تلك إذاً قسمة ضيزى
2010-02-19
قسمة ضيزى تلك التي حدثت أخيرا بين رجال المال والأعمال وبين رجال الدين. هي اتفاق ضمني يقول: اتركونا وشأننا نترككم وشأنكم.. نحن نسرق أموال الرعية وأنتم تسرقون عقول الناس، وتزيدون من جهلهم في أمور الدنيا، وتزيدون علمهم في أمور جنان الخلد. ولا نمانع إن اقتربتم من أموالهم أيضا.
عادة اللصوص لا يهمهم إلا مقدار ما يسرقون، لا مصلحة المسروق.
بسب هذه القسمة، ما عاد أحد يهتم بحقيقة ما يجري خارج أمور السرقة التي ذكرتها، سرقة العقول وسرقة الأموال، وما عاد أحد يهتم فيما إذا كان هذا الدين يسير في الطريق القويم، أم أنه انحرف، وما مدى انحرافه.
لذلك تمنيت لو أن ما نسب إلى المفتي محمد بدر حسون أنه قال "لو أنّ النبيّ محمّدا أمرني بالكفر بالمسيح أو بموسى لكفرت بمحمد، ولو أنه أمرني بالقتل بغير حقّ لقلت له أنت لست نبيّا". فتلك الجملة فيها الكثير من فهم إسلام محمد، لا إسلام أتباع محمد من الجهلة والناقلين دون علم أو معرفة.
وفيها عودة بالإسلام إلى ما أراده محمد أن يكون، إسلاما عادلا لا يقبل بالقتل ولا بالجور والظلم، ولا بكل ما ينسب للإسلام اليوم، وبكل ما يخطب به خطباء المساجد.
بكل الأحوال قالها أم لم يقلها، فما أثارته من جدل أثبت بما لا يقبل الشك أنه ثمة عقول مازلت ترى الحقيقة، ومازالت تريد حياة كريمة للبشر، ولا تعنيها لا سرقة المال ونهب البشر ولا سرقة عقول البشر بتحريف الدين والذهاب بالتشدد به إلى أقصى ما يمكن.
في دمشق، حيث أسكن، ما يزيد عن مئات المساجد ولكل مسجد منها خطيب وشيخ يلجأ إليه أتباعه لسؤاله في أمور دينهم ودنياهم، ويسمعون منه في يوم الجمعة خطبة يوجههم فيها إلى كثير من أمور. ولكن ما مدى ثقافة هذا الشيخ، وما مدى معرفته الحقيقية والعميقة في أمور الدين، لا أحد يستطيع البت في ذلك. ولكن ما هو مؤكد هو أنه مسموح له أن يفتي ويقول هذا حق وهذا باطل بل وأن يفسر القرآن كما يراه هو لا كحقيقته، بسلطة دنيوية لا دينية.
أعود إلى ما نسب إلى المفتي الشيخ حسون، فمن الواضح أن هذا الرجل يغرد خارج سرب القسمة الضيزى، فلا هو راض عنها، ولا هو قادر على إصلاحها بأوامر مباشرة، لذلك توجه لإصلاح الخطأ متبعا قول النبي ((إذا رأيت منكرا فغيره بيدك فإن لم تستطع فبلسانك فإن لم تستطع فبقلبك وذلك أضعف الإيمان))
أختم بفقرة من مادة كتبها وائل السواح تحت عنوان "سورية تتجه أصولا /لمحة عن توجه المجتمع السوري نحو الأصولية والابتعاد عن الاعتدال" في موقع الأوان وأعدنا نشرها في ألف، هذا رابط المقالة
http://aleftoday.info/?option=content&view=article&id=5649&catid=10:الفاتحة#up رابط المقالة
يقول وائل السواح: " إن مهمّتي ليست الدفاع عن المفتي، فهو أقدر على ذلك مني. ولكن مهمتي هي التنبيه إلى أن المقصود من هذه الحملة ليس المفتي بذاته، ولكن المقصود مفهوم الاعتدال نفسه. يريد الأصوليون أن يفهمونا بأنهم هم الآن سادة الموقف، يأمرون وينهون، وأن سورية التي عرفناها، سورية التي يتعايش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود واليزيديون والصابئة، وكذلك التي يتعايش فيها المتدينون وغير المتدينين، قد انتهت، وأن سورية جديد قد ولدت، سورية يتحكم فيها أكثر فأكثر الإسلاميون الأصوليون والراديكاليون، الذين يدفعون البلاد شيئا فشيئا نحو التعصب والانغلاق والفكر الطالباني المنغلق."
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |