استبداد المثقف أخطر من استبداد السلطة
2009-10-02
السلطة المستبدة، هي كيان واحد متماسك يستبد بمواطني البلد التي تحكمه، ويستطيع المواطنون مقاومة هذا الاستبداد بكل الوسائل الممكنة، سلمية كانت أم غير سلمية. ولكن ماذا نقول عن سلطة واستبداد المثقف.
فكل مثقف مستبد بحد ذاته، يريد فرض آرائه على الآخرين بالقوة، وليس بالإقناع وحين يعارضه بعضهم يشن عليه هجوما شرسا يجعله مضغة في أفواه الآخرين.
لست هنا بصدد تعداد المعارك الثقافية العربية التي جاءت نتيجة استبداد مثقف برأيه، فيقف بجانبه أتباعه والمستفيدين من مكانته الأدبية وسلطته الأدبية إذا كان مسؤولا عن صفحة ثقافية أو مجلة ما أو أي منبر إعلامي يدفع نقودا ثمن ما ينشر في منبره.
هذه المعارك تتحول إلى اتهامات بالخيانة، أو إلى التعامل مع السلطة، وحتى إلى تحريض السلطة ضد هذا المعارض المسكين الذي قال رأيا مخالفا لرأي المثقف السلطوي، ومعظم مثقفينا سلطويين، ومن هم غير ذلك فهم خارج اللعبة، مغمورون منسيون لا أحد يهتم بهم.
هذا المنبر، موقع ألف، نقل العديد من المعارك الثقافية في سورية وخارج سورية معظم أبطالها من أصحاب النفوذ الثقافي، فماذا كانت النتيجة، شتائم، واتهامات, وتخوين.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ترى ما السبب وراء هذا الشكل من التعامل الثقافي سوى لقمة العيش. فالكاتب الذي ينشر في منبر إعلامي ما يدفع له بالدولار، عليه أن يحافظ على لقمة عيشه، وبالتالي لن يقدر قول الحقيقة في معركة ما سوى ما يقوله مسؤول المنبر الثقافي الذي ينشر فيه، وإلا فهو يغامر بلقمة عيشه وعيش أولاده.
وتنشأ العصابات الثقافية.. عصابات الصحف والمجلات والمواقع التي تدفع بالدولار، والتي غالبا ما تكون من أموال تفوح منها رائحة النفط. عصابة رئيس التحرير الفلاني وعصابة مدير التحرير الفلاني ، وعصابة مسؤول الصفحة الفلانية.. و يفقد المثقف نفسه دون أن يدري، يفقد مصداقيته ويفقد تعاطف القراء معه.
وهكذا تصبح هذه المعارك كالأمراض المفتعلة مثل أنفلونزا الخنازير تنتشر كالوباء الذي يصيب معظم المثقفين غير المحصنين.
ليس الحق على المثقف بالنهاية، بل على السلطات المستبدة في منطقتنا، التي لم يعد لها اسم، فالمثقف الذي يرى الأثرياء حوله وما يفعلون، ويعرف أن ما ينفقونه هو من أمواله المنهوبة منه، لا من كد جبينهم، وتحاصره الإعلانات التلفزيونية بكم كبير من وسائل الترفيه والراحة وأنواع الطعام، والفيلات و السيارات ورحلات السفر وعمليات التجميل وألعاب الأطفال وشاشات البلازما، وما إلى ذلك من وسائل الترفيه المنزلية وغير المنزلية التي لا يمكن سردها في هذه العجالة وقد يكون ما نسيته منها هو الأهم والأخطر.. لا يقدر هذا المثقف على المقاومة طويلا، فيقدم أول تنازل، تتلوه تنازلات كثيرة قد تصل إلى قبول أن يكون منزله الذي يسكنه هدية من جهات سلطوية هو بالأساس يدعي أنه معارض همام لها. كنت أود تسمية هذا الهمام، ولكني لست صاحب سلطة ثقافية تدفع من أموال النفط وبالتالي لن يؤيدني أحد.. وربما اتهموني بالخيانة العظمى.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |