Alef Logo
ابداعات
              

قصة / بنات الرياض (الفصل الثالث)

رجاء عبد الله الصانع

2006-04-24

من هي نوير
المرأة التي تعطي الغير حياتها، امرأة لم تجد رجلاً تمنحه هذه الحياة.
توفيق الحكيم
لمن تركوا كل شيء ليسألوا عن ماركة أحمري الصارخ: «الماركة جديدة وتدعى «دع اللقافة جانباً وتمتع بالقراءة».
***

بعد حفل زفاف قمرة بأسبوعين، تلقت خالة سديم الكبرى ـ الخالة بدرية ـ عدداً من الاتصالات من أمهات خاطبات يسألن عن ابنة الأخت الجميلة. استقصت الخالة عن المتقدمين بطرائقها الخاصة واستبعدت من هو غير مناسب منهم حسب رأيها، وقررت أن تخبر أبا سديم عن أهم الخاطبين فقط، وإن لم يتم النصيب فالباقون منتظرون، ولكن لا داعي لإخبار أبي سديم عن الكل مرة واحدة حتى لا «يكبر راسهما» عليها وعلى ابنها وبناتها.
وليد الشاري؛ بكالوريوس هندسة اتصالات، موظف في الدرجة السابعة، والده عبد الله الشاري من كبار تجار العقار في المملكة، خاله عبد الإله الشاري عقيد متقاعد. وخالته منيرة مديرة إحدى كبريات مدارس البنات الأهلية بالرياض.
هذا ما ذكرته سديم لأم نوير وميشيل ولميس عند اجتماعها بهن في منزل جارتها أم نوير. أم نوير سيدة كويتية تعمل مفتشة لمادة الرياضيات في الرئاسة العامة لتعليم البنات، وتعيش في المنزل الملاصق لمنزل أبي سديم. انفصلت أم نوير عن زوجها السعودي الذي تزوج من أخرى بعد خمس عشرة سنة من زواجهما.
ليس لأم نوير من الأبناء سوى ولد واحد اسمه نوري، إلا أن لنوري هذا حكاية غريبة، فمنذ أن بلغ الحادية عشرة أو الثانية عشرة وهو مفتون بثياب الفتيات وأحذية الفتيات ومساحيق التجميل والشعر الطويل، ذُعرت والدته كثيراً مع تطوير الأمر وانسياقه نحو الظهور بمظهر الولد الناعم، حاولت ردعه وتوجيهه بشتى الوسائل، استخدمت معه اللين وانهالت عليه بالضرب مرات عديدة، إلا أن أباه كان أكثر صرامة معه.
لم يكن نوري يظهر نعومته أمام والده الذي يهابه كثيراً، إلا أن الأب سمع من الجيران كلاماً عن ابنه اشتاط له غضباً فدخل على ابنه في حجرته وانهال عليه بالضرب بيديه ورجليه حتى أصيب الولد بكسور في القفص الصدري والأنف وإحدى الذراعين. ترك الأب المنزل بعد هذه الحادثة ليعيش مع زوجته الثانية بشكل دائم مبتعداً عن هذا المنزل وهذا الولد «الخـ...».
بعد هذه الحادثة، أوكلت أم نوري أمرها لله، وقررت أن هذا ابتلاء من ربها لا بد من الصبر عليه. تحاشت هي ونوري إثارة الموضوع من جديد، وهكذا ظل نوري على حاله، وصار الجميع ينعتون أمه بأم نوير، حتى بعد انتقالها للسكن في المنزل المجاور لمنزل سديم قبل أربع سنوات من تاريخ تقدم وليد لخطبة سديم، بعد أن رفض نوري اقتراحها بالانتقال للعيش في الكويت.
في بداية الأمر، كان تأثر أم نوير شديداً بسبب نظرة المجتمع السطحية لمأساتها، لكنها مع مرور الوقت اعتادت الوضع وتقبلت ظروفها الصعبة بصبر ورضا، حتى أنها أصبحت تدعو نفسها أمام الناس بأم نوير عمداً وهي تحاول إثبات قوتها واستهتارها بنظرة المجتمع الظالمة لها.
كانت أم نوري، أو نوير، آنذاك في التاسعة والثلاثين، وكانت سديم كثيراً ما تذهب لزيارتها أو تجتمع بصديقاتها في منزلها. فأم نوير عبارة عن منبع دائم للنكات والتعليقات اللاذعة وهي من أطيب النساء اللواتي عرفتهن سديم في حياتها. علاوة على ذلك، فإن وفاة والدة سديم وهي مازالت في الثالثة من العمر، ولكونها الابنة الوحيدة، كل ذلك جعلها تتقرب من أم نوير وتعتبرها أكثر من مجرد جارة وصديقة أكبر منها بسنوات. كانت سديم تعتبر أم نوير بمثابة أم لها.
لطالما كانت أم نوير كاتمة أسرارهن، تشاركهن التفكير وتجود عليهن بالحلول إذا ما تعرضت إحداهن لمشكلة، وكانت تتسلى كثيراً بوجودهن، وصار منزلها المكان الأنسب دوماً لممارسة الحرية التي يعجزن عن ممارستها في منزل أي منهن.
وقد كان بيت أم نوير المكان الآمن للعشاق، فمثلاً عندما أرادت ميشيل أن تلتقي حبيبها فيصل، التقت به في بيت أم نوير، ثم عرضت عليه الخروج لتناول القهوة أو الآيس كريم في أي مكان. كانت تلك هي المرة الأولى التي تلتقي فيها ميشيل فيصل بعد أن قام بـ«ترقيمها» في السوق. لم تُرد ميشيل أن تخبره ميشيل بخطتها مسبقاً حتى لا يتمكن من الاستعداد للموعد وحتى تتمكن من رؤيته على طبيعته. عندما خرجت لتركب معه في سيارته صُدمت بأنه أكثر وسامة بكثير بالبنطال الجينز والتي شيرت واللحية غير المهذبة مما بدا عليه في السوق وهو يرتدي الثوب الأنيق والشماغ الفالنتينو. لاحظت أن لباسه هذا يبرز عضلات صدره وساعديه بشكل جذاب جداً.
اشترى فيصل كوبين من القهوة المثلجة له ولها وجال بها في سيارته الفخمة في شوارع الرياض. أخذها إلى مكتبه في شركة أبيه وراح يشرح لها بعض ما يكلّف به من أعمال، ثم ذهب بها إلى جامعته التي يتلقى فيها دروسه في الأدب الانكليزي ودار بها في مواقف السيارات لبضع دقائق قبل أن يقوم شرطي بمنعه من التجول بسيارته فوق أرض الجامعة في مثل هذه الساعة من الليل. بعد ساعتين أو أكثر بقليل أعاد فيصل ميشيل إلى منزل أم نوير بعد أن أدار لها رأسها أكثر مما توقعت بكثير.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

رواية / بنات الرياض (الفصلين الخامس والسادس)

07-أيار-2006

قصة / بنات الرياض (الفصل الثاني)

24-نيسان-2006

قصة / بنات الرياض (الفصل الثالث)

24-نيسان-2006

قصة / بنات الرياض (الفصل الرابع)

24-نيسان-2006

قصة / أنتم على موعد مع أكبر الفضائح السعودية

09-نيسان-2006

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow