بانتظار ثورة بالشوكالاته!!
2012-10-13
كان المثقفون والسياسيون المحسوبون على اليسار أو التقدمية، يعيبون على التيار الإسلامي ومحازبيه أنهم يعطِّلون عقولهم ويعودون في كل شاردة وواردة إلى النص الديني.
في الحقيقة لا تختلف طريقة تفكير هؤلاء "التقدميين" عن طريقة تفكير أصحاب الفكر السياسي الإسلامي، فالطرفان ينشدان الأجوبة على مشاكل الواقع وتحدياته في النصوص، والواقع الذي لا يتطابق مع النصوص المعششة في أذهانهم يرفضونه ويعادونه، ولطالما كنت أشعر أن خالد بكداش مثلاً لا يختلف بشعرة عن الشيخ البوطي، فكلاهما يبحثان عن توصيفات وحلول لواقع معاش في تجارب أمم وشعوب أخرى وفي أزمنة مغايرة، إما في واقع صحابة الرسول أو في واقع "صحابة" لينين وماركس. ولطالما كنت أستغرب أيضاً أن بعضهم يحتفي بصور ماركس ولينين في بيته، في حين أن الكواكبي ويوسف العظمة وغيرهم كثيرون لا يحظون بهذا "التكريم"، وأستهجن آنئذ لماذا ينكرون على الناس أن يحتفوا بلوحات ترفع اسم "الله" ورسوله؟!
هذا المثقف "اليساري" أو "التقدمي"، كما يحب أن يوصِّف نفسه، وقف موقفاً سلبياً رافضاً لثورة الشعب السوري ضد الاستبداد والفساد، بالاستناد إلى هاجس مرضي وموقف عدائي ضد الدين الإسلامي، وربما كان السبب أن هذه الثورة قد هزمته وكسرت قواعده "الثورية" التي رضعها وتشربت روحه بها من نسائم موسكو ومن لف لفيفها. فهذه القواعد لا تسمح له بالتعاطي مع ثورة تخرج من الجوامع!!. ولذا فإنه على الأغلب كان ينتظر ثورة تتوافق مع المواصفات البلشفية والمفاهيم اللينينية، فكل ثورة لا تحقق هذه المعايير يرميها ويعاديها، ويبقى سعيداً محتفظاً بأوهامه الثورية، فالأوهام –على ما يبدو- أثمن من الواقع والبشر.
أو ربما كان السبب كامناً في أن معظم "اليساريين" و"التقدميين" مصابون بلوثة عقلية ونفسية اسمها "الإمبريالية العالمية"، ولا يجدون في الواقع معاركَ تستحق أن تخاض إلا تلك الموجهة ضد الإمبريالية وعملائها وأذنابها. هذه اللوثة تحجب عنهم رؤية أي شيء إلا ما يتعلق بأمريكا وأهدافها ومصالحها وبالصراع الطبقي مع رأس المال، وإلا فإن كتبهم الحمراء ستذرف الدموع!.
إذا صرفنا بعض الوقت في البحث عن مكامن "التقدمية" في عقل هذا "اليساري" فإننا لن نتعب كثيراً حتى نكتشف أنها مختزلة في نقطتين اثنتين، حرية تناول الكحول والموقف المتحرر من لباس المرأة وحسب. إذ لو كانت القضايا المركزية الأخرى، النضال ضد الاستبداد والتخلص من الفساد وتحقيق العدالة، والظفر بالحريات... وغيرها، تحظى بالاهتمام حقاً لكان هذا "الثوري" العظيم جزءاً من الثورة التي رفعت صوتها تطالب بالحرية والكرامة.
لا تطلب من شعب ألا يذهب نحو دينه ويلجأ إلى "الله" في وقت يتعرض فيه للقصف والقتل والتعذيب والاعتقال بشكل يومي، وفي لحظة لا يكترث فيها أحدٌ لأرواح أبنائه، والأصعب في زمن كانت فيه "نخبته" السياسية والثقافية إما خائفة أو انتهازية أو هزيلة أو مشتتة أو متناحرة، لتعجز بالتالي عن تشكيل تلك "البوصلة السياسية" الضرورية في مثل هذه الظروف، خاصة بعد نصف قرن من حكم لم ينتج إلا العطالة والأمية السياسية والضحالة الفكرية في المجتمع السوري.
المثقفون والسياسيون المحسوبون على اليسار والتقدمية، الذين يحجّون إلى موسكو أو إلى باريس وواشنطن لا فرق، هم بانتظار ثورة بالشوكالاته، مع قدح من الوسكي، وعلى أنغام بحيرة البجعة، يناضل فيها السوريون ويثورون على الطريقة "اليسارية" و"التقدمية"... ولسوف ينتظرون دون جدوى، لأنهم لم يدركوا، ولن يدركوا، أن "القبلة" هي دمشق، لا موسكو ولا واشنطن!.
08-أيار-2021
السياسة الخارجية للنظام السوري... منتجة للحصانة والدور والمال |
05-أيلول-2020 |
18-تموز-2020 | |
16-تشرين الثاني-2012 | |
13-تشرين الأول-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |