نظرات في كتاب حاج حمد (إبستمولوجيا المعرفة الكونية)
خاص ألف
2011-07-25
إضاءات:
* الإبستمولوجيا (Epistemology): نظرية المعرفة. فهي فلسفة العلوم. فالإبستمولوجيا تدرس ـ بشكل نقدي ـ مبادئ كافة أنواع العلوم وفروضها ونتائجها، لتحديد أصلها المنطقي وبيان قيمتها.
* المنهج (Methodology): الطريقة أو الأداة. وتعني هنا مجموعة الخطوات الإجرائية المنظمة منطقياً، والمستخدمة في بحث وتعليل ظاهرة ما. فالمنهج مكون من مقدمات قَبْلية محددة بدقة وقابلة للقياس، يتم تطبيقها إجرائيا، وقياس نتائجها رقميا، كلما أمكن ذلك، وصولاً إلى نتائج يجب أن تتوافق مع المقدمات.
* التاريخ (History): بالحرف الكبير: هو مجموع المؤثرات المادية والنفسية المنتجة للظاهرة أو للفعل الإنساني. ومنها التاريخانية (Historicism) التي تفسر النصوص عن طريق ربطها بالعالم. وهو نفس ما أطلق عليه إدوارد سعيد مصطلح (النقد الدنيوي). وعلى هذا فالتاريخية مقابل للنصية، إذ ترتبط الأولى بعلاقات الإنتاج المادية والرمزية، فيما تقتصر الثانية على النص وتفسيره، بأدواته ومن داخله، وربما تستعين في ذلك أحياناً بنصوص أخرى.
* الثيوقراطية (Theocracy): نظرية الحكم الإلهي للبشر من خلال رجال الدين، ومن يتحالف معهم. والسعودية خير مثال.
* اللاهوت (Theology): تفسير العالم من خلال النص الديني المسيحي. ويقابله عندنا: علم العقائد الإسلامية، أو الفلسفة الإسلامية.
* الحضارة الهيلينية (Hellenic civilization): هيِلين هو الاسم العرقي الذي يطلقه اليونانيون على أنفسهم. والهيلينية هي حضارة المرحلة اليونانية البحتة حتى الإسكندر الأكبر. أما الهيلينيستية (Hellenistic) فهي المرحلة المتأخرة بعد موت الإسكنر. وشملت البقاع التي تألفت منها إمبراطوريته، خصوصاً في الإسكندرية.
* الفلسفة الإشراقية: يرجع أصلها إلى أفلاطون. ويقال إنه في ذلك كان متأثراً بالزرادشتية. فالعالم ـ حسب أفلاطون ـ فيض ناتج عن العقل الأول. أما الصورة الإسلامية للإشراقية فتعني الكشف، أو الوصول إلى المعرفة عن طريق الإلهام، وليس عن طريق البرهان. والسهروردي هو أشهر فيلسوف إشراقي إسلامي.
* استراتيجية (Strategy): رغم أنها تستعمل ـ في العلوم العسكرية ـ بمعنى الأهداف النهائية، في مقابل التكتيك، الذي يعنون به الأهداف المؤقتة؛ إلا أن استخدامها الإنجليزي الآن يحملها معنى أدوات البحث، أو الطرق التي يتم بها عرض المحتوى.
* الميتافيزيقا (metaphysics): مجموعة المبادئ التي يقوم عليها علم الوجود, وأصل الكون وتكوينه. فالميتافيزيقا تدعي نوعاً من الأولوية على كل الفروع التجريبية: ذلك أنها تدرس طبيعة العالم العامة والمبادئ الأولى في الفلسفة.
العرض:
1ـ يتأخر الكاتب في بيان مقصوده من العنوان (إسلامية المعرفة) إلى الفصل الثاني، حيث يقول:
"إسلامية المعرفة عنوان مركب من إسلامية ومعرفة... فتركيب المعرفة على الإسلامية، يحمل تخصيصاً وتحديداً، بوصف هذه المعرفة الإسلامية مفارقة لغيرها، على مستوى المناهج الأخرى". ثم يتساءل: "فهل يمكن مصادرة هذه الإنتاج البشري العام لصالح معرفة خاصة؟!" (ص197).
ليؤكد من ثم أن هذه المصادرة حق، حين يقول:
"فمنهج المعرفة المادي هو شكل من أشكال مصادرة المعرفة العامة وتخصيصها. وكذلك إسلامية المعرفة، التي تأتي لتصادر ـ بدورها ـ المعرفة البشرية العامة، لتحتويها فلسفيا ضمن التخصيص الإسلامي" (ص198).
وهذا الكلام محل تفكير، خصوصا وهو يثير السؤال: من هو الذي سيكون مسؤولا عن إنتاج هذه المعرفة الإسلامية؟. أليسوا هم أمثاله ممن يعتبرون أنفسهم متخصصين؟ وبذا يثور الجدل في أحقيتهم ـ بل وقدرتهم ـ على ذلك.
2ـ يقول الكاتب بأن لنا ـ نحن المسلمين ـ تجربتين هامتين، لم يستفد منهما الأصوليون، رغم أن الغرب استفاد من أولاهما، فيما أسست الثانية لنهضة جديدة لنا، لو قدر لنا النهوض: وهاتان التجربتان هما:
عالمية تأسيسية، زاوجت بين الهيلنية والفارسية والرومانية (ق9ـ13) في بغداد وقرطبة والمرابطين والأغالبة... (ابن سينا، البيروني، الكندي، الفارابي...).
ومرحلة فكر النهضة (1889ـ1940) الطهطاوي، الأفغاني، محمد عبده، علي عبد الرازق (ص18).
3ـ منطلقاً في ذلك من فكرة تأصيلية شديدة الغموض، هي فكرة (الأمة الوسط)، التي يرد مؤثراتها إلى كل ما سبقها من حضارات المنطقة، معتبراً هذه الأمة الوسط معجونة على يدي المرحلة التأسيسية التي سبقتها في المنطقة، تحديداً (الكلدانيون، الفراعنة، الآشوريون) (ص21).
4ـ لكنه عندما يحاول تحديد الموقع الجغرافي لهذه الأمة الوسط، يضطرب اضطراباً شديداً:
فتارة يقول بأنها التي كانت ممتدة بين الخليج العربي والبحر المتوسط، في حقبة محمد صلى الله عليه وسلم: أي جزيرة العرب وبلاد الشام (ص92).
وتارة أخرى يقول إنها الممتدة بين المحيطين الأطلسي غرباً والهادي شرقا (ص119).
فليت شعري، هل استفادت هذه الأمة، في الأولى (الحقبة التي يسميها دعوية ص92) من ذلك التراث الإنساني، أم أن ذلك كان في مرحلة لاحقة، وعلى أيدي مناطق غير ديار الدعوة الأولى، هي (مصر، ما وراء النهر، الأندلس)؟ أم هل هي مؤهلة لذلك في الثانية؟
5ـ يمتدح الكاتب الملك عبد العزيز آل سعود، ويذم ابنه فيصل، باعتباره مؤسساً باعثاً للمرحلة الوهابية (ص22). ولم نكن لنلتفت إلى ذلك، لولا أننا سنرصد تأثير هذا المديح في النقاط القادمة.
6ـ يقترح الكاتب ربط الفكر الديني ـ الذي يصفه بالتاريخي ـ بمناهج العلوم التطورية، داعياً إلى اعتبار القرآن كتابا كونياً، قادرا على استيعاب المتغيرات العالمية وهضمها (ص24). وها هنا يجب أن نتأمل في وصفه للفكر الديني بالتاريخية، وننتظر لنرى كيف سيتناقض ما يقوله بعد ذلك، مع ما قرره الآن.
5ـ يدعو الكاتب إلى توظيف آليات المعرفة الحديثة، في قراءة النص القرآني، واستيعاب كافة المناهج الحديثة وهضمها، والاستفادة منها في تفسير القرآن، الأمر الذي يؤدي إلى التناقض المنهجي في طرحه:
فهو من ناحية أولى يحشد فقهاء الألسنية ليقول بقولهم (ص35ـ36)، مع العلم بأن نظريات الألسنية تعتبر النص واقعة تاريخية متأثرة بعلاقات الدنيا.
ثم هو من ناحية ثانية ينعى على الوضعية ـ العصرنة المفتعلة ـ إغفالها إطلاقية النص القرآني، كأنه نص بشري محكوم بعلاقات التاريخ (ص39).
6ـ وعلى هذا، فالرجل حائر بين إسلام يحكم، وإطلاق الحريات. ولكي يحل هذه الإشكالية المنهجية، يقترح أن توجد طبقة مهمتها وضع قواعد التأويل والاستنتاج، ويجعل من نفسه رائدها، حين يقول: "فالذي يعنينا هو وضع القواعد التي تمكن من التعامل مع إطلاقية القرآن، وتتفاعل مع عالمية خطابه" (ص35).
وهذا يعني أنه يسعى إلى فرض سلطة زمنية حالية، على أزمنة لاحقة، كما فعل المؤصلون والفقهاء الذين يرفض فعلهم.
من هنا يمكن لنا القول بأننا بين يدي رجل يعتبر نسه متعاليا على سلطة لتاريخ، في وقت يجعل القرآن محكوما لهذه السلطة. مما يتيح لنا الاستنتاج بأننا بين يدي شخص ثيوقراطي متخفٍ بلباس المفكرين التاريخيين.
7ـ يقول الكاتب: إن العالم يحكمه منهجان، تجريبي وميتافيزيقي. ثم يقترح منهجاً ثالثاً يسميه الإطلاقي (ص44)، يتمثل في الآتي:
الإنسان كائن مطلق قادر على الوصول إلى الحقيقة (الخليل، الإسكندر، سليمان).
الجمع بين التجريبية والميتافيزيقية اللاهوتية.
انتقاد مفهوم الحاكمية الإلهية المباشرة، مما يعني أنه يدعو إلى حاكمية إلهية غير مباشرة، سنتبين ضوابطها في الصفحات التالية. فالذين يدعون إلى الحاكمية عليهم أن يعتمدوا على الملائكة والريح لتأمين الانتصار (ص45ـ46).
8ـ يطرح الكاتب مفهوم (إسلامية المعرفة)، باعتبارها تتوفر من خلال شرطين هما:
أن تجد العلوم التجريبية في الإسلام حلا لإشكالياتها البحثية والتطبيقية (ص47).
أن يبرهن الإسلام للعالم، بما لا يدع مجالا للشك، بأنه الدين الوحيد غير المزيف (ص48).
9ـ وكل ما مضى لا يتم، في نظر الكاتب، إلا من بعد أن يعترف العالم بحاجته إلى إعادة صياغة مناهجه العلمية التطبيقية، حيث يقول:
"يبدأ السؤال بسيطاً: هل العالم في حاجة إلى إعادة صياغة لمناهجه العلمية التطبيقية؟. وهل الحضارات في حاجة إلى إعادة صياغة نسقها؟. فإذا لم تتضح فرضية أن العالم في حاجة، يكون كل جهد في هذا المجال من قبيل الترف الفكري" (ص50).
الأمر الذي يقودنا إلى تساؤل يقول: هل يعتقد الكاتب حقاً أن العالم سوف يصل إلى هذه النقطة، أم أن كتابه هو ما سوف يثبت لهذا العالم أنه وصل إليها، فيقتنع ويطلب الإسلام؟.
10ـ ينتقد الكاتب مفهوم شرعة الإسلام والحاكمية والاستخلاف، حين يقول: "فولاية الأمر منا وليست فينا" (ص89).
وأعتقد أن خلافنا مع الحكام والثيوقراطيين، ليس مجرد تعبير لغوي، مهمتنا توضيح الحقيقة فيه. مع أن الحقيقة هنا تحتمل وجوها متعددة.
11ـ يقترح الكاتب مصطلح (الأسلمة) ويرفض مصطلح (الكونية): إذ الأسلمة في رأيه تعني أن القرآن معادل موضوعي للكون، وهو المصدر الوحيد للمعرفة؛ بخلاف الكونية التي وإن كانت ترفع من شأن العقل، إلا أنها لا تجعل القرآن معادلا موضوعيا له (ص90ـ91).
12ـ يرى الكاتب أن الجهاد ـ بمفهومه المعروف ـ ليس من الإسلام، بل هو قرين الدعوة في مرحلة الرسول صلى الله عليه وسلم. إذ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يؤسس لدولة، بل أقام دعوة اعتمدت على النصر الإلهي المباشر ـ بدر والخندق ـ وكل ما تم من بعد وفاته، مجرد توسع (ص92).
ثم يؤكد ذلك بالتفصيل في صفحات متأخرة قائلاً:
"أما غزو فارس، بداية من 12 هـ، وإلى فتح المدائن عاصمة فارس عام 16 هـ الموافق637/638 م، ثم ما يلي ذلك من بلدان آسيا، بعد ارتحال الرسول صلى الله عليه وسلم للملأ الأعلى بعام، وكذلك غزو مصر عام 18 هـ الموافق 639/640 م، ثم ما يلي ذلك من بلدان في المغرب العربي والسودان، وكذلك الغزوات الموجهة إلى الروم، خارج دائرة الأمة الوسط، فهي من نوع التوسع، ولا علاقة لها بالجهاد، ولا بالأمة الوسط. وقد نتجت كافة المشكلات من بعدُ مع هذا التوسع غير الديني" (ص324).
فالجهاد في نظره مرتبط بمرحلة الرسول صلى الله عليه وسلم، أما بعد ذلك، فمفهوم الدولة العلمانية هو الذي ساد، حيث التوسع والمدافعة والغزو (ص92ـ93).
13ـ يرى الكاتب أن الزكاة أمر عبادي بحت، للفرد الحرية في طريقة توزيعه وإنفاقه ولا علاقة للدولة بفرضه أو توزيعه. من هنا فلا مبرر شرعا لحروب الردة، إذ يقول:
"وما سمي بحروب الردة ـ وهي حرب شنها الخليفة أبو بكر على الذين امتنعوا عن دفع الزكاة، ولم يرتدوا عن الإسلام، هي حرب لا مبرر لها من الناحية الشرعية... وقد كان ذلك منطق الدولة، وليس منطق الدعوة" (ص94).
14ـ يرى الكاتب أن الحدود ليست من الشريعة، لأن مصدرها الحديث النبوي، الذي هو في مجموعه مختلق وموضوع. من هنا فهو يرى وجوب الاكتفاء بالقرآن: وقد أخطأ المسلمون في تأسيس علم الحديث ـ كما يقول ـ خصوصا بعد أن نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كتابة الحديث. وكل ذلك سببه اليهود، والرغبة في تقليدهم، ليكون لنا تلمود كما لهم تلمود (ص99).
15ـ ثم يشتط الرجل في استنتاجاته، حين يعتبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد فارق أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، بعد حديث الإفك، بهدف تبيان أن الزواج من القاصرات لم يعد مباحاً (ص103ـ104).
16ـ يرى الكاتب أن ليس على المرأة تغطية رأسها أو وجهها أو ذراعيها أو ساقيها. باعتبار أن آيات الحجاب تأمر بتغطية الجيوب التي يفسرها بأنها وسط المرأة لا غير (ص105).
17ـ يرى الكاتب أن المفهوم السائد عن الإسلام بأنه (دين ودولة) هو مفهوم ثيوقراطي غير صحيح: فالدولة الإسلامية ـ في نظره ـ علمانية سياسياً (ص109).
وهذا طرح صحيح في مجمله، ويسعى إلى ترسيخه التنويريون، وأنا موافقهم. ورغم ذلك فقد كان بودي أن يستدل الرجل على علمانية الدولة، بأدلة تقطع الشك، بدل أن يتناقض مع ما سبق أن طرحه من إسلامية المعرفة. فقد علمنا من قبل أن نظريته تقوم على أن القرآن معادل موضوعي للعالم. فكيف يتناقض حكم القرآن مع العالم، الذي هو مصداق له، وفق نظرية الكاتب؟.
18ـ ومع ذلك يعود الكاتب إلى تكرار تناقضه، حين يقول بأن الإسلام لا يفصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي (ص110).
19ـ يقول الكاتب في معرض حديثه عن استعصاء الأمة الإسلامية على الزوال، كمؤثر في العالم، ما يلي:
"ثم إننا أمة وريثة، ففي جوفها هذا السومريون والبابليون والآشوريون والآراميون والكلدانيون والكنعانيون والآدوميون وبقايا ثمود، وتدمر والأنباط والفراعنة والقرطاجنيون والسبئيون والمعينيون والحميريون... هذه الخصائص الحضارية التاريخية، بتفرعها وتعددها، تفتقر لها كل الأمم" (ص118).
فليت شعري، ألا ينطبق هذا على الإغريق والرومان والصينيين والهنود. وهل يمكن لليونان الآن أن تدعي دعاوى مماثلة في وراثة الحضارة، أم هل يمكن لدولة كإيطاليا أن تدعي اليوم أحقيتها، في سيادة العالم، لمجرد أنها تعتقد أنها وريثة أقوى أمة عرفها التاريخ، الإمبراطورية الرومانية. ربما أصبح من الضروري ـ وفق هذا السياق ـ أن تطالب مقدونيا باحتلال العالم، وراثة للإسكندر!. أعتقد أن هذا أحد أعراض المرض العربي بامتياز. وإلا فلم لا نرى الإيطاليين يرتدون بزات المحاربين الرومان وخوذاتهم، رغبة في وراثتهم، كما يفعل متدينونا اليوم!. إن هذا المنطق (الفاشي) يذكرنا بموسوليني.
20ـ يستدل الكاتب على صحة منهجه بفولتير فيقول: "فحين رفض فولتير اللاهوت لم يرفض الدين" (ص118).
مع العلم بأن فولتير هو المؤسس الشرعي للعلمانية الأوروبية.
21ـ للكاتب موقف سلبي من المعتزلة غريب إذ يقول: "ثم تأتي الحركات الإسلامية المعاصرة، لا بما يستنكره المعتزلة؛ فأولئك لا نستشهد بهم، ولكن بما يستنكره كل رواد المنطق العقلاني" (ص123).
وهذا موقف متوافق تماماً مع الموقف الوهابي، الذي يمتدح الكاتب مؤسسه السياسي عبد العزيز آل سعود. ونحن لا نعرف كيف يمكن للإسلام الوهابي أن يحقق عالمية الإسلام التي يريد لها الكاتب التحقق؟.
22ـ يرى الكاتب أن "مشكلة الحركات الإسلامية ـ وحتى الليبرالية والعلمانية واليسارية ـ أنها لا تأخذ بموروث هذه العقلانية النقدية" يقصد عقلانية الإرث الإسلامي لكل الحضارات السابقة على الإسلام (ص126).
ففي رأي الكاتب أن علينا أن نكون علمانيين، لكن بموروثنا العلماني المعروف. ولعمري أن هذا لا يعتبر بحثا حقيقيا عن النهضة، بقدر ما هو رغبة في ابتعاث هوية ماضوية مهددة بالمصادرة. وهذا وجه آخر من وجوه أصولية خاصة بالكاتب.
23ـ حين يمتدح الكاتب الملك عبد العزيز، يرجع ذلك إلى ما يراه من أن مؤسس الدولة الوهابية كان أقرب لأفكار محمد رشيد رضا، الذي يقول عنه إنه ينتمي لمدرسة محمد عبده (ص124).
وهذا الكلام صحيح وخاطئ في آن واحد، فالمعروف أن محمد رشيد رضا كان في أوائل حياته تنويرياً، لكنه ابتعد عن مفاهيم محمد عبده بعد ذلك، حين تحول، على يد الملك عبد العزيز، إلى شخص سلفي الهوى والنزعة والرؤية.
24ـ يعتقد الكاتب أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قد طبق (شرعة السيف)، لتأمين قاعدة للأمة الوسط، في الجزيرة وبلاد الشام. وهو يؤيده في ذلك، ويستدل على صحته باعتباره أمر الله في القرآن: لتنذر أم القرى ومن حولها (ص139).
والكاتب في هذا مسبوق بما قاله المرحوم سيد قطب، مع أن وسطية الكاتب مكانية جغرافية، تختلف عن وسطية سيد قطب الزمنية العالمية.
25ـ من هنا فإن كل ما حدث من قتال، في العهود التي تلت الحقبة النبوية، لا يعتبر في نظره جهادا في سبيل الله، بل هو نابع من منطق التوسع. ثم يخلص من ذلك إلى نتيجة تعزز ما ذهب إليه الغرب ـ الذي يريد الكاتب أن يؤسلمه ـ حين يعتبر أن الإسلام انتشر بالسيف فقط في الجزيرة العربية (ص141ـ142).
26ـ يسف الكاتب وينحدر إلى الحضيض، حين يرى أن الإسرائيليين عادوا، إلى الأرض المقدسة: تحقيقا لنبوءة الوعد الثاني، الذي يسميه وعد الآخرة: إذ كان الوعد الأول أيام النبي يوشع، مقرراً أن أمن الإسرائيليين "رهين بالتعايش السلمي والتفاعل الإيجابي مع سكان الأرض المقدسة وما حولها". ولأنهم لم يفعلوا ذلك، فقد قضى الله بمواجهتهم (ص144).
ولعمري إن هذا لمما يثير بغضاءنا، إذ نرى هذا الكاتب يؤول الآيات هذا التأويل المجحف، ثم يعتبر أن قوله هو مراد الله. وكأنه سيكون واجبا علينا أن نقبل بوجود إسرائيل، إذا قبلت بالتعايش معنا على أرضنا!. مع أنه يمكن تأويل الآيات تأويلا مختلفاً، لولا أن الكاتب غير فلسطيني، يعيش في بيئة عربية مهزومة، ثم يدعي التحرر من القَبْليات اللاهوتية.
من هنا فالإبستمولوجيا (الحاج حمدية) تقتضي التعايش مع الدولة اليهودية، إذا ما أعطت للفلسطينيين (حقوقهم). فهل حقوقنا أقل من قيام دولتنا على كامل ترابنا؟.
27ـ ويبلغ الإسفاف بالكاتب مداه الأوسع حين يقول: "فالإسرائيليون يعمدون لإخراج أهل الأرض المقدسة من ديارهم. وقد أذن الله للذين يقاتلون ويخرجون من ديارهم بالقتال" (ص145). أي أن الإسرائيليين لو كانوا قبلوا أن نظل في ديارنا، تحت حكم الدولة اليهودية، لما كان في ذلك من بأس ولا قتال!.
28ـ يرى الكاتب أن التدافع في الأرض المقدسة هو "تدافع بين شعبين اصطفاهما الله". وأي منهما يأخذ بالمنهج الإلهي ـ كما يراه حاج حمد ـ هو الذي ينتصر (ص149).
وهذا يقودنا إلى استنتاج موهوم بأن الإسرائيليين الآن على الحق، بدليل هذا الانتصار!.
29ـ يختتم الكاتب فصله الأول باستشهاده ببعض فقرات من خطبة الوداع، قبل أن يعلق:
"فالخطاب للبشرية جمعاء، ووجه الناس، ولم يحدثهم عن خلافة تعقبه، ولا عن نظامها السياسي، ولم يتطرق لعقوبات إصر وأغلال، وحتى الجلد لم يذكره" (ص175).
ورغم جمال هذا الاستشهاد، إلا أنه يصطدم بتناقضه مع مقدمات المؤلف الأساسية، في الاكتفاء بالقرآن!. خصوصاً وهو يعود لاعتبار خطبة الوداع نصاً يشكل "المقدمات الدستورية للمجتمعات المؤمنة في الإطار العام للإيمان" (ص177).
30ـ يقرر حاج حمد ألا حاجة إلى القطيعة المعرفية، لضمان التحرر المعرفي، بل هناك حاجة لإعادة اكتشاف، بعيدا عن قواعد الاكتشاف السابقة (ص200).
ولعمري إن هذا محاولة لاكتشاف كروية الأرض مرة أخرى. فنحن نعلم أن المقصود بالقطيعة المعرفية؛ التمرد على أدوات الوعي القديمة، بحثا عن أدوات جديدة، أنتجها تاريخ جديد. أي أن القطيعة المعرفية لا تقبل بما يقال عنه أصول تفكير واستنباط وقياس، تمت صياغتها في زمن مختلف: فكل زمن يحتاج أدواته الخاصة. وهذا الطرح من الكاتب ربما لا يكون إيجابيا تماما، لأن القطيعة المعرفية ـ كما يراها الحداثيون ـ لا تعني أنها مجرد منطق جبري، يقرر رفض كل ما هو موروث، وإنما هي منه ضرورة مساءلة كل ما هو موروث. ولأن حاج حمد لا يدعو إلى أكثر من هذا، فقد كان ينبغي له أن يقبل بالمصطلح كما هو، دون محاولة لفرض تسمية جديدة على محتوى موجود. فنحن أولا وأخيرا لا نبحث هنا عن اكتشاف كلمات، بل عن طرق جديدة لوعي جديد.
31ـ يكثر المؤلف من ضرورة الإيمان بالغيب في طرحه الإبستمولوجي (ص200ـ201).
يحدث ذلك، مع الكاتب، لأن لديه فرضيات غير صحيحة ـ في الغالب ـ عن الغرب لا يؤمن بالغيب. ورغم سيادة الفلسفة المادية في الغرب، في السنوات الأخيرة، إلا أننا لا يمكن أن نتجاهل حاجتنا المعرفية، إلى تبني الكثير من جوانب التحليل المادي لعلاقات التاريخ، لكي لا يواجهنا الأصوليون ـ الذين يكرههم حاج حمد ـ بالادعاء بأن كل ما يقولونه من عند الله. فنحن في حاجة بالفعل إلى تحليل علاقات الثروة والقوة والشفافية والفقر والصحة والاكتشاف العلمي، بمنطق مادي، كما لو كنا لا نؤمن بالغيب. ثم إن علينا في المقابل أن نكل كل ما عجزنا عنه إلى معرفة مؤجلة، سوف يأذن الله بها ذات يوم. أما أن نرجع كل ما لا نستطيعه إلى الله والقدر، فهذه هي الوصفة السحرية للكسل والخراب. وهذا هو ما نريد القطيعة معه، بالفعل لا بالكلام.
32ـ يقدم الكاتب للعالم مادة للتندر منا، حين يعرف القطيعة المعرفية بقوله:
"وانسجاما مع المنهجية العلمية المفتوحة، يستعيد الغيب، وتستعيد كل ماورائيات الطبيعة، حقها في البحث الإبستمولوجي" (ص201).
ومعنى ذلك، في نظر حاج حمد، ضرورة:
"دراسة الآثار المنعكسة للاتساع الكوني الهائل على مزاج الإنسان واتزانه العصبي، فالإنسان ليس منفصلا مستقلا عن جدل الطبيعة الكونية" (ص202).
ألا يقودنا هذا إلى تذكر مطالبة بعضهم بمنحه رخصة طبية، تسمح له بمزاولة مهنة إخراج الجن بالقرآن؟.
أما أنا ـ من جهتي ـ فأعتقد أن هذا كلام لا تنتجه إلا بيئات منحطة، غير قادرة على التحرر المعرفي، الذي يدعو إليه حاج حمد. يكفينا أن نقول إن هناك ما لا نعرف وما لا نستطيع معرفته، بصفتنا بشراً. لكن حاج حمد لا يريد الاعتراف بهذا، لكأنه يريد أن يقرر لنا طرائق معرفة الغيب بطريقة حاج حمدية.
33ـ يريد الكاتب أن يستمد قراءته الخاصة للقرآن، من مقدمة سورة الإسراء ونهايتها، ومقدمة سورة الحشر (ص214) فيجعلها حاكماً لاستراتيجيات منهجه، مع أنها آيات متشابهة، وتخضع لتأويلات متعددة ولانهائية. أي أنه يريد أن يجعل من قراءته ميتافيزيقا، تحدد ما يجب وما لا يجب. ثم يزعم أنه يدعو إلى علمانية الدولة.
34ـ يبدأ الكاتب الفصل الثالث من كتابه بالخوض في إشراقيات هائمة خاصة، تقرر أن إسلامية المعرفة:
"تعبير معادل للمعرفة الكونية، متى أدركنا مطلق القرآن وكونيته، باعتباره مصدرا وحيدا لهذه المعرفة" (ص229).
ثم يبدأ بطرح مفهومه لهذه المعرفة الكونية المطلقة، بتقسيمه التواصل الإلهي مع الكون إلى مستويات ثلاثة ـ مرتبة ترتيبا تنازلياً ـ هي: الأمر الإلهي، والإرادة الإلهية، والمشيئة الإلهية: فالأمر مرتبط بالإجبار، فيما الإرادة مرتبطة بالحب، أما المشيئة فمرتبطة بالسببية (ص293). وما ذاك إلا لأن القرآن
"كتاب متنزل على مستوى الأمر الإلهي، وليس الإرادة الإلهية أو المشيئة الإلهية" (ص229).
هذا هو الفهم الأبستمولوجي، الذي على الغرب أن يقتنع به، لتسود عالمية الإسلام، في نظر كاتب يواصل الخوض ـ بالعالم المراد أسلمته ـ بإشراقات صوفية غريبة ترى أن الإسلام أخص من الإيمان وأفضل:
"فمحمد صلى الله عليه وسلم إمام المسلمين، تتنزل نبوته من عالم الأمر الإلهي المنزه. وموسى عليه السلام إمام المؤمنين، تتنزل نبوته من عالم الإرادة الإلهية المقدسة. وإبراهيم عليه السلام إمام للناس، تتنزل نبوته من عالم المشيئة الإلهية المباركة. ولأن هذه هي مكانة محمد صلى الله عليه وسلم، جاء (اسمه المحمول) بأحمد. وتحمل قوة الاسم هذه خلافته الكونية الموازية لكونية القرآن ومطلقه" (ص231).
إلى آخر هذا الهراء، الذي يحشد له المؤلف الكثير من الآيات، التي يفسرها بطريقة عجائبية، يغني عنها الهروب إلى الجحيم.
لكن لا بأس بقراءة هذا الجحيم، الذي كتبه حاج حمد باسم الإبستمولوجيا، حيث يقول على سبيل المثال ما يلي حرفياً:
"ونتيجة لهذا الترابط المتكامل بين الأرض الحرام والنبوة الخاتمة والإسلام والخلافة الكونية والقرآن الكوني، رفع الله المؤمنين من الأعراب إلى ما فوق مستوى إيمانهم، فجعلهم من المسلمين، حتى إذا قالوا آمنا، بين الله ما وهبهم من مرتبة أعلى، بحكم ارتباطهم بما تقدم. وحتى الإيمان نفسه لم يكن قد دخل قلوبهم بعد: قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الحجرات/14)... قد رفع الله الأعراب إلى مرتبة الإسلام ارتباطا بالنبوة الخاتمة وخصائصها، مع أنهم كانوا ينادونه من وراء الحجرات. كما يتقدم في القرآن ذكر المسلمين على المؤمنين: إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات.. (الأحزاب/35)" (ص231ـ232).
ووفق هذا القياس، فإن درجة الإيمان تنقص مع الزمن، بسبب تخلفها الزمني عن العهد النبوي، ويصبح كبار الصحابة المدنيون في مرتبة أدنى من الأعراب، الذين ينادونه من وراء الحجرات!. هذه هي الطريقة التي يقرأ بها حاج حمد القرآن، ويقترح أن يجعلها مقدمات أولى تحكم حركة البعث الجديد!. وهكذا نصبح بين يدي كهنوتية إشراقية لا دليل عليها سوى نفسها.
35ـ ورغم هذه الدرجة غير المسبوقة، التي رفع حاج حمد الأعراب إليها، إلا أنه سرعان ما ينسى ما قاله، ويتناقض معه، حين يحط ـ في صفحات لاحقة ـ من قيمة هؤلاء الأعراب الأفضل فيقول:
"وأكد الله على طبائعهم السالبة، في الأغلب منهم، ما عدا بعضهم: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيم (التوبة:101/102)" (ص310).
الأمر الذي يبين لنا كم هو مضطرب هذا الرجل في ما يقول وينسى.
36ـ لا مانع لدى الكاتب من التوافق مع النظرية الداروينية، مع أنه ينتقدها في حصرها الأجل بالمرحلة القردية. ونحن كذلك لا مانع لدينا، بشرط أن يثبت العلم أنها حقيقة، لا مجرد استبصار بشري نظري. من هنا نراه يستشهد بقوله سبحانه: هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً، وأجل مسمى عنده، ثم أنتم تمترون (الأنعام/2) (ص264)، على أن هناك أجلا ما بين الطين والخلق البشري، تأكيداً على قيمة فعل الزمن (ص266).
ويمكن أن يكون هذا صحيحا لولا أنه غير مؤكد. لكن ما قيمة هذا الكلام حين نحاول أن نتفوق على الحضارة الغربية أو نواكبها، وهل يكفي هذا الكلام للقول إننا نفوق الغرب ولدينا بديل ماديتهم؟. أخشى أن يكون العكس هو الصحيح؟.
37ـ بهذه الطريقة يزعم حاج حمد أنه يفكك الرؤية الأسطورية، لبداية الخلق، في التوراه (ص265).
38ـ والآن دعونا نرى كيف يتناقض الرجل مع مقدماته الأولى، مع أن من المعلوم أن التناقض مع المقدمة يلغيها أو يلغي النتيجة:
كان قد قال في اعتراضه على الوضعيين:
"مرجعا الاجتهاد إلى عصرنة مفتعلة، وإخراج للنص من دلالته المقيدة إلى عائدها المعرفي في التراث، غافلاً عن إطلاقية القرآن والوحي، مع أن التعامل هنا لا يتم مع نص بشري، محكوم بالتاريخانية كتراث، ولكن مع نص إلهي" (ص39).
أي أنه هنا يقرر لا تاريخية النص القرآني، باعتباره متعاليا على الزمن.
لكنه سرعان ما ينسى كل ما قاله ـ حول لازمنية القرآن ـ فيقرر أن (آيات السيف) محددة بزمنها ومكانها، بالطريقة الآتية:
"لتحقيق مشروعية الأمة المسؤولة عن الذكر، حيث لا يجتمع في جزيرة العرب دينان".
"لتحقيق النصرة الإلهية الغيبية للنبي والرسول الخاتم بتدخل إلهي".
"لتأسيس الأمة الوسط، ما بين الأرض الحرام والأرض المقدسة، وما جاورهما، حيث لا تجتمع مركزيتان"
"فمطلق القرآن ومنهجيته يدلان على محددات التطبيق لآيات السيف" (ص306).
وأنا أقول بأن هذه المحددات هي ذاتها تاريخية، من فعل الزمن، ومن اجتهاده الشخصي، الذي يمنع الإطلاق الذي يقول به حاج حمد. أي أنه يقع فيما منع الناس منه.
39ـ ولسوف يطلق القرآن، شرعة السيف كلما رأى حاج حمد حاجة لذلك. يقول:
"وإنما أطلقها ـ شرعة السيف ـ في إطار حصري مقيد، كما كانت حصرية ومقيدة في الحقبة النبوية، وذلك بمنطق آخر هو منطق التدافع مع الإسرائيليين" (ص307).
النتائج:
* يبسط حاج حمد المسألة، حين يرى أن الغرب بإمكانه أن يعترف بفشل حضارته، لنتقدم نحن بقراءتنا.
* الأمة الوسط مفهوم مركزي في هذه الدراسة، ويقصد بها النواة الصلبة للدولة الإسلامية. وهذا مفهوم قطبي سابق، ولا جديد في طرح حاج حمد له.
*يحدد الأمة الوسط زمانيا بمرحلة حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ومكانيا بجزيرة العرب والشام.
*شرعة السيف قائمة إلى أبد الآبدين، في جزيرة العرب والشام.
*شرعة السيف قائمة حين نحتاج إلى الدفاع عن النفس في باقي الأماكن.
*بعد الرسول هناك تدافع لا جهاد.
*لا إكراه في الدين آية لا ينطبق معناها على كفار الجزيرة والشام. فالإكراه واجب في هذه المنطقة الوسط. والآية عاملة فيما وراء ذلك من المناطق الأخرى.
*السنة النبوية بمجملها مرفوضة، لأنها تشبه التلمود في صدها عن سبيل الله، ولا يستثنى حاج حمد من ذلك البخاري ومسلم.
*مع ذلك كثيرا ما نراه يستشهد بها، وبما هو أضعف منهما (سيرة ابن هشام).
*مصادرة كل فكر بشري يختلف مع ما يقول إنه إطلاقية القرآن.
*يتناقض كثيرا في تفسير مصطلح إطلاقية القرآن، حيث نراه تارة يجعله حاكما على كل تصرف، لأنه لاتاريخي. ثم نراه في مرة أخرى يحتاج إلى تأويل، لا يخرج به عن عوامل التأثير التاريخية.
*يكثر الكاتب من استخدام المصطلحات الغربية، حتى مع وجود مقابل عربي لها.
*الكاتب مفتون بالتصوف الإشراقي، الذي يفسر الحقيقة من منظور قلبي رؤيوي، لا نصي ولا منطقي.
*يثور الشك لدى القارئ في نوايا الكاتب، حين يصرح بأن غزو إيران ومصر لم يكن جهاداً، بل يقدمه في ثوب مذموم. لأن الشيعة الفرس هم فقط من يروجون لهذا المفهوم.
*نفس الشك، في الدوافع والانتماء تثور، حين يعلي من الفلسفة الإشراقية ويتبناها، ويفسر القرآن بما يظنه مقتضاها، لأننا نعلم أن منبت الإشراقية هو فارس (الزرادشتية).
*يحاول توظيف الألسنية الحديثة في تفسير القرآن. ومعلوم أن الألسنية مرجعها تغير اللسان من زمن إلى زمن، فيما لغة القرآن ثابتة على الدوام.
*كلامه عن الإسرائيليين الآن موهم ويثير الشكوك، مع أنه يصرح بحقنا في قتالهم. لكن السؤال ـ كما قلنا سابقاً ـ لماذا نقاتلهم؟ وفي هذا يدور جدل غير مريح مع حاج حمد.
*يعتبر رؤية التوراة لبداية الخلق أسطورية. وفي هذا نظر كثير، فليس كل ما هو في التوراة الحالية مطعون فيه، خصوصا إذا صدقه القرآن.
*قوله بأن الإسلام أخص وأفضل من الإيمان، وكذا الأعراب أعظم من المدنيين، هو كلام طريف يشبه النكتة.
*لا يرى نفسه متعارضا مع الداروينية، على الأقل في وجود مسافة زمنية بين الطين والروح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: محمد أبو القاسم حاج حمد. إبستومولوجيا المعرفة الكونية: إسلامية المعرفة والمنهج. ط1. دار الهادي. بيروت. 2004.
08-أيار-2021
06-آب-2016 | |
25-أيار-2015 | |
28-أيار-2014 | |
01-آذار-2013 | |
25-تموز-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |