" لَفّقْ تَسُدْ " عن علمانية الاسلام السياسي
خاص ألف
2012-01-23
فاقد الشيء لايعطيه, فمن أي سماء هبطت الديمقراطية على عمائم الاسلام السياسي؟ وعن أية علمانية يتحدثون؟ وبأي مشاركة سياسية يؤمنون؟. بالأمس القريب عندما تجرع الخميني السُم وأسكت مدافع أية الله ووافق على قرار وقف اطلاق النار في الحرب العراقية- الايرانية, هيأت الماكنة الإعلامية لحراس الثورة الإسلامية كبش فداء وهدفاً لسهام القوم, بدلاً من أن تتوجه نحو النظام الذي لم يستجب لدعوات إنهاء الحرب التي استمرت ثمانية أعوام دامية ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الابرياء على جانبي القتال. كان الهدف "سلمان رشدي" وآياته الشيطانية, فتحولت الحياة في إيران بعد وقف اطلاق النار مباشرة, إلى كرنفال متواصل من المسيرات الاحتجاجية على المرتد وآياته طويت معها صفحة محاسبة النظام على تعنته في موقفه الرافض لإنهاء الحرب, وتحولت المشاعر والحناجر والخناجر نحو من تجرأ على الرسول وآل بيته, ونجت آيات الله من المسآلة, ثم تحولت إيران من الثورة إلى الدولة ودخلت نفق "ولاية الفقيه" ولم تخرج منه حتى يومنا هذا. ما يدعو لاستذكار الحالة الإيرانية هو ما نراه على أهم الشاشات الفضائية الناطقة بالعربية, من تركيز على الإخوان المسلمين ومختلف مسمياتهم. التركيز على اخوان مصر والأردن واليمن وسوريا وليبيا وحتى العراق ومحاولة إغفال أو تهميش قوى الثورة الشبابية ووجوهها, التي كانت هي السبب الأساسي لما يشهده الشرق الأوسط من ربيع التغيير الذي كان أشبه بـ "تسونامي" أعاد ماء الوجه لشعوب نامت طويلاً على بساط من اليأس والسكون والسلبية. السؤال المهم هنا هو: هل هناك توجّه ما يتبع طريقة التصوير "زووم أون" يضخم ما يقوم به الاخوان ويفسح مساحة كبيرة لهم, ويساهم في تمهيد الطريق لقيادة مجتمعات طابعها الشعبي اسلامي ويلتف على مايحققه شباب الثورة من انجازات على صعيد قيم العدالة والمدنية؟ كي يطرح شعارات بديلة يستطيع بها الاخوان وعبر "الجمع المؤمن" من كسب ود البسطاء ويستثيرون بهم الحميّة الدينية باختلاق عدو للاسلام بتعبير آخر "سلمان رشدي جديد" يخدم وجوده أحزاب الإسلام السياسي وعلى رأسها الاخوان ليتم به سحب البساط من تحت كل القوى العلمانية واليسارية والليبرالية التي تسعى من أجل تمدين الريف ونقل قيم العلمانية والمدنية وبالتالي الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان إليه, لا ترييف المدينة ونشر الفكر الغيبي, كما فعلت كل الأنظمة الشمولية التي انحدر زعماؤها من حواضن قيم العشيرة وأعرافها, وتسدّ الطريق أمام أي مطالب للعدالة الاجتماعية وحقوق المرأة ومكاسب الدولة المدنية, باستنهاض العداء للشيطان الجديد وللغرب وقيمه والعودة إلى نغمة هي إن "العلمانية" من المناهج المستوردة التي لاتصلح للمجتمعات العربية المسلمة, وتحويل عملية التغيير لصالح احياء ما درس من مناهج السلف الصالح لا اصلاح الخلف بسنّة التغيير. والأهم من التغيير هو السؤال الملّح, التغيير: إلى أين؟ وبأي بوصلة؟ ومن يأخذ دور الدليل؟
من الضرورة بمكان أن نلقي الضوء على تاريخ جماعة الاخوان التي ولدت في مصر وانتشرت في العديد من الدول العربية مشرقية كانت أم مغاربية ونستطلعه عبر لمحة سريعة.
في مدينة الاسماعيلية وفي الثالث والعشرين من مارس/آذار عام 1926 اجتمع ستة أشخاص من العاملين في معسكرات الإنجليز بمدرس للغة العربية في المدرسة الابتدائية الأميرية بالإسماعيلية يدعى حسن البنا الذي لقب نفسه بالمرشد. وضع المرشد أسس تكوين الجماعة وتمثلت في ثلاثة أجيال على النحو التالي: جيل التكوين وهو جيل عليه أن يستمع والطاعة ليست فرضاً عليه, والجيل الثاني هو الجيل المحارب أو جيل الجهاد وهو جيل التنفيذ والطاعة التامة فرض عليه, والجيل الثالث هو جيل الانتصار الذي يتولى أمر المسلمين بعد الانتهاء من الصراعات التي ستخوضها الجماعة لكي تصل إلى دولة الخلافة. كان الملك فى ذلك الوقت يعاني من قوة الأحزاب السياسية وكان يدعو دائما بحل الحكومة وتشكيل حكومة جديدة لأن مصر فى ذلك الوقت كانت تقوم على نظام ليبرالي وكان للأحزاب حضور بارز والملك في ذلك الوقت كان يحتاج قوة داعمة له ضد الأحزاب التى كانت تهدد حكمه فعندما سمع عن الأخوان فى الاسماعيلية؛ قام بتسهيل الأمور, وأفسح لهم الطريق لكي ينتشروا فى القاهرة, ليكونوا تياراً معارضاً للأحزاب السياسية. كان أول دعم تلقاه الأخوان المسلمين وهو مبلغ 400 جنيه من الجيش الإنجليزي. ثم انتقلت الجماعة بمركزها للقاهرة وأصدرت مجلة إسبوعية بإسم جماعة الإخوان المسلمين وصار لها فروع خارج مصر, في سوريا ولبنان والسودان وفلسطين. وكانت كل يوم في إزدياد في أعداد المنضمين اليها من المنادين بإعادة دولة الخلافة على يد الإخوان المسلمين. عشرة سنوات هي عمر الجيل الأول من الجماعة. ثم بدأ حسن البنا في العام 1938 ينتقل بجماعته للجيل الثاني وهو الجيل المحارب او جيل الجهاد. وبالفعل بدأ في تحويل جزء من الجماعة من العمل المدني الدعوي للعمل العسكري فأنشأ فرقاً للرحلات الكشفية, تطورت لجوالة بلباس عسكري تطورت بدورها إلى كتائب ثم تطورت إلى أسر حتى وصلت بطبيعة الحال لتنظيم مسلح. عرف هذا التنظيم بإسم الجهاز الخاص أو التنظيم السري, كانت شروط الإنضمام إليه بالغة الصعوبة لأن عناصره يتم اختيارهم بدقة بالغة. شعارهم الموت في سبيل الله والتضحيه بكل ماهو غالي ونفيس. قانون هذا التنظيم يعرف بقانون التكوين, أي أنه يتم تكوين التنظيم من مجموعات وكل مجموعة ينبثق عنها مجموعات أخرى ينبثق عن كل منها مجموعات أخرى. بحيث لا يكون هناك رابط بين المجموعات وبعضها, كل ذلك من أجل تأمين أنفسهم. وهكذا انتشر فكر الجماعة وتكاثرت التشكيلات التنظيمية بطريقة انشطارية في عدد من الدول العربية. مرّت الجماعة بحركة مدّ وجزر وتجارب قاسية كان عنوانها العنف الدموي , فالتجأت إلى التقية والنضال السلبي مرة وإلى الخوض في برك الدماء أخرى, بين عمليات اغتيال كما حدث مع رئيس الوزراء أحمد ماهر في عام 1945 و ومحمود فهمي النقراشي عام 1948 واغتيال القاضي المدني أحمد الخازندار عام 1948 بعد أن حكم في قضية كان أحد أطرافها من الاخوان, ومحاولة تفجير محكمة بوسط القاهرة عام 1949, والقيام بتفجير عدد من أقسام الشرطة بعد مظاهرات عام 1946 التي شارك بها الاخوان بفاعلية. ثم عانت الجماعة من الاضطهاد في عهد عبد الناصر وتأرجحت بين القبول والرفض من قبل خلفه السادات حتى حُظرت في السنوات الأخيرة من حكم مبارك. وهكذا دار الاخوان في دائرة الأجيال الثلاثة التي رسمها حسن البنا, فمرة يتم بها حرق المراحل للوصول إلى الجيل الثالث ومرة ينكمش دورها في مرحلة جيل الدعوة حتى يأمر الله بالنصر. وجاء النصر على يد شباب الفيسبوك وشارك شباب الاخوان إسوة بغيرهم بالثورة. وعندما تعالت الأصوات وبدأ زخم الثورة يتجه نحو سلة من المطالب الديمقراطية والمدنية والمواطنة الحقة, بدأ التباين يتضح يوماً بعد يوم وهناك من يدعم هذا التوجه ويسعى للتأكيد على خصوصية الشعوب العربية المسلمة, فنجد إن هناك من يركّز هذه الأيام الحديث في الفضائيات على إن ثلةٌ من الآخرين وقليل من الأولين في مجتمعاتنا العربية منْ يؤمن بالعلمانية ويؤيد فصل الدين عن الدولة, ويعي أهمية ذلك وضرورته من أجل دولة مدنية ونظام حكم ديمقراطي يفصل بين السلطات من أجل تأميّن العدالة والمساواة أمام القانون على أساس المواطنة لكي تُطوى صفحة الرعية بوضع التراث على الرف والاحتفاظ به كما تحفظ المصادر للباحث, وتًفتح صفحة جديدة من دفتر التاريخ المعاصر للمدنية هي صفحة المواطنة. هذه الثلة يتم التعامل معها إعلاميا بطريقة" الزووم آوت", ويؤكدها تسليط الضوء على المتظاهرين الخارجين من الجوامع لا على نظرائهم القادمين من الجامعات. وبرغم تقدّم مطالب الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية ودولة القانون المدني ومحاربة الفساد, تركّز وسائل الاعلام على الاخوان وأحزاب الإسلام السياسي الساعية لأسلمة الدولة خطوة بعد أخرى, وتحويل الأنظار نحو الفوارق بين الإسلاميين المعتدلين ممثلين بالاخوان ومشتقاتهم من أصحاب اللحى متوسطة الطول والسلفية الجهادية وتنويعاتها ممن يحرموا بدعة استخدام أدوات الحلاقة الغربية, على حساب مطالب المنتفضين من شباب الثورات في العديد من الدول العربية. يأتي ذلك بالتزامن مع ماتقوم به قوى الثورة المضادة مدعومة بأموال الفساد الساعية للتخريب. من هنا تأتي المخاوف وتتعاظم الشكوك التي تفرض على المراقب أن يشير بأصبعه نحو مكمن الخطر القادم ممن يرفع شعار "الاسلام هو الحل" ويحوّل الرافضين له لأبطال في آيات شيطانية أخرى يسعى لرجمهم بحجارة الجمع المؤمن ويحول ربيع الديمقراطية إلى زمن الاخوان.
08-أيار-2021
21-تشرين الثاني-2013 | |
16-تشرين الثاني-2013 | |
05-تشرين الثاني-2013 | |
26-تشرين الأول-2013 | |
15-تشرين الأول-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |