أول إشارة
خاص ألف
2011-11-23
عندما سمع صوت الجرس الفضي الرخيم يرن في ذهنه، علم أن هذه هي الإشارة. أسرع إلى شجرة العائلة، و باشر بالبحث عن مكان لها في الحديقة.
هنا سوف يتعمد هذه الشجرة بالعناية، و عما قريب ستتحول من مجرد نية مضمرة بالحياة، إلى ظل وارف، و إلى عقدة من الأغصان المتشابكة.
كان طوال الوقت ينتظر في الصالون، و مع أنه مكان متوهم له وجود في أحاسيسه، فهو يقدم له المجال المفترض الذي يلقي عنده المرساة، و يساعده على فرصة سانحة للانتظار إلى أن يحين الوقت.
و غير الكنبة، المصنوعة من خيال لصورة تدل على طور الراحة و ربما على التريث، كانت توجد فوق الجدار المقابل له لوحة وضيعة.
لم تكن ناقصة لو شئت الحقيقة غير أنها تصور الخراب و الألم الناجم عنه.
و إن كان من الصعب أن يشرح لنا هذه المفردات، ذلك فقط لأنها من غير حضور محسوس. كانت مثل العناصر الأخرى لهذا الوجود العابر، مجرد بصمات في الذهن، ندوب ناشئة من الاحتكاك مع الظروف القاسية.
***
و هو يحمل شجرة العائلة و يتوجه بها إلى الحديقة، تبادر لذهنه : من الخطأ أن نقول ما لجرح بميت إيلام.
الندوب الملتئمة تفرض على الذهن خبرة مضاعفة بالعذاب.
و طبعا، كانت الحديقة ليست موجودة، كانت صورتها، المرسومة في الذهن، على أتم وفاق مع هذا التواجد المتوهم. مع هذه الحقائق غير العيانية، و لكن التي تفرض ثقلها فوق مشاعرنا.
حديقة في عالم الظل، و من يعلم ما هو قوامها.
مفتوحة على الملأ، أم مغلقة بأسوار مصانة.
من السهل أن يعبث بها الغرباء المبعوثون من عالم ميتا – وهم، أم أنها محصنة و توجد أدوات للإنذار عند حدودها.
هنا أيضا كانت الحدود عائقا ذهنيا. لم تكن لديه أية صورة واضحة عنها. فهو في عالمه لا يعرف ماهية الحدود. بل متى يجب أن لا يتخطاها، و متى يسمح له بذلك.
كانت لا توجد هنا غير الرمال الذهبية، و هي متوفرة من خط البداية و على امتداد الفراغ.
هذا مجرد تيه و من غير أية علامات، و للتو سوف يضع فيه أول إشارة، شجرة للعائلة...
31 كانون الأول 2010
من كتابه بيت فرويد
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |