المثقف المقاول
2006-04-09
نعم بإمكاننا الآن أن نقول باطمئنان: هناك مثقف مقاول، فأمام تعدد الفرص والمؤتمرات والمهرجانات أصبحت بضاعة الثقافة بمعناها العمومي بضاعة رائجة ومطلوبة، حتى أن المثقف المقاول اضطر أخيراً إلى افتتاح فروع عدة في أكثر من عاصمة عربية على طريقة "كنتاكي"، لكن الفرق هنا، أن كل وجبة بنكهة مختلفة تبعاً لاتجاه الرياح، فما يصلح للبيع والتداول في هذا البلد، سوف يكون مرفوضاً في مكان آخر.
وهذا الرواج لبضاعة الثقافة بسبب من كثرة المنابر الورقية والفضائية، خلق ألقاباً موازية مثل باحث في حقوق الإنسان، أو في الشؤون الاستراتيجية، وعلى أقل تقدير مفكر، وهذا اللقب الأخير لطالما وضعني أمام أسئلة حارة مثل مفكر بماذا وما هي الأفكار التي يرغب بتسويقها وما هو منهجه في التفكير؟
وحين تلقي نظرة على بضاعته تكتشف إنها مجرد لملمة لأقوال مستعارة من آخرين، وأن مهمته لا تتجاوز "الربط" مثل مذيعات التلفزيون.
المثقف المقاول في صورة أخرى يشبه لاعب السيرك فهو يقفز بين عدة حبال من دون أن يقع، ومهارته تتجلى في تحريك أقدامه في اللحظة المناسبة، وهنا في حال المثقف المقاول تتحقق بوضع هذه الجملة هنا ومحوها هناك، فهو مرة تفكيكي وما بعد حداثي ومرة أخرى تنويري وفي صياغة أخرى نهضوي، وفي بعض المنابر السرية التي لا يقرؤها أحد إسلامي، وأحياناً طائفي، تبعاً للحاجة والضرورة، طالما العداد يعمل بالدولار واليورو والريال والدرهم، أما الليرة السورية فهي خارج البورصة أساساً.
يشبه المثقف المقاول في صورة أخرى "بواب عمارة" يقوم بتأجير الشقق للعابرين، ولكل شقة لديه ميزاتها: إطلالة ساحرة على التراث، هواء عولمي، جاكوزي حقوق إنسان وحريات، غرفة نوم للمثاقفة، مطبخ للأفكار المسلوقة، شرفة للعروبة، وأخرى للمواطنة ومنّور للمعارضة. أما كيف يجمع المثقف المقاول كل هذه الصفات في دماغ واحد فهذا ما لم أجد له إجابة شافية.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |