سأظل أكتب في الدين وعنه وأنحت في صخر صلد لعل بعض العقول تتغير.
2009-11-27
دائما أصاب بخيبة أمل بعد نشر افتتاحياتي التي تتحدث عن الدين. فأنا لم أتقصد مرة واحدة أن أسيء للديانة الإسلامية، أو أي من الديانات الأخرى، ولم أفعل ولن أفعل. كل ما أريده هو السير أو الوصول بالإسلام إلى القرن الواحد والعشرين، القرن الذي نعيش به.
فنحن ما دمنا، رضينا، وقبلنا، واستمتعنا، بمنجزات هذا القرن العلمية، يجب علينا بطريقة ما، البحث والتقصي للوصول بهذا الدين ليتساوى مع مفاهيم العصر بطريقة عصرية، لا بالطريقة التي يريدنا رجال الدين المسلمين الوصول بها إلى هذا العصر بالقول أن كل مكتشفات هذا العصر قد جاءت بالقرآن وأننا سباقون بالمعرفة.
وسأسوق مثالا حيا هنا؛ موضوع تأسيس هيئة تقوم بالتضحية لحجاج بيت الله، أو من يريد تقديم أضحية متعبدا لله، مقابل إعطائهم صكا بالتبرع وتقديم الأضحية، ثم تقوم بذبح هذه الضحية على مدار السنة وحسب الحاجة إليها، وليس في زمن الأضاحي، أي في عيد الأضحى. هذه فكرة جديدة على الدين، جاءت بسبب الحاجة إليها، فما يضيع من لحم الأضاحي، ويرمى دون استفادة منه، أوحت بهذه الفكرة لبعض الناس .وهي فكرة لا مرجعية لها في القرآن ولا في السنة.
مثل هذا التفكير يجب أن يسود في أمور أخرى حتى لو تعلق الأمر بتغيير في أسس الإسلام ذاتها، مادام الأمر في مصلحة المسلمين.
علينا الاعتراف أن القرآن جاء لتنظيم حياة مجتمع بدوي منقطع عما قبله من حضارات، بسبب عزلته في الصحراء. طبعا لابد أنه تلاقح مع بعض هذه الحضارات، ولكن عقله الصحراوي المغلق لم يترك له المجال للانفتاح عليها ومن ثم التفاعل معها، فنجد أن حتى آلهته التي كان يعبدها لم تشبه في شيء تلك الآلهة العظيمة المتعاقبة منذ بداية التكوين حتى مجي آخر الديانات كما أراد محمد..
إذن جاء الإسلام لينظم حياة هؤلاء البداة المنغلقين على بداوتهم في صحرائهم، وكانت مشاكلهم كثيرة، وأولها شعورهم القبلي، وجهلهم بأبسط أنواع الحضارة التي سبقتهم.لهذا كان على القرآن أن يتحدث إليهم بحدود عقولهم، وينقلهم من طور البداوة إلى طور الحضارة ويحدد لهم مفاهيم اجتماعية لم يكونوا يعرفونها ولم تكن تخطر لهم ببال.
ولكن الإسلام وبعد أن أتم مهمته، في آياته المكية والمدنية.. وأنشأ حضارة لم يسبقه إليها أحد، كان لا بد من الانتقال إلى مرحلة أخرى، وكان ذلك ممكنا، لو لم تحدث الانشقاقات الكبرى ليتحول الإسلام، إلى إسلامات عدة مختلفة عن بعضها البعض، وكل منها تستفيد من آية ما أو حديث ما لتبرير مواقفها ووجودها بالأساس.
مرت مراحل عدة كان فيها الإسلام يتجه نحو التحضر ونحو فلسفة الدين، والابتعاد به عن حرفية القرآن .. وهناك الكثير من المبررات لذلك. ولكن الحكام وعبر كل تلك المراحل كانوا يقفون في وجه هذه التطورات وكان أصحابها، تلك الفلسفات، إما أن يقتلوا أو يحرقوا أو تحرق مؤلفاتهم لنعود مرة أخرى إلى البدايات. والبدايات يعني قبول ما جاء ليحول البدوي إلى حضري بنصه وحرفه .. دون أي محاولة للتطور.مع أن الزمن تطور واستمر بالتطور ولم يتوقف.
إذن أنا لا أهاجم الإسلام، بل أنا أكثر حرصا عليه من السيدة أسماء عوض، ولا أدري إن كان الاسم حقيقيا أم مستعارا، التي استغلت ديمقراطية الموقع وعلقت تعليقات لا مبرر لها.. فبدلا من مناقشة الأفكار التي أسوقها كانت تعلق بشكل ساخر ينقلب ضدها فيسخر منها الآخرون. وليست أسماء هي الوحيدة، فهناك الكثير من المعلقين الذين لا يستطيعون بسبب تربيتهم الدينية المتشددة حتى مجرد التفكير بإمكانية تطور الإسلام ليجاري العصر من منطلق حضاري فكري لا بأسلوب جر الحضارة إلى الآيات القرآنية والتأكيد على أن القرآن لم يترك شاردة أو واردة لم يتحدث عنها.
احترم القرآن، كما احترم الإنجيل والكتاب المقدس وجميع كتب الأديان الأخرى، لأن هناك من يعتقدون بهذه الكتب، سماوية كانت أم غير سماوية. ولكن بالمقابل أعرف عقلية البشر الذين تحدث إليهم القرآن. وأعرف أيضا أن هؤلاء البشر تغيروا، وقبلوا كل مكتشفات الحضارة الغربية التي لم يكن لهم علاقة بها.. ومع ذلك يصرون أن القرآن تحدث عنها، وذكرها وبالتالي له الأسبقية في كل مكتشفات العصر.
لم يفكر أحد في إعادة تفسير القرآن، وإن فكر فهو يخاف من أن يعتبر مرتدا. ولم يفكر أحد أن يقتدي بعمر بن الخطاب حين أوقف العمل بآية قرآنية وهو خليفة المسلمين وخليفة النبي حين كان لابد له من ذلك فحرم قطع يد السارق في عام الجوع.
بادرة عمر يجب أن تكون المنطلق، بأنه مادام رفيق النبي وخليفته ارتأى أنه من الممكن التخلي عن آية للضرورة.. فلم لا نعيد التفكير في كثير من الآيات والسور التي جاءت بقصد محدد لا يجوز تعميمه على كل الأزمان.
أكتب، وأنا أعرف أنني أكتب لأناس لا يستطيعون حتى مجرد التفكير في ذلك، لأنهم تربوا عليه.. ولا يتجرأون على تصحيح خطأ نحوي جاء في القرآن على اعتبار أنه منزل من الله. ولم يفكروا للحظة أن من كتبه عن لسان النبي أخطأ بكتابته.
أخيرا أقول سأظل أكتب وأنحت في صخر صلد لعل بعض العقول تتغير.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |