كيف ننقذ الإسلام من تهمة الإرهاب
سحبان السواح
2006-04-27
في حوار بث على إحدى القنوات منذ أيام بين عالميين مسلمين هما الدكتور عبد الله سمك والمفكر جمال البنا، وموضوعه حكم المرتد عن الدين الإسلامي، وكان الخلاف كبيرا جدا بين الإثنين رغم أنهما اعتدا معا في تأكيد وجهة نظرهما على الأحاديث النبوية. وكان كل منهما يسوق عددا من الأحاديث التي تدعم رأيه، وبما أنني لم أكن أفكر في استخدام ما جاء في هذا اللقاء في هذه الافتتاحية فأنا لم أستطع تذكر من منهما كان مع قتل المرتد ومن منهما كان ضده،
من منهما أظهر النبي محمد كرجل لا يحب سفك الدماء ولم يأمر بقتل المرتد. ومن الذي أكد على حبه لسفك الدماء. دماء المرتدين طبعا، وساق عددا كبيرا من الأحاديث الصحيحة كما يراها هو فيما ساق الثاني عددا مماثلا من كتاب كان في يده وهي تقول أن النبي لم يكن يؤيد قتل المرتدين وإنما كان يوجه بعدم ذلك. وكان الآخر يسفه الأحاديث التي يأتي بها على أنها أحاديث لم يروها صحيح مسلم والبخاري. كما ساق الآية الكريمة التي تقول أنك لا تهدي من أحببت إن الله يهدي من يشاء.
موضوعنا ليس ما جاء في هذا اللقاء، ولكن في توقيته. فحين يؤكد عالم إسلامي ويسوق أحاديث كثيرة بأن الإسلام حث على سفك دماء الغير، حفاظا على ديمومته، فلابد أن يصب هذا في خانة الإرهاب، عند من يريد أن يصطاد في الماء العكر. وحتى الذي لا يريد. وسيأتي من يقول مادام رجال دينهم يدعون لقتل الغير فكيف نسكت نحن.
هنا لابد من العودة إلى موضوع هام وحيوي ألا وهو موضوع الاجتهاد في الإسلام فقد أصبح ملحا وجود رجال دين، منفتحين، وقادرين على اتخاذ قرار، أو إصدار فتوى بضرورة عودة الاجتهاد في كثير من الموضوعات، ومنها موضوع الأحاديث النبوية.
في زمن الرسول، وأيضا في زمن الخلفاء الراشدين وتحديدا في زمن عمر بن الخطاب تم الكثير من التعديلات في النظام الديني، أقرت أمور وألغيت أمور، ألغيت كثير من الأحاديث التي لم يثبت أنها صحيحة مائة في المائة. كما أنه تم نسخ آيات قرآنية بعد أن استفذت الغاية منها. ثم اتخذ القرار الكارثة، ما عاد الاجتهاد مسموحا، وحين اتخذ هكذا قرار لم يكن الفكر الإنساني يتوقع كم من القفزات الحضارية النوعية ستحدث منذ اتخاذه وصولا إلى زمننا الحاضر، إلى ما بعد 11 سبتمبر وإلى هذه الهجمة الشرسة التي يساهم في تأجيجها شيخ كذلك الذي ساق مجموعة من الأحاديث النبوية والمؤكدة صحتها تدعو المسلمين إلى قتل المرتدين وأعداء الإسلام. فالمرتد يصبح عدوا بالضرورة.
إذن هي دعوة للعودة للاجتهاد، لتفسير جديد وحضاري له، لفهم جديد يتماشى مع هذا المناخ الجديد الذي يسود حولنا، هي دعوة للسير بالإسلام نحو القرن الحادي والعشرين والخروج منه من عصر جاهليته. وأهم تلك الاجتهادات يجب أن يكون فصل الدين عن الدولة.