أفكار الكتب والشبيحة!
خاص ألف
2012-04-10
قبل فترة كنتُ أقرأ كتاباً حول: كيف يمكن لثقافة السلم أن تسود في دول العالم عموماً، ودول العالم الثالث خصوصاً، وكيف يمكن أن نفهم أن الحروب لم تقدم شيئاً للعالم سوى الدمار. وبما أن الكتاب كان يتحدث عن السلم، فإنه كان من الطبيعي أن يتطرق إلى بعض الحروب في العالم لكي يبين مدى سخافتها وعدم جدواها، وكذلك لكي يوضح أن الحروب والتسليح ليست الحل الأجدى للمشاكل، سواء كانت داخلية أو خارجية. وبالمقابل تكلم الكتاب عن قوة السلاح وطرق التعذيب والعنف والكبت التي استخدمتها بعض الحكومات في العالم كوسيلة لإسكات الناس والشعوب، إلا أن هذه الوسائل في النهاية انقلبت على أصحابها، حيث أنه كما وصلت مجموعة سياسية منظمة إلى الحكم عن طريق السلاح، فإنها رحلت بنفس الآلية وبنفس السلاح من قبل مجموعات سياسية أخرى.. الخ.
لكن، بما أن قراءتي لهذا الكتاب جاءت في وقت تمر فيه سوريا بويلات وفجائع ومجازر مروعة من قبل شبيحة النظام، فقد حاولت أن أبحث في سطور الكتاب عن شيء أو فكرة أو طريقة عنف تشبه ممارسات هذا النظام ضد الشعب السوري، إلا أنني لم أر شيئاً من هذا القبيل، وكأن هذا النظام فريد من نوعه من حيث الفتك والكذب والسفك. ولو أنني قرأت هذا الكتاب قبل الثورة السورية، لكنت قد اقتنعت بأفكارها السلمية والداعية إلى بناء مجتمع خال من العنف، لكن واقع حال سوريا كان بمثابة دحض لأفكار هذا الكتاب، ففي سوريا لا يمكن لأي نظرية أن تجدي نفعاً إلا إذا كانت مرفقة بالسلاح، ولا يمكن لأي مصلح اجتماعي أن يؤثر في أفكار رجال الأمن والشبيحة قيد أنملة.
يقول الكتاب ما معناه إن ثقافة السلم يمكن أن تنتشر إذا تخلّص أحد الأطراف المتخاصمة من روح العدوانية، وإذا تعامل طرف مع الطرف الآخر بروح التسامح، فإذا تعامل أحد الأطراف وفق هذا المنهج السلمي، فإن الطرف الآخر سيشعر أنه يقوم بعملٍ إجرامي، كون الآخر لا يدافع عن نفسه، والاستمرار على هذا المنهج سيجعل من الطرف الأكثر عنفاً يشعر أنه لا يقول بعمل بطولي بل سيشعر أنه يرتكب جرائم، وبالتالي فإنه سيتراجع عن عنفه وسيعامل بطريقة سلمية.
تبدو هذه الفكرة معقولة في حالة واحدة، وهي إذا كان الطرف الأكثر عنفاً يمتلك الحد الأدنى من الوعي والحد الأدنى من الشعور بالإنسانية والحد الأدنى من وخذ الضمير. فنحن حين نشاهد المجازر التي يرتكبها شبيحة النظام السوري، فإننا نتوصّل بكل بساطة إلى حقيقة واحدة، وهي أن هؤلاء لا يصلحون لأن يكونوا ساحةً لأي اختبار سلمي، فهم أساساً معدون كأدوات قتال وفتك، تماماً كما هي الحياة في الغابة، حيث يكون العنف والافتراس وراثياً ومكتسباً في آن واحد، كما أن العنف بالنسبة إلى هؤلاء ليس أمراً عارضاً أو عابراً بل هو أمر جوهري وحياتي، فهم يتغذون على العنف ويتنفسون العنف ويشربون من ماء العنف ويتكاثرون عبر العنف!!.
إن هؤلاء لا يبحثون عن سبب للقتل، ولا يحتاج القتل عندهم إلى تبرير لتجنب وخذ الضمير فيما بعد، بل أن البطولة الوهمية لديهم تكمن في عدد الضحايا الذين يسقطون على أيدهم، وأظنُّ أن بعضهم يشعر بالحزن كون البعض الآخر يقتل أكثر منه
ترى هل يمكن للسلم أن يجدي نفعاً في غابةٍ ما؟ هل يمكن لثقافة السلام أن تسلك طريقاً يسيراً إلى تلك الجماجم الكبيرة؟ هل يمكن للثورة السورية أن تنتصر على هذا النظام من دون سلاح؟. ثمة حقيقة طبيعية تقول: لكي تحصل على محصول جيد، عليك أولاً أن تزيل الأعشاب الضارة.
بقلم: عبد العزيز حاجي عمر
08-أيار-2021
10-نيسان-2012 | |
04-نيسان-2012 | |
05-آذار-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |