Alef Logo
يوميات
              

قناصٌ وطفلة

نشتمان خلف

خاص ألف

2013-08-11

رصاصةٌ تخترق النافذة المطلية بالحزن ...

فيرتفع صوت الهشيم والانكسار اللانهائي ...

أبي ...

أمي ...

أخي ...

لكن الدخان كان يحجب الشمس من خلف الستارة المثقوبة، وكانت الفتاة تزحف باحثةً عن أي جثة ستصادفها، في الركام المتساقط من النافذة الإلهية. بيد أنّها لم تعثر على شيء آدمي، فرحت قليلاً وقالت متنهدةً: هل سبقت عائلتي المتهالكة قدر القناص المنتشي برصاصاته الغادرة، لم تكن إلا دقائق حتى أمسكت بيدٍ آدمية، أنها أمي: هل ما زلت موجودة ... هل أنت هنا يا أمي ... أجيبي أرجوك، قالت الأم في صوتٍ خافت ومتعب مكسيٌّ بطعم الغبار المتناثر: أجل يا طفلتي أنا هنا... ابحثي عن أخوك وعن والدك ... لم أعدّ قادرة على المضي بعد اليوم ... قدمايّ خجلتان من جسدي، لا يمكنني الوقوف يا طفلتي ...

استمرت الفتاة بحثاً عن أيّ شيء آخر قد يكون على قيد الحياة، لكنها لم تجد سوى جثتين متكورتين في نصف دائرة... أمي: لقد عثرت على والدي وعلى أخي، لكنهما لا يتحدثان إليّ، أرجوك يا أمي تحدثي إليهما فقد ينصتان إليكِ ... عمّ الصمت الكئيب المكان ثم كانت الرصاصة الأخرى التي جعلت من الصمت عنواناً وشكلاً هندسياً في أرجاء الغرفة المنكوبة.

رصاصتان وأربعة آدميين ...

كان المشهد اختصاراً لهذه الشخصيات ... الرصاصة شخصٌ على خشبة الحياة ...

شخصٌ مؤقت ... يحتاج برهةً ليستحيل رماداً أو ركاماً أو حتى جثة ...

عندما يطلق القناص الرصاص فهو يعتقد بأنّه أطلق شخصاً إلى حافة الهاوية، هكذا هي الرصاصات في عُرف القناصين، كل رصاصة قدرٌ من أقدار الله.

أيّها القناص الآدمي ...

إياك والعبث بحياتي ...

هذا خطاب الآدمي الذي تخترقه الرصاصة، فالقناص والضحية تربطهما علاقة وثيقة ... مذّ كان الموت شريكاً للاثنين، القناص يختار الضحية في لحظة صفاء، أمّا الضحية فهي تقتنص اللحظات انتظاراً لدويّ الصوت المتجه نحوها.

قامت الطفلة مطلّة برأسها من حافة البرزخ الذي أفضى لموت أحبّتها، فوجدت فوهةً وخوذةً بلون الرماد، لم تأت الرصاصة كما اشتهت، فقد كان القناص مُنتشيّاً بدقته، يرفع صوته بأن هو من قتل الحياة التي كانت قبل برهةً من الزمن ... أخفت الفتاة خوفها ووضعته على بقايا جثة أمّها المنهكة، ولوحت له:

أرجوك ...

لا تنسى أنّ تكمل أدوار القدر كلّها ...

ثمّ كان الغبار وكانت الرصاصة ...

خاص ألف


















تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أرض الاستواء

28-تشرين الثاني-2015

أليكسا

21-كانون الأول-2013

لنا أوطانٌ أخرى لنلتقي

13-تشرين الثاني-2013

للأرض تناصٌ كالفاجعة

05-تشرين الثاني-2013

أشباه مُدن

28-تشرين الأول-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow