قصة رئيسين
2011-08-27
ما أن شرعت بكتابة هذه القصة، بادئاً بالاستهلال المعروف ( كان يا ما كان) حتى ثارت ( إن )، داعيةً بمظاهرةٍ حاشدةٍ في دماغي إلى إسقاط "النظام العائلي" لـ (كان و أخواتها) واستبدادها في تصدر رواية أي قصة، فسلمت أمري، ورضخت لهذه المطالب، وقررت أن أبدأ قصتي بعبارة (إن ياما إن).
إن يا ما إن..
الشعب الليبي، ومن كثرة إشفاقه على القذافي خرج بمظاهراتٍ تطالبه بالتقاعد قائلةً له: "كفاك تضحيةً من أجلنا، كفى وأنت تعطينا من خزنة (اللي خلفك) وتنيرنا بأفكارك، لذلك نريدك أن ترتاح، آن لك أن ترتاح ".
قام القذافي مباشرة بجمع مستشاريه طالباً منهم النصيحة، وطبعاً ـ وكما هو متوقع ـ أشاروا عليه بكل شفافية أنهم يوافقون الشعب رغبته، فكلفهم بوضع خطة لانتقال سلمي للسلطة، و كم غضب وثار عندما سمع أن بعض الجنود أهان المتظاهرين، فألقى على الفور كلمةً للقوات المسلحة شاع منها المقطع التالي:
"إلى الوراء..إلى الوراء..أريدكم أن توزعوا الماء البارد و الورود على المتظاهرين في كل أرجاء ليبيا، شبر شبر، زنقة زنقة، دار دار".
ففعلوا، و استجابوا لطلبه، و لم تمض ستة أشهر على هذا الخطاب حتى تولى السلطة مجلس انتقالي، وضع مشروع دستور لليبيا وطرحه على الشعب، ثم قام بالدعوة لانتخابات تشريعية ورئاسية على أساس الدستور الجديد، و أجريت الانتخابات، وهكذا أصبح لليبيا دستور جديد وبرلمان (خلنج) ورئيس (طخ، بشحمو، بورق الوكالة) ، و(كان) مشهد تسليم القذافي مقاليد السلطة للرئيس (الطخ) من المشاهد النادرة التي قلما تتكرر.
ولقاء خدماته، ولأنه فقير وضحى بكل ما يملك من أجل الشعب، قام الليبيون بجمع تبرعات، فبنوا للقذافي بيتاً جميلاً وبسيطاً تعكس بساطته روحية الرئيس المتنحي وملامح شخصيته المتواضعة التي اعتادت التضحية، وعاش معززاً مكرماً طيلة حياته، هو و أولاده وأحفاده.
القذافي اليوم مرحب به أينما حل، ودخل التاريخ من أنظف أبوابه، وصوره تطبع وتوزع بعد أن صار رمزاً من رموز الديمقراطية و الحرص على الوطن و وحدة شعبه. وخطاباته تطبع على أقراص وكتيبات في كل أنحاء المعمورة لما تحويه من تحليل عميق وأفكار غنية وعدم تفاخر ونرجسية وتعالٍ.
(إن) القذافي أيقونة ومنارة لليبيا وأفريقيا، و (إن) الجميع يقارنه بـ (السفاح المجرم) نيلسون مانديلا الذي لم يتنازل عن السلطة كما فعل القذافي، مخاطباً شعب جنوب أفريقيا بما معناه: " أيها الجرذان، الجراثيم، نيلسون مانديلا و أولاده هم الوحيدون القادرون على قيادة البلد، نحن لم نستخدم القوة بعد، إلى الأمام ..إلى الأمام..نيلسون مانديلا هو المجد....إلخ" وقام بقتل كل من طالبه بالتنحي، وتسبب بتدخل حلف الأطلسي الذي اتخذ حماية المدنيين من بطشه وبطش كتائب مانديلا ذريعةً لقصف جنوب أفريقيا، وتدميرها .
السيدة إن:
ياما... وياما إن لم تكفِ للتعبير عن المواقف الناقصة، و التواريخ الناقصة، و الرؤساء الناقصين، فاعذرينا يا عزيزتي (إن) التوكيدية القاطعة المطلقة الحاسمة الأبدية....إلخ فنحن لا نستطيع حذف (كان) وأخواتها، إذ للسيدة (كان) سطوتها، و لابد أن يأتي يوم تفرض فيه (كان) كامل هيبتها ، فاليوم مثلاً لا يمكننا القول: (إن) معمر القذافي رئيس ليبيا.... لا بد من استخدام (كان) بكل حضورها المهيب، فعلاً ماضياً ناقصاً، ربما لم يشهد التاريخ مثيلاً لنقصانه.
عن الفيس بوك
08-أيار-2021
05-أيلول-2020 | |
23-أيار-2020 | |
04-نيسان-2020 | |
21-أيلول-2019 | |
هكذا تكلم أبو طشت ـ الجزء 5 كورنيش الشمس لدعم النقد الأجنبي. |
14-أيلول-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |