لا تدخينَ، لا كُحولَ في دمشقَ القديمةِ، فَـ" لا حولَ ولا قُوَّةَ إلا بالله.".
2010-06-11
حينَ تتعايشُ مجموعةٌ مِنَ البشرِ، مُتعدِّدَةُ الانتماءاتِ والدِّياناتِ، والتَّوَجُّهاتِ المذهبيَّةِ، والسياسية، في منطقةٍ جغرافيَّةٍ واحدةِ، فلا بُدَّ مِنْ وُجودِ ناظمٍ يضبطُ العلاقةَ الَّتي تربطُ بينها؛ ولو كانتِ الأكثريَّةُ فيها تنتمِي إلى مَذْهَبٍ أوْ دِيْنٍ مُحَدَّدٍ.
في سُوريةَ، الدِّينُ الرَّسمِيُّ لِلدَّولةِ هُوَ الإِسلامُ؛ ولكنْ لا أَحَدَ يستطيعُ أَنْ يُنْكِرَ وجودَ دياناتٍ ومذاهبَ مُتعدِّدَةٍ فيها، ولا داعيَ لِعَدِّها، لأَنَّ الغايةَ مِنْ حديثِنَا هُنَا ليسَ الشَّرْحُ أو التَّذكيرُ بِالمذاهبِ في سوريةَ؛ وإِنَّما الغايةُ هي التذكيرُ بحُقوقِ هذهِ الطائفةِ على الطائفةِ المسيطرةِ، والَّتي تُشَكِّلُ الأكثريَّةَ، بِعَدَدِ مَنْ ينتمُونَ إِليها.
قَبِلْنَا راضينَ، أو مُرغَمِينَ، بِمَنْعِ التَّدخينِ في الأماكنِ المُغلَقَةِ العامَّةِ؛ لأَنَّ هذا الأَمْرَ يَسْرِي على الجميعِ، بمُختلِفِ طوائِفِهِمْ ومذاهِبِهِمْ؛ أمَّا أَنْ تختارَ "وزارةُ السِّياحةِ" بتحريضٍ ودَفْعٍ مِنْ "مُحافظةِ دمشقَ"، منطقةَ دمشقَ القديمةَ، وتُصْدِرَ أمراً بمَنْعِ الباراتِ والمطاعمِ - الَّتي لا تحمِلُ ترخيصاً - مِنْ بَيْعِ الخمورِ، وتقديمِ الخُمورِ لِزبائِنِها، فهذا هو العَجَبُ العُجَاب، وما ليسَ لهُ مبرِّرٌ إطلاقاً.!. وتجدُرُ الإِشارةُ إلى أَنَّ جميعَ مطاعمِ تلكِ المنطقةِ، لا تملكُ ترخيصاً لأَنَّ محافظةَ المدينةِ لا تمنحُ التَّراخيصَ، مُنْذُ زمنٍ طويلٍ يُقاربُ الخمسينَ عاماً؛ إِنَّ قرارَ مُحافظةِ دمشقَ (ع/ط وزارةِ السِّياحةِ) يهدفُ إلى إِنهاءِ خدمةِ بَيْعِ وتقديمِ الخُمورِ في العاصمةِ السُّوريَّةِ. ذلكَ أّنَّهُ مِنْ جانِبٍ يمنعُ بَيْعَ الخُمورِ بِدونِ ترخيصٍ، ومِنْ جانبٍ آخَرَ، يمنعُ مَنْحَ الرُّخَصِ الجديدةِ لمَحِلاتِ بَيْعِ الخمور وخدمتِها. أمَّا بالنِّسبةِ لأماكنِ بَيْعِ الخمورِ وتقديمِها، واَّلتي تملكُ رخصةً، فإِنَّها في مُعظمِها تُغْلَقُ، إِمَّا بِأَمْرِ مُحافظةِ دمشقَ: (كما حدثَ مع أعرقِ بارٍ سوريٍّ: بار فْرِيدِي) أو نتيجةَ مضايقةِ الجِوارِ: (كما حدثَ في بعضِ المَحِلاتِ في المَزَّةِ)؛ وكُلُّ مَنْ يملكُ ترخيصاً قديماً سينتهي مفعولُهُ بِمَوْتِ صاحبِ التَّرخيصِ؛ مِمَّا سَيُؤَدِّي ذات يومٍ قادمٍ قريبٍ إلى انعدامِ وجودِ مطعمٍ يملكُ ترخيصاً، باستثناءِ تلكَ المطاعمِ ذاتِ النُّجومِ الخمسةِ، والمَدعُومةِ بِطُرُقٍ مُختلفةٍ، وهِيَ لا يتجاوزُ عددُها عددَ أصابعِ اليدِ الواحدةِ.
إنَّ إقدامً "المُحافظةِ" في منطقةِ دمشقَ القديمةِ، على مَنْعِ الباراتِ والمطاعمِ مِنْ تقديمِ الخمرِ، وذلك بِعَدَمِ مَنْحِهَا التَّراخيصَ اللازمةَ لذلك، بعدَ أَنْ تَقَدّمَتْ بطلباتِ الحُصولِ عليها؛ لَهُوَ أمرٌ جائرٌ وغيرُ جائزٍ ومرفوضٌ تماماً؛ ويحملُ في طيَّاتِهِ تَجَنِّياً على كُلِّ الناس الذين ينتمون إلى طوائِفَ ومَذاهبَ لا تُحَرِّمُ الخَمْرَ.!؟. إِنْ بِشَكْلٍ أو بِآَخَرَ.!.
وهُنا لا بُدَّ مِنَ الإشارةِ إلى أَنَّ الدُّستورَ السُّوريَّ يكفَلُ الحُرِّيةَ والمُساواةَ لِكُلِّ المُواطنينَ. ولا شَكَّ أَنَّ قرارَ "وزارةِ السِّياحةِ"، و"مُحافظةِ دمشقَ"، انتهاكٌ لهذا المبدأِ الدُّستوريِّ. ويكفلُ الدِّينُ الإِسلاميُّ احترامَ حرِّيةِ ممارساتِ الشعائر الدينيَّةِ لأتباعِ الدِّياناتِ الأُخرى. وعلى امتداد القرونِ الطَّويلةِ، لَمْ تَقُمِ السُّلُطاتُ بِإغلاقِ أماكنِ خدمةِ الخُمورِ. (مع استثناءاتٍ قليلةِ في التَّاريخِ).!.
في المُقابلِ يحصَلُ المسلمونَ على جميعِ التَّسهيلاتِ في أُمُورِ دينِهِمْ: مِنْ سجَّادةِ الصَّلاةِ الإلكترونيَّةِ الَّتي تَعُدُّ رَكْعاتِ المُصَلِّي، إِلى مَغْسَلِ الوُضوءِ الآَلِيِّ الَّذي يُسَهِّلُ عمليَّةَ الوُضُوء، مُوَفِّراً الجهدَ عليهِ، وصولاً إلى القلمِ الَّذي يقرأُ القرآنَ بأصواتِ مُقْرِئينَ مشهورينَ، بِمُجَرَّدِ مُرورِهِ فوقَ كلماتِ الآياتِ الَّتي يُريدُ أَنْ يستمِعَ إليها المُسلمُ. ينضافُ إلى ما تقدَّمَ الإفساحُ في المجالِ لِلمُتشدِّدِينَ الإسلاميِّينَ لِبَثِّ سُمومِ تَشَدُّدِهِمْ في عُقولِ المُراهقينَ؛ مُسَبِّباً تناقُضاً يَهُزُّ كيانَهُمْ بينَ التعاملِ معَ آَخِرِ مُخترعاتِ العصرِ الَّتي يستخدمُونَها، والتَّعاليمِ الَّتي يُلَقِّنُونَهُمْ إِيَّاها، والَّتي تصِلُ أحياناً إلى حدِّ القولِ بأَنَّ الأرضَ لا تدورُ حولَ الشَّمسِ؛ وأَنَّ مَنْ يقولُ بِدَوَرَانِهَا كافِرٌ.
لا أحدَ يعلمُ ما هِيَ القوانينُ النَّاظِمَةُ لِقراراتِ مَنْعِ إِعطاءِ التَّراخيصِ لِلمطاعمِ والباراتِ الَّتي تُريدُ ذلكَ في دمشقَ القديمةَ، أو في غيرِها، مِمَّا يستدعي القولَ: إِنَّ المسؤولينَ في "المحافظة" هُمْ مِنَ المُتَشَدِّدِينَ الإِسلاميِّينَ، والخاضعينَ لِسُلطةِ شُيُوخِهِمْ.!.
ويبقى السُّؤالُ: هَلِ القيادةُ العُليا في البلادِ مُنْتَبِهَةٌ إلى هذهِ الأُمورِ الَّتي تعتبِرُها مِنَ الصَّغائِرِ، أمْ إِنَّ هذهِ الأمورَ تتمُّ دونَ عِلْمِها بِها.
دمشقُ القديمةُ، لو نُفِّذَ القرارُ الجائرُ هذا، ستموتُ كمنطقةٍ سياحيَّةٍ، تعجُّ بِالزُّوَّارِ والسائحينَ في مناطقِها السِّياحيَّةِ نهاراً، وتَضُجُّ بِالسَّاهرينَ في باراتِها ومطاعِمِها ليلاً، سيهجرُها مُرتادُوها إِلى أماكنَ أُخرَى استطاعَ أصحابُها بِقُدْرَةِ قادرٍ الحصولَ على رخصةٍ لِتقديمِ الخَمْرِ.!.
ما هِيَ مصلحةُ "المحافظةِ" في أَنْ تُهْجَرَ دِمَشْقُ القديمةُ.؟. هَلْ مِنْ خِطَّةٍ منهجيَّةٍ تسعَى إلى تحويلِها إلى منطقةٍ مهجورةٍ خاويةٍ، تنعقُ فيها الغِربانُ، وشَطْبِ أسبابِ اعتبارِها منطقةً أثريَّةً يُمْنَعُ فيها الهَدْمُ والبناءُ.!؟. فَتُباعَ إلى شركاتٍ استثماريَّةٍ تُحَوِّلُها – نظراً إلى ِمَوْقِعِها الاستراتيجيِّ في وَسَطِ دِمَشْقَ - إلى "مُولاتٍ"، و"فَنَادِقِ عشرِ نُجُومٍ"، و"ناطحاتِ سَحابِ"، وغيرِ ذلك.!؟.
هَلْ هِيَ خِطَّةٌ لِتدميرِ تاريخِ دِمَشْقَ، أَمْ أَنَّ الأمرَ فقطْ سُوْءُ تقديرٍ مِنَ القائمينَ على الأمور في "المحافظة".؟.
إذا كانَ الأمرُ ما افترضْنَاهُ أوَّلاً، فليسَ لنا إِلا أَنْ نُرَدِّدَ معَ المُرَدِّدِينَ: "لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بِاللهِ.".!؟.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |