ضرب الحبيب حول فتوى فضل الله
2007-12-17
بصراحة: من حق النساء في بلاد العرب أن يضربن أزواجهن، فهم لم يعودوا فرسانا
ليس من حّق (الذكر) العربي أن يفشّ غلّه في زوجته، شريكته، رفيقته في الحياة
هذه الفتوي أكثر جديّة من فتوي إرضاع الموظفة لزميلها درءا للفتنة، وإرساء ًلعلاقات الأخوة بين الموظفين الشقيقين، فلا مجال للمقارنة بينهما.
أطلق الفتوي العلاّمة المرجع السيّد حسين فضل الله، ولا ضرورة أن تكون دوافعها راهنة وملّحة، فهي تضع الأسس السليمة والعادلة لمعالجة حالة شاذة دائمة كالعاهة الدائمة، فضرب الرجل للمرأة، وخاصة الزوج للزوجة، متفشّ بين العرب.ثمّة من يبيح الضرب بحجّة التربيّة، في بلادنا التي أفشل ما فيها التربية والتعليم، في البيت، والمدرسة، والجامعة.
فتوي السيّد حسن فضل الله تتكوّن من بندين، الأوّل ينّص علي أنّ الإسلام لم يبح ممارسة الرجل للعنف ضد المرأة، سواء في حقوقها الشرعية التي ينشأ الالتزام بها من خلال عقد الزواج، أو في إخراجها من المنزل، وحتي في مثل السّب والشتم والكلام القاسي السيء، وذلك يمثّل خطيئة يحاسب الله عليها، ويعاقب القانون الإسلامي.
في البند الثاني من الفتوي: أمّا إذا مارس الرجل العنف الجسدي ضد المرأة، ولم تستطع الدفاع عن نفسها إلاّ بأن تبادل عنفه بعنف مثله، فيجوز لها ذلك من باب الدفاع عن النفس، كما أنه إذا مارس الرجل العنف الحقوقي ضدها، بأن حرمها من بعض حقوقها الزوجية كالنفقة، أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّا من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد.
عقليّا ومنطقيّا، ومن منطلق احترام آدمية المرأة، ومساواتها بالرجل، فهذه حقوق مشروعة، وأوّلها: حّق الدفاع عن النفس.
بالنسبة للسلطات العربيّة الرسميّة، يعتبرهذا الكلام استفزازيّا، إذ يحرّض علي حّق الدفاع عن النفس خارج البيوت الأسريّة، وهو ما لا تحمد عقباه، لأنه يذكّر بحّق غائب عن واجبات الدولة العربيّة الإقليميّة المعاصرة.
المرأة عند العرب، كانت توصف بالحرّة، من الحريّة لا من الحرير والنعومة والذوبان بين يدي بعلها، أو أمام هيبة شواربه التي كان يقف عليها الصقر، ـ عنترة، أبوزيد الهلالي ـ فحلقها وملطها الأحفاد، بعد أن أفل زمن الشنبات، وانحسرت الرجولة من الذود عن تخوم الوطن، إلي الانزواء في عتمة البيوت العربيّة غير السعيدة.
ألا يكفي المرأة أنها تتحمّل بهدلة حياتك، والجوع، والخدمة ليل نهار لدزيّنة عفاريت بزّرتهم، بحيث صارت تشتهي لو أنها سيرلانكيّة، أو فلبينيّة، أو اندونيسيّة.. مستوردة، وكل أنواع اللحم باتت مستوردة في (دول) العرب المستقلّة!
من صفات المرأة عند العرب: الأصيلة، يعني بنت الأصل والفصل، وهذه لا ترفع عليها يّد، فهي كريمة كالحجر الكريم، وأدني إهانة تنتقص من قيمتها، وهي لا تحرد، أو تحرّد إلي بيت أبيها، مطرودة منبوذة محتقرة، لأن البيت بيتها، وهي ليست جارية.
كيف يرضي الرجل لزوجته، شريكة حياته، أن تهان وتضرب، وأن تكون العلاقة بينه وبينها علاقة جلواز بمواطن عربي سجين، فلا حقوق إنسان، ولا لجان حريّات للمواطن العربي المستباح تماما ؟!
أهي مشكلة متفشيّة عندنا ؟نعم، ضربا باليّد، وشتما، وتحقيرا.
ليس من حّق (الذكر) العربي أن يفشّ غلّه في زوجته، شريكته، رفيقته في الحياة بحلوها ومرّها ـ ما الحلو في بلاد العرب؟ ـ وأن ينتقم منها احتجاجا علي هرولة أمين عام الجامعة العربيّة عمرو موسي إلي أنابوليس!
من حقّه أن يغنّي مع المزارع المصري مصطفي، الذي يعتني بجنينة جيراننا: باحبش عمرو موسي.. وباكره (إسرائيل).. مثلاً، كشكل من أشكال الاحتجاج، وليس أن يهجم علي زوجة لا تعرف أين تقع أنابوليس هذه .
بصراحة: من حق النساء في بلاد العرب أن يضربن أزواجهن، فهم لم يعودوا فرسانا، والفرس من خيّالها، يعني من فارسها، وفارس الحرّة العربيّة صار كديش.. وهي لا ترضي بهذا الحال المائل!
أنتم قرأتم في القدس العربي في عدد 21 تشرين الثاني، عن الحصان الذي أهانه صاحبه الفلاّح في تونس، فما كان منه إلاّ وحشره في زاوية وأخذ يرفسه، ويعضّه، ويدوس عليه إلي أن ماااااات...
ذلك الحصان تمّ تكديشه، يعني روّض ليصير حيوانا يصلح للحراثة والتحميل عليه، وينسي الفروسيّة، والبراري الفسيحة، ولكنه في زاوية من نفسه بقي أصيلاً، ولذا دافع عن نفسه بما تبقّي من أصالة، فحتي الحيوانات عندها أنفة وكبرياء واعتداد بالنفس، ومهما هانت فإنها تنتفض!
واحد من الشباب علّق في موقع للإنترنت علي فتوي الشيخ أبوزنط ـ والتي جاءت امتدادا لفتوي السيّد نصر الله ـ فاقترح أن ترتدي النسوة خوذات، ودروعا، لمواجهة الرجال الذين يخيفونهن بالتلويح بالسيوف مثلاً.
سيوف.. السيف في بلادنا بات مجرّد أداة للزينة، فهو لم يعد أصدق إنباءً من الكتب.. السيوف العربيّة تظهر في الاحتفالات الاستعراضيّة، وهي تستورد من.. أوشكت أن أقول: باكستان.. وباكستان يثور محاموها، وقضاتها، وطلاّبها، وطالباتها، و... يوقفون الجنرال عند حدّه، وينتزعون الديمقراطيّة رغم أنفه، ويفرضون عليه أن يخرج من البدلة العسكريّة، ويلغي حالة الطواريء.
في بعض بلاد العرب حالة الطوارئ مستمرة منذ أربعين سنة!..يعني تقريبا منذ وفاة (طارئ) بن زياد، وبعد أن تحكّم بحياتنا أي طارئ مندّس في بزّة عسكريّة تصلح للاستعراضات، و..الاستيلاء علي الحكم، لا لرّد العدوان و..الدفاع عن النفس، نفس الوطن، لا كرسيّه.
رجال العرب يا سيّد فضل الله ما عادوا يهجرون الزوجات في المضاجع، فهم بسبب سوء التغذية، والخوف، والقلق، وقلّة النوم من الهموم، والخزي من أحوالنا العربيّة الراهنة، وتحكّم سلطات توطّي الرؤوس، بالكاد مع دعم الفياغرا، إن توفرّت، يندّسون في المضاجع ليمارسوا بعض (نشاطاتهم) البيولوجيّة، بقليل من الحّب، وبوازع من استذكار رجولة مهيضة ينحصر نفعها في الإنجاب بلا مبررات أو إغراءات!
صدقوني أن كلمة (نشاطات) أعادتني إلي النشاطات الاستيطانيّة!
ماذا نفعل، فكلّما هربنا، أو حاولنا أن نتخفف من كلام السياسة، نضطر مكرهين أن نتذكّر واقعنا العياني. فبعد أنابوليس.. وتباشير استئناف مسيرة السلام، انتعشت النشاطات الاستيطانيّة في جبل أبوغنيم، والتبشير ببناء مئات الوحدات توسيعا لمستوطنات ـ هم بمئات الوحدات، ونحن خسرنا وحدتنا ..الواحدة، وها نحن علي الفضائيات نتحاور علي الوحدة ونّص ـ ! ولم نسمع تصريحا غاضبا احتجاجيّا من العربان الذين اندفعوا (جماعة)إلي أنابوليس، وكحّلوا عيونهم بتسيبي ليفني.. معقول يسيبو ليفني وينحازوا لنا؟!
والله لو أن أولمرت أعلن عن بدء الاستيطان في جبل عرفات، وليس جبل أبوغنيم.. ما اهتزت في أبدانهم شعرة، حتي ولا شعرة معاوية!
في زمن هؤلاء يتفشي ضرب النساء، وفضائيات الأبراج، والفقر، وغلاء الأسعار ورخص البني آدم، وارتفاع كيلو العدس ليبلغ 2دولار! فماذا تطبخ النسوة العربيات لأبنائهن سوي الحصي.. أسوةً بطبخة عرب أنابوليس، فالشيف العربي الرسمي الموحّد يوفّر فقط الحصي والماء الملوّث، وفي هذا الليل العربي الثقيل، لن يخرج عمر بن الخطّاب متجولا في الليل، مصغيا لأقل نأمة شكوي، هو الذي اعتبر أن الله سيحاسبه لو تعثّرت بغلة علي حدود الروم!
السيّد حسين فضل الله الذي أفتي مرارا وتكرارا بمقاومة الاحتلال الصهيوني في فلسطين، ولبنان، وبمقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق، في فتواه الجديدة يفتي بالمقاومة، فالمرأة عندما تقاوم ظلم رجلها، وتذكّره بأن يده خلقها الله لا للضرب، ولكن لتكون مع يدها متشابكتين لبناء أسرة عربيّة محترمة، فإنها تذكّره بأن وظيفة اليّد هي حمل الفأس، والعصا، والحجر، والبندقيّة، والقنبلة.. لمقاتلة الأعداء، ليكون أبا حرّا، زوجا حرّا، مواطنا حرّا، لا كائنا فاشلاً نذلاً يعجز عن رفع عينه في عيون غاصبي حقوقه، معوّضا عن ذلّه وجبنه واستكانته، بالانفجار في شريكة حياته، امرأته، حبيبته، التي تمنحه قلبها، وحنوها، و...الرحم الخصب لينجب أبناءً وبناتا كراما أحرارا.
الفرق بين فتوي إرضاع الموظفة لزميلها، وفتوي حقّ المرأة في الذود عن كرامتها وفقا للشريعة، والقيم الإنسانيّة، هو الفرق بين تبعية أنظمة الجامعة العربيّة لكونداليسا وبوش و..بين الأم، والزوجة، والابنة، والحبيبة.. التي تودّع شقيق الروح وهو يحمل حجره، بندقيته، قنبلته و.. يمضي مقاوما لانتزاع الحريّة لوطن عربي يحيا فيه المرأة والرجل متساويين أحرارا...
القدس العربي
08-أيار-2021
28-تشرين الثاني-2020 | |
02-حزيران-2014 | |
01-كانون الثاني-2008 | |
17-كانون الأول-2007 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |