رحلتي من الشك إلى الشك / رواية2
خاص ألف
2013-02-15
3
بتأثير من الوالد الذي يؤمن بأن الشاطر"بموضوع النساء" هو (الذي يأكل ويمسح فمه), وبسبب من الجو المشحون عائلياً بسب مشاكل الضرائر المعروفة كان الالتزام الديني والمطالعة وسيلتي للهروب من تلك المشاكل, التي تبدأ مع فصل الصيف أي في فترة العطلة الصيفية للتلاميذ, أو بسبب الحرّ الشديد الذي يجعل العراقي جاهز للمشاكل وروحه على طرف أنفه كما يقال. في سنة مبكرة بين الثانية عشر والسادسة عشر دخلت في متاهة التديّن والقراءة الملتزمة بالفكر الاسلامي وكان انزوائي بجامع وحسينية الهدى في شهر رمضان أمراً فرض عليّ مجالسة المسنين والإصغاء إليهم وإلى أحاديثهم المكررة التي يخرج عن نطاقها رجلٌ كان اسمه حنّون, فقد كان راوية من طراز فريد, ويتمتع بموهبة فطرية على السرد. كان يشغلنا بتلك الحكايات التي لا تنتهي فله قدرة على خلق استراحة كوميدية بين فواصل حكاياته يسلينا بها حتى موعد الإفطار. وهكذا قضيت تلك السنوات بين قراءة الكتب وحكايات حنون ومواعظ الشيخ وولائم المسنين ومناسباتهم الشخصية أو إحيائهم للمناسبات الدينية. أو الاستماع لحديث كوميدي من (أبي حسنه) وهو أحد الشخصيات التي تعاني من حالة جنون دورية خفيفة العيار.
((ـ لماذا يا أبو حسنه لا تحلق لحيتك؟
ـ والله يا خويه أخاف من الشرطة.
ـ أبو حسنه الشرطة شنو علاقتها بلحيتك.
ـ خويه جيب الموسى ورجع الموسى وانجرح وجيب التنتريوك (المعقم) ورجّع التنتريوك ويجون الشرطة, ومنو الي جرحك ومن الي ضربك لا خويه ماريد ماريد ماريد...)).
****
من بين الكتب التي علقت بذاكرتي كتاب يحمل عنوان (قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن) للشيخ نديم الجسر مفتي طرابلس, أدخلني هذا الكتاب لعوالم جديدة ولأسماء جديدة ومصطلحات جديدة لم أسمع بها سابقاً. وعلمني الصبر على قراءة الكتاب حتى آخر كلمة. كما علمني أن لا أنتقل لكتاب جديد حتى أكمل الكتاب الأول هذه العادة الحميدة بقيت معي حتى يومنا هذا. الكتاب عبارة عن قصة رمزية تأخذ حيران بن الأضعف إلى الشيخ الموزون ليجيب على أسئلة هذا الحيران الذي يحيط به الشك وتؤرقه الأسئلة الكبرى وبعد رحلة البحث عن الموزون الذي يمتلك الأجوبة لكل تلك الأسئلة, يأخذ الكتاب منحى مدرسي بين طالب ومعلم يسأل الأول ويجيبه الثاني ويسعفه بالبراهين العقلية والأدلة الفلسفية والآيات القرآنية. فمن أرسطو إلى أفلاطون ومن الرواقيين إلى الأبيقوريين ومن السفسطة إلى المشائين ثم ينتقل إلى الآيات القرآنية وينتهي بالعلم والعلماء والأدلة العلمية على وجود الله. ليصل بالنتيجة إلى أجوبة على أسئلة الحيران الخالدة, كيف؟ لماذا؟ متى؟ أين؟ منْ؟ . شغلتني كلمة فلسفة فصرت أبحث عن تعريفها وعن الكتب المبسطة نوعاً ما عنها. فبحثت عن كتاب نصحني أحد المؤمنين به وهو كتاب "هكذا نبدأ" وهو كما علمت لاحقاً رداً على مقالة بعنوان "بمَ نبدأ " الذي كتبه لينين. لم أوفق بالحصول على الكتاب إلى الآن لكني حظيت بكتب أخرى, مثل كتاب أسس الفلسفة لتوفيق الطويل وغيرها. كما بقيت في الذاكرة آخر كلمات الشيخ الموزون لتلميذه حيران بن الأضعف عندما ودعه قائلاً " إن كان في الأجل فسحة تلاقينا وإلا فترحّم علينا". ذهبت الأجوبة والرحمة والعلم والفلسفة أدراج الرياح ما أن أطلّ التطرف بلحيته الصفراء المغبرّة على مشهد الإيمان وصار حديث القلوب المؤمنة ذكرى بعيدة. وبراءة النوايا تحولت إلى حساب وعقاب على ما في القلوب وتدخل سافر بالخصوصيات والمستور, باسم الدين. في أيام الصبا كان من حولنا أشخاص لهم قدرة عجيبة على حلّ الخلافات التي تحدث بين الناس. وكان لحضورهم لمسة سحرية تذيب البغضاء وتنشر التسامح والضحكة الصادرة من القلب. كان الناس يطلقون عليهم ألقاباً تشير إلى الخير والصلاح والبركة. كل ذلك تشعر به ما أن يضمك وإياهم مجلس أو أن تلتقيهم في الدروب عن طريق الصدفة, فتستبشر بلقائهم خيراً وكأنك ترى في وجوههم ومن حولهم هالة نورانية لا تدري ما مصدرها. ومع تقلب الأيام الذي جرى بوتيرة جعلت الحليم فيها حيران, غابت تلك الشخصيات أو ندر وجودها. وبقي السؤال معلقاً, لماذا وأين اختفت تلك الشخصيات وأين حلّت تلك الأنوار؟.. ما قادني للحديث الآنف الذكر هو ما وجدته عند قراءتي لعلوم الطاقة الحيوية الذي أعاد تلك الشخصيات إلى ذاكرتي وبدأت أنظر إلى الموضوع نظرة جديدة علمية. فلا شيء يأتي من فراغ والهالة التي كانت تحيط بأولئك الناس أصبحت معروفة علمياً ومدروسة في العلم الجديد الذي أخذ ينتشر في العالم شيئاُ فشيئاً وهو علم الطاقة الحيوية.
لا أحد يشك في أن الطاقة تعتبر المصدر الأساسي لتسيير الحياة اليومية وكلنا نعلم أن الإنسان يسعى إلى البحث عن مصادر الطاقة ومحاولة تطويرها واستكشاف آفاقها والتعرف على مكوناتها, وحتى الأمس القريب كان يشار إلى الطاقة بالطاقة الفيزيائية, أي الملموسة فقط والتي تستخدم في معظم حقول الإنتاج وكانت تعتبر الطاقة الأبرز في حياتنا حتى بات اكتسابها والحفاظ عليها والسعي للحصول عليها بشتى الوسائل المحرك الأساسي للنزاعات في العالم. خصوصاً وإننا بتنا نسمع في كل يوم عن الاختلافات بشأن مختلف أنواع الطاقة المعروفة وخصوصاً منها النفط والغاز والذرة والكهرباء والمياه والثروات الطبيعية وغيرها. ولكن في مقابل الطاقة الحسية التي تشغل العالم منذ بدايات القرن الماضي سعى آخرون إلى استكشاف طاقة من نوع مختلف إذا تعمقنا في خفاياها وجدنا إنها النوع الأهم من الطاقة والأكثر إفادة للإنسان بحد ذاته, ومنها يمكن الاتجاه نحو حياة أفضل للجميع انطلاقاً من سعي كل فرد إلى معرفة نفسه وتحسينها والاستفادة من قدراتها. من هنا برز ما يعرف اليوم بمسمى "علم الطاقة الحيوية" المعروف بلغته الأم وهي اللغة اليابانية باسم (ريكي) وهي عبارة عن كلمتين هما (ري) أي الطاقة الكونية و(كي) أو الطاقة الحيوية الموجودة في كل كائن حي وأبرز هذه الكائنات الإنسان بذاته وبالتالي فهما تعنيان سويا "الطاقة الكونية". باختصار إنّ علم الطاقة أو (ريكي) يمنحنا السلام الداخلي الذي قد يوصلنا في تعاطينا المشترك إلى السلام الشامل بين الجميع كما يمنحنا السكينة والطمأنينة وحسن التصرف والتعامل مع الآخرين والنجاح في مواجهة الصعوبات. وهو ما يعتبر غاية في الأهمية في عصرنا الحالي الذي نرزح فيه تحت الضغوط اليومية والتوتر النفسي وأخبار الكوارث والحروب والموت المجاني.
((حين يمرُ الوقت ثقيلاً كرياح السَموم ينسلّ الموتُ القادمُ إلى العراق كخنجر من بين عباءات وكلاء الأبدية ومنظّري ديمقراطية "الفوضى الخلاقة " فتسيل دماء حمراء تغطي مقام الصبا وملاعبه بانفجار مزدوج يطيح بالقلوب الصغيرة قبل أن تحقق الأهداف في مرمى العمر, وتنفتح أدراج الغيب لآفة الوقت الثقيل في وديان الصيف الكافر, حيث زرعت أخوتي ورحلتُ أقتفي أثر الياسمين في الدرب الصاعد نحو الرب بعد أن أدمنتني الغربة. فصارت مني كثوبي أو كجلدي أهرب منها إليها وأتداوى منها بها)).
إنها آفة الوقتِ المُمدّد حتى تخوم القافية
هناك دمٌ للمحراب ويدٌ للحوافر المضرجة
تحت إبطي الزمن المسعور
الذي لازال يجادل بالقتل
ويجلد باللهب ملاعب الساعات
متحولاً نحو رمال الوقت
كجسر للنسيان
نازلاً من أقصى أمنيات البحر
نحو أسرار الحكمة في أن تكونَ
الوجوهُ هباء يعلكه الجلالُ المرُ
كم من الرمادِ المقدسِِِ حملت
ريحُ الصحراء إلى وادي الجنة
قبل صياح العيارين
وقبل الأرزاق الهابطة من سماء
المطر القدسي
والعطايا لك يا ربُ
ثمة كفر لم يولد بعد في كنف الصحراء
ولم تذكره النبوءات
لا جدوى لخيالاتِ الأبدي الراكض نحو الله
سقطت جلُّ الكأسِِِِِ المترعةِ
بالحصباء وفنونِ الجدري القابض على الجمر
تاه بخورٌ بين الأسمنتِ المتناثر
فوق جباه سمراء
وأحتشد الأفقُ بأجنحةِ الغربان
سودٌ وبيضُ
عمائمً سودُ وبيض
مشانقُ سودٌ وبيض
مآذنٌ تستمني على عورة الإله الطائفي
فكانت صلاةٌ لما تبقى من المدائح النائمة
في أدراجِ الغيب
وكان خشوعٌ يقيدنا عند تخومِ الأبد.
***
وفي الطريق إلى الخلاص ثمّة وكلاء للألم وسماسرة للعذاب وملايين من الدولارات المنهوبة. وها نحن ننظر ونرى وليس باليد حيلة لدفع الموت وتجنب الآلام, مسمّرون على صليب الوقت العراقي الثقيل بين الانتخابات والمحاصصة. ندفن موتى ونضمّد جرحى الملاعب والمعامل والبيوت المفخخة التي قُلِبَ عاليها سافلها, وينشغل الوكلاء والمنظّرون "بسكّر الكيكة" وتنجيد الكراسي والتفكير في كيفية دخول التاريخ, رغم أن الأخير واسع الأبواب رحب النوافذ. فرحون بما لديهم متناسون أن الخير الذي يرفلون به جاء من معادلة لم يكونوا فيها طرفاً ولا قاسماً مشتركاً بل هو التقاء المصالح في صدفة عمياء أنزلت قزماً عن عرشه بعد أن طال ظله وأصعدت آخرين يحملون في جنباتهم روح ذلك القزم وخنجره بل أن البعض منهم يقلده في مشيته. ونبقى نأكل الجمر. ونشرب من بحور الانتظار.
لكن الشر يُحاصرنا, يُداخلنا, ينام في أسرتنا ويجالس أهلنا, ويحيطهم بطلاسمه التي استعصت على التفسير, لِمَ كل هذا الموت؟ وأي قدرٍ عبثي يطيح بأحلامنا قبل أجسادنا, وأي إله يرضيه بعثرة ما في صدور الصغار, ولِم الطلاسمُ ترجمُ غيبَ النوارس.
بينما انشغلت بفك طلاسمهم وهذا الغموض المرائي
هـ هـ هـ هـ هـ // + ءءءءءءء و هـ صـــ م ــ
(خمسُ هاءات وخط فوق خطْ
وصليبٌ حوله أربع نقطْ
وهميزات إذا عددتها
فهي سبعاً لن تجد فيها غلطْ
ثم واوٌ ثم هاءٌ ثم صادٌ
ثم ميمٌ في الوسطْ)
هبّت رياحُ الجحيم
تناهبتني رياحُ الجحيم وألسنةُ الثعالب وقدمتْ رئتي هديةً
لملاك الغبارِ وشيطانِ الطوائف
ظناً منها بانتصار الأفاعي على البحر ورجما لغيب النوارس
وسعيا لكسر جناح التمرد فيّ
ثمّ جاء من أقصى البداوة رجل يسعى بنبأ كاذبٍ
قال يا قوم أتبعوه راجمين
فهل غادر البحر عشاقه والسواحل
وهل يمّمَ النورس وجهه صوب صحرائها والقبائل
أم خاب ما يصف الجفاة الجلف والصحرا
فسبحان الذي أسرى بعبدٍ غير ذي كدرٍ إلى الأقداس
وسبحان الذي ألقى بقلبي آيةً تُتلى
(شربتُ الحبَ كأساً بعد كأسٍ فلا نفد الشرابُ ولا رويتُ).
***
4
كأس من البيرة مع الفستق المملح, ذاك الكأس الذي لا يطيق الفراغ فيستصرخني بين الرشفة والرشفة ويستغيث لكي أعيد ملئه ورشفه حتى تصعد حميا الكأس إلى الرأس وتدّب في الأوصال, عندها تتكشف هذه اللحظة الوجودية لتتحول إلى دورة في السرمدية وطيران في الأبدية قبل أن تهبط على الأرض وتجعلني أمسّ الأرض بقدمي مسّاً خفيفاً كمن لا يزال يحلم بالطيران. ثمة دوائر وحلقات في مسارات مؤقتة لخطواتنا. تارة ترتفع بنا إلى الأعلى فإذا بنا نرى (بانوراما) هائلة من الأحداث والوجوه والأصوات والروائح والأضواء والألوان. دوائر وحلقات نلتف بها وتلتف بنا تغازلنا وتغزلنا, تغزل أيام العمر على منوال الآمال والآلام. تروينا وتعصرنا, نرتوي ثم نزداد عطشاً كمن شرب من ماء مالح. وبعد كل جولة من جولات الدوائر والحلقات ثمة سكون يعيدنا إلى صمت العدم تطول المدة أو تقصر يستسلم البعض لذلك فيدخل دائرة الصمت, وينتفض من به حياة ويعود بسرور إلى الدوران نافضاً رماد العدم عن أوراق العمر الخضراء. فللحزن نصيب وللأمل نصيب أيضاً. وللمطر مساحة يغلفها الحزن الشفيف والغبطة, فقد ارتبط المطر عندي بالعلاقات العاطفية, فلطالما أحببت الشتاء وأمطاره وغيومه ونساءه ودفئه والجنس الحميم ولذيذ الطعام الساخن بل دفء الفراش والنوم اللذيذ. فللشتاء حديث طويل سنعود إليه لاحقاً عندما يحين الوقت للحديث عن الشام ونسائها ونبيذها وياسمينها ,لكن قبل الدخول فيه, عليّ أن أتوقف هنا أمام الصيف العراقي. فللقيلولة في ظهيرة بغداد في الحرّ القائض ضرورة لا تقل أهمية عن الهروب منها إلى الحانات التي تقدم البيرة المبردة, تلك الأماكن الخافتة الأضواء والمعتمة ألوان الجدران لتعطي المزيد من شعور الاستمتاع بالبرودة المنعشة التي تطفئ العطش, فلنهارات الصيف البغدادي لسعات ولرياح السموم لفحات تحرق الجلد وتذيب الروح وكأنها (بروفة لجهنم). فلا غرابة أن يقع الرجل من طوله مغشياً عليه ويعالج برش المياه على رأسه ووجهه, فقط لأنه لم يتحمل الحرارة المرتفعة التي تتجاوز الخمسين, فكان للحانات أو البارات هذه قصصها التي لا تنتهي وحياتها المستقلة أو الرديفة للحياة العادية. ولها أسرار أخرى تختزنها الذاكرة فهي عالم من المتناقضات, هنا تجد الجمال والقبح, العنف والأرواح المسالمة, الذكورية الطاغية واستعراضاتها الديكية, مع الأصوات الشجية والأرواح الحزينة, العقول الراجحة والجنون المتمرد. ضحايا وقوادون, بخلاء فروا من كتاب البخلاء للجاحظ يختبئون بالملابس الفاخرة, وكرماء إلى آخر حدود التبذير وحتى آخر فلس وآخر قطعة خبز. أتذكر هنا الجواهري عندما يقول:
تُريك العراقي في الحالتين يسرفُ في شحه والندى
سفلة ومخبرون وشواذ جنسياً من النوعين, وعشاق مكلومي الفؤاد يجترون آلامهم وأحزانهم ويبثون شكواهم من الفقدان وزعل الحبيب وديار الخلان الذين نأوا بعيداً أو غيبتهم الدنيا في مجاهلها أو طوتهم الغربة بعيداً. سياسيون موالون مصفقون أبداً, وخائفون جبناء يختبئون وراء شوارب هابطة وأصوات مرتفعة (طارت الشوارب وخفتت الأصوات لاحقاً). لكن هؤلاء جميعاً يجمعهم شيء غريب يبدو أنه فرّ من بقية الطينة التي جُبل منها الجميع فهم ينصتون خاشعين لا ينبسون بكلمة إذا رفع أحد المخمورين صوتاً شجياً بالمواويل والغناء, عندها يتساوى الجميع أمام سلطان الطرب، فالكل آذان صاغية ولا عجب أن يتمايل الجميع معه وما أن ينتهي حتى يقفز أحدهم عن كرسيه ويقدم مكرمته للجميع على طريقة (حساب الجميع عندي) في لفتة تعبر عن الامتنان وعن الروح الجماعية التي تسامت بفعل الكأس الساحرة والصوت الآسر. ولكي نرى إلى أي حد رسمت هذه الحياة أخاديدها على وجوه الناس ووجدانهم لابد لنا من الوقوف على حكاياتها التي لا تنتهي. من حكايا تلك الزوايا الباردة إن أحد الزبائن يقرر لحظة سكر أن يسحب كرسيه ويحمله معه خارج البار ليجلس عليه في الكراج ليستريح عليه بانتظار الباص الذي يقله إلى بيته دون أن يلاحظه أحد من النادلين أو مدير البار أو أي من زبائن البار الصيفي المشغولين بأحاديثهم أو قهقهاتهم أو ترنيمهم مع أغاني أم كلثوم المنطلقة من الإذاعة الداخلية للبار. أو ترى حدثاً غريباً يجري أمامك بصورة كوميدية حين يقرر أحد السكارى أن ينهب تليفون البار ويركض في الشارع ويركض وراءه النادلون وعمال البار ومن يرغب بالمشاركة في هذا الحدث وبعد الإمساك به وبعد أن يقع في أيدي الراكضين وراءه ويسألونه لماذا سرقت الهاتف فيقول بكل براءة وهو يتلقى الصفعات التي تنهال عليه من الجمهور الغاضب وببساطة شديدة ( أريد أخابر).......
أو تجد من يسرق مشروبه من جيوب الآخرين بخطة تنجح مرة وتفشل مرة وذلك بأن يضع على الطاولة أمامه مفاتيح وعلبة سجاير غالباً ما تكون فارغة وبعد أن يتناول ربعية العرق مع صحن المزة يذهب إلى دورة المياه ليحضر نفسه للحركة (الرابعة) السريعة راكضاً خارج البار في غفلة من النادل ومن الزبائن أيضاً, أما إذا لم يجد في نفسه القدرة على الهروب وشك بقدرة رجليه على حمله وليس له القدرة على الركض فيتبع طريق المسكنة, كاستراتيجية أخرى وهي أن يلتفت إلى الجالسين من حوله طالباً المساعدة في شراء الدواء لكونه قد خرج تواً من المستشفى ولا يملك شيئاً, فيجيبه أحدهم بعد أن يستجيب لطلبه ويدرك محنته الكاذبة قائلاً: "لك يا أخي إنت وين فايت؟ لصيدلية؟ روح احسابك واصل".
نهاية الجزء الثاني
إعداد : ألف
يتبع ...
08-أيار-2021
21-تشرين الثاني-2013 | |
16-تشرين الثاني-2013 | |
05-تشرين الثاني-2013 | |
26-تشرين الأول-2013 | |
15-تشرين الأول-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |