ليبيا اليوم .. أن ترى المعيدي خير من أن تسمع به
2006-11-29
في وقت طغت فيه ثقافة الأنترت ليبيا تحتفل بالكتاب المطبوع احتفالية سرت الثقافية .. رواق السِّفر والفكر
أخيرا أنا في ليبيا. ليبيا شاغلة الدنيا بكثير من الأمور، ليبيا المختلف حولها شرقا وغربا، ليبيا عمر المختار ومعمر القدافي، وما بينهما لا يتذكره أحد. سلبا أو إيجابا،وأنا هنا لست بصدد التقييم ، ولكني وقد دعيت لحضور احتفالية سرت ـ رواق السفر والفكر والذي يتضمن ندوة حرية التفكير وحق التعبير - بين الحرية والحفاظ على الهوية – يرافق الندوة حفل توقيع لمائة وخمسين كتابا أصدرها مجلس الثقافة العام ما بين عام 2001 – 2006 .
أود أن أسجل مجموعة من الانطباعات سلبية كانت أو إيجابية وليسامحني مجلس الثقافة العام إدا كنت صريحا في بعض الأمور، فأنا مع الصراحة التي قد تصلح كثيرا من الأمور.
جاءتني الدعوة متأخرة ، بسبب عدم عثور المنظمين على عنواني ، حين وصلتني الدعوة ترددت في قبولها ، فمعلوماتي عن ليبيا في العموم / عائد لخطأ الإعلام الليبي دون شكك الذي يهتم بالإعلام السياسي وينسى الإعلام الحضاري الذي بشكل من الأشكال أهم من الإعلام السياسي بل هو يوصل إلى نتيجة أفضل لأي بلد في حضارتها وسياستها / وهذا خطأ يمكن استدراكه .
المهم قلت ترددت .. ولكن ترددي لم يدم طويلا ، ولأني أحب المغامرة فقد قررت قبول الدعوة لأكتشف بنفسي هذا البلد التي شغل الناس لفترة طويلة بأمور كثيرة ليس آخرها موضوع لوكربي. فقررت السفر.
في المطار فوجئت أن الطائرة التي سأسافر عليها من طراز بوينغ 727 والتي نسقت من معظم دول العالم وفي الدول التي لم تنسقها صارت تشغلها على الخطوط القصيرة الداخلية، قلت فليحمنا القدر من هذه الرحلة.. على الطائرة وزعوا علينا الصحف الليبية، فاعتقدت لوهلة أنه هذه الصحف صادرة منذ خمسين عاما لرداءة طباعتها وشبهها بالكثير من صحف الأنظمة العربية من حيث اهتمامها بأخبار مسؤوليها. قلت لنفسي يبدو أن إلهامي لم يكن في مكانه، وأنا ذاهب في رحلة إلى المجهول.
حطت بنا الطائرة غي مطار طرابلس ، نزلت وتوجهت نحو الخروج على الباب كان بانتظاري لجنة تستقبل المدعوين .. استقبلوني بحفاوة وحسن ضيافة تفاءلت بعده .. توجهنا إلى السيارة ، تحدثنا خلال الطريق ، استفدت من بعض المعلومات بأن هناك تغيرا جذريا في هذا البلد ، وأن ما سمعته سابقا ، صار من الماضي . ولأنني لا أثق كثيرا بكلام المسئولين، وهذا يعني أن عليّ أن لا أثق بكلام لجنة الاستقبال وهذا رتب علي بعد وصولي أن أدقق في تلك المعلومات وبحرص شديد ومنذ الليلة الأولى بدأت بالاستفسار، من مصادر عدة قد تكون في بعض الأحيان في منتهى البعد عن الأجواء الثقافية، ومن كل ما جمعته ، علمت أن ليبيا تمر بمرحلة جديدة وتسير حثيثا نحو حياة مستقرة آمنة ، وبعيدة عن كل ما علمناه عنها سابقا بل أن البعض شكك في المعلومات التي لدي عن ماضيها فتركت ذلك لمزيد من الاستقصاء وسأكتب عن ذلك لاحقا.
سألت عن مجلس الثقافة الأعلى فأعطوني معلومات تفيد أن رئيس المجلس وهو الأستاذ أحمد إبراهيم وأمين اللجنة الإدارية هو الدكتور سليمان الغويل .. وبالطبع قدموا لي شرحا عن الرجلين لم أثق به كعادتي لا أثق بكلام المسؤولين فبدأت وبسرعة رحلة التقصي بعيدا عن المقولات الرسمية .. فتأكدت أن الأستاذ أحمد إبراهيم مهتم وباندفاع كبير في تفعيل دور الثقافة في الجماهيرية ، ومهتم أكثر في أن يكون المبدع حرا .. وهو يدعو لفتح الآفاق بين المبدع الليبي والعالم العربي .. وقد قام بنشاطات كثيرة آخرها هذه الاحتفالية التي اهتمت بتعريف كتاب وصحافيين عرب بحقيقة ما يجري في ليبيا من نهضة ثقافية يبدو لي حتى الآن أنها حقيقية وصادقة.
أما الدكتور سليمان الغويل فقد ترافق اهتمامه مع الأستاذ أحمد إبراهيم بإنجاز طباعة الكتب دون أي روتين ومطمطة وتأجيل وواسطات .. فكان له دور كبير في إثراء المشهد الثقافي والذي ينهي مرحلة بهذه الاحتفالية ليدخل في مرحلة جديدة همها إثراء الثقافة الليبية ، وتمتين علاقتها مع أشقائها العرب . وبدا ذلك واضحا من كثافة المدعوين ونوعياتهم فجلهم من كبار مثقفي الوطن العربي .
هو يوم وحيد قضيته ، ولكن لم يكن يوما هادئا بل كان فعلا يوما أول للتعرف على أخبار هذا البلد الذي سأقضي به أسبوعا كاملا .. سألت عن تاريخها العريق ، وسألت عن عمارتها، وماذا يخططون لها.. ما وصلني يدعو للتفاؤل .. وقد غير فعلا فكرتي القديمة.. وأرجو أن أن لا يحدث انقلاب ثقافي ضد هذا المجلس فيأتي أناس يحاربون الثقافة ، وهذا يحدث كثيرا في دول العالم الثالث، وأن يستمر هذا المجلس بنفس الاندفاع ونفس الثقةة بالنفس.. فكم نحن محتاجون في وقت هجر فيه المثقفون القراءة إلى من يهتم بالكتاب ويروجه.. لعلنا ننجح في الحفاظ على رائحة الورق والحبر المطبوع.. ويظل الكتاب جليسنا .. وليس الشاشة الكومبيوتر المسطة فقط.
أشير أخيرا إلى محاور الندوة والتي إن تمت كما جاء بعناوينها وإن كان المتحاورون جريئين كما ينبغي لهم أن يكونوا فسيخرجون بكثير من المعطيات التي توجه إلى كيف يمكن للمبدع أن يكون حرا ومسئولا حتى في ظل أنظمة تقيد هذه الحرية .
وأهم محاور الندوة
ـ مفهوم الحرية : السياسي والاجتماعي والقانوني
ـ الإبداع بين المشروع والممنوع
ـ حق التعبير بين المسؤولية والحرية
ـ حرية التفكير وحق التعبير في ضوء التشريعات العربية والدولية
أخير أقول لم أكن مخطئا بقبول الدعوة ، وهنا لا يبدو قول تسمع بالمعيدي خيرمن أن تراه صحيا على الإطلاق بل العكس هو الصحيح .. فأن ترى ليبيا خير من أن تسمع بها .. فقد تأكد أن ما سمعته ليس صحيحا، على الأقل كما استطعت استقصائه من أناس لا علاقة لهم بالدعوة ولا بالمجلس .
أخير أتوجه للآستاذ أحمد أبراهيم وللدكتور سليمان الغويل برغبة .. وهي أن لا يكتفوا بهذه الاحتفالية على الأرض الليبية .. بل يجب أن تكون في السنة القادمة في بلد عربي آخر .. فهنا من شاهد أو سيشاهد حفل التوقيع عدد قليل من المثقفين ولكن حين تكون هذه الاحتفالية خارج ليبيا فيشاهده حشد كبير من المثقفين وسيتم احتكاك مباشر بين الكتاب الليبين والجماهير المثقفة في البلد الذي سيستضيف الاحتفالية .. وهنا أؤكد على أن تنظيم مثل هذه الاحتفالية تحتاج إلى مختصين .. حتى تكون كاملة .. وليست عملا دعائيا تقوم به السفارة ، أي سفارة لبلدها وكتابها. وأتمنى أن تتاح لي فرصة لقاءهما لمناقشة والحديث في هذا الأمر .
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |