هدية من السودان .. تتجاوز قرارات الأمم المتحدة
2006-09-06
منذ بدأت العمل في هذا الموقع لم تنتبني سعادة كتلك التي انتابتني وأنا أراجع الإيميل الشخصي، حيث وصلتني رسالة من السودان تحمل نصوصا، خمسة. نصوص إبداعية، فتحتها ، فتحت أول نص .. ذهلت مما أقرأ ، لم أتابع النص فتحت الثاني ، أزداد ذهولي , لم أتابع، فتحت حتى النص الأخير، كانت نصوصا مختلفة، جديدة، مبدعة، فعدت إليها واحدا.. واحدا أقرأها باستمتاع وتلذذ لم أمر به منذ زمن طويل، إذ لم يصلني إلى الموقع باستثناءات قليلة جدا نصوص كتلك التي وصلتني في هذه الرسالة. من يصدق أنني أحسست بشعور من فاز بجائزة كبيرة، ليست جائزة شخصية، بل هي جائزة للموقع، فأن يستقطب الموقع كتابا مبدعين كهؤلاء الذين ستقرأونهم فيما يلي هذه الافتتاحية، بعضهم كنصار الحاج كنّا قد نشرنا له سابقا وبعضهم الآخر كمأمون التلب كان قد أرسل قصيدته كالوس الريح منفردة عنهم ثم أعاد إرسالها مع مجموعة من نصوصه ستنشر تباعا .ألا يعني هذا نجاحا كبيرا للموقع، ويعني أيضا أن الموقع يسير بخطى حثيثة نحو أن يكون موقعا متميزا وخاصا.
الذي أسعدني أكثر هو أن تكون هذه النصوص من السودان، السودان الذي مر بمآس لم يمر بها بلد من قبل ، حروب أهلية، لم تبق ولم تذر، حكام متآمرين، حكام جهلة يتسترون خلف الدين ليقدروا على الحكم، فقر مدقع وجوع وكوارث، السودان التي لم تر يوما واحدا هنيئا منذ فترة طويلة من الزمن ، ومع ذلك تنتج هكذا كتاب، هكذا مبدعون ..
وبينما يستمتع باقي الشعوب العربية بالرخاء، بنوع خاص من الرخاء، الرخاء المشروط بالذل والخنوع للسلطة الحاكمة، ولرجال المال المتنفذين، هذه الشعوب راضية بقدرها، وخانعة، لا معارضة فيها، وإذا وجدت معارضة فهي معارضة إما دون برنامج وطني حقيقي، ودون توافق فيما بينها، وكل مجموعة تعلن معارضتها للسلطة وتخون معارضة شبيهة لها بالأهداف والتطلعات ولكنها تتبع شخصا يريد أن يكون قائدا متفردا وزعيما يشار له بالبنان. حتى اللجان التي تسمي نفسها لجان الدفاع عن حقوق الإنسان ، نجدها تحت تسميات متعددة ، في بلد واحد ، ولكنها مختلفة ، ومنقسمة ، وهي بذلك تخدم السلطة، وتعادي حقوق الإنسان، في بلادها أكثر من وجودها بحد ذاته.
أو أنك تجد معارضة متعاونة مع الغرب كالإخوان المسلمين وتحالفهم مع عدو الشعب عبد الحليم خدام. ومع بعض الشخصيات التي تستلم في أول كل شهر راتبها من جهة ما في أمريكا وفي غير أمريكا.
في هذه البلاد شح الإبداع، إن لم نقل ما عاد موجودا، وإذا وجد فهو لا يرقى إلى أن يكون إبداعا مجددا وباحثا، وجديا وجديدا.
تحدثت كثيرا عن موت الروح لدينا، وحين تموت الروح كل الأشياء تصبح دون طعم ولا رائحة ولا لون. هذا هو حال الإبداع في بلادنا. ومن يرى الكم الهائل الذي يردني إلى الموقع من نصوص تدعي الشعرية أو النثرية أو أي تسمية أخرى .. ولكنها لا ترقى أن تكون موضوع تعبير في المدارس الثانوية.
أتذكر حين أصدرت مجلة ألف في العام 1991 من القرن الماضي ، استطعت أن أكتشف كما كبيرا جدا من الكتاب المبدعين الشباب الذين اثروا في الحياة الثقافية السورية والعربية فيما بعد وكان منهم الكاتب المبدع عادل قصاص من السودان أيضا فتحية لعادل وتحية لعصام عبد الحفيظ الفنان التشكيلي من السودان أيضا الذي كان يمدنا برسوماته التشكيلية المتميزة.
الآن ونحن في القرن الواحد والعشرين ، صرت أجد صعوبة في ذلك، ولولا هؤلاء المبدعين على قلتهم الذين يرسلون أعمالهم الإبداعية لكان الموقع قد أعلن إفلاسه الآن ، في حين أنه في العام 1991 وما بعد كنا نرفض أعمالا بمستوى رفيع جدا فقط لأنها لا تحمل طابع الحداثة والتجديد الذي كنا نبحث عنه.
ما أنشره هو الأفضل، و الكثير منه لا يقل أهمية عن تلك النصوص السودانية التي أتحدث عنها. ولكن الفارق أن مبدعي تلك النصوص يعيشون في بلاد لا حروب أهلية فيها، ولا مآس ولا جوع ولا فقر ولا حصار بينما ما جاء من السودان يعتبر مختلفا .. يعتبر حدثا يستحق التأريخ. شكرا لك صديقي محمد الصادق على هذه الهدية وشكرا لمبدعي السودان .. ولكم أتمنى أن يجيء اليوم الذي تحل به السكينة في السودان في حكم ديموقراطي أنتم بالفعل تستحقونه .
هذه مجموعة من النصوص الإبداعية ، التي لا تتحدث عن الحرب، ولا عن دارفور، ولا عن جنوب السودان والمآسي التي حدثت به، ولا عن قرارات الأمم المتحدة بنشر قوات دولية في إقليم دارفور، بل هي تقول بكل بساطة ها نحن هنا ، مازلنا نعيش، ومازلنا موجودين، ومازلنا نتنفس حرية.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |