دخل ببساطة..غادر ببساطة ..
خاص ألف
2012-10-15
صديق سوري من عائلة نعرفها من عشرين سنة تقريباً، هاجر إلى السويد إلى ستوكهولم.
هو مغرم بالفن و الأفلام و الموسيقا و التلحين، و ظلّ هذا الهاجس يؤرقه، و هناك و لأننا جميعاً نعرف كيف يتخاطف الغرب وأمريكا خبرات و مواهب أولادنا، استطاع أن يعمل في مجال موهبته، إلى أن حصل على مركز مرموق أو لنقل متميزٍ.
قبل أعوام ،أنتج فيلم وثائقي عن مذابح الأرمن و السيريان في تركيا و كانت إبادة مرعبة وصل عدد المبادين من القوميتين المذكورتين نصف مليون إنسان سنة 1915 و التي يسميها السريان سنة السيف، أما العرب فقد أطلقوا عليها اسم- السفر برلك، و طُلِبَ منه أن يضع الموسيقا التصويرية لذاك الفيلم .
طبعاً نفذ صديقنا موسيقا الفلم الذي انتج و أخرج و وزع على دول كثيرة... و هذا ليس بيت قصيدي.
بعد فترة، و كون هذا الشاب صار يحتل مركزاً جيداً في مجال الموسيقا و التلحين، دعي من قبل المعهد العالي للموسيقا باستانبول للا ستفادة من خبراته وليكون في ورشة عمل على مستوى راق.
حمل عدته واتجه إلى هناك، و في المطارحين وصل إلى قسم الجوازات ليدخل استانبول تفاجأ بأنهم استدعوه بكل أدب و لباقة ليقولوا له إنه ممنوع من دخول تركيا و اسمه مدرج في قائمة الممنوعين. في تلك اللحظة كاد يسقط من الخوف كون الممنوع من الدخول إلى البلاد كما تعوّد في بعض البلاد العربية يعني أنه اختفى في المجهول، لملم شتات نفسه و تجرأ و سأل عن السبب، و أراهم الدعوة المرسلة التي حملت كل الأختام و الرموز الرسمية و القانونية من قبل المختصين الأتراك، و سألهم فيما لو كان بالإمكان أن يعرف سبب المنع. و خلال ثوان و بدون تردد قال له المسؤول بأن السبب هو الفلم الذي صور عن المذابح. هنا تشجع صديقنا، وهو بالأصل، شجاع و مندفع، و قال لهم بانه لم يقم بأي دور يخل بالأدب اتجاه تركيا و أنه فقط شارك بالموسيقا و أنهم هم المسؤولون عن هذا الخطأ لأنهم هم الذين استدعوه، و هو لم يأت من تلقاء نفسه. و لكنه عند كل كلمة كان يقولها و في أي لحظة توقع أن يجر بقيود أو يضرب أو يهان، و لكن و خلال دقائق كان الأمر محسوماً و قُدمت له الاعتذارات الرسمية ، و رغم ذلك ظل يتلفت مرعوباً خوفاً من مكيدة ما كما تعود عند بني يعرب، و لكنه أحس فوراً أنه ضيف محترم مكرم و استطاع أن يؤدى مهمته على أتم وجه باطمئنان وسلام دون أن يكون وراءه ظل ما.
أنهى ورشة العمل، و زار المدينة، و تبضع، و حمل الهدايا، واتجه إلى المطار ليغادر، و هناك أوقفه أمن الجوازات مرةً أخرى ليقول له بأنه ممنوع من دخول تركيا ... فكيف دخل و أمضى هذه الفترة في الداخل ... قصّ حكايته على عجل بدقيقة واحدة، و بتلفون سريع تأسف الموظف لإزعاجه إذ أنهم كان يجب أن يلغوا المنع لحظة دخوله الأراضي التركية و رجاه ألا يؤثر ماحصل له بهذا الشأن على مشاعره وأحاسيسه اتجاه بلده.
غادر الصديق الأراضي التركية و سماءها و هو يحمل مشاعر حب و احترام لأولئك الناس الغرباء الذين لم يضربوه أو يعتقلوه أو يهينوه أو يلعنوا أجداده أو يهددوه و يشتموا والديه، أو يطلبوا فدية من أهله الفقراء أو يخفوه في المجهول.
08-أيار-2021
24-نيسان-2021 | |
13-آذار-2021 | |
19-كانون الأول-2020 | |
07-تشرين الثاني-2020 | |
12-أيلول-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |