تقاطع شارعين هو الصليب...
عصفورة على السلك ... هي الشاهدة الوحيدة على الجريمة ...
والتي لن تستدعيها أيُّ محكمةٍ أبداً....
لم يكن يعلم شيركو بيكس أنّ هذه الأبيات التي كتبها ذات ربيع، ستنتقلُ عبر تخوم الجغرافيا المجاورة لوطنه الأم ... لتبلغ أعداد العصافير أرقاماً مهولة، لا يمكن عدّها وإحصاؤها ...
عصفورة واحدة على السلك؛ قالها... ولكن كم من العصافير ستقف على الأسلاك بطول البلاد وعرضها لتكون شهوداً على ما تُرتكب من جرائم ... وكم من المحاكم الافتراضية يلزمنا إذا ما استدعيت كلُّ تلك العصافير الواقفة على تلك الأسلاك ... على اختلاف أنواعها (سلك الغسيل – سلك الكهرباء – سلك الهاتف – سلك الحياة – والحبل السري لأولئك الأطفال ...!!! وربّما السلك الدبلوماسي). ناهيك عن الأسلاك التي لم تكن العصافير واقفةٌ عليها حين ارتكبت جرائمهم ...
لا عصافير حاضرة هناك على عتبة القذيفة ...
صمتٌ ... وصراخٌ ... ومجادلاتٌ عقيمة ...
نسيانٌ من جنس الفعل ...
طفلٌ ظلّ محدقاً بابتسامة الغارق في تفاصيل الحياة ...
بوهيميا التفاصيل ...
هرطقات !!!...
ألعابٌ نارية بنكهة الموت ...
دهاقنةٌ عارفون بأجزاء المدفع
لا سماء لنا ... لا ماء ... ولا أرض
كيف ستساق تلك العصافير التي شاركت صواريخ السكود رحلة الهجرة إلى الشمال. محدقةً فيها:
أيُ عصفورٍ أنت أيها المكسيُّ بالبياض...
لماذا تنفثُ هذه النار من مؤخرتك الكبيرة، وأي رائحةٍ هذه ...
وأيُّ سطرٍ من سطور الكتابة تخلّفها وراءك في السماء...
لربّما ارتبكت عليك الجهات ... اسأل أول مدينة تمر من فوقها ... علّها تقول: ليس للأرض شمال بعد اليوم ....
هل سيكتب الطيب صالح موسماً جديداً للهجرة إلى الشمال ذاته ... وأية لغة سيكتب بها القضاة ما ستقوله العصافير، هل سيكون الشعراء هم القضاة ... سألت أحد الأطفال عمّا ستفعله تلك العصافير الجميلة إذا استدعيت للشهادة ... قال مبتسماً: كيف للعصفور أن يتكلم ... قلت: لا أدري ... قال ناظراً لعصفور مرّ من فوقنا: تعرف العصافير حين تعود من الشمال ما يجب أن يقال ... ستقف على فوهة المدفع ذاته ... وتنظر للشخص ذاته الذي جعلها تهاجر في غير موسم هجرتها... دون أن تكون قادرة على الزقزقة أو التكاثر ... !!! ثم نظرت إليه مبتسمةً علّ هذا ما ستكون عليه مرافعاتنا أمام أمهاتنا ...
خاص ألف
نشتمان خلف