Alef Logo
يوميات
              

نريد حواراً حرّاً متسامحاً ومنفتحاً على الأخر

ميشال شماس

2011-04-09

مع ترحيبي بفتح باب الحوار والنقاش حول جميع المسائل التي تهمنا في سورية لاسيما في هذه المرحلة التي نمر بها، لقناعتي أنه ليس أمامنا من طريق نسلكه إلا طريق الحوار العقلاني والمنفتح والمتسامح ووضع الرأي الآخر نهائياً موضع النقاش، وليس موضع الاعتقال والتخوين والعمالة.وآن لنا أن نتخلص من هذه العقلية الاتهامية والإلغائية التي ألحقت بنا أشد الضرر وأفدح الخسائر تلك العقلية. التي مازال البعض يصرُّعلى السير بها. كما هو حال الدكتور الشيخ محمد رمضان البوطي عندما وجه في حديثه للفضائية السورية الاتهام لمثقفي سورية وحملهم "مسؤولية الاحتجاجات التي شهدتها سورية " لأنهم حسب زعمه "لم يطلبوا الحوار مع السلطة ولم يحاوروها بأي إصلاح" ويأتي هذا الحديث بعد أن استجابت السلطة لطلباته المنحصرة في " إعادة كل المنقبات اللائي تم فصلهن من عملهن بسبب النقاب، ومرسوم تأسيس معهد الشام العالي للدراسات الشرعية وتعليمات بفتح قناة فضائية دينية".
ولم يكتف الشيخ البوطي بذلك بل حاول الاستخفاف بعقول الناس مرة ثانية بقوله "أن الرب عاقبنا بما نراه اليوم من احتجاجات واضطرابات ودماء،في إشارة إلى عرض " مسلسل وما ملكت إيمانكم" وأشار بأنه" حذر من المسلسل من خلال الرؤيا مؤكدا أن الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية في سورية هي تحقيق لحلمه الذي رآه في رمضان الأخير..
فمن كان يرفض الحوار يا سماحة الشيخ بالتأكيد ليس مثقفي سورية، بل الحكومة هي من كانت ترفض الحوار، وهي من كانت تصم آذانها عن دعوات المثقفين للإصلاح، ولم نسمع منك إي اعتراض لما كانوا يتعرضون له من تضييق وسجن من قبل والحكومة والسلطة التي تدافع عنها اليوم.
إن مثقفي سورية كانوا ومازالوا يؤكدون على حاجة مجتمعنا للحوار كحاجته للماء والهواء ، لأنَّ مجتمعاً لا يؤمن بلغة الحوار هو مجتمع يختنق فيه الإنسان ويتجمد فيه الفكر ويموت الإبداع .. وإن الحوار الذي ندعو إليه هو الحوار الذي لا ينحصر في زاوية من زوايا الاعتقاد أو الفعل ، وإنما حوار يشمل كل جوانب الحياة النظرية والعملية ، فلا محرمات في الحوار سواء أكان سياسيا أو اقتصادياً أو ثقافياً أو دينياً ..لأنَّ من حقّنا كبشر أن نؤمن بصحة معتقداتنا وما يُتلى علينا من أوامر ونواهي باسم الدين ، ولقد أراد الله لنا أن نؤمن عن تبصّر ومعرفة، وأن لا يكون إيماننا موروثا على قاعدة هذا ما ورثناه عن أبائنا وأجدادنا.. فمن حقي ومن حقك ومن حق الناس جميعاً أن تعرف حكمة التشريع في الوجوب وحكمته في المنع والتحريم ، ليكون إيمان كل منّا تسليماً وانقياداً عقلياً لا استسلاماً وإذعاناً قهرياً كما يروّج له بعض رجال الدين ممن يدعوّن حصرية التمثيل الإلهي في هذه الأرض التي نعيش عليها. فإذا كان لا إكراه في الدين فمن باب أولى أن لا يكون في السياسة إكراه أيضاً، ولا في الزواج ، ولا في التربية ، ولا في الثقافة، ولا في الاقتصاد..
فالحوار الذي ندعو إليه هو الحوار الحر الهادئ والموضوعي والمتسامح، القائم على أسس علمية ومنطقية سليمة من شأنه أن يُغني المخزون الثقافي والمعرفي لدى الفرد والمجتمع ، ويساعد في تقريب وجهات النظر وتدوير الزوايا ، وحلّ المشكلات والنزاعات ، كما أنّه يوفّر منبراً حراً للتعبير عن وجهات النظر في مختلف الميادين السياسية الفكرية والثقافية والدينية.
وانطلاقاً من ذلك فإن من حقي أن أحاور من يمسك بزمام السلطة الذي من واجبه أن يستمع إليّ وإليك، ومن حقي أن أكون شريكاً حقيقياً في مشروع الدولة ، ومواطنا يحظى بحقوق المواطنة، من حقي أن أعبر بحرية عن رأيي موافقة أو اعتراضاً، ومن حقي أن أُعامل كإنسان محترم في إنسانيته حراً في معتقده وانتمائه بصرف النظر عن السياسة أو الدين أو اللون والجنس والعرق...
فكم هو جميل أنت نتحاور جميعاً دون إكراه أو تهميش أو إلغاء، وكم هو أجمل أن نتبادل المعرفة والرأي فيما بيننا دون ضغط أو ترهيب..! وأن يستطيع كل منّا التعبير عن رأيه بحرية وإن اختلفت الآراء، وأن نسعى وراء المعرفة أينما كانت وامتلاكها وحرية نقلها للغير، وأن نمارس حق التواصل مع الآخرين دون أية وصاية ومن أي نوع كان، فهذه من الحقوق الفطرية والطبيعية التي نشأت مع تكوين الإنسان، وإن أي وصاية عليها أو مساس بها، إنما يعد مس بالحياة الإنسانية.
جمال البساتين من جمال منظرها وتنوع ألوانها، وسورية كالبستان لن تكون جميلة إلا إذا تفتحت فيها الزهور والورود ونشرت رائحتها الذكية، حتى تلك الزهور التي ليس لها رائحة فإن وجودها ضروري لإضفاء مزيد من تنوع الألوان في سورية كقوس قزح جميل متجانس.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

الحل في بناء الدولة المدنية الديمقراطية

09-أيار-2011

نريد حواراً حرّاً متسامحاً ومنفتحاً على الأخر

09-نيسان-2011

إلى سيادة الدكتور بشار الأسد / المحترم

27-آذار-2011

حدث في سوريا : دعوى قضائية ضد الله !

07-آب-2010

لاجدوى من القص والحجب والمنع

21-أيلول-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow