذا- أن تدفع فاتورة ذاك الخلاف بل الاقتتال. ظل ذلك الأمر جرحاً هشاً ما أن يلتئم حتى ينكأه أي تماس, أو لفظة, أو (تهويش).. كل طائفة تقبع خلف متاريسها وتحمل كتابها المقدس لتستشهد به على أحقيتها بدخول الجنة الموعودة وحيدة ومنفردة.
هكذا أدخل الأعداء- من يقبع منهم خلف الحدود أو داخلها- حصان طروادة إلى ساحاتنا: الحرية والديمقراطية- هما حصان طروادة- وأكاد أقسم أن معظم من ينادي بهما لا يدرك المعنى الحقيقي والعميق لهما... لا يمكنني أن أصدق من يخرج من الجوامع بعد أداء الصلاة وهو يصرخ مطالباً بالحرية والديمقراطية, وهو ينفي ويلغي في عمق فكره وعقيدته الآخر بناء على طائفته!!!!!
بعضهم قال إن السلطة لم تُتِحْ للناس ساحات أخرى للتجمع, وهكذا أخذ خروج الناس طابعاً دينياً! ربما كان ذلك صحيحاً, لكنني لا أقبل الخروج في تظاهرة تحكمها لافتة الدين وبأي معنى.
انظروا إلى كل ما يحدث... ألا يذهلكم غياب المفكرين والمثقفين عن ساحة الفعل ورد الفعل!!! لقد تسيد رجال الدين ساحات القول والفعل والعمل... تصدروا الشاشات والاجتماعات وبدوا أبطال المرحلة... لقد أحرزوا نصراً آخر على حساب الفكر والعقل.
لماذا؟؟!!
المثقفون والمفكرون المخلصون والحقيقيون صمتوا وأصابهم اليأس وفقدوا الأمل بقدرتهم على إحداث أي تغيير... بينما ركب معظم المثقفين والمفكرين موجة السلطة وتحولوا إلى مطبلين لها, أما القسم الذي أقام منصاته خلف الحدود وراح يرمي الوطن بسهامه, فمعظمهم يعيش رفاهية يفتقدها شعب سورية, ومعظمهم لا يمثل أحرار سورية, ومعظمهم طامع بسلطة ومقاتل في سبيلها.
يدهشني انجراف بعض السوريين للعمل كوكلاء حصريين لتوزيع صكوك الوطنية على الناس, فطلعوا علينا بقوائم العار... أو بقوائم التخاذل, أو النفاق..... هي إذاً صكوك غفران جديدة يوزعها بعضنا على بعضنا الآخر ومن لا يحمل خاتم هؤلاء لن تباركه السماء السورية وسيلعن لأنه ليس معهم!!!! مرة أخرى يقع الفصل الصارخ والغبي: إما معنا أو ضدنا!!!
ثمة أناس سوريون حقيقيون يدمي قلوبهم ما يحدث للوطن السوري الغالي... ممن يرفضون الانضمام لمظاهرات يقودها الجامع... ثمة من يريد الإصلاح الحقيقي والفعّال والعاجل لكن ساحاته مغلقة.. ساحات الحوار والعقلانية والهدوء.. ساحات الحرص على كل ما بُني في سورية ودفعنا جميعاً ثمنه من أعمارنا وحرياتنا.. ولا نريد الآن هدمه تحت أي ذريعة.
لقد نفذوا عبر جرحنا الطائفي.. صحيح أننا لم نهزم بعد, لكن هذا الجرح الماثل فينا لن يندمل إلا ببناء وطن حقيقي.. دولة مدنية تحترم الدين لكنها تعيده إلى مكانه الطبيعي في المعابد فقط!!
سوزان ابراهيم
[email protected]
08-أيار-2021
17-آب-2011 | |
10-آب-2011 | |
03-آب-2011 | |
27-تموز-2011 | |
20-تموز-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |