حول النظريات السياسية بقلم : إيرا كاتزنيلسون/ ترجمة
خاص ألف
2011-05-27
المصطلح :
تهتم النظرية السياسية تقليديا ، و هي جزء يتفرع من العلوم السياسية ، ببنية الأفكار التي عبر عنها الفلاسفة السياسيون و الذين تساءلوا عن طريقة عمل السياسة ، و كيف يجب أن يعملوا. لقد صب هؤلاء الفلاسفة كل جهدهم على طبيعة و مبررات السلطة و الضرورات و الواجبات السياسية و أهداف أي فعل سياسي. و مع أن توصيفاتهم كانت متباينة ، و بعضها كان يوتوبيا بمفهومه ، فقد تشاركوا في الميثاق الذي يؤكد أن من واجب الفيلسوف أن يميز بين ما هو كائن و كيف يجب أن يكون ، و بين المؤسسات السياسية الموجودة و المؤسسات الإنسانية المحتملة . و إن كلمة ( النظرية السياسية ) ، كما وردت في القرن الماضي ، كانت تدل بمعناها و في وظيفتها على تعميمات حول السلوك السياسي من الناحية الوصفية و التأويلية و التكهنية مع صرف النظر عن الأخلاقيات المحرضة و الفاعلة. و مثل هذا السلوك كان أقرب إلى تبني التقنيات الرياضية و الإحصائية و الكمية ، و ليس الاهتمامات و الحقول الطبيعية ذات الوجود المادي العملي.
الدولة :
تركز الهم الأساسي للمنظرين السياسيين عبر التاريخ على نظرية الدولة. و كان أفلاطون هو المؤسس لهذه النظرية في رسالته المسماة ( الجمهورية ) ، و التي حاولت أن تصالح ما بين نظرية الأخلاق و العمل السياسي ، و ذلك من خلال تقديم مجتمع تكون الملكية فيه عامة و تكون الإدارة فيه لملك فيلسوف من صفوف الأرستقراطية ، و تتلخص مهمته في تدريب الصغار. و تم توظيف مثل هذه الرسالة ، بشكلها المختزل ، في الوقت الحالي كأساس لنظام حكومي نقول عنه إنه شمولي ، و هذا هو الضد النوعي للديمقراطية ، و الذي يؤكد أسبقية الدولة على الأفراد. و هناك اشتقاقات من هذا النظام ، و منها الحكم المطلق ، و الذي يضع السلطة بيد عدد محدود من الأشخاص أو المؤسسات ، مثل الحكم الكنسي ، و يقوم عموما على أساس مبادئ غاشمة و ثابتة.
و يعتبر أرسطو هو مؤسس التفسير العلمي للنظرية السياسية. و كتابه ( السياسة ) ، هو الذي سمى شكل الحكومة باسم ملكية ، و أرستقراطية ، و ديمقراطية ، حسب نوعية الحاكم ، إذا كان شخصا واحدا أو مجموعة مختارة و متميزة ، أو عددا من الأشخاص ، و قد نجح في دمج الدراسة الإمبريقية للحقائق و البحث النقدي مع الاحتمالات المثالية ، و لذلك قدم لنا نموذجا لأسس البحث السياسي.
الكنيسة و الدولة :
حصل تبدل هام في وجهات النظر و ارتبط ذلك بالتحديات الملموسة الناجمة من مشكلات اجتماعية و تاريخية. على سبيل المثال ، في العصور الوسطى ، تعاملت معظم الكتابات السياسية مع ظواهر سياسية خلاقة هيمنت على أزمنتها ، مثل الصراع الشامل على السيادة بين كنيسة الروم الكاثوليك و الإمبراطورية الرومانية المقدسة. و قد دافع الفيلسوف الإيطالي القديس توما الإكويني عن دور الكنيسة في دراسته ( وجيز الدين Summa Theologica : 1265 – 73 ) ، و أكد دانتي في ( عن الملكية De Monarchia ( حوالي 1313 ) بضرورة توحيد السلطة الكنسية تحت زعامة البابا و الإمبراطور ، على أن يكون لكل منهما سلطة عليا في الجو المناسب. و في كتابه ( الأمير – 1532 ) منح رجل الدولة الإيطالي نيقولاي مكيافيلي الجدل التقليدي بين الدولة و الكنيسة طابعا ساميا من خلال دراسته لمشاكل و إمكانات الحكومات بطريقة واقعية خلال البحث عن طريقة للحفاظ على مصدر القوة ( أو السلطة ).
العقد الاجتماعي :
أكد الفيلسوف البريطاني توماس هوبز، أيضا ، على سلطات الحكومة. و كان كتابه الأهم ( ليفيثان – 1651 ) يقترح أن السيادة في السلطة يجب أن لا تكون محدودة ، لأن الدولة نشأت عن ما يسمى بـ ( العقد ) ، فالأفراد يقبلون قوة مشتركة سامية لحماية أنفسهم من غرائزهم المتوحشة و لتمكين إشباع بعض الرغبات البشرية. و قبل فيلسوف إنكليزي آخر هو جون لوك معظم نظرية العقد - الاجتماعي التي وضعها هوبز ، و لكنه أكد أن السيادة تصدر من الشعب الذي تعهدت الحكومات بحمايته ، و يمكن الإطاحة بتلك الحكومات شرعا إذا ما فشلت بتنفيذ وظائفها تجاه شعبها.
و فيما بعد ساهمت قيم و بلاغيات لوك في تأسيس الولايات المتحدة من خلال صياغة إعلان الاستقلال و الفيدرالية ، و هما وثيقتان أساسيتان في الثورة الأمريكية. و قد أضاف المفكر الفرنسي جان جاك روسو ، للقيم الجمهورية و الديمقراطية ، فقد عبر عن أفكار مشابهة لأفكار لوك و أفكار البارون مونتسكيو ، و اقترح فصلا بين السلطات الحكومية في فترة سبقت ثورة فرنسا في القرن الـ 18 ، و قد نص دستور الولايات المتحدة على ذلك في وقت لاحق. كانت النظريات السياسية للوك و لأوائل الأمريكيين ، هي التي طورت الموقف العام لما يعرف بالليبرالية ، و تعرض ذلك لمزيد من التنقية خلال القرن الـ 19 على يد المفكر البريطاني جون ستيوارت ميل.
الماركسية و نظريات شمولية أخرى :
كان كارل ماركس من عدة زوايا أكبر مفكر أثر في حقل النظريات السياسية في القرن الـ 19 . و كان يبحث عن دمج التحليل المادي الملموس و الإدراك السياسي في مسح متعمق للنظام الإقتصادي الحديث. و قد أكد أن " تاريخ كل المجتمعات الموجودة هو صراع للطبقات " ، و إن تلك الحكومات و الإيديولوجيات الليبرالية هي وسائط فقط لمنفعة المالك ، و اقترح ماركس إلغاء الملكية الخاصة و توقع انهيار الرأسمالية بعد سلسلة من الأزمات . و إن إلغاء الملكية ، و منه الطبقات ، سوف يسهل بروز موقف يساهم فيه الأفراد حسب إمكاناتهم و يأخذون وفق احتياجاتهم. و هكذا إن الدولة تذوب و تنتهي بعد فترة انتقالية تقودها الطبقة العاملة. و في القرن العشرون ، كانت الماركسية هدفا لتأويلات متعارضة. و قد كانت إيديولوجيا رسمية لعدد من الدول الشمولية ، و كذلك كانت الملهم لعدد من الحركات الثورية و الوطنية في العالم .
و أيضا إن نموذجا آخر من النظرية السياسية الذي يتضمن شكلا من الشمولية ، برز بعد الحرب العالمية 1 في مجال الحراك السياسي ، و أطلق عليه اسم الفاشية و الاشتراكية الوطنية. و كلاهما كان يؤكد ، على درجات متفاوتة ، على أطروحة السيادة المطلقة للدولة و يبرر استخدام القوة في تحقيق الهدف السياسي النهائي.
إيرا كاتزنيلسون Ira Katznelson : أستاذ كرسي في العلوم السياسية و الاجتماعية. من المؤلفات المشهورة ( رجال سود و مدن بيض ) و ( خنادق المدينة ). و بالاشتراك ( سياسيات الأنظمة و القوى ) و غير ذلك.
الترجمة عن موسوعة إنكارتا 2009 - صالح الرزوق
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |