وجعك يا مصر
خاص ألف
2013-02-19
وجعك مصر...
منذ وصولي إلى مصر من ستة شهور تقريباً وأنا أتعامل مع كل الفئات البشرية, فإذا كان البقّال و بائع الخضرة ...و التلميذ و المدرّس ...و بائع الروبابيكيا / الأدوات المستعملة / و بتوع العيش / الخبز / و الجزّار / بائع اللحمة ... و ا لصيادلة الذين اشتريت منهم الأدوية و كل الأطباء و أطباء الأسنان الذين صادفتهم ... و بوابو و بوابات العمارات التي سكنتُ... و عمال النظافة ..و سائقو التاكسيات... و أصحاب المطاعم و المقاهي و الكافتيريات و زبائنهم ... و الناس الذين يمرون بقربك و انت تمشي و الذين تجلس بجوارهم بالمترويات والذين تسمعهم وانت على فراندا البيت يتكلمون اما على الموبايل أو مع بعضهم بعضاً ... و إذا كان أغلب الذكور ملتحٍ و يملك تلك البقعة السوداء الموجودة في منتصف الجبين / دلالة الإيمان و مثابرة الصلاة / و أكثر الإناث محجبات و بعض المنقبات ....
إذا كان كل هؤلاء معارضون لحكم مرسي و ضد الإخوان .... أتساءل مَنْ و أين يكون أولئك المؤيدون... و كيف يتجمعون لكي يقوموا بكل ما نسمع عنهم من أفعال مشينة لا تليق بشعب مصر وأبنائها..!!!؟؟؟
****
حب
رأيته ... وقعت بحبه من النظرة الأولى لأدبه و حسن أخلاقه و همته و رجولته المبكرة .... هو( س ) ذو التسع سنوات، ابن بواب العمارة التي أقطنها في مصر بالعباسية... لم أحبه أبداً للون عينيه العسليتين و لا لرموشه الملتفة... و لا لرشاقة خطواته .... هو رجل صغير بكل ما تحمله الكلمة ...
أول مرة التقيت به طلبت منه مرافقتي كوني جديدة بالمنطقة و لا أعرف التحرك بالقاهرة... نظر إلي بحزن و قال: ما اقدرش يا أبلة ، لم أسأله لمَ لأنني عرفت من تنقل عينيه مني و إلى أسفل جسمه أنه يلبس سشحاطة / شبشب كبير جداًو مهترىء.
بعدها اشتريت له حذاءً رياضياً و قدمته له فكانت فرحته لاتوصف. صار ينتظر خروجي كل يوم لأمارس رياضة المشي في الصباح، يركض كالبرق لينتعل الحذاء الذي ينظفه كل يوم و يبعده عن متناول أخوته الصبيان كيلا يستولون عليه خلسة.
يمشي بمحاذاتي بكل رجولة و يعطيني ملاحظات صغيرة أن افعلي كذا و لا تفعلي كذا .... و كنت أستمتع بتلك الملاحظات.... مرة رميت حقيبة يدي الرياضية بشكل اعتباطي وراء ظهري... نظر إلي بعتب وقال لي: لا لا يا أبلة ما تحمليش الشنتة بالشكل ده علشان عندنا عيب الست تعمل كده ... الرجالة حايفكروها ست وحشة.... طبعاً لم أقتنع و لكنني أنزلتها كونه مرافقي و الراجل بتاعي اللي بحبه ....
بعد ايام لم استطع قراءة لافتة على بعد مسافة ...طلبت منه أن يقرأها لي ولكنني لاحظت انه قال لي شيئاً مختلفاً ... أي كلام ... عرفت بعدها أنه يذهب الى مدرسة لمحو الأمية و لكنه لا يعرف الألف من الباء ....
بدأت معه برنامجاً تعليمياً دون أن يلاحظ أو ينتبه أنه يأخذ دروسا نظامية ... بين المزح و الجد كانت تدخل المعلومات إلى رأسه ... يكتب واجبات وهو يعتقد أنه يؤدي لي خدمات ... كنت أطلب منه أن ينسخ بعض الصفحات و يقلد الأرقام، ويحسب ويقرأ ...وكنت أتعمد أن أخطىء لأرى إن كان منتبهاً ... صار يصحح الأخطاء ... و يقول : لاء عيب يا أبلة دي ما تتكتبش كده ... دي لازمها ( وا) ويقصد واو الجماعة.
لم أكن أعتقد أن الحب يعمل المعجزات ... خلال أيام كان قد هضم الأحرف و الأرقام و بدأ يكتب نصوصاً صغيرة ... وعدته أن أدرسه الإنكليزية ... فقال لي فرحاً: تقصدي يعني أتكلم زي الخواجات؟؟!!
منذ أيام قررت عائلتنا أنها ربما تنتقل من القاهرة وتسافر إلى بلد آخر ... و يبدو أن الخبر قد وصل إلى مسامع حبيبي الصغير ... لم يعد ينظر في عيني و لم يعد يضحك لي حينما أصادفه، أسرّت لي أمه أنه يعانق الحذاء الرياضي كل ليلة و ينام .... أقسمت أمه و هي امرأة طيبة جميلة كابنها أنها تمسح دموعه كل ليلة بعد أن ينام.
من وقتها و أنا أفكر بهذا الحب الجميل الذي ينتاب الأطفال و الذي يمكن أن يخلق منهم أشخاصاً مختلفين .... إنه الحب البريء النقي الذي انتقلت عدواه إلي!!
08-أيار-2021
24-نيسان-2021 | |
13-آذار-2021 | |
19-كانون الأول-2020 | |
07-تشرين الثاني-2020 | |
12-أيلول-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |