من أرشيف الخوف اليومي
خاص ألف
2011-05-25
كان يومَ خميسٍ ربيعي جميل, لم تذهب نهى اليوم إلى العمل. ربما كانت الساعة السادسة مساءً.. بين المطبخ وغرفة الجلوس تدور وتهمهم.
إنّهُ جرس الباب.. من عساه يكون؟ هي لا تنتظر أحداً.. ربما كان أحد ولديها, فهما لم يكفّا عن الدخول والخروج. اندفعت نحو الباب.. ودون أن تسأل من الطارق, فتحت الباب.
رجل طويل عريض يقف بمواجهتها. تقول نهى: لم أر هذا الرجل من قبل.
كانت نظراته غريبة.. ظننته يتفرس في طوقي الذهبي, فغطيت رقبتي بيدي. تسارع لتسأله:
نعم أخي ماذا تريد؟!
يقول: ست أم ماهر ألم تعرفينني؟ أنا ابن جاركم .....
تقسم نهى أنها لم تعرف ذلك الجار الذي ذكره هذا الرجل.. ثم تقول: طيب أخي ماذا تريد؟
يجيب: والله أنا أعرفك (ست) طيبة وبنت (عالم وناس) لذلك أتيت مسرعاً إليك, لأخبرك أنني رأيت اسمك في المخفر, وقد يطلبونك في أي لحظة.
يندفع الباب بقوة في وجه الرجل الغريب. تقترب نهى من أقرب كرسي لتقع عليه. ثمة شلل لا تدري كيف ألمّ بمفاصلها وأعصابها. عينها اليسرى بدأت بالرجفان.
-يا ربي ما هذه المصيبة! لماذا يريدونني في المخفر؟ ماذا فعلت؟ أقسم أنني مع الدولة وأنا أعمل في واحدة من منظماتها الشعبية!! أيعقل أن أحداً اتهمني بشيء!؟ لعله واحد من التقارير التي تنهال هذه الآونة ضد أي شخص لمجرد الرغبة بالانتقام من أمر ما؟! تردد بينها وبين نفسها: يقولون ( إلك صديق.. إلك مية عدو)
ترتبك يدها وهي تضغط أزرار الهاتف... تضغط زراً ثم الثاني ثم تنسى بقية الرقم....
بعد عناء تطلب بصوت متقطع بالبكاء النجدة من قريبها, فهي امرأة وحيدة وزوجها يعمل خارج البلد.
يتأخر القريب.. تهبط نهى درجات البناء بسرعة وتقصد صاحب المحل القابع تحت منزلها.. لقد ذهب إلى الجامع لقضاء صلاة العشاء.. يقول لها مساعده.
-يا إلهي.. لماذا أنا؟
يصل قريبها.. وبصوت جاف ووجه محتقن يسألها: ما القصة نهى؟ ما الذي حدث؟
تروي له بالتفصيل حكاية الرجل.. يحاول طمأنتها.. تطالبه بالذهاب إلى مخفر الشرطة لاستطلاع الأمر. في هذه الأثناء يعود جارها صاحب المحل من الصلاة ويعلم بسؤالها عنه فيطرق بابها.
ولأن الجار ضابط سابق... يبدأ بحلقة طويلة من الاتصالات.. مخفر الحي.. الأمن ال .. والأمن ال ...
لعلها أطول نصف ساعة في حياة نهى.. تنهال اتصالات التطمين من جارها ومن قريبها لتؤكد لها أن ليس لها أي اسم في أي مكان.
ولأنها لا تصدق كل ذلك, تقصد مخفر الحي. لقد تجاوز الوقت التاسعة ليلاً وهي امرأة وحيدة. (لكن قريبي في المخفر) تطمئن نفسها. حين تصل وتقابل الضابط المناوب, يسألها عن مواصفات الرجل الذي زفّ لها الخبر الصاعقة وما اسمه, وأين يسكن؟
بعد بحث واتصالات يجريها الضابط, يبتسم ويقول لها:
هذا الرجل مريض نفسياً ويعاني من انفصام.
في البيت تضم طفليها وتبكي ثم تبكي.. وعينها اليسرى ما زالت ترتجف.
*** 2 ***
إنه صباح يوم الجمعة.. يا رب اجعل هذا اليوم يمر بسلام... تقول نهى.
تتصل نهى بصديقة مقربة. تحكي لها ملخص ما جرى معها يوم أمس والخوف ما زال متشبثاً بصوتها. تؤكد صديقتها أنها قادمة إليها فوراً.
عند وصولها.. تروي لنهى الرعب الذي عاشته, فالشوارع خالية تماماً.. وليس من حركة مرورية, فطلبت من سائق السرفيس أن يوصلها كطلب.. كأي تكسي.
قال لها السائق: يا ابنتي ما الشديد القوي الذي يدفعك للخروج من بيتك في مثل هذا الوقت؟ تجيبه: إن والدتي مريضة وعلي أن أزورها!!
وتقول لنهى: اتصل بي زوجي ثلاث مرات, وفي كل مرة كنت أقول له إن الوضع جيد والحركة المرورية جيدة فيرد عليها بقوله: غريب.. أنت متأكدة؟ اتصلي بي حال وصولك بيت نهى.
ها هي نهى تروي لصديقتها تفاصيل ما حدث ليلة أمس. تشربان القهوة.. ثم.. يزعق جرس الباب بشكل متواصل.. مع طرقٍ متواصل على خشب الباب. تتلاشى كل ذرة شجاعة لدى المرأتين.. تشد هذه يدي تلك.. تتبادلان نظرات الرعب.. تقولان في نفس اللحظة: من عساه يكون؟
يتواصل زعيق الجرس والطرق على الباب..
لعله أحد الفارّين .. أحد المطلوبين... ماذا نفعل... تقول الصديقة: انظري عبر العين السحرية للباب..
تعود نهى متصلبة الأجزاء: ثمة يد تغطي العين الساحرة!!
يرن موبايل نهى... إنها ميادة صاحبة المقالب الغليظة.. ينبثق صوت ضاحك من داخل الجهاز: افتحي الباب أيتها اللعينة... هذه أنا.
بين مريض نفسي, ومزحة ثقيلة ترتمي نهى على الأرض, وتبدأ طقوس الإنعاش.
**ملاحظة
عن حدث واقعي كل الواقعية.. مع تغيير في الأسماء وإهمال اسم الحي.
سوزان ابراهيم- خاص ألف
[email protected]
08-أيار-2021
17-آب-2011 | |
10-آب-2011 | |
03-آب-2011 | |
27-تموز-2011 | |
20-تموز-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |