إلى صديقي الشاعر
خاص ألف
2012-08-03
رسالة إلى شاعر تضيق روحه بما يكتبه بعض السوريين من تهويمات رومانسية
صديقي الشاعر، أتمنى أن تكون روحك واسعة وفسيحة الآن، وأن تبقى بخير في (بلاد الله الواسعة) وأتمنى أن تجمعنا بلادنا من جديد، في مقاهيها وبيوتها السليمة أو على الأقل تحت أشجارها التي لم تحترق وسمائها التي لا تحتلها قاذفات "اللهب"!
أما أنا فمن أجمل ما قرأت يا صديقي: مناجاة تحت القصف ....رغم الأخطاء الإملائية ورغم أنها تعبر عن "فهم تقلي
دي للحب" .. إنها رسالة شاب لحبيبته وهو يتوقع أن تزور قبره في الأيام التالية لرسالته! هذه ليست مونودراما هنديه، هؤلاء ناس من دم ولهم ومشاعر ولديهم لغتهم الفجة العفوية البسيطة التي لا ترقى إلى لغة نيرودا أو محمود درويش أو المتنبي!
السوريون تحت القصف يحق لهم ما لا يحق للشعراء والساسة والفلاسفة والقادة وهم جميلون وخفيفو دم وحزانى ويائسون ومتفائلون كما يكون البشر تحت القصف عادة يا عزيزي فرج. لك أن تقرأهم أو تتجاهلهم أو تفرح وتحزن وتغني ويداهمك اليأس والأمل معهم ...
لك أن تحبهم أو تتذمر منهم كما هم بمناوراتهم وتذاكياتهم وخفة دمهم المجانية وتهويماتهم وموتهم اليومي ووصاياهم الصغيرة والكبيرة. لا أعد نفسي ولا أعدك بأن يكونوا على مقاس ما يرغب قرائهم فهم يعيشون ما يكتبون ويكتبون ما يعيشون دون أي طموح بأي جائزة للإبداع أو إرضاء القاريء الحصيف وغير الحصيف. ليس لديهم الوقت الكافي للتأمل والتنميق ولمحاولة استمالة قارئهم...وبذلك كله بتفاصيل أرواحهم وحياتهم اليومية يثبتون أنهم أساطير، تحضر الخبز أو تفتقده... نحن هنا يا صديقي: نحاول أحلامنا أو نموت. وقد نرتكب حماقة لغوية وقد لا تكون لغتنا مطواعة فاعذرونا ...أو لا تعذرونا نحن لسنا في سباق لتطويع اللغة واختراع البيان وعيش المجاز! انصحونا أو لا تنصحونا فنحن نحاول اقتلاع الموت ونحاول الهرب منه: سنغازل ونعيش ونموت ونحضر ربطة خبز وسطل لبن ونسمع أغنية نحبها ولو كانت لا تروق لمتذوقي الموسيقى ...
سلامة روحك يا صديقي نتمنى أن لا تضيق بل أن تتسع ولكني لا أعدك أن نفعل ما في وسعنا لجعلها تتسع .. لا نملك ربما ما يكفي من الوقت لخدمتها! فحيطاننا وأسطح بيوتنا مهددة بالقذائف، وسنسدها بأحلامنا وأوهامنا وتمنياتنا وما نملك من حيلة وعزم . وتاريخنا وسماؤنا مهددة وسنشكر كلماتكم التي تسندها في المحافل الدولية وفضاءات اللغة الفسيحة، ولن ننسى من يحمل آلامنا في ذاكرته أو في حقيبته أو في لوحة ما يعلقها على جدار غرفته، أو يجيد اختيار الديكور للمنبر الذي يلقي عنه قصائده أو محاضراته، ويعتني بالمشاهير الذين يجب أن يلتقط برفقتهم صورة على يد مصور محترف!
08-أيار-2021
12-أيلول-2020 | |
03-آب-2012 | |
24-تموز-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |