Alef Logo
يوميات
              

بُنى تحتية وبُنى فوقية

نشتمان خلف

خاص ألف

2013-06-20

عندما تبحث عميقاً في بنية النظام السوري وخطابه وفكره السياسي، ستجد عدداً هائلاً من التناقضات، منها ما يتعلق بشعارات التنمية المستدامة، والعدالة في توزيع الثروة على الشعب، تلك الشعارات الطنّانة التي دوّخنا بها حزب البعث القائد للدولة والمجتمع.

ففي عقد السبعينيات، حاول البعثيّون إغراء الشعب من خلال بناء المدارس والمستشفيات ومختلف المؤسسات، حتى في أبعد النقاط النائية من الوطن. وبالفعل نجحوا في إيهام عامة الشعب، بجدوى ما يفعلونه وبأنهم المخلصون الجدد للسوريين من مخلفات الاستعمار والامبريالية الصهيونية العالمية. ولكن ما أن أطلت الثمانينيات برأسها حتى بدأ البعث بالكشف عن أنيابه، التي زرعها عميقاً في كيان المجتمع السوري، من خلال شن الحرب على محافظات سورية بحجّة محاربة الإرهاب، والمدّ الوهابي التكفيري، وما مثّله الإخوان المسلمون من خطر على التركيبة المجتمعية السورية. ثم كان عقد التسعينات، عقد الاحتفالات وتثبيت هيكلية الدولة البعثية الجديدة، ومن ثم تفشي الأورام والسرطانات التي ورثتها الدولة من خلال نظام الإدارة الفاشل بكل المقاييس. فالمرافق التي بُنيت من أجل تحقيق شعارات التنمية المستدامة، تحولت لبُنى تمارس فيها الدولة كافة أشكال الفساد والاضطهاد بحق مواطنيها، والتي نصّ الدستور صراحة على حمايتها وصيانتها، لكن كانت فعالية قانون الطوارئ سارية ولم يخفت تأثيره منذ تولي البعث السلطة.

بدأت المدارس بالتحول من دورٍ للعلم والتربية، الى أمكنة لمراقبة عقول الصغار والأطفال والناشئة، من خلال مناهج تعليمية معدّة من أجل إشغال العقول المستقبلية بأمور التبعية والعبودية للسلطة والقائد، بدلاً من الالتفات الى نهل العلم والتشرب بثقافة العصر. وتحولت المستشفيات المبنية في عهد السبيعينات إلى مرافق غير فعالة ومهمشة، على الرغم من الميزانيات الهائلة التي صرفت حينها، إلا أن النظام الإداري الفاسد والمليء بالأمراض الإدارية، كان له القول الفصل في تحويل تلك المرافق، إلى أبنية إسعافية فقط لا غير، على الرغم من أنها لم تكن تحقق شروط استقبال مرضى الإسعاف. وأصبحت مديريات الدولة بمختلف فروعها واختصاصاتها مرتعاً للمتسولين وضعاف النفوس والمرتشين، وكل ذلك بدعم من القيادة الحكيمة، التي كانت تدّعي عدم علمها بما يحدث هناك. رغم معرفتها الأكيدة بما كان يقال عنها بين عامة الشعب، حيث كان المواطن السوري يخشى الحديث مع نفسه، بأمور تتعلق بالدولة والقائد والقيادة والسلطة والنظام الإداري المتبع في تلك المؤسسات، خوفاً من الجدران التي تحيط به. فكيف لنا أن نصدّق أنها لم تكن على دراية بما كان يحدث في مؤسسات الدولة المختلفة. فقد كانت كل هذه الأمور تتم تحت غطاءٍ رسمي ومرحبٍ به، وذلك لطمس ما تبقى لدى المواطن السوري من كرامة وأخلاق اجتماعية يعوّل عليها في حال حدثت أي اضطرابات مجتمعية متوقعة. فلم يكن النظام جاهلاً بأنه يقود نفسه والمجتمع أيضاً لصدام دامي، نتيجة لممارساته السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية الركيكة والمنتهية الصلاحية. لكنه كان يمارس لعبة الوقت مع المجتمع السوري، حتى يحقق ما يصبو إليه من جمع ثروة الشعب السوري في بنوك الغرب، وتحقيق غرائزه السلطوية والقمعية والسيكوباتية في حكم الدولة والمجتمع والإنسان.

لقد نجح النظام في ضرب البنية التحتية وإفراغها من مضمونها، وكذلك في قهرها ووضعها طيّ النسيان، كما فعّل من قوة وفعالية البنية الفوقية، التي كان يُشرف عليها خيّرة رجالات النظام – انتمائياً – بحيث عمّق من الكوة الفاصلة بين المؤسسات الحكومية والمجتمعية وبين السلطة كنظام حكم. ونجح أيضاً في ترسيخ كل هذه المؤسسات لخدمة خططه التنموية المبنية على أساس مناطقي وجغرافي محلي، بعيداً عن خطط التنمية المستدامة الوطنية والشاملة.

فقف ها هنا ...

ستجد بقية من وطني مرّ دون ذاكرة ...

قف ها هنا ...

حاجزٌ مبنيٌ من أكاليل ولبلابٍ يغطي صدور المارة ...

قف كما نقف جميعاً بدون وطن ... بدون هوية ... بدون جغرافيا تجمعنا ...

قف فقد وقف التاريخ متفرجاً ...









تعليق



صالح الرزوق

2013-06-20

انها مشكلة التخلف المزمن. هكذا حصل في مصر عبدالناصر. و البعث عبارة عن حلقات في سلسلة ليست من نوع واحد. فنمط العراق غير نمط سوريا و لبنان. و أضيف انه حزب عالم ثالثي حمل آثار القوى العظمى. و أخص بالذكر التناقض الماوي و البريجينيفي بين الصين و روسيا.نعم توجد مشكلة في التنفيذ. و هي عويصة جدا. و باعتقادي ان الشعارات كانتىبحاجة لملائكة تحرسها لتعبر الى الضفة الأخرى. و الا كيف امكن تصالح بقايا البعث في العراقىمع قيادته الجديدة التي تبدو لي مركبة من افكار براغماتية تناسب الفصول الأربعة. ايران و امريكا و تركيا و روسيا.بعيدا عن الكلام المنمق مراجعت النراحل السابقة من سوريا تنم عن تخبط ذهني و تعدد ولاءات و تعبئة مختلطة حتى في الحزب الواحد و الحقبة الواحدة. لو مددنا المناقشة قليلا لا بد من تفكيكةعقلية القومي الاجتماعي و المنعطف الذي خرجت به من اليمين الى اليسار الوطني العروبي.

أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أرض الاستواء

28-تشرين الثاني-2015

أليكسا

21-كانون الأول-2013

لنا أوطانٌ أخرى لنلتقي

13-تشرين الثاني-2013

للأرض تناصٌ كالفاجعة

05-تشرين الثاني-2013

أشباه مُدن

28-تشرين الأول-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow