التبشير بالكراهية – بقلم : كينيث تيميرمان ترجمة :
خاص ألف
2011-07-23
الإسلام و الحرب على أمريكا
منذ صدور الطبعة الأولى من كتاب ( التبشير بالكراهية ) لمؤلفه كينيث تيميرمان و ردود الفعل تتلاحق. و كان من أبرزها منع دخوله لأراضي المملكة المتحدة و العربية السعودية.
من غير الواضح على أي أساس بنت الرقابة في هذين البلدين قرارهما. و لكن بعد التقليب بين الصفحات التي تربو على زهاء 400. نلاحظ أنه لا يكتفي بالتأكيد على الأسس التاريخية للعداء للسامية. و لكنه يحاول أن يربط بين نظرية قومية و إشتراكية ( كالحزب النازي ) و نظريات التنوير و الإصلاح في الإسلام ( أو حتى أفكار الثورة الإسلامية بنموذجها الإيراني ). و يحاول أيضا تسويق الفكرة التالية :
إن الإسلام منظومة لدولة و لإيديولوجيا يقودها وهم القضاء على الصهيونية السياسية و إسرائيل. لأنهما الحاضن الشرعي و القلعة الأخيرة لليهود.
و من هذه الفكرة المشوشة يطور تيميرمان نظريته من صدام مميت بين الأديان و الثقافات إلى صدام مميت بين الحضارات. و يعتبر أن أحداث 11 ايلول 2001 هي مرحلة أو طور لاحق من المعاداة للسامية.
إن تيميرمان ( و كما يذكر الناشر علنا في كلمة الغلاف ) هو صحافي و محقق إخباري كتب طويلا عن الشرق الأوسط " لما يزيد على عشرين عاما. و هنا يتعمق في داخل العالم العربي ليكشف عن مدى البغضاء و عمق العداء للسامية. إلى أن يكشف الغطاء عن الموجة الجديدة من أعداء الساميين. ذلك أن البغض لم يعد محصورا على اليهود. و لكنه حقد و كراهية يستهدف أمريكا و الغرب عموماز.. لقد اقترن العداء للسامية مع عداء لأمريكا ).
هل كان المؤلف يود أن يعرب عن علاقة مشبوهة بين الإسلام و النازية الجديدة؛ و هل يحاول أن يدق ناقوس الخطر ليبرر ما يحاك للشرق الأوسط من مخططات و هل يرى في المدى المنظور تباشير لحرب عالمية ثالثة يكون العالم فيها مجرد " كعكة – أو حلوى " هي من نصيب الطرف المنتصر.
جزء من الجواب تجده في هذه المقتطفات و هي من الفصل الخامس الذي يحمل عنوان (هتلر و المفتي ).
المترجم
* التبشير بالكراهية – الإسلام و الحرب على أمريكا
يعتبر عدد من المختصين في شؤون الشرق الأوسط أن معاداة الإسلام للسامية هو رد فعل سياسي على الهجرة اليهودية إلى فلسطين. و لكنهم لا يجدون في الإسلام أي أثر يدل على هذه الظاهرة. و قد قال برنارد لويس الأمريكي المعروف المتخصص بشؤون الشرق الأوسط " لم يكن العرب في الفترة الممتدة طوال ألف و أربعمائة عام أو ما يقارب ذلك و التي وقع فيها احتكاك بين العرب و اليهود. أعداء للسامية بالمعنى الذي يفهم به الغرب هذا المصطلح. ليس لأنهم ساميون أصلا. و هذه عبارة ليس لها معنى. و لكن لأنهم أساسا ليسوا مسيحيين " ( 1 ).
و يؤكد هذا الرأي عدد من الرموز المعروفة في الشرق الأوسط مثل الرئيس الإيراني محمد خاتمي الذي يفهم لغة الغرب. و في مقابلة مفصلة أجراها كريستيان أمانبور في الـ " سي إن إن " بتاريخ كانون الثاني 1998. ذكر خاتمي أن " المعاداة للسامية ظاهرة غريبةز و ليس لها أصول في الإسلام أو في الشرق. و كان اليهود و المسلمون يعيشون بانسجام معا و طوال قرون " ( 2 ).
في اليوم التالي تعارض رأي خاتمي المعلن عنه مع رأي المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. الذي ذكر لصحيفة حكومية أساسية أن الرئيس يكذب و " إن تاريخ بدايات الإسلام حافل بالمؤامرات اليهودية ضد النبي محمد و بهجمات إجرامية قام بها اليهود.. و توجد آيات واضحة في القرآن تتحدث عن البغضاء و العداء الذي يكنه الشعب اليهودي للمسلمين. و على المرء في الحقيقة أن يميز بين اليهود ( و ) النظام الصهيوني. و لكن سياق الحديث الذي سمعناه تعرض للمبالغة و لا حاجة لمثل هذه المقدمات " ( 3 ).
بالنسبة للويس إنه يعتقد أنه يتوفر في مواقف هؤلاء القادة المعادية للسامية و لا سيما العرب أو المسلمين شيء يأتي من الأعلى. من القيادة. و ليس من الأسفل. من المجتمع ". هكذا كتب لويس عام 1986ز و أضاف بقليل من التفاؤل تبين أن هذا الاتجاه " سلاح سياسي و متنوع و يمكن التخلص منه حيثما و أينما انتفت الحاجة له ".
و لكن كانت للويس شكوكهز كأن بغضاء اليهود ظاهرة قابلة للفتح و الإغلاق تماما كما نفعل بالصنبور لتدفقه أو حبس المياه. و هذا يفتح الباب لأمثلة متعددة تتعارض مع نظريته الخاصة و التي كانت ضمن بعض الحدود ظاهرة معاصرة دخلت إلى العالم الإسلاميز و هكذا استنتج ما يلي : " يبدو أن لحظة الاخنيار قد ولت و أدبرت. و أن الفيروس تسلل إلى الدورة الدموية للإسلام لتسممه طوال أجيال قادمة كما تسممت المسيحية طوال أجيال متعاقبة في الماضي " ( 4 ).
و قد لخص اللواء حسن سليمان في مقالة نشرت في صحيفة أكتوبر المصرية الأسبوعية على حلقتين طبيعة البغض الذي أصبح الآن خطابا مقبولا في العالم العربي فقال : " اتفق المؤرخون و أساتذة نظرية الأعراق. و علماء الاجتماع على أن الإنسانية. و طوال تاريخها الطويل. لم تعرف عرقا مذنبا و شريرا مثل العرق اليهودي الذي يتصف بالدناءة الأصيلة.. و كما يدعي البعض لا يوجد فرق بين يهود الأمس و يهود اليوم. أو بين الهوية اليهودية و الهوية الإسرائيلية. و في الواقع. إن دولة إسرائيل هي الملاذ الأخير لكل يهود العالم و الصهيونية هي الوجه السياسي و الاستعماري للدين اليهودي... و هناك صفة واحدة متجذرة في عمق الهوية اليهودية و يمكن أن نراها في مركز القيادة و السيطرة : " اكذب. اكذب. و اكذب مجددا حتى يصدقك الناس و حتى تصدق نفسك ". و هذه الصفة تبدو واضحة في كذبتهم الكبيرة بخصوص المحرقة. و التي يدعون أن ألمانيا النازية اقترفتها ضدهم في الحرب العالمية الثانية و شملت ستة مليون يهودي. يا لها من كذبة فاحشة و قد نجحوا في بيعها لجميع العالم " ( 5 ).
و شرح اللواء سليمان سياق النص ليتأكد أن القراء فهموا أن بغضه لليهود ليس " سياسيا " فقط. إنه دينيز إنه عرقي. و هو يستند على استيعاب " موضوعي " لطبيعة اليهود.
إن موضوع البغض الحالي – و هو دولة إسرائيل – يستحق الاختصار لأنه مجرد استمرارية للظاهرة اليهودية. و ليس لأنه يضغط على العرب المسلمين. و علينا أن نشحذ كل حواسنا لنسمع و لنفهم.
***
عاش اليهود المسيحيون تحت الحكم الإسلامي. و كانوا تاريخيا خاضعين لميثاق عمر المؤرخ في عام 720 م. ( 6 ). و حسب الميثاق يسمى غير المسلمين أهل الذمة وعليهم دائما الإقرار " أنهم دون المسلمين في المنزلة ". و في عام 807 م رأى خليفة بغداد هارون الرشيد. أن هذه الإهانة كما ورد في قرآن محمد تعني أن يقوم المسلمون بقتال " الذين لا يؤمنون بالله.. و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون ". و سن قانونا يفرض على اليهود ارتداء الحزام الأصفر و القبعة. مع شعار النجمة الصفراء. و إن عدم الالتزام الواضح بذلك عقابه الموت.
إن القدر الذي كان لليهود بالمرصاد في الجمهورية الإسلامية قد شرحه لي متحدث رسمي باسم حماس في غزة. و هو ما تناقلته الأسماع بين المؤمنين خلال صلوات يوم الجمعة. و من الأمثلة النموذجية عالى ذلك أن الشيخ محمود إبراهيم المهدي قد أخبر أتباعه في جامع الشيخ عجلين في غزة أنه عليهم أن يلوموا أنفسهم لأنهم السبب في صعود و نجاح اليهود. و عليهم أن يجهزوا أنفسهم طوال الوقت للانتقام " فأمتنا ( الإسلامية ) ابتعدت عن مركز قيادة العرق البشري و أتاحت الفرصة لليهود السافلين و لأتباعهم. سمحت لنا بالانسحاب إلى مؤخرة الحافلة ". هكذا قال في كلمة نقلتها على الهواء مباشرة شبكة تلفزيون السلطة الفلسطينية الرسمية. و أضاف يقول : " اليوم نحن نرحب كما فعلنا بالسابق بأي يهودي يرغب أن يعيش في هذا البلد كذمي – كما كان اليهود يعيشون في بلداننا بصورة أهل الذمة. حتى أننا اعترفنا ببعضهم و سمحنا لهم بالوصول إلى منصب مستشار و وزير. نحن نرحب باليهود كأهل ذمة. و لكن السلطة في هذا البلد و في كل أقطار المسلمين ستكون بيد الله " ( 8 ).
قبل هجرة اليهود و بفترة طويلة إلى فلسطين في عشرينات 1900. كانوا يتعرضون للإبادة و الذبح على نحو منتظم في كل الشرق الأوسط الإسلامي كما كان يحصل في أوروبا المسيحية. كان المسلمون يهاجمون اليهود و يعتبرون أنهم " مصاصو دماء المسلمين ". و حدث ذلك في حلب عام 1853. و في دمشق 1848. 1890. و في القاهرة 1844 و 1901 – 1902. و في الإسكندرية 1870 و 1881. و هذه الغزوات الإجرامية ضد اليهود وقعت أيضا في مدن المغرب مثل كازابلانكا ( 1907 ) و فاس ( 1912 ) ( 9 ).
كانت راشيل سويسا. و هي يهودية مغربية هربت مع عائلتها خلال أكسودوس 1963 و هي طفلة بعمر ست سنوات. من الجماعة اليهودية الناجية رغم القمع. كان والدها عاملا. و كانت والدتها تملك شركة شاحنات للعائلة و قد صنعت ثروتها خلال مجاعة عام 1938. عندما كانوا يزودون فقراء المسلمين بالطعام و على نفقتهم الشخصية.
قالت لي في بيتها و هو في ضاحية بأوسلو في النرويج : " أجبر يهود المغرب على أن يعيشوا في غيتوات. كان اليهود يعتمدون على نوايا الشرطة الطيبة الذين يحرسون الغيتو. و حتى الآن لا أستطيع أن أنام في الليل حينما أتذكر بعض الحكايات التي أخبرني بها والدي و في فترة البلوغ " ( 10 ).
و يعمد المسلمون في أماسي يوم الجمعة بعد الصلاة و على نحو منتظم إلى غزو الغيتو في كازابلانكا. تقول راشيل : " بدأ اليهود يتوقعون ذلك. كانوا يعتمدون على الشرطة بشكل سافر. و أحيانا يحضرون للبحث عن سيل الدماء. ألقي القبض على أحد أعمامي في الطابق الثالث من بيته و ألقي به إلى الأرض. و توفي عدة أسابيع قليلة. و خلال أحد الاعتداءات المميتة. ذبح ثمانمائة يهودي في الغيتو ".
و إذا رغب أحد اليهود بمغادرة البلد. عليه أن يسجل أحد أعضاء العائلة لدى الشرطة كرهينة " و إن لم ترجع يلقون القبض عليه – و أحيانا يقتلونه. و أحيانا يطلقون سراحه. و كان ذلك يعتمد على مزاج الشرطة المحلية ". و أحيانا تترك بعض العائلات أحد أكبر أقربائهم وراءهم كرهينة و في السر يهربون مع من تبقى إلى الخارج طلبا للأمان.
و قالت راشيل : إنه على الرغم من ثروة عائلتها. عندما منح ملك المغرب اليهود فرصة شهر لمغادرة البلد في عام 1963. فكرت حفنة من أفراد عائلتها أو أصدقائها مرتين بمسألة التخلي عن كل ممتلكاتهمز " حتى حسابنا المصرفي " و ذلك للتمكن من المغادرة.
ثم تضيف قائلة : " لا أحد يرغب بالحديث عن شكل الحياة في المغرب كيهوديز يقول الناس إنها ممتازة. و أن اليهود يتلقون معاملة ممتازة. و لكن هذه أكذوبة. هناك جرائم منتظمة و برامج جاهزة. و مضايقات يومية. كان الأمر أشبه بالاغتصاب : لا أحد يود أن يتحدث عنه لأنه شيء مخجل ". أكثر من 250.000 يهودي ( 98 بالمائة من المجتمع االيهودي في ذلك الوقت ) استفادوا من الفرصة التي أتاحها الملك و هربوا من البلاد في عام 1963. و معظمهم ذهب أولا إلى فرنسا. ثم منها بحثوا عن طريقهم نحو كندا و الولايات المتحدة و إسرائيل.
هوامش :
1 – لويس : الساميون و أعداء السامية. ص 117ز من تفاصيل التمييز العميق و معاناة اليهود من الظواهر العابرة التي اكتسحت أرض المسلمين طوال هذه الفترة. يؤكد لويس أن السامية المعادية للسامية ظهرت في أراضي المسلمين ابتداء من 1840 و خلال ما يسمى بأزمة دمشق. و هي من تدبير الرهبان الكبوتشيين المدعومين بنشاط دبلوماسي من القنصلية الفرنسية ( ص 137 ). يعارض هذا الرأي براغير و تيلوشكين.
2 – سي إن إنز 7 كانون الثاني 1988ز " خاتمي المستنير "ز و قد قال بجرأة عن حكومة إسرائيل إنها " نظام إرهابي و عنصري".
3 – الجمهورية الإسلامية. كانون الثاني 1998ز مصدر مذكور في لويس " السامية و العداء للسامية ". ص 265ز قبل الثورة الإسلامية التي قامت عام 1979. بلغ تعداد اليهود ما يزيد على ثمانين ألفا. و اليوم لم يتبق غير عشرين ألفا. و إن الاعتقال بتهمة التجسس الموجهة لعدة مجموعات من اليهود في مدينة شيراز الإيرانية الغربية في ليلة يوم عيد الخروج عام 1999 قد خلقت جوا من الرعب بين بقايا اليهود في إيران و بين أقاربهم في الخارج. و طالت الاعتقالات 3 حاخامات و مدير المقبرة اليهودية و جزارين للأضاحي و مطهرينز و ذكر رئيس حاخامات اليهود السفارديم في إسرائيل إلياهو باخشيدورون أن " الحكومة الإيرانية تحاول بشكل واضح التخلص من المجتمع اليهودي ". ( تقرير خاص : حفلة ضد يهود إيران "ز أخبار إيران. 6 تموز 1999ز
4 – لويس : السامية و معاداة الساميةز ص 259ز
5 – أكتوبر. مصر 30 كانون الأول. 2000 و 10 كانون الأول 2000ز مقتبسة في :
Meir Waintrater a la monte’e de ‘ antisemitisme dans le monde arabe”. P. 80ز
6 – براغير و تيلوشكينز لماذا اليهود ؟. ص 116ز
7 – المرجع السابقز ص 117ز
8 – مصدر مذكور في مين ونتراتير :
La monte’ee de l’antise’mitisme dans le monde arabe. P. 66ز
9 – براغير و تيلوشكينز لماذا اليهود؟. ص : 121 – 122ز
10 – مقابلة مع الدكتورة راشيل سويسا. النرويجز تموز 20 – 21ز
المرجع :
Preachers Of Hate : Islam and the War on America. By : Kenneth R. Timmerman. Three River Press. 2004ز p.p. 97 – 101ز
ترجمة صالح الرزوق – صيف 2011
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |