المثقفون .. والرقص في الكبارهيات النفطية
2009-06-16
التجربة التي عاشها قراء الموقع في الأشهر الماضية، والخلافات التي أعلنت والتي لم تعلن، بين مثقفين معروفين ولهم أسماؤهم التي لم تأت من فراغ، أظهرت واقعا مريرا يعيشه المثقف. فهو كمثقف لا يستطيع أن يشتغل نجارا، أو عامل باطون، أو كهربجي، أو أية مهنة أخرى، مع احترامنا الشديد للجميع، فهو قد اختار أن يكون صحافيا أو كاتبا مبدعا. واختياره هذا جعله في موقف لا يحسد عليه. فهو بحاجة أولا إلى لقمة العيش، وثانيا إلى ما هو أكثر من لقمة العيش لأنه يعيش في بلد ما عاد اشتراكيا، وهو أيضا ليس رأسماليا، هو يعيش في بلد لا هوية له.. فباستثناء السكر المدعوم، ما عاد في البلد من مادة مدعومة. وهكذا يجد المثقف، والمواطن عموما بالتأكيد، أمام المواد الاستهلاكية المستوردة التي أغرقت السوق وجعلت لعاب المواطن يسيل أمامها، وهو غير قادر حتى إلى النظر إليها بسبب ارتفاع أسعارها، وبسبب ما يكلفه النظر من وجع وألم واشتهاء يعذبه. ما العمل؟
ليس أمام هذا المثقف المسكين إلا اللهاث خلف صحافة النفط والخضوع لشروطها القاسية وشروط مسئولي تلك الصفحات. وهذا يقوده بالتالي ليلتحق بجماعة فلان أو علان، ليصل، وينشر في تلك الصحف والمجلات، وهذا له حسابه عند هؤلاء، وأقصد بهؤلاء مندوبي الصحافة البترولية بافة انتماءاتها، يقولون تريد أن تكتب فعليك أن تكون من جماعتي، وأن تكون من جماعتي فيجب أن تقف بجانبي عند دخولي معركة ثقافية ما. وهكذا تأسست عصابات الثقافة، وصار لكل اسم واصل، أو على علاقات مهمة مع صحيفة ينز منها البترول الخليجي بمختلف انتماءاته ، جماعة تسانده في السراء والضراء والثمن بخس جدا مادة تنشر هنا ومادة تنشر هناك، والأمل أن يحل هو محل هذا الواصل في يوم من الأيام. وهو حلم يقتضي الطعن في الظهر حين يحين الحين، وتصبح كل الأمور مهيأة لهذا الاحتلال.. بالتأكيد ليس دائما تنجح مثل هذه الأمور، وهذا يجعل المثقف الانقلابي أشد شراسة واندفاعا في مهاجمة المسئول الثقافي الذي أراد أن يحل محله.
لا أقصد أحدا بالتحديد. حتى لا يتهافت أتباع هذا أو ذاك بالردود على بعضهم البعض. فهذا يقول أنني قصدت فلانا، وذاك بل قصد علانا. أن أتحدث عن ظاهرة لسنا نحن المسئولين عنها، بل نحن ضحايا لها.. جميعنا ..شاركنا بها أم وقفنا متفرجين.
المسؤولية تقع على من هم أكبر منا داخليا وخارجيا. وهم الذين يديرون اللعبة، فما دام المطلوب إخضاع هذه المنطقة وإذلالها فأول ما يفعله المكلف بعملية الإذلال هو دهس كرامة المواطنين في هذه المنطقة. وإذا كنا نحن كمثقفين لم ننتبه إلى هذه اللعبة، فكيف ننجو منها.
لا استطيع أن أطالب صحافيينا وكتابنا وأدباءنا بالتوقف عن الرقص في تلك الكباريهات النفطية ، فتلك هي لقمة عيشهم. ولكن أطالبهم أن يلعبوا تلك اللعبة بنظافة أكثر، فإذا كان المطلوب امتهان كرامتنا فلنظل أمام قرائنا مرفوعي الرؤوس.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |