أنا مو نازحة....
خاص ألف
2011-10-23
في الأسبوع الماضي سافرت مع صديقة لي إلى بيروت لترى طبيبها هناك؛ بعد أن انتهينا من تلك المهمة نزلنا إلى الأسواق للتبضع و شراء ما يلزمنا من ثياب وحاجات.....
كل شيء مشى على ما يرام؛ و بعد أن انتهت جولتنا دخلنا مطعماً صغيراً لتناول وجبة خفيفة لتسد رمقنا قبل السفر و العودة إلى دمشق.
بدأنا بالأكل و كنا نتحدث بمواضيع شتى.. لفتت انتباهي طاولة بمحاذاتنا يتحلق حولها أربع أطفال و امرأة؛ قدّرت من التفاف الأطفال و غنجهم و طلباتهم أنها أمهم؛ ثلاثة منهم كانوا كذلك، إلا طفلة بينهم لا تبدو ملامحها أنها تنتمي إليهم ... كلما سألتها المرأة شيئاً كانت ترد : ما بدي..مو جوعانة.. بينما كان الثلاثة الآخرون يأكلون و يمزحون ويتخاطفون طعام بعضهم بمرح و عفوية.
و كوني حشرية و خاصة في بعض المواقف الإنسانية الغريبة كنت أتحين الفرص لأنظر باتجاه الطاولة و أحاول أن أعرف سبب انعزال هذه الطفلة عن مجموعتها المتآلفة وصحن طعامها الذي لم ينقص منه إلا لقيمات..كانت تنقر الطعام مثل عصفور تعلّم للتو كيف يأكل لوحده دون مساعدة أمه.. وكلما نظرت باتجاهها كنت أمسك بها متلبسة بالنظر إلينا أنا و صديقتي بعينين حانيتين... كأنها تريد شيئاً أو تستنجد بنا..و لكنني لم أحرك ساكناً...
بدأنا نحضّر أنفسنا لمغادرة المطعم و لما صرنا على مقربة من الباب أحسست بيدٍ صغيرة تلمسني من الخلف.. كانت هي الفتاة بعينها.. نظرت إلي بحنوٍ لن أنساه مدى العمر و سألت بصوت دافيء منكسر : خالتو أنتو من الشام ؟؟؟ كانت لهجتها سورية رغم أنها لم تتفوه إلا هذه الجملة القصيرة المقتضبة. أسرعت بالإجابة و أنا أمسّد شعرها: إي خالتو.. وأنتي من وين؟ قبل أن تجيب الطفلة كانت المرأة قد لحقت بها و أمسكت بيدها لتعيدها إلى الطاولة.. قالت المرأة: إنها قريبتنا نازحة من وادي خالد... كاد قلبي يتوقف عن الحياة حين هجمت الطفلة علي و هي تقول :خدوني معكن خالتو..الله يخليكي..والله أنا مو نازحة...أنا مو نازحة..أنا بلدي سورية..و الله أنا بلدي سورية... خالتو الله يخليكي....
08-أيار-2021
24-نيسان-2021 | |
13-آذار-2021 | |
19-كانون الأول-2020 | |
07-تشرين الثاني-2020 | |
12-أيلول-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |