صورةٌ من الحارة
خاص ألف
2012-08-11
لا أدري ما الذي يحدث هنا، صراخٌ وعويل. صوت امرأة تنتحب يتقاطع مع صوت المؤذن الذي يناجي ربّه بخشيّة. أصواتُ رصاصٍ تأتيني من بعيد. نظراتُ أطفالٍ ممتلئة بالخوف تتلاقى مع نظرة القناص الذي سرقَ قلبَ فتىً آخر منذ أقلّ من دقيقة.
أمٌّ احتضنت طفلتها خوفاً من أن تسرقها الحرب. لكنها لم تدري بأنّ الرصاصة قد سرقت ابنتها وهي في حضنها جالسة، دون أن تأخذ تلك الطلقة الإذن في الدخول إلى الرأس مباشرة.
مستقبلٌ حائرٌ هنا، وتاريخٌ لا يُذكر مِنه شيء، وحاضرٌ تائهٌ في جنباتِ المكان.
الجنديُ يتربص بأعدائِه وكأنّه لصٌ يراقب الشرفاتِ الخاليّة، والطفلُ يركضُ بأقصى قدرتِه لِيَعبُرَ إلى الطرف الآخر دون أن تصيبه رصاصةٌ ما، ودون أن يفقد بعض أرغفةٍ من الخبز الذي حصلَ عليه بعد وقوفه لأكثرَ من ساعةٍ في ذلك الطابور الطويل.
أصواتٌ تتعالى من هنا وهناك، ولا شيءَ في المكانِ غير الدمار المصنوع بقذائف مدفعيّة كانت قد دكّت الحيّ منذُ قليل. وجثة، يظهر طرفٌ من أطرافِها من بعيد، وأُخرى ما زالت متمسكة ببقايا الروح التي تخرج من جسدها.
طاولة وكرسيان محطمان في الزاوية مستلقيان. ربما كانا مقعدين لحبيبين يتفقان على أسماء أولاد المستقبل الذين لن يروا النور، ووردة مازالت مُحتفظة ببقايا أوراقها رغم كلّ هذا الألم المحيط بها.
كيف ينسى ذلك العاشقُ لقاءه مع محبوبته الذي لم يكتمل، لأنّ الرصاصَ كثيفٌ عند منعطف منزلها؟؟
الموت يلف الأجواء، ورائحة الدم تزكم الأنوف، وبقايا من الأبنية ما زالت واقفة ولم تلقي بالاً لأصوات الدمار العالية القريبة أكثر من قلبٍ إلى شريانه. وكأن بها تقول للمدّمر: سأتلقى ضرباتك، لكنني سأبقى واقفة رغم ضرباتك، وأنفك.
عيونٌ تبحث من خلف الجدران عن مهرب، وعيونٌ أخرى تبحث عن فريسة.
تلك هي حكاية الحي. حكاية كلّ قرية أو مدينة استيقظت من نومها وصرخت في وجه مُغتصبها.
08-أيار-2021
26-شباط-2014 | |
27-آب-2013 | |
31-تموز-2013 | |
20-أيار-2013 | |
06-أيار-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |