لنكُنْ صريحينَ معَ أنفسِنَا، وإِلا تحوَّلْنَا إلى كائناتٍ غيرِ بشريَّةٍ.
2010-05-14
اِستكانَ العربيُّ منْ مُحيطِهِ الهادرِ إلى خليجِهِ الثَّائرِ لِلأمرِ الواقعِ سنواتٍ طويلةً جدّاً؛ فمُنذُ استقلال أوطانِهِ دولةً بعدَ دولةٍ، فرضَ الحُكَّامُ عليهِ رِقابةً صارمةً لا تسمحُ لهُ بالمطالبةِ حتَّى برغيفِ الخُبزِ؛ إذا لمْ يستطِعِ الحُصولَ عليهِ. في البَدْءِ حاولَ أنْ ينتفِضَ، أنْ يثورَ ضدَّ القمعِ؛ محاولاتٌ مُنفرِدَةٌ هُنا وهُناكَ، ولكنَّ الأمرَ لمْ ينجَحْ.!. وكانَتِ السُّجونُ مُرَحِّبَةً بِكُلِّ مَنْ تُسَوِّلُ لهُ نفسُهُ أَنْ يقولَ "لا" لِحاكِمٍ عربيٍّ.!. فاستكانَ هذا العربيُّ المِسكينُ أمداً طويلاً مِنَ الزَّمنِ؛ إلى أَنْ جاءَ الـ"إنترنت" الذي حملَ معهُ عالماً افتراضيّا،ً يستطيعُ كُلُّ مَنْ تعلَّمَ الدُّخولَ إليهِ أَنْ يُعَبِّرَ فيهِ عنْ نفسِهِ، فطالبَ بالدِّيمقراطيَّةِ، والخُبزِ، وبِكُلِّ الأمورِ الَّتي مَنَعَهُ حُكَّامُهُ مِنَ التَّحَدُّثِ فيها.!؟. لمْ تستطِعْ الحُكوماتُ العربيَّةُ إِلا الوقوفَ عاجزةً عنْ مَنْعِ النَّاسِ - الَّذينَ لا تَعْرِفُهُمْ - مِنَ التَّحَدُّثِ بِما يُريدُونَ عَبْرَ وسيلتِهُمُ الجديدةِ؛ فمُعظمُ هؤلاءِ يستخدمُونَ أسماءَ مُستعارَةً، ومَنْ يستخدِمُ اسْمَهُ الصَّريحَ في مُدَوَّنَتِهِ لا تستطيعُ إِلا أَنْ تحجُبَ هذهِ المُدَوَّنَةَ، أوِ الموقعَ الَّذي يتجاوزُ حُدودَهُ في الحديثِ عَمَّا لا ترغبُ في أنْ يتحدَّثَ عنهُ مُواطِنُوها.!. ولكِنَّ الحَجْبَ ما عادَ يُجْدِي، فقدِ اكتشفَ الـ"أنترنيتيُّونَ" سُبُلاً عديدةً لِلوصولِ إلى المواقعِ المحجوبةِ؛ والمُستغرَبُ هنا أَنَّ سياسةَ الحَجْبِ لا تزالُ قائمةً رَغْمَ مَعْرِفَةِ المسؤولينَ عنها أنَّها غيرُ مُجْدِيَةٍ.!. أَلَيسَ الأَوْلَى بِهِمْ أَنْ يتوقَّفُوا عنْ عمليَّاتِ الحَجْبِ هذهِ، في محاولةٍ لِتبييضِ صفحتِهِمْ أمامَ شُعوبِهِمْ، متظاهرينَ بأنَّهم دُوَلٌ لا تحجبُ مواقعَ تكتبُ ضِدَّها؛ مادامَ الحَجْبُ لا يأتي بِفائدةٍ.؟.
لمْ أقصِدْ أنْ تكونَ هذهِ المقدِّمةُ لِما أَوَدُّ قولَهُ طويلةً بهذا الشَّكلِ؛ ولكنَّني انْسَقْتُ خلفَ عواطِفي، فلمْ أستطِعِ التَّوقُّفَ، إلى أَنْ نَفَّثْتُ عَمَّا في داخلِي مِنْ رَفْضٍ لِكُلِّ أنواعِ القَمْعِ.
الحقيقةُ أَنَّ الموضوعَ الَّذي سأكتُبُ عنهُ، وَإِنْ كانَ يَمُتُّ بِصِلَةٍ إلى ما ذكرْتُهُ حتَّى الآنَ، إِلا أَنَّهُ في صُلْبِهِ قدْ يُعطِي الحَقَّ لِلحُكوماتِ العربيَّةِ في حَجْبِ الإنترنت عنْ شعوبِها مُتكافِلَةً مُتضامِنَةً؛ وتمنعُ عنهُ هذا العالمَ الواسعَ المصنوعَ، لِيُمارِسَ البشرُ حُقوقَهُمْ في التَّعبيرِ، والمعرفةِ بِكُلِّ أنواعِها. بالتَّأكيدِ أنا هُنا لا أُحَرِّضُ، وإِنَّما أُنَبِّهُ مُستخدِمِي الإنترنت بِأَنْ يكونُوا على قَدْرِ المَسؤوليَّةِ؛ وحينَ يُريدونَ التَّعبيرَ عنْ وِجهةِ نظرٍ في موضوعٍ ما، أَلا يضعُوا أنفسَهُمْ تحتَ مُساءَلَةٍ أمنيَّةٍ في بلادِهِمْ؛ أَنْ يتعلَّمُوا أَنَّ ذِكْرَ الاسمِ الصَّريحِ والإيميلِ الحقيقيِّ لا المُزَيَّفِ هوَ أَحَدُ الشُّروطِ الهامَّةِ لِتكونَ "إنترنيتيّاً" صالحاً.!.
الأمرُ لا يجري كذلكَ، واستخدامُ الأسماءِ المُستعارةِ باتَ صِفَةً بارزةً لِلمُعَلِّقينَ على ما يقرؤُونَ في المُنتدياتِ والمواقعِ؛ فخَلْفَ الاسمِ المُستعارِ يتمترسُونَ لِيقولُوا ما يرغبُون في قولِهِ، ويشتُمُونَ مَنْ يُريدُونَ شَتْمَهُ، دونَ وَجْهِ حَقٍّ، ودونَ أَنْ يعرِفُهُمْ أحدٌ.!.
والمُشكلةُ الَّتي نُعاني منها في موقعِ "أَلِف"، هيَ أَنَّنا اعتمدْنَا خَطّاً لِلموقعِ لا نَحِيْدُ عنهُ، وهُوْ أَنْ نكونَ ديمقراطيِّينَ داخلَ جُدرانِ الموقعِ؛ فقدْ نكونُ مَثَلاً لِغَيرِنَا؛ فَتَعِمَّ الديمقراطيَّةُ بينَ الأفرادِ. وَلَكِنَّ ما جَرَى كانَ غيرَ ذلكَ تماماً، فَبِقَدْرِ ما كُنَّا شَفَّافينَ وواضحينَ في تعامُلِنَا معَ التَّعليقاتِ؛ حتَّى تلكَ الَّتي تشتمُنَا، بِقَدْرِ ما زادَ الأمرُ سُوْءاً، وازدادَتِ التَّطاولاتُ علينا.!. وباستثناءاتٍ قليلةٍ لم نَقْدِرْ على تعميمِ هذهِ التَّجربةِ، وتفعيلِها، بمعنى أَنْ يذكُرَ المُعَلِّقُ اسْمَهُ وعُنوانَهُ الصَّريحَيْنِ، بَدَلَ الاختباءِ الجبانِ خَلْفَ أسوارِ الاسمِ المُستعارِ.
نحنُ مُتأكِّدُونَ أَنَّها صِفَةٌ مٌكْتَسَبَةٌ ومُتَأَصِّلَةٌ، وقَدْ تكونُ صارَتْ "جِيناً عربيّاً" يُوَرَّثُ لِلأجيالِ القادمةِ؛ فَيَتَحَكَّمُ هذا ال"جِينُ" بِعلاقةِ الفردِ معِ مُجتمعِهِ، وهيَ علاقةٌ تَعَلَّمْنَا أَلا تكونَ مُتكافِئَةً؛ وتفرضُ الخوفَ على إِعلانِ الرَّأْيِ، حتَّى لو كانَ هذا الرَّأْيُ يقولُ:" كَمْ أنتَ رائِعٌ.".!.
مَنْ يقرأُ افتتاحيَّاتي، وأذكرُ افتتاحيَّاتي بِالذَّاتِ لأَنَّني "أمُونُ" على نفسِي، فأنشرُ شتائمَ ضِدِّي، وأتحمَّلُ المسؤوليَّةَ. ولكنَّني غيرُ قادرٍ على نشرِ شتائمَ لِكُتَّابِ "أَلِف"، فهُمْ مَنْ يجبُ أَنْ يتحمَّلَ هذهِ المسؤوليَّةَ؛ قلْتُ مَنْ يقرأُ افتتاحيَّاتي يَجْدُ هذا الكَمَّ مِنَ الشَّتائمِ الَّتي أُمَرِّرُها، لأقولَ لأصحابِها إِنَّني على حَقٍّ؛ ومَنْ يَكُنْ على حَقٍّ، لا يَخْشَى لَوْمَةَ لائمٍ.!.
آَخِرُ تعليقٍ جاءَ على افتتاحيَّتي السَّابقةِ " هلْ نعيشُ عصرَ ظلامِ إسلاميٍّ...؟". كتبَ المُعَلِّقُ ما يلي، وتحتَ اسمٍ مُستعارٍ، هوَ المتشائلُ: "يا أستاذ سحبان ما تقولُهُ صحيحٌ ، العربُ كتبُوا مثلَ هذهِ الوصايا ولكنَّهُمْ كانُوا عُقلاءَ، فلمْ ينشرُوها على شبكةِ الويب ، يومَ كتبَ العربُ هذهِ الوَصْفاتِ الجِنسيَّةَ ، كتبُوها بِخَطِّ اليدِ، وفي نُسَخٍ محدودةٍ، لِيطَّلِعَ عليها بعضُ الخاصَّةِ والمُحَصَّنِينَ، ولمْ تكُنْ تقعُ بينَ أيدِي الأطفالِ والمراهقينَ، مِمَّنْ تُحاولُ تلويثَ عُقولِهِمْ، تحتَ ذريعةِ "الحرِّيَّةِ والمعرفةِ"، أنتَ نفسُكَ ستندَمُ على أنَّكَ نشرْتَ هذا ذاتَ يومٍ، أنا لسْتُ إسلاميّاً ولا ظلاميّا،ً ومعَ ذلك لا يَسَعُني إِلا اتِّهامَكَ بِالظَّلاميَّةِ والعَدَمِيَّةِ؛ ولوْ شِئْتَ لَشَرَحْتُ لكَ هذا مُطَوّلاً؛ ومعَ ذلكَ لماذا تستثني مُفْتِي سورية مِنَ الظَّلاميَّة.؟ هل يُوافقُ المُْفِتي على ما نشرتَهُ هُنا.؟. هل تُوافقُ أَنْ تُطْلِعَ عليهِ ابْنَتَكَ المُراهقةَ، هذا إذا كُنْتَ متزوِّجاً، ولديكَ ابْنَةٌ أو أبناءٌ، يا عزيزي.! هُناكَ ما نُسَمِّيهِ قِيَماً، وهذهِ هيَ الَّتي ترتفعُ بِها الشُّعوبُ عن المَباذِلِ والانحطاطِ، وبالتَّأكيدِ الإباحيَّةُ ليسَتْ مِنْ بَيْنِها، حتَّى الغربُ يا عزيزي الَّذي تُؤْمِنُ بِعَلمانِيَّتِهِ، يٌعاقِبُ على هذهِ الإباحيَّةِ، فهلْ أنتَ أَدْنَى في المُستوى القِيَمِيِّ مِنَ الغَرْبِيِّيْنَ. انتهى ما كتب المتشائل.
وأجَبْتُهُ على ما كتبَ بقولي:
"يا صديقي المتفائلَ. ابنتِي أو ابنتُكَ، اِبنِي أوِ ابنُكَ يستطيعانِ ببساطةٍ الدُّخولَ إلى عالمِ الجنسِ على النِّت دونَ إِذْنٍ مِنَّا؛ وهوَ مُتاحٌ لِلجميعِ دونَ استثناءٍ، فهل إذا قدَّمتَهُ لهُمْ بلُغةٍ عربيَّةٍ سليمةٍ فيها الكثيرُ مِنَ التَّعليمِ، وليس الجنسَ المباحَ كأفلامٍ أُعْتَبَرُ ظلاميّاً كما قُلْتَ. أنا واعٍ لِكُلِّ ما أنشرُهُ وقصدِي واضحٌ، والجنسُ ليس عيباً حتى بالنِّسبةِ لِلمراهقينَ في الغربِ؛ هناك دروسٌ لِلجنسِ تُعطى لِمَنْ هُمْ في الرَّابعةَ عَشَرَ مِنَ العُمُرِ؛ ويتحدَّثونَ في تفاصيلِ التَّفاصيلِ. ثمَّ مِنْ سُوْءِ حَظِّ العربِ في تلكَ الفترةِ أَنَّ النِّتْ تأخَّرَ؛ وإِلا كانُوا استخدمُوه لِنَشْرِ المعلوماتِ الَّتي لم يَرَوْا فيها عَيْباً "
أقولُ لأمثالِ هذا الرَّجلِ: مادامَ النِّتْ صارَ في بيوتِنَا، وما دُمْنَا قَبِلْنَا أَنْ يكونَ بينَ أيْدِيِ أولادِنا؛ فنحنُ دخَلْنَا عالماً لا نستطيعُ السَّيطرةَ عليهِ.، وبِإِمكانِ أيٍّ مِنَ المراهقينَ الدُّخولُ إلى مواقعَ إباحيَّةٍ يتفرَّجُ مِنْ خلالِها على أفلامٍ في مُنتَهى الإباحيَّةِ، ومُصَوَّرةٍ وبألفاظٍ سُوقيَّةٍ ومُباشِرَةٍ؛ وهؤُلاءِ لا يعنِيهُمُ الدُّخولُ إلى موقعٍ ثقافيٍّ كـ"أَلِف" لأَنَّ ما يبحثونَ عنهُ غيرُ موجودٍ فيهِ.
غريبٌ أمرُنا نحنُ العربَ. كم نحنُ بارعونَ بِدَفْنِ رؤوسِنا في الرِّمالِ كالنَّعامةِ، ظانِّينَ أنَّ أحداً لا يرانَا وأَنَّنا أصبحْنَا مُخْتَفِيْنَ.!. أَلا يقرأُ المراهِقُ القرآنَ.؟. أَلا يسألُكَ إذا كُنْتَ رَبَّ عائلةٍ، ماذا تعني كلمةُ "المُحَصَّناتِ فُروجُهُنَّ" والتي ذُكِرَتْ أكثرَ مِنْ مرَّةٍ في القُرآنِ.؟. بماذا ستُجيبُهُ.؟. ستقولُ لهُ إنَّ الفَرْجَ هُوَ المكانُ الَّذي وَلَدَتْكَ أُمُّكَ مِنْهُ، وإِنَّك بالعلاقةِ بيني أنا أبيكَ وبينَ أُمِّكَ مِنْ خِلالِهِ وُلِدْتَ أنتَ.؟. أم ستكذُبُ عليهِ، وتقولُ لَهُ كلاماً آَخَرَ.؟.
وبِماذا ستُجيبُهُ إذا كانَ مُتَبَحِّراً في الدِّينِ؛ ومَرَّتْ بِهِ أحاديثُ النَّبِيِّ الَّتي تتحدَّثُ صراحةً عنِ الجِنْسِ.؟.
الجنسُ حياتُنا، وحياةُ البشريَّةِ، ولولاهُ لَمَا تكاثَرْنَا، ولَمَا تمتَّعْنَا؛ والمُشكلةُ تكمُنُ في الأخلاقِ الَّتي فَرَضَها الغُلاةُ المُتديِّنُونَ، بسببِ شَبَقِهِمُ الشَّديدِ لِلْجِنْسِ، وعُقَدِهِمُ المُتوارَثَةُ عنهُ ومِنْهُ؛ وهِيَ أخلاقٌ زائِفةٌ لا علاقةَ لها بِالدِّينِ، ولا بِالأخلاقِ.
لِنَكُنْ صريحينَ معَ أَنْفُسِنَا؛ وإِلا تَحَوَّلْنَا إلى كائناتٍ غيرِ بَشَرِيَّةٍ.!.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |