أنا وامرأتي والثورة
خاص ألف
2013-01-24
كثيراً ما أقترن وصف المرأة بالخصوبة وهو إشارة إلى تشبيه المرأة با لأرض وهو تشبيه ولد من خلال المقارنة بينهما فالأرض تنتج الغلال والثمار المشتهاة كذلك المرأة أيضا ً تنجب ثماراً لا تقل جمالاً عن ثمار الأرض
هذا الربط بين المرأة والأرض قادني إلى سرد المخاض الذي عانت منه الثورة السورية ومقارنته بالصعوبات التي واجهتنا في إنجاب طفلة بعد سنوات عجاف
منذ تسع سنوات رزقنا بصبي توسمنا به خيراً فهو سيحمل اسمنا وإيماناً منا بالتبادل الثقافي بين الشعوب أطلقنا عليه اسما ً كردياً أحضرناه معنا مع أشياء أخرى من مناطق أصدقاؤنا الكرد.
قدمنا له الغالي والرخيص لينمو كباقي خلق الله , بعد فترة اكتشفنا انه وحيد وما أدراك مالولد الوحيد في أرياف العرب العاربة بعد جولات من السجال بيننا غلبت وجهة نظرها بضرورة إنجاب طفل آخر مع أنني أوصف بالعنيد في أمور كثيرة . ومع إن المولود ذكر
لا ضرورة للدخول في تفاصيل أظنها لا تخدم أحداًولا تفيد ما نرمي إليه
المهم انتقل السجال بيننا هذه المرة إلى الفراش استخدمنا فيه كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لكن دون فائدة تذكر- النتيجة صفراً مدوياً -طلبنا المدد من الله ككل الناس في لحظات العجز ابتزنا أطباء السبع نجوم لم يبق غير العرافين والمشعوذين لم يشتغلوا فينا ومع ذلك لم نبد أي سخط يذكر أدمنا القول الحمد لله على كل شيء.
تساءلنا في ليال ٍعديدة بعد كل خيبة لم َ تحرن بيضتها عن قبول نطفتي أو العكس ؟ أخيراً وكأغلب نهايات القصص التاريخية . حملت الزوجة لم نصدق بداية أجرينا الاختبارات اللازمة للتأكد من صحة الخبر الجميل جاءت جميعها ايجابية
بدأت حياتنا تأخذ منحا ً مختلفاً فالحمل أمل بحياة جديدة وللأسف لم تدم فرحتنا أكثر من أربعة أسابيع حين أخبرنا الطبيب إن الجنين متوقف عن النمو ,رجيناه أن يحاول ما بوسعه لجعله يتحرك ونزولا ً عند رغبتنا تركه أسبوع أخر مع علمه المسبق أن لا فائدة ترجى من وجوده في الرحم .
كم كانت الزوجة بحاجة للرثاء والعطف .تملكها اليأس دفعة واحدة ,
لم يمض شهران على الحادثة حتى حملت الزوجة من جديد فرحنا بلا شك لكن هذه المرة فرح مشوب بالخوف لأننا لم نتعافى من آثار السقوط الأول
رجوت زوجتي أن تبتعد عن كل أنواع السموم التي تؤذي الجنين ثم وصلت رجائي للطبيب أن يكون رحيماً عندما يمسك بطفلتي مخرجاً إياها إلى الحياة ولا بأس إن كان يجيد الغناء أن يدندن لها بعض الأغاني المرحة .
خرجت سوريتي من عتمة الرحم إلى نور الحياة في شباط 2012في عيد الحب فهل ستبصر شقيقتها الكبرى النور في شباط القادم ؟
الثورة- وبعد محاولات امتدت عقودا ً- قررت أن تنجب هي الأخرى وطنا ً جميلا ًكباقي الأوطان في هذا الكون الواسع وبعد أن ظن الكثيرون إن الواقع السوري عاقر لا ينجب إلا الطغاة لذلك قرروا هجره والبحث عن مدن تغطي سماؤها الحرية .
خرج الصوت بداية كلمات على جدران اعتدنا أن تكون خلفية لصور الطاغية ولأول مرة يجري الكبار على خطى أبنائهم متحدين الخوف الذي تحول عبر سنوات إلى وحش يعيق خروجهم إلى الحياة حاول النظام كعادته أن يخادع لكنه لم يلبث أن عاد إلى اسلوبه القديم الذي أثبتت الأيام انه لا يتقن غيره ( القتل بدم بارد )
لكن الذي حصل أن القتل هذه المرة لم يجعل الناس تغلق على نفسها الباب بل خرجت في اليوم التالي وبصوت هادر لم نعد نهابك أيها الوحش وعليك الرحيل كي يهنأ أطفالنا بالحياة ويحلموا دون أن تقلع أظافرهم .
لم يترك الرفاق وسيلة تمنع تلاقي الأصوات إلا واتبعوها فاتهم أن ناجيا ً واحداً يستطيع أن يسلط الضوء على مجازرهم عبر كاميرا صغيرة توضع في جيبه لم يتركوا ساحة يلتقي فيها الناس إلا وسدوا مداخلها نشروا قناصتهم على أسطح المنازل لضرب أي شيء يتحرك , أخيراً استدعوا جيشهم العقائدي تسبقه كتائبهم الأمنية ولجانه الشعبوية اعتقلوا الناشطين وعذبوهم ضيقوا على أهلهم وذويهم قطعوا الكهرباء والاتصالات حاصروا المدن والبلدات بثوا شرائط توضح ساديتهم وعندما عرفوا أنهم خاسرون لامحالة قرروا أن يقتلوا الأم ...الحياة... مستخدمين كل صنوف أسلحة الدمار وقد نجحوا في تحويل المدن إلى ركام والى تهجير آلاف الناس الآمنين وقبل أن نكمل حديثنا علينا أن نعترف بدخول أطباء غير متخصصين امتهنوا توليد الثورات العربية من كل الجنسيات أعطوا الثورة حقنا ً بدائية عفى عليها الزمن أضرت بالجنين المنتظر وربما سيعاني طويلا ً من آثارها
قد يقول سائل : الم يتعب الجلادون من ضربنا ؟ وهل شهية السلطة تبرر كل تلك الدماء ؟ وهل يستطيع الطغاة تغيير حقائق التاريخ ؟ أنهم مهما تجبروا زائلون بل منقرضون .
سيدون المؤرخون لاحقا كيف إن نظاما ً أحرق بلدا ً جميلا ً تاركا ًقطعانه تسلب وتنهب في أكبر عملية نهب منظم في التاريخ مستغلا ً طائفة أبشع استغلال مشوها ً صورتها في أذهان الناس فمتى يُحل هذا الرباط غير المقدس لتعود ترى الحياة بعيون شبابها . كم من المآسي تنتظرك أيها المولود وكم من الفواتير عليك دفعها قبل خروجك من المشفى ولكن مهما يكن شكلك فأني أحبك وأتوق لمعانقتك .
بسام ديوب 22/1/2013 ً
08-أيار-2021
15-تشرين الأول-2014 | |
27-تموز-2014 | |
28-أيار-2013 | |
22-أيار-2013 | |
30-نيسان-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |