غواية الشوكولاته
خاص ألف
2007-05-16
لا أنكر اهتمامي ببعض الاكتشافات العلمية التي تعطي شرعية لبعض سلوكياتنا العفوية أو تدينها..إذ هي تشبه بهذا ما حدث حين اكتشفنا فجأة بأن الأرض كروية وليست مسطحة..
فها هي الأنثى أخيرا بريئة من تهمة الدلع وقلة الأدب فهي تسير حسب تركيبة جسمها وبنيانها الجسدي ليس إلا بعد أن كانت مشيتها إلى هذا اليوم مثار ريبة وشك في نواياها.
أما الشوكولاتة فبعد أن كانت مادة بريئة طفولية أصبحت مدانة بلا مقدمات بالتحريض على الحب بل والتفوق على القبلة في التسبب في الإثارة.
وهذه التهمة الجديدة قد تغير طعم مستقبلها اللذيذ إلى شبهة من النوع الثقيل حتى أظنها ستصبح محرمة أو ربما تصدر فتوى بتحريمها قريبا.
يهمني أمر الشوكولاته كثيرا فبنا نحن الشعراء والكتاب افتتان بهذه القطعة السمراء المثيرة لشهوة الكتابة ربما إكراما للحظة الإلهام الأدبية نغوي بها تلك المنطقة الخاصة بالعاطفة في أدمغتن ففي ضؤ كل حالة كتابة غواية من نوع خاص.
لكن الأخطر من التفوق على القبلات في مضمار الإثارة هو أنها تعمل على نفس المنطقة في الدماغ لتشترك مع الحب في أن تجعل التوقف أمرا صعبا للغاية
مما يعني أننا ندمن على التهامها تماما كما ندمن على مادة النيكوتين .. فمصطلح ( chocholic ) يعني مدمن شوكولا وهو مصطلح يعبر عن الإدمان قبل أن يصبح مصطلحا علميا.
فكما أن الوقوع في الحب ينشط مراكز المتعة في الدماغ ويلعب دورا رئيسيا في الإدمان عليه فان هذا الأمر يفسر بدوره إقبال الناس على تناول الشوكولاته كلما شعروا بالحرمان العاطفي كما يدمن المتألم على مسكنات الألم فحبات الكوكو التي تصنع منها الشوكولاته تحتوي على مادة غذائية ذات تأثير مباشر على الجزء الخاص بالعاطفة في الدماغ
لهذا قد تعبر الطريقة والكمية التي نلتهم بها هذه الشوكولاته عن حالتنا العاطفية البائسة أما مؤلف كتاب (العلاج بالشوكولاته .. رحلة لاكتشاف ذاتك الداخلية ) فيرى في الأمر ما هو ابعد من ذلك فاختيار نوع الشوكولاته وشكلها وحشوها بالإضافة إلى كيفية التخلص من أوراق تغليفها بعد أكلها سلوكا يكشف الكثير عن الشخصية وميولها
فمحبو الشوكولاته باللبن على سبيل المثال أشخاص يتسمون بالبراءة ويحبون العيش في ذكريات الماضي أما عشاق الشوكولاته السوداء الغامقة فهم أشخاص عمليون ماديون ومحبو الشوكولاته البيضاء فلديهم إحساس داخلي بالاستقامة ويعتقدون بنفوذهم وتأثيرهم .
إذن الشوكولاته محبوبة الصغار ومعزية الكبار وليس عبثا على الإطلاق أن أطلق عليها الأطباء الفرنسيين اسم (طعام الآلهة) وليس غريبا أيضا أن تصبح عبر العصور رمز للاحتفاء والإهداء والتلذذ والمشاركة
لم أكن اشك للحظة أن هذه القطعة التي تشكل أهم لوازم تحسين المزاج هي من يغوي مزاجي الشعري ويحث الانجاز الفكري فينا..
انجازاتنا هذه تتحول فيما بعد إلى مصدر فخرنا واعتزازنا وربما انطلاقا من هذا الإيحاء عملت إدارة المهرجان الايطالي للموسيقى على إهداء الفائزين جوائز مصنوعة من الشوكولاته ولم تتردد مؤخرا الممثلة الاسبانية الشهيرة بينلوبي كروز على التهام جائزتها التي كانت عبارة عن تمثال مصنوع من الشوكولاته في رد فعل فوري لحالة عاطفيه مفعمة بالجوع،
نعم الجوع ..
فكلما ازددنا نجاحا ازددنا وحدة وإحباطا عاطفيا وإذا كان لا شيء يستحق الحزن ولا حزن يستحق البكاء فيكون الاحتفاء بهذه الشوكولاته بدل التهامها نوع من الإبداع الفكري
وهو ما أقدمت عليه المصممة البريطانية زاندرا رودوس عندما قامت بتصميم فستان مصنوع من الشوكولاته لصالح احد المعارض في لندن، شاركها في هذا الجنون احد عشاق الكمبيوتر بصنع لوحة مفاتيح من الشوكولاته التي تتميز بأذواق مختلفة
أما المترفين الذين لا يجدون دافعا عميقا وحقيقيا للألم والإثارة والإبداع فان شركة ديلا في (Delafee ) في سويسرا لم تنسى أن تصنع لهم أفضل أنواع الشوكولاته المصنوعة من الكاكاو مع رقائق صغيره صالحة للأكل من الذهب ذي الأربع وعشرين قيراطا.
بي فضول أن أقف على أرباح تلك الشركة باعتبار أن فالمترفون أكثر من يعاني من الإحباط والجوع العاطفي
08-أيار-2021
22-تشرين الثاني-2007 | |
13-تشرين الثاني-2007 | |
29-تشرين الأول-2007 | |
29-أيلول-2007 | |
16-أيار-2007 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |